الغلاف الجوي يمنع وصول غالبية الاشعاعات الضارة

لقد تغنى الشعراء بالسمرة ونظموا لها القصائد الملاح، ولكن ماذا يترتب على عملية اكتساب اللون البرونزي من اشعة الشمس، وهي الظاهرة الشائعة في البلدان الباردة.

من المعروف ان التعرض المستمر والدائم لأشعة الشمس ولفترات طويلة يزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد خاصة للأشخاص ذوي الجلد الابيض وأوضحت دراسة استرالية حديثة أن الشمس التي تعتبر مفاعلا نوويا هائلا، بالإضافة الى انتاجها للضوء والحرارة تبعث لنواعا اخرى من الاشعاعات الكهرومغناطيسية التي تعتبر مشكلة خطيرة لأن هذه المكونات الخفية تدمر وتتلف الخلايا الحية حيث لا يمكن الكشف عنها إلا باستخدام أجهزة ومعدات خاصة.

ومن رحمة الخالق ان انشأ الغلاف الجوي الأرضي الذي يعمل على تصفية الكثير من الاشعاعات الشمسية الضارة والخطيرة ولكن بسبب التلوث الذي أثر على طبقة الاوزون الواقية تستطيع بعض هذه الإشعاعات المرور والعبور إلى الارض في نطاق الاشعة فوق البنفسجية .

وتؤثر الأشعة فوق البنفسجية بشكل رئيس على الجلد والعيون لدى الانسان وكلما كانت جرعاتها أعلى احدثت آثارا تدميرية على الخلايا الحية بصورة اوسع وأعمق تأثيرا.

وأكدت الدراسة التي اجرتها الأكاديمية الاسترالية للعلوم أن أخطر الآثار المترتبة على التعرض الطويل لأشعة الشمس من الاصابة بسرطان الجلد الذي تم تصنيفه إلى ثلاثة أنواع رئيسة تبعا لنوع خلية الجلد المصابة، وتعتبر سرطانات الجلد غير مميتة ويمكن شفاؤها في حال اكتشاف الاصابة مبكرا.

وقال الباحثون ان الانسان يصاب بالسرطان عند تعرضه لأي مادة مطفرة تعمل على احداث تغيير او خلل في الجينات والمادة الوراثية ، حيث تعتبر الأشعة فوق البنفسجية من أكثر أنواع المطفرات المعروفة أذ تشجع على حدوث تغيير كيميائي في مادة الخلية الوراثية DNA مما يؤدي الى خلل في المعلومات المشفرة في الجينات.

واضاف الباحثون ان ظهور الأعراض الناتجة عن الطفرة قد تأخذ عدة سنوات لتظهر، مشيرين إلى أن التلف الحقيقي الذي يسبب الإصابة بالسرطان يحدث في عمر الطفولة ولكن الامراض تظهر بعد وصول الأشخاص الى ما بعد سن الاربعين لأن معظم انواع هذا المرض تظهر في الاشخاص بعد وصولهم سن الأربعين عاما.

وعلل العلماء سبب تأخر ظهور الأعراض المرضية مع ان التلف والخلل قد حدث منذ الطفولة الى أن المادة الوراثية DNA المطفرة تبقى متغيرة بحيث يتم نسخ الخلل المطبيعي من المعلومات المحمولة على الجينات باستمرار في الكثير من الخلايا.

وأفادت الدراسة ان ضرر الأشعة الشمسية لا يقتصر فقط على زيادة خطر الاصابة بالسرطان، بل انه يسبب حروقا مؤلمة تظهر في اليوم التالي لتعرض الجلد للشمس، كما يصيب الجلد بالشيخوخة المبكرة فيفقد ليونته ونعومته ولمعانه وبريقه.

وتتشكل بعض اللطخات الجلدية الأخرى مثل الشامات وغيرها من تقرنات الجلد الشمسية التي تكون غير مرئية ولكنها غير خطرة في العادة.

وتتأثر العيون بالإشعاع الشمسي حيث يظهر التلف الثانوي فيها على شکل ظفر في قرنية العين يمكن إزالته بسهولة، ولكن الأمر الأخطر هو اصابة العين بالسد العيني او ما يعرف بالماء الأزرق الذي يقود إلى العمي.

ويرى الباحثون وجود اختلاف في مدى احتمال اجسام البشر للأشعة فوق البنفسجية قبل ان يتلف الجلد او يصاب بالسرطان، حيث لاحظوا ان الناس من ذوي الجلد الغامق يتمتعون بكميات كبيرة وأشكال مختلفة من صبغة الميلانين في الجلد ، ولذلك فهم اقل حساسية للشمس من غيرهم من الناس ذوي الجلد الأفتح.

وتكمن اهمية الميلانين في انه يمتص الأشعة فوق البنفسجية فيعمل كواقي فعال من الشمس لذلك فان الخلايا المحيطة به تكون محمية نوعا ما.

وأكد العلماء أن التعرض للشمس يحفز الجلد لإنتاج المزيد من الميلانين في محاولة لحماية نفسه، حيث تتمثل هذه الظاهرة عند السلالات والاعراق ذات الجلد الشاحب والفاتح كلون من السمرة، اما الناس ذوو الجلد الغامق فتنتج جلودهم كميات اكتر من الميلانين بعد قضائهم وقتا معينا في ضوء الشمس.

وتصل خطورة اشعة الشمس الى ذروتها في المناطق الاستوائية وحولها نظرا لاحتوائها على مستويات عالية من الأشعة فوق البنفسجية لذلك فان الناس ذوو الجلد الفاتح خاصة الذين من اصل اوروبي لا يستطيعون تحمل الجرعات العالية من الأشعة الشمسية بسبب عدم كفاية الكميات القصوى التي يستطيع الجلد صنعها لاكتساب الحماية الطبيعية ضد مؤثراتها.

وأكدت الدراسة أن استراليا تعاني من أعلى معدلات سرطان الجلد في العالم بسبب مناخها وجوها الشمسي وعدم احتمال سكانها من ذوي الجلد الفاتح لهذا المناخ والذين يمثلون 0.3 في المائة فقط من سكان العالم، حيث تصل النسبة الى 6 في المائة من جميع اشكال سرطان الجلد المميتة المشخصة عالميا، مشيرة الى ان سرطان الجلد يودي الى وفاة الف و200 شخص سنويا في استراليا.

وحذرت الدراسة من خطر نضوب واستنفاذ غاز الأوزون في طبقة ستراتوسفير الغلاف الجوي، اذ ان نقصه يزيد من كمية الأشعة فوق البنفسجية الخطرة الواصلة الى الأرض، مؤكدة أن تثقيف الناس حول العلاقة بين ضوء الشمس والسرطان يقلل من معدلات الإصابة بسرطان الجلد.

وقال الأطباء أن معظم سرطانات الجلد يمكن استئصالها وإزالتها دون مضاعفات مؤذية إذا تم التقاط المرض ومعالجته في مراحله المبكرة، موضحين أنه كلما بقي السرطان في الجسم فترة اطول زادت فرص انتشاره وأضراره في الجسم.

ودعا هؤلاء الى تكثيف التثقيف الصحي حول اضرار الشمس، مؤكدين على ضرورة الابتعاد عنها وتجنبها قدر الإمكان واستعمال الملابس والكريمات الواقية من الشمس. وينصح الباحثون بالفحص الدوري الدقيق للجلد للكشف عن أي سرطانات نشطة لالتقاطها وإزالتها بأسرع وقت ممكن قبل ان تنتشر وتتفشی محدثة أضرارا كثيرة في الجسم.


يذكر انه مع حلول فصل الصيف يبدأ الأوروبيون بشكل عام رحلاتهم السياحية الى الشواطئ والمنتجعات، حيث يعتبر التعرض لأشعة الشمس أحد أهم محاورها وغالبا ما تنتج شركات التجميل والدواء كريمات خاصة تستخدم للرجال والسيدات الذين يرغبون بالاستجمام، غير أن التقارير الطبية العديدة اشارت الى ان هذه المساحيق تساعد في الاقلال من الاصابة بسرطانات الجلد المختلفة.

آزاد يونس

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

دور النباتات في تقليل تلوث التربة .. الحل الأخضر الطبيعي

تعتبر النباتات عادةً رئة الأرض، حيث تساهم في تنقية الهواء من خلال عملية البناء الضوئي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *