يُعرف الكحول الميثيلي، أو الميثانول (Methanol)، بأنه من أخطر المركبات الكيميائية التي قد تتواجد في الكحول التقليدي الناتج عن التقطير غير المنضبط. فهو لا يستخدم في المشروبات بأي شكل من الأشكال، بل يُعد مادة صناعية شديدة السمية تُستخدم في الوقود والمذيبات والصناعات الكيميائية.
ومع الأسف، يُشكّل الميثانول خطرًا كبيرًا عندما يتواجد فيى المشروبات الكحولية التقليدية، حيث يمكن أن يؤدي إلى العمى أو الوفاة خلال ساعات.
أولًا: كيف يتكون الكحول الميثيلي في الكحول التقليدي؟
يتشكل الميثانول أثناء عمليات التخمير والتقطير التقليدي للكحول، وخصوصًا عند استخدام المواد النباتية الغنية بالبكتين، مثل:
- الفواكه (العنب، التفاح، الخوخ)
- بقايا الخضروات
- قشور النباتات
التفاعل الكيميائي المسؤول:
يتكوّن الميثانول نتيجة تحلُّل مادة البكتين (وهي مركب معقد من السكريات موجود في جدران الخلايا النباتية) تحت تأثير إنزيمات أو الأحماض الموجودة أثناء التخمير.
هذا التحلل يُنتج مركب الميثانول (CH₃OH) كمنتج جانبي.
المعادلة المبسطة:
بكتين + تخمّر (حرارة + إنزيمات) ينتج عنه ( ميثانول + سكريات أخرى )
أثناء التقطير، يكون الميثانول من أوائل المواد المتبخرة بسبب درجة غليانه المنخفضة (حوالي 64.7 درجة سلسيوس)، ويظهر في الجزء الأول من التقطير المعروف باسم “الرأس ” Foreshots أو “الفرونت“.
هذا الجزء يجب التخلص منه، لكن في كثير من العمليات التقليدية يتم الاحتفاظ به أو خلطه مع باقي الكحول.
ثانيًا: أسباب تكون الميثانول في الكحول التقليدي
- استخدام مواد خام غنية بالبكتين: مثل الفواكه الطازجة أو قشورها.
- عدم التحكم في عملية التخمير: خاصة عند ترك الخليط لفترات طويلة أو في درجات حرارة مرتفعة.
- التقطير العشوائي بدون فصل “الرأس“: وهو القسم الأول من التقطير الذي يحتوي على أعلى تركيز من الميثانول.
- نقص الخبرة أو الجهل بكيمياء التقطير: مما يؤدي إلى إدخال الميثانول ضمن المنتج النهائي دون علم المُصنّع أو المستهلك.
ثالثًا: كيف نكشف وجود الميثانول في الكحول التقليدي؟
هناك عدة طرق للكشف عن وجود الميثانول:
1- الاختبارات الكيميائية السريعة:
- اختبار كلوريد الحديديك (FeCl₃): يتغير لونه في وجود الميثانول.
- اختبار يوديد الصوديوم والصودا الكاوية: ينتج رائحة مميزة للفورمالدهيد عند تسخين العينة.
2- التحليل المخبري باستخدام الكروماتوغرافيا:
- GC ( الكروماتوغرافيا الغازية) هي الطريقة الأدق لتحديد نسبة الميثانول.
3- اختبارات اللهب:
- عند إشعال الكحول الملوث بالميثانول، تظهر لهب بلون أزرق باهت غير واضح، على عكس اللهب الأصفر القوي للإيثانول. ولكن هذه الطريقة غير دقيقة ولا يُعتمد عليها وحدها.
رابعًا: كيف نتخلص من الميثانول في التقطير التقليدي؟
- التخلص من “الرأس Foreshots “
- يجب دائمًا تجاهل أول 5-10% من السائل المقطر، لأنه يحتوي على تركيز عالٍ من الميثانول.
- استخدام مواد خام منخفضة البكتين:
- مثل الحبوب والسكريات الخالية من الفواكه.
- استخدام جهاز تقطير احترافي:
- يتيح فصل المواد الطيارة حسب درجات غليانها بدقة.
- إجراء تقطير جزئي متعدد المراحل:
- ما يعرف بـ Fractional Distillation، والذي يقلل من فرص وجود الميثانول مع الإيثانول.
خامسًا: أضرار شرب الكحول الميثيلي
الميثانول سام جدًا لجسم الإنسان، وتكمن خطورته في تحوّله داخل الجسم إلى مواد أكثر سمّية، وهي:
- فورمالدهيد (Formaldehyde)
- حمض الفورميك (Formic Acid)
الأعراض الأولية للتسمم:
- دوخة، غثيان، صداع شديد
- صعوبة في التنفس
- اضطراب في الرؤية (تشوش، رؤية ضبابية)
- توسع حدقة العين وفقدان البصر المؤقت أو الدائم
- فقدان الوعي
المضاعفات المتقدمة:
- العمى الدائم بسبب تلف العصب البصري
- الحماض الاستقلابي (تراكم الأحماض في الدم)
- تلف الكبد والكلى
- الغيبوبة ثم الموت
سادسًا: الجرعات السامة والقاتلة من الميثانول
- الجرعة السامة: تبدأ من حوالي 10 مل من الميثانول النقي، وتكفي لإحداث أضرار شديدة في الرؤية والكبد.
- الجرعة القاتلة: تتراوح بين 30 إلى 100 مل من الميثانول النقي. وتختلف تبعًا لوزن الشخص وعمره والحالة الصحية العامة.
حتى كأس صغيرة من الكحول الملوث بالميثانول قد تكون مميتة خلال ساعات إن لم يتم التدخل الطبي فورًا.
باختصار
الميثانول قاتل صامت إذا ما دخل الجسم. تصنيعه عرضي، ولكنه قابل للمنع باتباع خطوات علمية دقيقة في التخمير والتقطير.
إن الكشف المبكر عن وجوده أثناء عملية التقطير والتعامل الصحيح معه يمكن أن يمنع كوارث صحية قاتلة. أما استهلاكه البشري، فهو خطر داهم لا مجال فيه للتجريب أو التساهل.
الوقاية تبدأ بالوعي، والتثقيف، والرقابة الصحية الصارمة على إنتاج وتوزيع الكحول، خصوصًا في البيئات التي تنتشر فيها الممارسات التقليدية أو غير المرخّصة.
المهندس أمجد قاسم
مقالات ذات صلة
Methanol: what it is and how it is handled in distillation processes
Methanol – Will Moonshine Make You Blind?