يُعد التسمم الكحولي من الحالات الطبية الطارئة الخطيرة التي قد تؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم التعامل معها بسرعة وكفاءة.
يحدث التسمم الكحولي نتيجة استهلاك كميات كبيرة من الإيثانول (الكحول الإيثيلي) في فترة زمنية قصيرة، مما يؤثر سلبًا على وظائف الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي والقلب.
ويعتبر التسمم الكحولي من المشكلات الصحية الشائعة في العديد من البلدان، لا سيما في المناسبات الاجتماعية، حيث قد يُساء استخدام الكحول لأغراض ترفيهية دون وعي بعواقبه الخطيرة.
ما هو التسمم الكحولي؟
التسمم الكحولي (Alcohol Poisoning) هو حالة تحدث عندما يتراكم الكحول في الدم إلى مستويات سامة، مما يؤدي إلى تثبيط مراكز الدماغ المسؤولة عن التنفس، ودرجة الحرارة، والوعي.
الكحول مادة مثبطة للجهاز العصبي المركزي، وعند استهلاكها بكميات كبيرة، تتداخل مع الإشارات العصبية، وقد تتسبب بفقدان الوعي، أو توقف التنفس، أو حتى الوفاة.
أسباب التسمم الكحولي
تحدث حالة التسمم الكحولي عادةً بسبب:
- الإفراط في الشرب خلال فترة زمنية قصيرة: وهو السبب الأكثر شيوعًا، حيث يتجاوز الفرد قدرة الجسم على استقلاب الكحول.
- تناول الكحول على معدة فارغة: يزيد من امتصاص الإيثانول بسرعة في مجرى الدم.
- مزج الكحول مع أدوية أو مواد مخدرة: مثل المسكنات الأفيونية أو أدوية النوم، مما يضاعف التأثير المثبط للجهاز العصبي.
- عدم التقدير الصحيح لكمية الكحول في المشروب: خاصة في الكوكتيلات أو المشروبات المنزلية الصنع التي قد تحتوي على نسب عالية من الكحول دون وعي المستهلك.
- شرب كحول غير صالح للاستهلاك البشري: مثل الكحول الصناعي أو الكحول الميثيلي ( الميثانول ) ، والذي قد يؤدي إلى تسمم شديد ومضاعفات قاتلة.
ما هي الجرعة السامة من الكحول؟
تختلف الجرعة السامة من الكحول من شخص إلى آخر، وتعتمد على عدة عوامل مثل العمر، والجنس، والوزن، والحالة الصحية العامة.
ومع ذلك، تشير الدراسات الطبية إلى أن:
- تركيز كحول الدم (BAC) الذي يتجاوز 0.3% يُعد خطيرًا جدًا، بينما قد يبدأ التسمم عند مستويات بين 0.25% و0.4%.
- الجرعة المميتة المحتملة من الإيثانول تتراوح بين 5 إلى 8 غرامات لكل كغ من وزن الجسم.
- متوسط استقلاب الجسم للكحول هو حوالي 10 ملغ لكل ديسيلتر في الساعة، مما يعني أن شرب عدة مشروبات كحولية في وقت قصير يتجاوز قدرة الكبد على التخلص من الكحول.
أعراض التسمم الكحولي
تتدرج أعراض التسمم الكحولي من معتدلة إلى خطيرة، وتشمل:
- الارتباك أو فقدان الوعي
- تباطؤ أو انقطاع التنفس (أقل من 8 أنفاس في الدقيقة)
- انخفاض حرارة الجسم (الهيبوتيرميا)
- القيء المستمر
- نوبات تشنج
- بطء ضربات القلب
- لون جلد شاحب أو أزرق
- فقدان التوازن وصعوبة في التحدث
إذا لم يُعالج التسمم الكحولي، فقد يؤدي إلى غيبوبة، أو توقف التنفس، أو الوفاة.
كيف يتم علاج التسمم الكحولي؟
تُعد الرعاية الطبية الطارئة ضرورية عند الشك بحدوث تسمم كحولي. ويشمل العلاج:
- الاتصال بالإسعاف فورًا وعدم محاولة “إيقاظ” الشخص المصاب بالقوة.
- الحفاظ على مجرى الهواء مفتوحًا، وتجنب ترك المصاب مستلقيًا على ظهره لتقليل خطر الاختناق بالقيء.
- العلاج في الطوارئ، ويشمل:
- إعطاء الأوكسجين أو تهوية صناعية عند وجود صعوبة في التنفس.
- إعطاء سوائل وريدية لتعويض الجفاف وتحفيز إخراج الكحول.
- مراقبة نسبة السكر والسؤال الكهربية Electrolytes في الدم.
- استخدام الفحم النشط في حال الاشتباه بتناول كحول سام مثل الميثانول أو الإيثيلين غلايكول.
- في حالات التسمم بالكحول الميثيلي، يُستخدم الفومبيزول أو الإيثانول كعلاج مضاد، إلى جانب غسيل الكلى لإزالة السموم من الجسم.
الوقاية من التسمم الكحولي
للوقاية من التسمم الكحولي، يُوصى باتباع الإرشادات التالية:
- الامتناع عن الشرب أو شرب الكحول باعتدال، وعدم تجاوز مشروبين في اليوم للرجال ومشروب واحد للنساء.
- عدم الشرب على معدة فارغة.
- تجنب شرب الكحول عند تناول أدوية أو مواد تؤثر على الجهاز العصبي.
- عدم استهلاك كحول مجهول المصدر أو منزلي الصنع.
- نشر الوعي بأعراض التسمم والتدخلات الإسعافية.
إن التسمم الكحولي ليس مجرد حالة عرضية، بل قد يكون قاتلًا إذا لم يُعالج في الوقت المناسب. من الضروري إدراك خطورة الاستهلاك المفرط للكحول، والتعرف على العلامات المبكرة للتسمم، ومعرفة متى وكيف نطلب المساعدة. يساهم التثقيف الطبي ونشر الوعي في تقليل عدد الإصابات والوفيات المرتبطة بهذه الحالة، وهوو ما تسعى إليه المجتمعات الصحية الواعية.
المهندس أمجد قاسم