استخدامات اليورانيوم واضراره وتخصيبه

اكتشف عنصر اليورانيوم في عام 1789 من قبل الكيميائي الألماني مارتن كلابروث وقد ظل لقرون مجرد مادة غريبة تثير الفضول، ويعتبر من أثقل المواد الطبيعية المعروفة على هذه الأرض.فإذا كان سنتيمتر مكعب واحد من الرصاص المعروف بثقله يزن 11.3 جرام، وزن سنتيمتر مكعب واحد من اليورانيوم 18.7 جرام، أي مرة ونصف وزن الرصاص تقريباً.كما أن بعض مكوناته الكيميائية تتلألأ حينما يسقط عليها الضوء، أما غاز أحد مركباته (هيكسا فلوريد يورانيوم) فهو أثقل من الهواء بعشرين مرة.

وقد استخدم قديما في صبغ بعض المصنوعات الزجاجية بلون أصفر الكناري الجميل.إذ أنه يعطي هذا اللون حينما يخلط مسحوقه بعجينة الزجاج الساخنة قبل تشكيلها.بعض هذه الأواني لازالت تحتفظ بها بعض المتاحف العالمية بشكل خاص جداً.فما لم يكن يعرفه صُنَّاعها ولا حتى مستعمليها أن صبغتها الصفراء الجميلة كانت تشع أشعة ذرية مميتة!

في سنة 1896 كُشِفَ سر هذه الأشعة على يدي الفيزيائي الفرنسي الحاصل على جائزة نوبل أنطوان هنري بيكوريل. إذ ذهل حينما ثبت له أن هذه المادة الغريبة تنطلق منها أشعة غير مرئية لها قدرة مدهشة على الاختراق.وهكذا كان الفضل لليورانيوم في اكتشاف الأشعة النووية.لكنه لم يخطف الأبصار وينال كل هذه الشهرة العالمية إلا في اليوم التاريخي الذي يجب ألا تنساه 02/12/1942.

ففي هذا اليوم أثبت العالم الأمريكي إيطالي الأصل إنريكو فيرمي بالتجربة أنه بالإمكان استخلاص الطاقة النووية الهائلة بطريقة عملية واقتصادية وسهلة نسبياً وبشكل مستمر من اليورانيوم ذاته دون سائر المواد الأخرى، بالذات من نوعه المعروف باليورانيوم 235.يتواجد اليورانيوم اليوم في نحو100خام منتشرة في أنحاء العالم تعرف كلها بخامات اليورانيوم.وهكذا عليك ألا تصدق الآن من يعرض عليك شراء حجرة سوداء ثقيلة جداً يحملها بصعوبة بكلتا يديه.فبائعي اليورانيوم يعرفون أنه يطلق أشعة نووية غير مرئية بهدوء مميت! بعضها يظل يشع لما لا يقل عن 4500,000,000 سنة

بدايات استخدام اليورانيوم

ظهر أول مفاعل نووي سنة 1951 بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ 1960 دخلت الطاقة النووية في عصر التصنيع. وفي بداية سنة 1997، تمكن 32 بلدا من أحداث بنيات تحتية نووية لإنتاج الكهرباء، إذ تم إحصاء آنذاك أكثر من 440 مفاعل نووي في حالة اشتغال. وفي سنة 2000، تمكنت الطاقة النووية من إنتاج 31 في المائة من الكهرباء المستهلك بأوروبا الغربية (77 في المائة بفرنسا) و 15 في المائة بالولايات المتحدة الأمريكية و 28 في المائة بأمريكا اللاتينية و 24 في المائة بإفريقيا.

علما أن كل من الدانمارك واليونان وإيرلندة ولوكسهيورغ والنرويج والبرتغال والنمسا رفضت اللجوء إلى الطاقة النووية، في حين أن إيطاليا وهولندة وألمانيا والسويد اعتمد سياسة التخلي تدريجيا عن استعمال الطاقة النووية لتوليد الكهرباء

فما هو اليورانيوم “المنضب” وهل هو منضب حقاً؟

ان اليورانيوم “المنضب” معدن ثقيل عالي السمية وهو منتج ثانوي لعملية تخصيب اليورانيوم. وهو مثله مثل اليورانيوم الطبيعي والمخصب، مادة سامة من الناحيتين الكيميائية والاشعاعية، ورغم تسميته بالمنضب يبقى يمتلك 60% من الطاقة الاشعاعية لليورانيوم الطبيعي. وحسب مديرية الطاقة الامريكية، فان كمية اليورانيوم “المنضب” المخزن حاليا تقدر بحوالي 700,000 طن متري وتقوم هذه المديرية بادارة مشروع ضخم يتولى الاشراف على هذا المخزون الهائل والموزع على عدة مناطق على الاراضي الامريكية، من خلال برنامج صيانة في منتهى التشدد. حيث يتم خزن اليورانيوم “المنضب” في اسطوانات من الفولاذ سمكها0.79 سم

وتحتوي كل اسطوانة على 12 طن متري من اليورانيوم المنضب. رغم التشدد في برنامج الفحص الدوري على هذه الاسطوانات، المتضمنه اعادة تغليف الاسطوانات وتغير اماكنها لاجل ضمان عدم حدوث تسرب، مع ذلك فقد اثار وجودها الكثير من الاعتراضات. ففي ولاية تينسي على سبيل المثال، تم الاتفاق اما على تحويل كل المخزون في هذه الولاية، او ازالته من الولاية بالكامل.

وبناء على توصيات مقدمة من مجلس الامن الدفاعي للوسائل النووية، قامت مديرية الطاقة الامريكية بتطبيق برنامج مشدد لتأمين سلامة وامن الاسطوانات وعلى أثرها تمت المصادقة على ان عملية الخزن تلبي متطلبات الامن مادام البرنامج مطبق بشكل حرفي. ان كل هذه الاجراءات المكلفة نابعة بالتأكيد من الاقرار بالخطورة الكبيرة التي يشكلها اليورانيوم “المنضب” من خلال خصائصه الاشعاعية والكيميائية وغبار اليورانيوم الناضب أسود اللون، ويعرف الهدف الذي تم قصفه باليورانيوم الناضب بالغبار الأسود المنتشر عليه وحوله

اليورانيوم في اجسادنا

يوجد حوالي 90 مايكروجرامًا من اليورانيوم في جسم الإنسان مصدره مياه الشرب والطعام والهواء
من هذا اليورانيوم يتواجد
%66 بالهيكل العظمي
و16% بالكبد
و8% بالكليتين
و 10% في باقي أجزاء الجسم

وهو موجود في القشرة الأرضية بنسبة 3 جرامات في الطن , و أيضاً في ماء البحر بنسبة 3 مليجرامات في الطن.

مما يتكون اليورانيوم وكيف تتم عملية التخصيب؟

يتكون اليورانيوم الطبيعي في الغالبية من خليط من نظيرين مشعّين من اليورانيوم بنسبة%99.3 يورانيوم % 7.238 يورانيوم 235

الأرقام 238 و 235 تدل على مجموع عدد البروتونات والنيوترونات في نواة النظير أو بمعنى آخر تدل على كتلته. وتعد كندا والولايات المتحدة وجنوب افريقيا واستراليا ونيجيريا من أهم الدول المزودّة لليورانيوم لكي تنتج الطاقة في المفاعل النووي المنتشر استخدامه من نوع الماء الخفيف LWR

يقذف اليورانيوم بالنيترونات لكي يحدث الانشطار النووي الذي يولد طاقة هائلة.

هذا الانشطار يستخدم لفصل النظيرين عن بعضهما. توجد طرق كثيرة للفصل ولكن طريقة الفصل بالطرد المركزي لأسباب هي الأكثر انتشارا في العالم

التخصيب بالطرد المركزي

في الخطوة الأولى يحوّل اليورانيوم الطبيعي إلى غاز في شكل اليورانيوم سداسي الفلور. ولأن فرق الكتلة بين جزيئات غاز النظيرين بسيطة. يتم تخصيب اليورانيوم في خطوات متتالية. في كل خطوة يتم زيادة نسبة اليورانيوم 235 حتى النسبة المطلوبة

جهاز الطرد المركزي يتكون من غلاف أسطواني مفرّغ من الهواء. تدور بداخله أسطوانة بسرعة كبيرة هذه الأسطوانة تدور تقريبا دون أي نوع من الاحتكاك بواسطة محرك كهربائي من أسفل ومغناطيس قوي من أعلى . غاز اليورانيوم الطبيعي يدخل هذه الأسطوانة و يأخذ سرعة دورانها. الغاز الثقيل بتركز أكبر ليورانيوم 238 يدفع إلى الخارج في اتجاه جدار الأسطوانة. والغاز الخفيف بتركز أكبر اليورانيوم 235

يبقى في مركز الأسطوانة يعمل فارق حراري على الأسطوانة يمكن فصل الغازين في اتجاه قمة وقاع الأسطوانة . حيث يتم امتصاصها عن طريق انابيب موصلة بالخطوة التالية للتخصيب، اسطوانة الطرد المركزي توصل بالتوالي والتوازي بعضها البعض كي تصل درجة تركيز اليورانيوم 235 إلى الدرجة المطلوبة . ثم توضع هذه الاسطوانات التي يصل عددها إلى مئات عدة فيها يسمى محطة الطرد المركزي وبسبب الكلفة العالية التي تتطلبها عمليات الخزن والمراقبة والصيانه، تقود الادارة الامريكية الى برنامج للتعامل مع هذه الكمية الهائلة من اليورانيوم ” المنضب”، بالاضافة الى ايجاد بدائل لعمليات الخزن الحالية ومن ضمن هذه البدائل استخدام اليورانيوم “المنضب” للاغراض العسكرية .

كما تتطلب النفايات النووية ذات الإشعاع القوي تتطلب مخازن دائمة مصممة تصميما جيدا فاعلية اليورانيوم

لقد اثبتت قذائف اليورانيوم “المنضب” فعالية عالية في كل الحروب التي استخدمت فيه هذا السلاح الرهيب بدءاً من حرب الخليج/الكويت و حرب البلقان واخيرا الحرب التي شنت على العراق في 2003

ان الحرارة العالية المنبثقة من ارتطام قذيفة اليورانيوم مع جدار الدبابة يجعل اختراق القذيفة للدبابة كمثل اختراق السكين للزبد

عندما تصطدم قذيفة اليورانيوم بجسم الهدف يحترق 70% من اليورانيوم متحولا الى غبيرات من اوكسيد اليورانيوم التي سوف تتطاير في الهواء بسبب الانفجار مما يساعد على انتشارها على مناطق واسعة

ورد في احدى وثائق الجيش الامريكي بان السحابة الناتجة عن انفجار قذيفة اليورانيوم “المنضب” تحتوي على غبيرات اوكسيد اليورانيوم القابلة للاستنشاق والدخول الى الجهاز الهضمي وكذلك التنفسي مسببة التسمم

ان 60% من غبيرات اليورانيوم يكون قطرها اقل من 5 ميكرون وان قطر الغبيرات القابلة للاستنشاق هو اقل من 10 ميكرون

اما عن استخدامات اليورانيوم فهناك نوعين من الاستخدام:

الاستخدام السلمي

يستخدم اليورانيوم المخصب الذي وصلت فيه درجة تركيز يورانيوم 235 القابل للانشطار من 3
إلى 5%

في صناعة وقود المفاعل النووية لإنتاج الطاقة. وتعمل المفاعلات النووية على مبدأ الانشطار النووي. وذلك من خلال انشطار نواة الذرة مما يؤدي إلى إطلاق طاقة حرارية. وتعتبر مادة اليورانيوم 235 هي الوقود الرئيسية المستخدم في المفاعلات النووية. ويحدث الانشطار النووي لذرات اليورانيوم بإطلاق النيوترونات عليها. وعندما تنشطر بعض الذرات فإنها تطلق النيوترونات واصطدام هذه النيوترونات مع ذرات أخرى يسبب انشطارها. فيتم تحرير المزيد من النيوترونات ..وطالما أن اليورانيوم معدن ثقيل جداً يمكن أن يستخدم أينما احتجنا إلى ثقل كبير بحجم ضئيل، كموازنة الثقل في الطائرات والسفن المدنية الضخمة

الاستخدام العسكري

يستخدم اليورانيوم المنضب أو المخصب الناتج من نفايات الوقود النووي. وما يتبقى بعد تخصيب اليورانيوم . بسبب كثافة الرصاص مرتين . في الأسلحة تسبب اضرار صحية في حال استنشاق دقائق اليورانيوم التي تحتجز في داخل الرئة لتسبب سرطان الرئة.

وبما أن المواد الثقيلة كالرصاص تستخدم كدروع ممتازة ضد الأشعة يستعمل اليورانيوم المستنفذ بديل للرصاص في وحدات العلاج الإشعاعي الطبي وفي صنع أوعية نقل المواد المشعة حيث تعد فاعليته 5 أضعاف فاعلية الرصاص.
لكي يستخدم اليورانيوم المخصب في انتاج الأسلحة النووية. يجب أن تصل نسبة اليورانيوم 235 حتى
20 إلى 90% اعتمادا على نوع السلاح النووي

ميزتان اساسيتان تأسس عليهما تفضيل اليورانيوم “المنضب” على معادن اخرى، لصناعة القذائف المضادة للدروع والتحصينات هما الكثافة العالية له ( 1.7 مرة قدر كثافة الرصاص)، حيث تزن كمية بحجم كرة المنضدة منه ½ كغم، وكذلك الطاقة الحرارية الهائلة التي تنطلق من احتراقه اثر ارتطامه بالهدف ، قادرة على صهر المعدن وحرق ما بداخل الهدف كما أن الدبابات المصرية نالت لقب أول معدات عسكرية يستهدفها اليورانيوم المستنفذ عواقب استخدام اليورانيوم “المنضب.

ان اليورانيوم الموصوف بالمنضب هو احد صور اليورانيوم المتعددة. وبالتالي فهو يمتلك نفس الخصائص السمية كيميائيا واشعاعيا لليورانيوم الطبيعي الخام والمخصب. فكل من هذه الانواع قادرة على اطلاق دقائق الفا وبيتا وغاما التي تمتلك تأثير مدمر على وحدة بناء جسم الكائن الحي الخلايا حيث تهاجم هذه الدقائق وتخرب الجزء الاولي والحيوي للحياة الا وهي الشفرة الوراثية الموجودة في الكروموسومات (DNA)وللمقارنة فان اليورانيوم لطبيعي يحتوي على 0.7% من نظير اليورانيوم
(U-235) ، واثناء عملية تخصيب اليورانيوم تتم عملية استخلاص النظير (U-235) لتكوين اليورانيوم المخصب الذي يستخدم كوقود للمفاعلات النووية وصناعة القنابل الذرية.

ان عملية التخصيب هذه سينتج عنها يورانيوم يحتوي على النظير (U-235) بتركيز 0.2% سيسمى عندئذ باليورانيوم “المنضب”. وحسب البروفسور في الطب والضابط السابق في الجيش الامريكي، الدكتور دوراكوفيتج فأن 1 ملليغرام من اليورانيوم تطلق خلال سنة 390 مليون من دقائق الفا و780 مليون من دقائق بيتا بالإضافة الى اشعة غاما، قادرة بطاقتها الاشعاعية والتأينية العالية على ان تسبب تدمير كبير ضمن البناء الحيوي لجسم الانسان، مهاجمة المبايض، الرئتين، العقد اللمفاوية، الكلى، الدم، العظام، الدماغ، المعدة والأجنة.

الاطفال ضحايا اليورانيوم الأوائل

ان الاطفال هم أكثر فئات الشعب عرضه للتاثر باليورانيوم. ان سرعة الامتصاص العالية عند الاطفال، وكون كمية كبيرة من الدم تستخدم لتغذية العظام بالإضافة الى كثرة وجود الانسجة الرقيقة كل هذه العوامل تجعل من الاطفال الهدف الاسهل للسرطانات التي يسببها اليورانيوم “المنضب”. ان أكثر هذه السرطانات التي تصيب الاطفال هي سرطان العظام والليوكيميا بالإضافة الى سرطان الغدد اللمفاوية الذي كان من النادر حدوثه عند الاطفال دون سن 12.


كيفية انتقال اليورانيوم المنضب الى الانسان؟

ان انتقال اليورانيوم “المنضب” (اوكسيد اليورانيوم الناتج من احتراق اليورانيوم) الى الانسان يأخذ اشكال عديدة. ان المستودعات التي تستخدم لتجميع العربات العسكرية المدمرة بفعل قذائف اليورانيوم، تصبح مصدر تلوث خطير للأفراد الذين يأتون الى هذه المناطق. لقد اصبحت مناطق السكراب هذه مصدر رزق لكثير من الناس الذين يبحثون عن لقمة خبز لأطفالهم. ان هؤلاء الكادحين حين ضاقت بهم سبل العيش يقومون بتفكيك بقايا الآليات العسكرية ليبيعوها خردة في الاسواق. . من المحزن حقا، ان هؤلاء الناس في سعيهم لكسب العيش، قد لا يتاح لهم رؤية اطفالهم يكبرون

بالإضافة الى ان الجروح هي المنفذ لتغلغل اليورانيوم لداخل الجسم، فان التعرض الخارجي لليورانيوم “المنضب” يجعل الجسم هدف لإشعاعات الفا وبيتا وغاما. ان الجلد قادر على منع تغلغل اشعة الفا، لكن تستطيع كل من اشعتي بيتا وغاما على التغلغل خلال الطبقة الخارجية للجلد لتسبب التخريب للأنسجة الحية الداخلية.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

انطلاق النسخة العاشرة من معرض أبوظبي الدولي للتمور

تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *