المخاطر الصحية لتناول الأسبرتيم: كيف يؤثر على جسم الإنسان؟

تعد المحليات الصناعية خيارًا شائعًا للكثيرين حول العالم كبديل للسكر، ويُعتبر الأسبرتيم أحد أبرز هذه المحليات المستخدمة في المشروبات الغذائية والأطعمة “الخفيفة” التي تهدف إلى تقليل السعرات الحرارية.

إلا أن الأبحاث الحديثة قد أثارت العديد من المخاوف حول تأثيرات الأسبرتيم السلبية على الصحة العامة، التي قد تتجاوز مجرد تأثيره على الوزن.

في هذا المقال، سنسلط الضوء على المخاطر الصحية التي قد تنجم عن تناول الأسبرتيم وتأثيره على جهاز المناعة والجهاز العصبي.

الأسبرتيم: المحلى الصناعي الذي يثير القلق

يُعرف الأسبرتيم بأنه مركب كيميائي يُستخدم في تحلية مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية مثل المشروبات الغازية “الدايت”، المحليات الصناعية “NutraSweet” و “Equal”، والأطعمة المخصصة لمرضى السكري.

وقد تم تسويقه في البداية كبديل آمن للسكر، لكنه أصبح موضوعًا للجدل في السنوات الأخيرة بسبب تأثيراته الصحية المحتملة.

الأسبرتيم يحتوي على مواد كيميائية مثل الفينيلالانين والميثانول، وهما مركبان يُعتقد أنهما يساهمان في العديد من المشاكل الصحية المعقدة.

ويشمل ذلك التأثيرات على الدماغ والأعصاب، مما يؤدي إلى أمراض مثل تصلب الأنسجة المتعدد (MS) ومرض الذئبة.

تأثير الأسبرتيم على الجهاز العصبي

من أبرز المخاطر المرتبطة بتناول الأسبرتيم هي تأثيراته السامة على الجهاز العصبي. فقد أظهرت بعض الدراسات أن الأسبرتيم يمكن أن يسبب تلفًا في خلايا الدماغ نتيجة لتفاعل مكوناته الكيميائية.

على سبيل المثال، يتسبب الفينيلالانين في تقليل مستوى السيروتونين في الدماغ، مما يؤدي إلى مشاعر من الاكتئاب والقلق، وتُشير بعض الأبحاث إلى أنه يمكن أن يسهم في ظهور أمراض عصبية مثل مرض الزهايمر.

فيما يخص مرضى داء باركنسون، يعتبر الأسبرتيم أحد العوامل المحتملة التي قد تؤدي إلى تفاقم حالتهم بسبب تأثيره على الدوبامين في الدماغ.

ويُعتبر الميثانول أحد المكونات التي يتحول إلى فورمالديهايد داخل الجسم، وهو مادة سامة قد تؤدي إلى حالات صحية خطيرة.

علاقة الأسبرتيم بالأمراض المناعية

واحدة من أبرز القضايا الصحية المتعلقة بالأسبرتيم هي علاقته بالأمراض المناعية، مثل مرض الذئبة الحمراء (Lupus) والتصلب المتعدد (MS). تشير الدراسات إلى أن تناول الأسبرتيم قد يكون عاملاً مساعدًا في تفاقم هذه الأمراض بسبب تأثيراته السامة على النظام المناعي.

في بعض الحالات، لاحظ الأطباء تحسنًا في حالة المرضى الذين يعانون من هذه الأمراض بعد التوقف عن تناول الأسبرتيم.

ومع ذلك، لا يزال هذا الموضوع موضع جدل علمي واسع. وفي عام 2007، تم تقديم تقرير من قبل أطباء أمريكيين أفادوا فيه بأن الأسبرتيم يمكن أن يكون سببًا محتملاً وراء انتشار هذه الأمراض، خصوصًا في الدول التي تشهد استهلاكًا عاليًا للمشروبات الغازية والمُنتجات “الخفيفة”.

التسمم بالأسبرتيم: الأعراض والمخاطر

تشير بعض الدراسات إلى أن تناول الأسبرتيم قد يؤدي إلى أعراض تُشبه التسمم الكيميائي. وقد تشمل الأعراض الشائعة:

  • الصداع المستمر
  • آلام المفاصل والتشنجات
  • التوتر والاكتئاب
  • الدوخة وفقدان التوازن
  • اضطرابات الذاكرة والرؤية

كما أظهرت بعض الأبحاث أن تناول الأسبرتيم قد يؤدي إلى اضطرابات سلوكية وعصبية، تشمل الهلع والغضب المفاجئ.

وقد يكون هذا ناتجًا عن تأثير الأسبرتيم على مستويات السيروتونين والدوبامين في الدماغ، وهي المواد الكيميائية المسؤولة عن المزاج والسلوك.

خطر الأسبرتيم على النساء الحوامل والأجنة

من المخاطر الخطيرة التي يتعرض لها الأشخاص الذين يتناولون الأسبرتيم هو تأثيره على الحمل والجنين.

تشير بعض الدراسات إلى أن الأسبرتيم قد يتسبب في تشوهات للأجنة، وخاصة إذا تم تناوله بكميات كبيرة خلال فترة الحمل.

لذا يُنصح النساء الحوامل بتجنب استهلاك المحليات الصناعية التي تحتوي على الأسبرتيم.

الأسبرتيم والسرطان

من الأمور المثيرة للقلق هو الربط بين استهلاك الأسبرتيم وبين خطر الإصابة بالسرطان. تشير بعض الدراسات إلى أن المكونات الموجودة في الأسبرتيم، مثل الفينيلالانين والفورمالديهايد، قد تُسبب تلفًا في خلايا الجسم مما يؤدي إلى تطور الأورام السرطانية.

وعلى الرغم من أنه لم يتم تأكيد هذه العلاقة بشكل قاطع، إلا أن المخاوف حول التأثيرات السرطانية لا تزال قائمة.

دراسة حديثة تكشف عن مخاطر محتملة للأسبرتيم

في يوليو 2023، أصدرت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، تقييمًا جديدًا حول الأسبرتيم، صنفته فيه كمادة “قد تكون مسرطنة للبشر” (المجموعة 2B). استند هذا التصنيف إلى أدلة محدودة تشير إلى ارتباط الأسبرتيم بسرطان الكبد (سرطان الخلايا الكبدية) لدى البشر، بالإضافة إلى أدلة محدودة من دراسات على الحيوانات وآليات محتملة للتسبب في السرطان. (who.int)

في الوقت نفسه، قامت اللجنة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة (FAO) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) للخبراء في المضافات الغذائية (JECFA) بمراجعة مستقلة لتقييم مخاطر الأسبرتيم. خلصت اللجنة إلى أنه لا يوجد سبب كافٍ لتغيير المدخول اليومي المقبول (ADI) للأسبرتيم، والذي يظل عند 40 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الجسم.

على سبيل المثال، يجب على شخص بالغ يزن 70 كغ أن يستهلك أكثر من 9 إلى 14 علبة من المشروبات الغازية الدايت يوميًا لتجاوز هذا الحد، بافتراض عدم وجود مصادر أخرى للأسبرتيم في النظام الغذائي. (who.int)

تجدر الإشارة إلى أن تصنيف IARC لا يعني بالضرورة أن الأسبرتيم يسبب السرطان، بل يشير إلى وجود أدلة محدودة تستدعي إجراء المزيد من الأبحاث لفهم المخاطر المحتملة بشكل أفضل.

في المقابل، تؤكد JECFA أن استهلاك الأسبرتيم ضمن الحدود المقبولة لا يشكل خطرًا صحيًا.

هذه التقييمات تسلط الضوء على الحاجة إلى إجراء دراسات إضافية لتحديد الآثار الصحية للأسبرتيم على المدى الطويل، خاصةً في ظل انتشاره الواسع في المنتجات الغذائية والمشروبات.

بدائل صحية للأسبرتيم: استبدال الأسبرتيم بالستيفيا

على الرغم من الانتشار الواسع للأسبرتيم، إلا أن هناك بدائل أكثر أمانًا يمكن استخدامها. يعتبر “ستيفيا” أحد البدائل الطبيعية للأسبرتيم.

يُستخرج من نبات الستيفيا ويُعد خيارًا صحيًا لمرضى السكري والأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية.

وتشير الدراسات إلى أن الستيفيا لا تسبب نفس المشاكل الصحية التي قد يسببها الأسبرتيم، وتُعد أكثر أمانًا للاستهلاك على المدى الطويل.

في الختام، يُعد الأسبرتيم من المحليات الصناعية التي تثير الكثير من المخاوف الصحية.

وبالرغم من كونه بديلاً للسكر في العديد من المنتجات، إلا أن هناك دلائل قوية على تأثيره الضار على الصحة العامة، بدءًا من الأعراض العصبية وصولًا إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض المناعية والسرطان.

ينبغي على الأفراد توخي الحذر عند استهلاك المنتجات التي تحتوي على الأسبرتيم، ويُفضل البحث عن بدائل صحية مثل الستيفيا.

 

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

أطعمة غير متوقعة قد تساهم في تقليل خطر السكتة الدماغية

السكتة الدماغية تُعدّ من أخطر المشكلات الصحية التي تهدد الحياة، وتحدث نتيجة انقطاع تدفق الدم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *