الاحتباس الحراري يجلب الأوبئة والأمراض

المهندس أمجد قاسم

تشير الدراسات الى ان ظاهرة الاحتباس الحراري سيكون لها تأثير مباشر على الانسان من ناحية زيادة انتشار الأوبئة بين الحيوانات والنباتات وهذا سوف ينعكس على صحة الانسان وحياته.

وقد اكدت الدراسات التي قام بها المتخصصون في مجال البيئة والعلوم الحيوية أن للاحتباس الحراري العالمي وتغير المناخ آثار كبيرة على انتشار الأمراض ، ولا سيما الأمراض المنقولة بالنواقل والأمراض المنقولة بالمياه. فيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الاحتباس الحراري على انتشار المرض:

1- الموائل الموسعة لنواقل الأمراض: يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى توسيع النطاق الجغرافي للنواقل الحاملة للأمراض مثل البعوض والقراد والبراغيث. هذه النواقل مسؤولة عن نقل أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا ومرض لايم والمزيد. مع تحول مناطق درجة الحرارة ، قد تنتقل هذه النواقل إلى مناطق جديدة لم يتعرض فيها الأشخاص والحيوانات من قبل لهذه الأمراض.

2- زيادة معدلات الإنجاب: ارتفاع درجات الحرارة والفصول الدافئة الأطول يمكن أن تؤدي إلى زيادة معدلات التكاثر لناقلات الأمراض. على سبيل المثال ، يتكاثر البعوض بشكل أسرع في المناخات الأكثر دفئًا ، مما يؤدي إلى زيادة عددها وزيادة فرص انتقال المرض.

3- تغيير سلوك النواقل: التغيرات في درجة الحرارة والرطوبة يمكن أن تغير السلوك وأنماط التغذية لناقلات المرض. يمكن أن يؤثر ذلك على تواتر وتوقيت انتقال المرض. على سبيل المثال ، قد تؤدي درجات الحرارة الأكثر دفئًا إلى تغذية البعوض بشكل متكرر ، مما يزيد من احتمالية انتقال المرض.

4- التغييرات في تفاعلات ناقل المضيف: يمكن أن يؤدي الاحترار العالمي إلى تعطيل التفاعلات الطبيعية بين ناقلات الأمراض ومضيفيها. يمكن أن يؤثر ذلك على ديناميكيات انتقال الأمراض ، مما قد يؤدي إلى انتقال أكثر تواترًا أو استمرارًا.

5- الأمراض المنقولة بالمياه: يمكن أن تؤدي التغييرات في أنماط هطول الأمطار وزيادة الفيضانات إلى تلوث مصادر المياه ، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا وأمراض الجهاز الهضمي الأخرى.

6- التأثير على الزراعة: يمكن أن يؤثر تغير المناخ على الممارسات الزراعية وإنتاج الغذاء ، والذي بدوره يمكن أن يؤثر على الحالة التغذوية وقابلية الإصابة بالأمراض. يمكن أن تؤثر التغييرات في توافر الغذاء وجودته على انتشار بعض الأمراض.

7-الهجرة البشرية: نظرًا لأن بعض المناطق تصبح أقل قابلية للسكن بسبب تغير المناخ ، فقد يهاجر السكان إلى مناطق جديدة. يمكن أن يقدم هذا ديناميكيات مرضية جديدة حيث يتعامل الأشخاص من مناطق مختلفة مع ملفات تعريف المرض المختلفة.

8- البنية التحتية للرعاية الصحية: العبء المتزايد للأمراض بسبب تغير المناخ يمكن أن يجهد أنظمة الرعاية الصحية ، لا سيما في المناطق المعرضة للخطر ومحدودة الموارد. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحديات في مراقبة الأمراض والوقاية منها وعلاجها.

وحول تلك التأثيرات الخطيرة يقول العالم (( درو هارفيل )) من جامعة ( كورنل ) (( ان ما يثير الدهشة والاستغراب ان الأوبئة الشديدة التأثر بالمناخ تظهر عبر أنواع مختلفة جدا من مولدات المرض من فيروسات وجراثيم وطفيليات ، وتصيب مجموعة متنوعة للغاية من الكائنات ، منها المرجان والمحار والنباتات البرية والعصافير والبشر )) .

لقد كرس الباحثون دراستهم طوال سنتين حول العلاقة بين التغير في درجة الحرارة ونمو الفيروسات والجراثيم وغيرها من عوامل الأمراض ، مع دراسة عوامل نشر بعض الأمراض مثل القوارض والبعوض والذباب ، وقد وجد انه مع ارتفاع درجة الحرارة ، يزداد نشاط ناقلات الأمراض – حشرات وقوارض – فتصيب عدد أكبر من البشر والحيوانات ، وقد وجد أن فصول الشتاء المتعاقبة والمعتدلة حراريا فقدت دورها الطبيعي في الحد من مجموعة الجراثيم والفيروسات وناقلات المرض ، كذلك فقد لوحظ أن فصول الصيف في العقد الأخير من القرن الماضي زادت حرارة وطولا ، مما زاد من المدة التي يمكن للأمراض أن تنتقل خلالها إلى الأجناس الحية الشديدة التأثر بالتغييرات الحرارية وخصوصا في البحار والمحيطات ، يقول الباحث (( ريتشارد اوستفيلد )) من معهد دراسة الأنظمة البيئية في نيويورك (( أن المسألة لا تقتصر على مشكلة مرجان أبيض وفقد لونه كما يقول حماة البيئة ، أو بعض حالات الملاريا المتفرقة التي يمكن السيطرة عليها ، الأمر له أوجه كثيرة ومتفرقة ونحن قلقون )).


لقد تناولت الدراسة حياة الكثير من الطيور والحيوانات التي تأثرت بفعل ارتفاع الحرارة، ويذكر الباحثون على سبيل المثال طيور ( الأكيبا ) في هاواي ، حيث تعيش هذه الطيور على ارتفاع يبلغ 700 متر في جبال جزيرة ( ماوي ) ، محتمية بالبرودة على هذا الارتفاع من البعوض والحشرات التي تدمر حياتها ، غير ان ارتفاع الحرارة جعل البعوض يصل إلى مثل هذا الارتفاع جالبا معه جراثيم الملاريا التي أصابت أعـداد كبيرة من هذه الطيور وفتكت بها ولم تترك منها إلا عددا ضئيلا.

من المهم ملاحظة أن العلاقة بين تغير المناخ وانتشار المرض معقدة ويمكن أن تتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل ، بما في ذلك الظروف البيئية المحلية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية وتدابير الصحة العامة. يمكن للجهود المبذولة للتخفيف من تأثير الاحتباس الحراري والتكيف مع الظروف المتغيرة أن تلعب دورًا حاسمًا في معالجة الانتشار المحتمل للأمراض.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

التلوث البيئي أزمة عالمية تقتل الملايين سنوياً

يُعَدّ التلوث البيئي أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه العالم في الوقت الحالي، إذ يتسبب …

تعليق واحد

  1. كل الشكر على هذا المقال الممتاز عن اثر الاحتباس الحراري في زيادة معدلات الأمراض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *