لتفادي الإصابة بالجلطات الدموية أثناء السفر لساعات ضرورة السير المتقطع في الطائرة / pixabay

السفر بالطائرات ومخاطر الإصابة بالجلطات الدموية

تدل كثير من التقارير الطبية على ان السفر بالطائرات لساعات طويلة وقلة الحركة وضيق المسافة بين المقاعد، قد يتسبب في الإصابة بالجلطات الدموية، وحسب ما ذكرت المجلة الطبية الالمانية فلايت انترناشيونال فان أكثر من 2000 شخص سنويا في أوروبا هم ضحية متلازمة الدرجة السياحية في الرحلات الطويلة ، وذلك بسبب أمراض تتعلق بالشرايين وضغط الدم لان الكثير من شركات الطيران لا تتوفر لديها الشروط الصحية للمقاعد منها ضيق المكان وقلة المسافة بين المقعدين الخلفي والأمامي وإعاقة تمديد المسافر لساقيه، وهذه العوامل كلها تساهم في بطء عملية انسياب الدم في الساقين وعدم وصوله إلى أجزاء أخرى من الجسم وهو ما يتسبب تشنج العضلات أيضا.

وقد عرفت أولى حالات الإصابة بالجلطات الدموية خلال السفر بالطائرات في عام 1964 وقد أطلق عليها اسم جلطات الدرجة السياحية Economy Class Syndrome ، وقد تبين لاحقا ان هذه المخاطر لا تصيب فقط المسافرين في الطائرات بل هي تحدث أيضا لدى المسافرين بالحافلات لمسافات طويلة والقطارات وكذلك السيارات .

وتشير الدراسات إلى أن حدوث تلك الجلطات يحدث عند السفر لمدة تتجاوز عشر ساعات كما يمكن ان تحدث لدى بعض الأشخاص ممن يسافرون لخمس ساعات، وأعراض الجلطة قد تظهر لدى نهاية الرحلة او بعد الوصول بعدة أيام.

وهذا الوضع ينتج عنه تعقيدات صحية كثيرة تؤدي لاحقا الى انسداد في الأوعية الدموية أو الجلطة الرئوية، لكن ذلك لا يظهر الا بعد فترة من الزمن، مما يعطي العذر لشركات الطيران كي تنفي مسؤوليتها عما قد يحدث من عوارض صحية.

إلا ان التقرير انتقد ايضا بشدة مجلات طبية اخرى تلقي بكامل المسؤولية على شركات الطيران. فهي تتحدث عن متلازمة الدرجة السياحية وتشير الى ما يصيب مسافري هذا الدرجة من مشاكل صحية من دون التعمق في المسببات، مما يسبب الهلع بينهم ويخدم فقط شركات الطيران التي تريد الترويج للدرجة الاولى. فما يحدث لركاب الدرجة السياحية يمكن ان يحدث أيضا لغيرهم في الدرجة الاولى اذا ما كان احدهم مصابا بتخثر الدم.

ويمكن التكهن بإمكانية حدوث جلطات دموية اذ شعر المسافر بالم او انتفاخ في باطن الساق خلال الرحلة او عاني من تضخم وثقل في الساقين مصاحبا لتوسعات في الدوالي او اذا كانت لديه سوابق عائلة بالجلطات الدموية.

وقد بينت التقارير أن الجهد الذي يصيب المسافر في أي درجة كانت في الرحلات القارية، منذ فترة الاقلاع وحتى الهبوط. فالطائرة تحلق اليوم على ارتفاع شاهق جدا يتجاوز ال10 ألاف متر، اي في اجواء لا يمكن للانسان البقاء حيا دون قناع اوكسجين، ويرافق ذلك انخفاضا في الضغط داخل الطائرة وقلة نسبة الرطوبة في الهواء مما يؤدي الى عوارض كثيرة منها جفاف الغشاء المخاطي والعينين وخاصة لأصحاب العدسات اللاصقة ، لذا من المفيد جدا تناول المسافر خلال الرحلة القارية كميات كبيرة من السوائل.
نصائح هامة

يبين المتخصصون ان جلطات السفر تزداد احتمالية الإصابة بها لدى المدخنين والنساء الحوامل ومن يتناولون الحبوب المنومة والذين يتعاطون المشروبات الكحولية بكثرة ومن لا يشربون كميات كافية من الماء.

وينصح لتفادي الإصابة بالجلطات الدموية أثناء السفر لساعات طويلة بضرورة السير المتقطع في الطائرة وإجراء بعض التمارين الرياضية البسيطة خلال الجلوس وشرب كميات كافية من الماء والتوقف بشكل تام عن تعاطي كافة المشروبات الكحولية.

كذلك من النصائح التي يقدمها الخبراء لمن يعاني من أمراض القلب أو الرئة ويريد القيام برحلة طويلة عدم إجهاد النفس قبل يومين من السفر، ومن يتمتع بصحة جيدة من الأفضل ان يذهب الى الحمام التركي أو السونا عدة مرات قبل أيام من السفر القاري، فهذا سيكون بمثابة تمرين للجسم على اختلاف درجات الحرارة، او اخذ دوش بارد وساخن لأنه يقوي الدورة الدموية لمواجهة تغيير ضغط الجو.

ومن النصائح التي قدمها أيضا التقرير لمسافري الرحلات القارية بغض النظر عن الدرجة التي يسافرون فيها، وبالأخص من يكثر من هذ الرحلات بسبب العمل، تناول حبة اسبرين من عيار منخفض قبل السفر بساعتين، فهي تساعد على تخفيف لزاجة الدم وتقلل من احتمال الإصابة بجلطة ، لكن من الأفضل سماع نصيحة الطبيب خاصة لمن يشكو من مشاكل في المعدة.

وخلال رحلة قارية تدوم على سبيل المثال عشر ساعات يحتاج الجسم الى أكثر من ثلاثة ليترات من السوائل، وهنا من الافضل عدم تناول القهوة والمشروبات الكحولية لانها تصّرف السوائل من الجسم.

عدا عن ذلك فان السفر من قارة الى اخرى يكون ايضا انتقالا من درجة حرارة الى اخرى، هنا فان الجسم بحاجة الى وقت من اجل التأقلم مع هذه التغيير السريع الذي يشكل في نفس الوقت عبئا على الدورة الدموية.

كما يشدد التقرير على ارتداء ملابس واسعة وخفيفة أثناء السفر تسمح لمفاصل الساقين بحرية الحركة ولا تعيق الدورة الدموية ويستحسن انتعال حذاء خفيف ولا بأس من خلعه بعد الجلوس في الطائرة. وقبل السفر من الأفضل التجول في قاعة الانتظار الى حين إقلاع الطائرة وعدم الجلوس لساعات متواصلة.


وينصح بتحريك مفاصل القدمين والأصابع في حركات دائرية وتمديدهما بين الحين والآخر، ويفضل تحريك الكتفين والرقبة عن طريق حركات موضعية وجانبية بقدر ما يسمح به مجال الحركة المحدودة في المقعد. ويشجع الأطباء المسافرين على التمشي حتى عشر دقائق كل ساعة طيران في الممر، وعدم وضع ساق فوق ساق عند الجلوس لان ذلك يعيق حركة الدم.

أما المسافرين المعرضين للإصابة بالجلطات الدموية، فينصح بوضع كلسات طبية خاصة ضاغطة خلال السفر والمحافظة على ارتدائها لعدة أيام بعد الوصول.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

شركة WardLin السويدية تفوز بجائزة الابتكار لعام 2024

أعلنت شركة (Företagfabriken)، الحاضنة الرائدة للشركات الناشئة في السويد وضمن مبادرة الاتحاد الأوروبي والسويد لدعم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *