التلوث البيئي

التلوث البيئي أزمة عالمية تقتل الملايين سنوياً

يُعَدّ التلوث البيئي أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه العالم في الوقت الحالي، إذ يتسبب في وفاة أكثر من 9 ملايين شخص سنوياً حول العالم.

كتب المهندس أمجد قاسم

ويشمل التلوث البيئي ملوثات الهواء والماء والتربة، مما يزيد من تفاقم المشكلات الصحية ويؤدي إلى أمراض مزمنة وخطيرة. ورغم التحذيرات المستمرة، فإن الجهود المبذولة لمواجهة هذه الكارثة الصحية لا تزال غير كافية.

تأثير التلوث على الصحة العالمية

وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة “لانسيت بلانيتري هيلث” (Lancet Planetary Health)، يُعتبر التلوث مسؤولاً عن وفاة واحدة من كل ست وفيات حول العالم.

وقد أشارت الدراسة إلى أن التلوث يشمل العديد من العوامل مثل تلوث الهواء، وتلوث الماء، والملوثات الكيميائية، حيث تتسبب هذه الملوثات في حدوث الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والرئة.

أفادت الدراسة بأن التلوث الجوي وحده يتسبب في وفاة أكثر من 6.5 مليون شخص سنوياً، في حين يتسبب التلوث الناجم عن الرصاص والمواد الكيميائية الأخرى في وفاة 1.8 مليون شخص.

وتعتبر الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأكثر تضرراً من هذه الكارثة الصحية، حيث أن أكثر من 90% من الوفيات المرتبطة بالتلوث تحدث في هذه الدول.

أسباب زيادة الوفيات المرتبطة بالتلوث

ارتفعت الوفيات الناتجة عن التلوث بنسبة 66% خلال العقدين الماضيين، وذلك بسبب عدة عوامل من أبرزها التصنيع السريع، والتحضر غير المنضبط، والنمو السكاني، والاعتماد المتزايد على الوقود الأحفوري.

كما يساهم غياب السياسات البيئية الفعالة على الصعيدين الوطني والدولي في تفاقم الأزمة، حيث تعاني العديد من الدول من نقص في الموارد والإرادة السياسية لمواجهة هذه المشكلة بشكل جدي.

في جنوب آسيا وشرق آسيا وجنوب شرق آسيا، تزداد نسبة الوفيات المرتبطة بالتلوث بشكل ملحوظ، بينما في إفريقيا، لا يزال تلوث الماء والهواء المنزلي من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى الأمراض والوفيات.

الحاجة إلى حلول عاجلة

رغم أن العديد من الدول ذات الدخل المرتفع قد نجحت في السيطرة على أشكال التلوث الأكثر خطورة، فإن القليل فقط من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط قد اتخذت خطوات جادة لمكافحة التلوث.

ويشدد الباحثون في الدراسة على أن العالم بحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من آثار التلوث. ومع ذلك، فإن معظم الدول لم تقم بعد بتنفيذ سياسات فعّالة لحماية السكان من هذا التهديد البيئي.

دور الحكومات والمجتمعات في مكافحة التلوث

للحد من تأثير التلوث، يجب على الحكومات تبني استراتيجيات فعالة تشمل تقليل انبعاثات المصانع، وتحسين جودة الهواء والماء، وتطوير سياسات بيئية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ويجب أيضاً توعية المجتمعات حول تأثير التلوث على الصحة، وتشجيع الأفراد على اتباع ممارسات تقلل من مساهمتهم في تلوث البيئة.

إن التلوث البيئي ليس مشكلة محلية، بل هو أزمة عالمية تتطلب جهوداً مشتركة من جميع دول العالم.

ولا يمكن التغلب على هذه الأزمة إلا من خلال تبني سياسات بيئية مستدامة على الصعيدين الوطني والدولي، وتوعية المجتمعات بأهمية الحفاظ على البيئة من أجل الأجيال القادمة.

ختاما يُعد التلوث البيئي من أكبر التحديات التي تهدد صحة الإنسان والحياة على كوكب الأرض.

ومع تزايد الوفيات الناتجة عن تلوث الهواء والماء والمواد الكيميائية، فإن التحرك العاجل لمواجهة هذه المشكلة أصبح ضرورة قصوى.

كما يجب على الحكومات والمجتمعات العمل معاً لوضع حلول مستدامة تحد من انتشار التلوث وتحافظ على صحة الإنسان والبيئة.

المراجع:

1. Landrigan PJ, Fuller R, Acosta NJR, et al. The Lancet Commission on pollution and health. The Lancet. 2017.
2. World Health Organization. Air pollution. Available at: https://www.who.int/airpollution/en/
3. Brauer M, Freedman G, Frostad J, et al. Ambient air pollution exposure estimation for the Global Burden of Disease 2013. Environ Sci Technol. 2016.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

ندوة علمية حول تأثير نمط العيش على التغير المناخي ودور المسؤولية المجتمعية

أقيمت ندوة علمية في إطار سلسلة جلسات كرسي الألكسو للتربية على التنمية المستدامة بكلية علوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *