الجغرافي الأندلسي البكري .. سيرته ونشأته ومساهماته وكتبه

سيرة البكري ونشأته
مساهمات البكري الجغرافية
كتب ومؤلفات البكري

الجغرافي الأندلسي البكري ، هو أبو عبيد عبد الله البكري الذي يرجع نسبه إلى بكر بن وائل. ولد في مدينة قرطبه بالأندلس سنة 432 هـ . كان جده وأبوه في فترة من الزمن أميرين على مدينتی ولبه وشلسطيش الواقعتين غربي إشبيلية على ساحل المحيط الأطلسي بالأندلس .

ويعتبر البكري أعظم جغرافي أخرجته بلاد الأندلس قاطبة ، ترك أبوه إمارته عندما وقعت تلك الإمارة في أيدي العباديين أمراء إشبيلية .

نزل الوالد وولده وباقي أفراد أسرته قرطبة التي حافظت على مركزها وأهميتها بعد سقوط الأمويين . كانت قرطبة آنذاك مرکزا ثقافيا ممتازا وملاذا لأمراء الأقاليم الذين كانوا يفقدون إماراتهم وسلطانهم.. وفي ذلك المركز الثقافي الهام واصل البكري دراسته وانتسب إلى تلك المدينة لدرجة أنه عرف فيما بعد باسم « القرطبي » وأصبح في يوم من الأيام وزيرا لأحد الأمراء وقد قام بمهمة دبلوماسية لدى أمراء إشبيلية .

وعندما هزم المرابطون العباديين رجع البكري إلى قرطبة ليواصل نشاطاته الأدبية من كتابة و محاورات و مجادلات مع علمائها وغيرهم . وكان أبو عبد الله مولعا باقتناء الكتب مهتما بها إلى حد كبير لدرجة أنه كان يعني بلفها بقطع من القماش إكراما لها .

مساهمات البكري الجغرافية

عاش البكري وتوفي في الأندلس إلا أنه أضاف إلى المصنفات الإسلامية العربية كتابين هامين حازا شهرة كبيرة.

كتب ومؤلفات البكري

يعد كتاب « المسالك والممالك » الذي تناول وصف طرق المواصلات ، ووصف بلاد العالم الإسلامي المختلفة من الكتب الجغرافية الهامة جدا، فهذا الكتاب قد ظهر في صورة ممتازة ، و كان المقصود منه إرضاء مطالب الإدارة واحتوی كتابه هذا في بعض الأحيان على وثائق مهمة .

ولقد فقدت أجزاء من هذا الكتاب ، وأما الأجزاء التي كتب لها البقاء فتحتوي على وصف مفصل لشمال إفريقيا ولسكان منطقة بحر قزوين . وهذا القسم من الكتاب يعطينا برهانا قاطعا على معرفة الكاتب العميقة بالطرق و السواحل والموانئ والخلجان التي ذكرها فيه .

ويظهر من المعلومات التي سردها البكري في هذا الكتاب أنه استفاد من كتابات غيره ولكن هذا لا يعتبر عيبا حيث أن العلم لا يعتبر ملكا لأحد. وهذا ما يدعونا لأن نقول بأن كتاب و المسالك والممالك ، قد أتى إلى حيز الوجود نتيجة لجهد المؤلف الشخصي واحتوى على الكثير من المعلومات القيمة التي كانت من نتاج عصر مؤلفه والعصور التي سبقته . ولقد استفاد من هذا الكتاب عدد كبير من الجغرافيين أمثال ياقوت والدمشقي وغيرهما فيما بعد .

وأما كتاب البكري الثاني في الجغرافيا فهو ( معجم ما استعجم ) فقد أتى على هيئة معجم جغرافي شامل رتب فيه البلدان وعالجها حسب ترتيبها الأبجدي، و فكرة المعاجم قد كانت مألوفة قبل عهد البكري ولكنها فقدت أهميتها مع مرور الزمن . ولما كتب البكري معجمه أعتبر أنه تجدید مفيد لهذا النوع من الأدب الجغرافي . وفي مقدمة الكتاب لخص مؤلفه الأفكار الرئيسية التي حدت به وبمن سبقه من كتاب معاجم الجغرافيا إلى اتباع هذا الأسلوب وهو يشير إلى تلك الأفكار كما يلى :

( هذا كتاب معجم ما استعجم ذكرت فيه إن شاء الله جملة ما ورد في الحديث والأخبار والجبال والآثار والمياه والآبار والدارات والحرار منسوبة محددة و مبوبة على حروف المعجم مقيدة …)

ويبدو أن الطريقة الأبجدية التي استخدمها البكری سهلة ومنظمة ويكفي أن ندرك قيمتها إذا ما عرفنا أن أول معجم جغرافي كتبه عالم أوروبي كان هو معجم ” أورثلى” في القرن السادس عشر الميلادي أى بعد حوالي خمسة قرون من صدور معجم عالمنا الجليل .

ولم يتناول معجم البكري الكلام عن معلومات جغرافية فقط، ولكنه تكلم بالإضافة إليها عن موضوعات متعددة . فمثلا عند كلامه عن شبه جزيرة العرب تعرض لأسماء الأماكن التي وردت في القرآن الكريم والحديث والشعر الجاهلي والقصص البطولية و أخبار الغزو . ثم تكلم عن حدود شبه الجزيرة و مناطقها وأقاليمها كالحجاز وتهامة واليمن . وبعد ذلك انتقل إلى الحديث عن القبائل العربية في بلاد العرب و هجراتها المختلفة ، ولقد اعتبر هذا الكتاب مرجعا فريدا من نوعه في معالجته لموضوعات مهمة مثل الجغرافيا والتاريخ العربي القديم و الشعر الجاهلي .


وبالطبع يجب ألا يغرب عن بالنا أنه بالرغم من أن مادة هذ المعجم مستقاة من المعلومات التي كتبها غيره الا أن شبه الجزيرة العربية قد فازت بنصيب الأسد من تلك المعلومات .

وعندما نقارن مادة الكتاب بما كتب ياقوت الحموي مثلا نجد أن الأخير قد ركز في كتاباته على مشاهداته الخاصة وعالج البلدان التي كتب عنها على قدم المساواة وأعطى كلا منها حقه في الدراسة و الوصف والتحليل .

مصدر الصورة
aljazeera.net

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

في المستقبل المزارع العمودية داخل بنايات المدن الحديثة

على غرار حدائق بابل المعلقة والتي اعتبرت من عجائب الدنيا، برزت فكرة بناء المزارع العمودية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *