أنواع البحوث العلمية وتصنيفها

أ.د.ماهر العامري

يعدُّ مجالُ البحثِ العلميِّ واسعاً بحيث يغطِّي جميعَ مناحي الحياة وحاجات الإنسان ورغباته، ومن ثَمَّ يكون اختلافُ البحوث العلميَّة باختلاف حقولها وميادينها تنويعاً لها، وعموماً فبالإضافة إلى ذلك تنقسم البحوثُ العلميَّة من حيث جدواها ومنفعتها إلى بحوثٍ رياديَّة يتمُّ فيها اكتشاف معرفة جديدة أو تحلُّ بها مشكلة قديمة، وإلى بحوث يتمُّ فيها تجميع المواد العلميَّة والمعارف أو الكشف عنها أو عرضها لغايات المقارنة والتحليل والنقد، وللنوع الأول دور أكبر في توسيع آفاق المعرفة الإنسانيَّة، فالبحثُ العلميُّ من حيث ميدانه يشير إلى تنوُّعه بالبحوث التربويَّة والاجتماعيَّة والجغرافيَّة والتاريخيَّة وغيرها، ومن حيث أهدافه يتنوَّع بالبحوثِ الوصفيَّة وبالبحوثِ التنبؤيَّة وببحوثِ تقرير السببيَّة وتقرير الحالة وغيرها، كما يتنوَّع البحثُ العلميُّ من حيث المكان إلى بحوثٍ ميدانيَّة وأخرى مخبريَّة، ومن حيث طبيعة البيانات إلى بحوثٍ نوعيَّة وأخرى كميَّة، ومن حيث صيغ التفكير إلى بحوثٍ استنتاجيَّة وأخرى استقرائيَّة، وهي في كلِّ أنواعها السابقة تندرج في قسمين رئيسين: بحوث نظريَّة بحتـة، وبحوث تطبيقيَّة عمليَّـة.

ويمكن تصنيف البحوث العلمية من خلال اسس ومعاير مختلفه تعطي طرق متنوعة في التصنيف وهذا لا يعني وجود تناقضات بين هذه الطرق ولكن استخدام الباحث احد المعايير دون الاخرى هو عباره عن نظرة الباحث من زاويه معينة , ويمكن ان تصنف البحوث الى ما يلي:

انواع البحوث طبقا للغرض
انواع البحوث طبقا للمنهج

حيث صنف مكميلان وشوماخر البحوث طبقا للغرض الى اربعة انواع:

اولا:-البحث الاساسي:-

هو البحث الذي يتم تنفيذه لاختبار نظرية او مبدأ, بهدف الاضافه الى المعرفة العلمية ويتم اجراء مثل هذه البحوث عادة في المختبرات والمواقف المضبوطة بدقه ,لذا فأن هذا النوع من انواع البحوث مصمم لحل المشكلات التي تواجه الفرد او المجموعه في مواقف حياتيه ومن ضمن الامثلة على البحوث الاساسية في التربية تلك البحوث التي تهدف الى اكتشاف العلاقات والمبادأ العامة في التعليم والتعلم مثل نظريات بافلوف وسكنر وثورندايك وبياجية وبرونر وغيرهم من العلماء الذين اسهموا بنظرياتهم بخلق واضافة معرفة جديده وتعديل في المعرفة السابقه من خلال دحض بعض المبادىء والافكار التي كانت سائدة انذاك . وتعتمد نظرية التعلم الى حد كبير على نتائج البحوث التي تجري على الحيوانات لصياغة المبادىء والقوانين حول السلوك الانساني.

وهي البحوث التي تنفذ بفرض كامل الى ظاهرة مادون الاخذ بنظر الاعتبار كيفية تطبيق الاستنتاجات والتوصيات التي يصل اليها الباحث, فهي دراسة تجري بالدرجة الاساس من اجل الحصول معرفه بحد ذاتها وتسمى احيانا بالبحوث النظرية (وتعتمد هذه البحوث على علمية تحليل الظواهر بشكل منظم ودقيق لغرض كشف العلاقات بين عناصرها والاسباب المرتبط بها2.

ثانيا :- البحث التطبيقي:-

هو البحث الذي يهتم بتطبيق المعرفة الجديدة في حل المشكلات بهدف تحسين الواقع العلمي من خلال اختبار النظريات التي توصلت اليها البحوث الاساسية في مواقف حقيقية , ومن امثلة البحوث التطبيقية تلط البحوث التي تجري في غرفة الصف لتحديد القيمة العلمية للمبادىء والنضريات والعلاقات التي اكتشفها البحث الاساسي فمثلا من خلال البحث الاساسي وضع سكنر بعض المبادىء والنضريات في تعزيز السلوك , لذا فأننا عندما نجري تجربة لأختبار مدى فائدة تلك النظريات في مواقف علمية تهدف الى تحسين العملية التعليمية ,فأننا نكون قد اجرينا بحثا تطبيقيا والبحوث التطبيقيية هي بحوث علمية تكون اهدافها محددة بشكل ادق من البحوث الاساسية النظرية وتكون عادة موجهة لحل مشكلة من المشاكل العلمية او لاكتشاف معارف جديدة يمكن تسخيرها والاستفادة منها فورا وفي واقع حقيقي وفعلي موجود في مؤسسة او منطقة او لدى الافراد.

ان البحوث التطبيقية تعنى بنتائج البحوث الاساسية ذات الطبيعة النظرية فتطبقها في الميدان وتعمل على تطويرها لذلك يطلق على البحث التطبيقي تسمية البحث الميداني كما هو الحال في تطبيق نظريات التعلم التي تم التوصل اليها في مجال علم النفس في مجال التعليم والمناهج وطرائق التدريس عن طريق البحوث التطبيقية وعلى هذا الاساس فأ هناك تكاملا متبادلا بين البحوث الاساسية والتطبيقية فالبحوث الاساسية المعرفة النظرية التي تقوم البحوث التطبيقية بتطبيقها واكتشاف مدى نجاحها فيما تقدم البحوث التطبيقية مشكلات تنجم عن عملية التطبيق بها حاجة الى حلول تتولها البحوث الاساسية بالبحث , فالبحوث الاساسية تقدم النظريات والقوانين من خلال تطبيقها وقد تظهر عملية التطبيق مشكلات جديدة في المجال الذي تطبق فيه ينطلق منها البحث الاساسي بقصد ايجاد حل نظري له قابل للتطبيق وهكذا .

ثالثا :- البحوث التقويمية :-

وهو البحث الذي يركز على تقدير اهيمية وقيمة ممارسسة معينة في موقع ما بهدف تحديد مدى تحقيق الممارسة لاهدافا , فمثلا عند شعور مدير المدرسة في موقع ما ان نسبة التسرب من المدرسة في ازدياد , فأنه سيلجأ الى ممارسة معين او عدة ممارسات للحد من تلك الظاهرة وهي التسرب المدرسي , لذا انه قد يفكر في اسلوب تفعيل متابعة الدوام اليومي للطلبة , وبعد تطبيق تلك الممارسة يستطيع المدير الحكم على مدى تحقيق تلك الممارسة للهدف الذي وضعت من اجله , الاوهو الحد من ظاهرة التسرب المدرسي.2
رابعا:- البحوث الموقفية :-

البحوث الموقفية هي بحوث ذات طبيعة عملية تطبيقية ايضا تستخدم منهجية البحث العلمي التطبيقي بدرجة اقل من الدقة والضبط والتفصيل فهي بحوث تعالج مشكلات التعليم المدرسي عندما تجري في مجال التعليم وتكون اكثر صله بالواقع وتقوم على المعرفة الوضيفية التي تقتضيها طبيعة الموقف اغو المشكلة ولا تتطلب الدقة التي تتطلبها البحوث الاخرى من حيث اسلوب الضبط واختيار العينة والتحليل والمعالجة الاحصائية لذلك فهي تختلف عن البحوث التطبيقية :

عدم التزامها خطوات المنهج العلمي وشروطه بشكل دقيق وتفصيلي.

تهتم بموضوع معين او ايجاد حل لمشكلة ولا تهتم بتعميم نتائجها على مواقف اخرى كما هو الحال في تعميم نتائج البحث التطبيقي لانها تجري في موقف وضيفي محدد ولغرض يتصل بالموضوع المعني فقط وبذلك فأن نتائجها متعلقة بالموقف الذي تجري فيه, فهي نتائج محدودة التطبيق وهدفها ليس تعميم النتائج لذلك فهي لا تضيف رصيد علمي كبير الى حقول المعرفة غير ان هذا لا يقلل من فائدة البحث الموقفي بوصفه اسلوبا علميا.

قد يجري البحث الموقفي في حجرة دراسيه واحدة يقوم به مدرس واحد في حين الغالب لاتجري البحوث التطبيقية في حجرة دراسية واحدة لأستخدامها اكثر من مجموعة وكثير ماتقتضي اغراض الضبط منع الاختلاط بين المجاميع لكي تؤثر في النتائج.

افراد العينة في البحث الموقفي غالبا ما يكونون اقل عدد من افراد البحوث التطبيقية.

تصنيف البحوث وفقاً لمنهج البحث:

لم يتفق المشتغلون بمناهج البحث العلمي على تصنيف محدد لمناهج البحث. وربما يعود ذلك إلى تبني البعض منهم لمناهج نموذجية رئيسة واعتبار المناهج الأخرى جزئية متفرعة من المناهج النموذجية. وعند استخدام معيار معين كإطار للتصنيف فإننا بذلك نستخدم منهجاً خاصاً في التفكير ، وننظر للبحث من زاوية معينة ، وعندما نستخدم معياراً آخر فإننا ننظر للبحث من زاوية أخرى، وبذلك يمكن للبحث الواحد أن يوصف بأكثر من طريقة ويندرج تحت أكثر من نوع واحد من أنواع البحث. ولذلك، فليس هناك تناقض بين الطرق المختلفة في تصنيف البحوث ، كما أنه ليس هناك تفضيل لطريقة على غيرها ، بل تتداخل هذه الطرق وتتكامل فيما بينها.

يمكن التعرف على منهج أو استراتيجية البحث وذلك بالنسبة لمعظم البحوث، وذلك رغم ما قد يكون هناك من بعض التداخلات فيما بينها. وحتى عند استخدام المنهج كمحك أو معيار لتصنيف البحوث فإن هناك طرقاً مختلفة متنوعة يمكن بها تصنيف البحوث. مثال ذلك تصنيف البحوث إلى تجريبية وغير تجريبية، أو تصنيف البحوث إلى بحوث تاريخية ووصفية وتجريبية. إلا أن هذه التصنيفات تنزع إلى أن تضع في تصنيف واحد دراسات ذات استراتيجيات مختلفة تماماً. ويري جاي (Gay,1990) أن التصنيف الذي يبدو أكثر فاعلية من حيث الإقلال من التقسيمات إلى أقل حد ممكن وزيادة الفروق بين أنواع البحوث إلى أقصى حد ممكن هو الذي يصنف البحوث في خمسة أقسام هي: البحوث التاريخية، والبحوث الوصفية، والبحوث الارتباطية، والبحوث السببية للمقارنة، والبحوث التجريبية. إلا أننا نرى أن تصنيف البحوث في بحوث تجريبية وبحوث غير تجريبية هو التصنيف الأفضل لمناهج البحث، لأن البحوث التجريبية هي النوع الوحيد من البحوث الذي يهدف إلى التعرف على علاقات العلة والمعلول، وبذلك يكون هذا النوع من مناهج البحث فريداً في نوعه من حيث أن له أهدافاً خاصة به تختلف عن أهداف مناهج البحث الأخرى.

ولقد ذكر سامي محمد ملحم في كتابه مناهج البحث في التربية وعلم النفس(2002م)تصنيفاً للبحوث التربوية على النحو التالي:

البحث القياسي والبحث الاستقرائي.
البحوث الأساسية أو البحتة والبحوث التطبيقية.
البحوث الأكاديمية والبحوث المهنية.
البحوث الكمية والبحوث الكيفية أو النوعية .
البحوث التربوية والبحوث في التعليم.
البحوث التربوية والبحوث التطويرية.
البحوث العلمية المرتبطة بالمعيار الزمني.

ويتلخص النظام التصنيفي الذي أقترحه فؤاد أبو حطب، على أربعة أسس يمكن الاعتماد عليها وهي:
تصنيف مناهج البحث حسب بعد الزمن ويشمل ذلك المنهج التاريخي (دراسة الماضي)، المنهج الامبريقي (دراسة الحاضر)، المنهج التنبؤي (دراسة المستقبل).

تصنيف مناهج البحث حسب حجم المبحوثين ويشمل ذلك منهج دراسة الحالة، ومنهج العينة، ومنهج الأصل الاحصائي العام.


تصنيف مناهج البحث حسب المتغيرات المستخدمة في ويشمل ذلك المنهج البعدي، والمنهج شبه التجريبي، والمنهج التجريبي.

تصنيف مناهج البحث حسب الهدف منه ويشمل ذلك المنهج الوصفي، والمنهج المقارن، والمنهج الارتباطي، والمنهج التفسيري. وسوف نضيف فئة خامسة من المناهج التي لا تقبل التصنيف في أي فئة من الفئات السابقة.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

دور تكنولوجيا المعلومات في تعزيز التعليم ورفع كفاءة المعلم

شهد العقد الأخير تطورًا ملحوظًا في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما أدى إلى تغيرات جوهرية …

2 تعليقات

  1. افادني كثيرا هذا البحث عن انواع البحوث العلمية

  2. متميزون
    إلى الأمام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *