مفهوم الأزمات وإدارتها ,أنواعها ومراحلها وكيفية التعامل معها

محمد المحمد

تخلق الحياة الأزمات ولا حياة بدون أزمات ولا أزمات بدون الحياة , فالحياة عمل واجتهاد وإبداع ومع هذا تتقاطع الأفكار وتختلف الرؤى فيبدأ الاحتكاك والذي لا يلبث أن يتطور إلى اختلاف أعمال فيبدأ الاصطدام , فينشأ ما اصطلح عليه أزمة .

عمل الفرد الحي هو الذي يخلق له الأزمة كما الشعوب الحية هي التي تخلق الأزمات لها سواء ذاتية , أو مخترقة الحدود وأبواب البيوت عليها , ومن هنا يبدأ الإنسان حياته بأزمة تنمو معه وملخص قضاياه كيف يعيش وماذا يريد والى أين يتجه .

تنمو الأزمة عند الفرد تبعا لتطوره الفكري ووعيه والتي يبني عليها أهدافه لتجابه مع أهداف الآخرين فيحصل الاحتكاك والاحتكاك أول الأزمات التي تتطلب مهارة كيف يكسب كل قضيته لتحقيق مصالحه .

وجد الإنسان على هذه الأرض والأزمة ترافقه , بدا بتفسير ما حوله وما هو وراء ما حوله وكيف يوفق ما بين تحقيق رغباته المطلقة وبين القوة الأقوى غير المرئية فولدت عنده التوازن والاعتدال .

ليس الإنسان وحده سببا للأزمات لكنه طرف أساسي دائما فيها , مؤثرا ومتأثرا مثل الكوارث الطبيعية , غضب الطبيعة المفاجئ ,فتكون الخسائر فادحة والخاسر الأوحد في هذه المعادلة هو الإنسان ودوره فقط يستغيث خالقها لمنع وتخفيف شرها فقط .

تصنف الكوارث الطبيعية حسب معالجتها إلى صنفين الأول لا دخل للإنسان بحدوثها , كالزلازل والبراكين .

ولا يعرف متى تحدث ويقتصر معالجته لآثارها بعد حدوثها , أما الصنف الثاني من الكوارث الطبيعية فيكون الإنسان هو الطرف المستفز والمهيج للبيئة ضده وهنا لا بد من إجراءات مضادة ومدروسة سلفا مع بداية تفكير الإنسان في التعامل مع البيئة .

يبقى علم إدارة الأزمات مطلب أساس ليس لأصحاب القرار وحدهم إنما للأجيال القادمة للتدريب على التفكير المنطقي عند تناول أي معضلة واحتساب العواقب سلفا لمواجهة الصعاب بدراية إن حصلت .

مفهوم الأزمة وإدارتها :

هي موقف طارئ يحدث ارتباكا في تسلسل الأحداث اليومية للمنظمة ويؤدي إلى سلسلة من التفاعلات ينجم عنها تهديدات ومخاطر مادية ومعنوية للمصالح الأساسية للمنظمة , مما يستلزم اتخاذ قرارات سريعة في وقت محدد , وفي ظروف تسودها التوتر نتيجة لنقص المعلومات , وحالة عدم التيقن التي تحيط بأحداث الأزمة .

إدارة الأزمة هي عملية تخطيط استراتيجي تلتزم قيام إدارة المنظمة باتخاذ مجموعة من القرارات – في ظروف تسودها التوتر وعدم التيقن – في وقت محدد تستهدف الاستجابة السليمة لأحداث الأزمة ومنع تصاعدها والتقليل من نتائجها السلبية إلى اقل حد ممكن ,

تمر إدارة الأزمات بعدة مراحل :

مرحلة الميلاد:

وفي هذه المرحلة تبدأ الأزمة الوليدة في الظهور لأول مرة في شكل (إحساس) مبهم قلق بوجود شيء ما يلوح في الأفق، وينذر بخطر غريب غير محدد المعالم أو الاتجاه أو الحجم أو المدى الذي سيصل إليه.

والأزمة غالباً لا تنشأ من فراغ وإنما هي نتيجة لمشكلة ما لم يتم معالجتها بالشكل الملائم.

مرحلة النمو والاتساع:

وتنشأ نتيجة لعدم معالجة المرحلة الأولى – الميلاد – في الوقت المناسب، حيث تأخذ الأزمة في النمو والاتساع من خلال نوعين من المحفزات هما :

مغذيات ومحفزات ذاتية مستمدة من ذات الأزمة تكونت معها في مرحلة الميلاد.
مغذيات ومحفزات خارجية استقطبتها الأزمة وتفاعلت معها وبها، وأضافت إليها قوة دفع جديدة، وقدرة على النمو والاتساع.

مرحلة النضج:

تعد من أخطر مراحل الأزمة، ومن النادر أن تصل الأزمة إلى مثل هذه المرحلة، وتحدث عندما يكون متخذ القرار الإداري على درجة كبيرة من الجهل والتخلف والاستبداد برأيه وانغلاقه على ذاته أو إحاطة هذه الذات بالقدسية والتأليه، وبحاشية من المنافقين الذين يكيلون له المديح ويصورون له أخطاءه حسنات.. وبذلك تصل الأزمة إلى أقصى قوتها وعنفها، وتصبح السيطرة عليها مستحيلة ولا مفر من الصدام العنيف معها. وهنا قد تكون الأزمة بالغة الشدة ، شديدة القوة تطيح بمتخذ القرار وبالمؤسسة أو المشروع الذي يعمل فيه، أو أن يكون متخذ القرار قد استطاع بدهاء تحويل اتجاه الأزمة إلى كبش فداء، وهمي، تتفتت الأزمة عنده، وتنتهي باستقطاب عناصر القوة فيها والسيطرة عليهم بشكل أو بآخر.

مرحلة الانحسار والتقلص:

تبدأ الأزمة بالانحسار والتقلص نتيجة للصدام العنيف الذي تم اتخاذه والذي يفقدها جزءاً هاماً من قوتها.
على أن هناك بعض الأزمات تتجدد لها قوة دفع أخرى، عندما يفشل الصدام في تحقيق أهدافه وتصبح الأزمات في هذه الحالة كأمواج البحر، موجة تندفع وراء موجة.

مرحلة الاختفاء:

وتصل الأزمة إلى هذه المرحلة عندما تفقد بشكل شبه كامل قوة الدفع المولدة لها أو لعناصرها حيث تتلاشى مظاهرها وينتهي الاهتمام بها والحديث عنها، إلا أنه من الضرورة الاستفادة من الدروس المستفادة منها لتلافي ما قد يحدث مستقبلا من سلبيات.

والحقيقة أن الانحسار للأزمة يكون دافعاً للكيان الذي حدثت فيه لإعادة البناء وليس لإعادة التكيف، فالتكيف يصبح أمراً مرفوضاً وغير مقبول لأنه سيبقى على آثار ونتائج الأزمة بعد انحسارها، أما إعادة البناء فيتصل أساساً بعلاج هذه الآثار والنتائج ومن ثم استعادة فاعلية الكيان وأدائه وإكسابه مناعة أو خبرة في التعامل مع أسباب ونتائج هذا النوع من الأزمات.

كما تقسم الأزمات إلى نوعين هما :

أزمات تقع بفعل الإنسان : وهي النشاط والأعمال التي يقوم بها الإنسان مثل :
التهديد بالغزو العسكري .
عمليات خطف الطائرات واحتجاز الرهائن وزرع المتفجرات , عصابات وارهاب وشغب , وعصابات منظمة .
الإضرابات العامة والفتن .
حوادث تلوث البيئة مثل تسرب الإشعاعات والمواد الكيماوية والصناعية الى الهواء والاض والماء .
انهيار السدود او قطع التيار الكهربائي , أو تفجير انابيب النفط .
الحرائق الكبرى للمدن والقرى والغابات وتفجير محطات التنقية الكبرى .
حوادث الطائرات .

أزمات تقع بفعل الطبيعة :

هي تلك الأزمات التي لا دخل لنشاط الإنسان فيها مثل :

الزلازل والفياضانات والثلوج .
غزو الجراد .
الجفاف ونضوب الموارد .

يجب التعامل مع الأزمات بطريقة ذكية من خلال وضع مجموعة من القواعد ومن هذه القواعد :

الاختراق :

وتعني هذه الخطوة أساسا بالدخول الى ألازمة , وهي مرحلة صعبة لان الموقف يحيط به كثير من الغموض والإشكاليات , ويمكن التحايل على ذالك من خلال دراسة مستفيضة للموقف .ويتم ذالك من خلال اعداد قراءة الأزمة ,واسترجاع الأوضاع التاريخية.

التمركز :

يشير الى تكوين قاعدة للمنظمة او متخذ القرار داخل الأزمة , وذلك لجمع المزيد من البيانات , وفهم اكبر لكل عناصر وقوى الأزمة .

التوسيع :

يشير إلى البدء الفعلي في مقاومة الأزمة ويتم بعدة طرق أهمها: كسب مزيد من المؤيدين , ايجاد مراكز جديدة داخل الأزمة , تقليل قوى ومقاومة الطرف الأخر , ادخال اطراف جديدة في الموقف , معرفة الاسس والمبادئ التي تعتمد عليها الازمة , معرفة أسباب الأزمة لتقويضها.

الانتشار :

تعني الانتشار بالتأثير واستخدام الإعلام للتعامل مع القوى المختلفة .فبعد بداية المقاومة في المرحلة الثالثة , يكون على متخذ القرار ان ينشر هذه المقاومة من خلال ضرب كافة القوى والعناصر المؤثرة في الأزمة .

السيطرة :

تتسم هذه المرحلة بفرص العلاج واستخدامه في إنهاء الأزمة , وتتم السيطرة بعدة طرق منها :

إقناع ذوي الفكر الخارج , امتثال المعارضين للحل المفروض , التفاوض بين الأطراف للوصول لحل , وفرة الموارد , استخدام محفزات , حصر الخسائر , توفير الاحتياجات .
التوجيه :

بعد عملية العلاج تصبح مقاليد الأمور في يد متخذ القرار , وعليه أن لا ينهي الموقف فربما تحدث انتكاسة للموقف , وعلى متخذ القرار ان يستخدم الموقف لمصلحته لانه هو من قام بالعلاج والسيطرة , ولأن طاقة الأزمة ما زالت موجودة فهي تحتاج اذن الى توجيه لصالح المنظمة . وهنالك ثلاث طرق لتوجيه الأزمة هي : تصدير الأزمة إلى الخارج , ركوب الموجة الى نهايتها , تحويل الطاقة السلبية الى ايجابية .

خطط مواجهة الكوارث والأزمات :

إن وضع خطة لإدارة الأزمات يتطلب دراسة حثيثة تكون مستوفية جميع الاحتمالات الواردة بخصوص النتائج المترتبة على المخاطر المتوقعة , وتكون فعالة وقت استخدامها في حماية الأرواح والممتلكات للوصول الى اقل الخسائر ما أمكن , آخذة بعين الاعتبار المصادر المتوفرة والخبرات ذات الكفاءة العالية في المجتمع . تتضمن مراحل تطوير الخطة تسع مراحل أساسية على النحو التالي :

تحديد خطة العمل الخاصة بتطوير خطة إدارة الأزمات :

فيها يقوم مدير الأزمات بتحديد خطة عمل يمكن من خلالها تحديد الوقت اللازم لكل مرحلة من مراحل الخطة بالتشاور مع فريق إدارة الأزمات .

تحديد الحاجة والغطاء القانوني لخطة إدارة الأزمات :

من خلال التعاون بين مدير الأزمات و الأقسام والدوائر الأخرى ضمن منطقة التقسيم الإداري لتسهيل عملية التنسيق . وهنا يقوم الحاكم الإداري بإصدار مرسوم يبين فيه الصلاحيات الموكلة إلى مدير الأزمات .

تشكيل فريق إدارة الأزمات :

يقوم المدير بطلب وجود ممثلين للمؤسسات الحكومية والهيئات غير الحكومية , بالإضافة الى ممثلين من القطاع الخاص للمشاركة ضمن فريق ادارة الازمات .ويكون هذا الفريق اكثر فاعلية عند تقسيمه الى عدة لجان منها : لجنة تحليل المخاطر , ولجنة التحليل والتدريب , ولجنة المعافاة والتلطيف , ولجنة الاتصال مع المجتمع , ولجنة تنفيذية .

تحديد الاحتياجات والقدرات :

قبل البدء بكتابة الخطة لا بد من تحديد الاهداف المنوي تحقيقها وهي لحماية الأرواح والممتلكات , وفيها يجب معرفة الأماكن التي يمكن تعرضها للمخاطر الرئيسية والثانوية ومن ثم تحديد المنشآت السكنية والتجارية والصناعية التي تتضمنها هذه المناطق , وبعد ذلك يمكن تحديد الاحتياجات المطلوبة للتعامل مع المخاطر بالاعتماد على القدرات المتوفرة .

خطة ادارة الأزمات :

يقوم مدير الأزمات بالتعاون مع اللجان المذكورة سابقا بكتابة خطة متضمنة العناصر , والمسؤوليات والمصادر المتوفرة من اجل تطبيقها , في الغالب تترك كتابة الملحقات الخاصة لبعض المؤسسات التي تعنى بمهمة معينة وتوكلها لعناصرها .

مراجعة خطة ادارة الازمات :

عند كتابة النسخة الأولية من الخطة ومراجعتها من قبل اللجان المشكلة , يقوم مدير الأزمات بعرضها على فئات أخرى من المجتمع ليتم مراجعتها وأخذ الملاحضات لتطويرها اذا لزم الأمر , ومن الضروري لمدير الأزمات عقد لقاءات مع فعاليات المجتمع بهدف مناقشة الخطة المقترحة بوجود اللجان التي قامت بوضعها ليتم أخذ الارآء حول فاعليتها وكيفية تطبيقها بالتعاون ىمع شرائح المجتمع المختلفة .

يقوم مدير الأزمات بتوزيع نسخ أولية من الخطط المقترحة للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والهيئات التطوعية في المنطقة الادارية ويوكل اليها مراجعتها .


بعد الحصول على ارآء المجتمع بالخطط المقترحة يقوم فريق ادارة الازمات بمراجعتها لاعتمادها .

نشر خطة إدارة الأزمات :
بعد أخذ ملاحظات المجتمع حول خطة أدارة الأزمات يقوم الحاكم الإداري بالتعاون مع مدير الأزمات بنشر الخطة على المؤسسات المختلفة ضمن التقسيم الاداري من أجل تطبيقها ضمن الغطاء القانوني الخاص بحماية المجتمع من الأخطار المستقبلية.

المراجع :

مفهوم الأزمة وإدارتها مراحل إدارة الأزمات ( كتاب إدارة العلاقات العامة بين الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات ) للدكتور علي عجوة والدكتورة كريما فريد , 38 شارع عبدالخالق ثروت- القاهرة 2005م
ص 166 + 175-176
مراحل إدارة الأزمات (الخضيري، محسن أحمد:” إدارة الأزمات : منهج اقتصادي إداري لحل الأزمات على مستوى الاقتصاد القومي والوحدة الاقتصادية “، القاهرة، مكتبة مدبولي، ط2، 2003م، ص ص ( 72 – 74 ).
أنواع الأزمات (كتاب إدارة الأزمات ) نواف حامد قطيش , عمان دار الراية ,2009. ص28-29
القواعد العامة للتعامل مع الأزمات كتاب (إدارة الأزمات) ا.د أحمد ماهر – الدار الجامعية – الاسكندرية , 2006
خطط مواجهة الكوارث والأزمات من كتاب (إدارة الكوارث والأزمات ) نائل محمد المومني , المكتبة الوطنية ,عمان 2007
المقدمة مقتبسة من كتاب نواف حامد قطيش لإدارة الازمات
الحالة العملية لأزمة حدثت سابقا (موقع Blogger ) عبدالله البدوي مدونة الازمة المالية العالمية 2009

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

أهداف التربية أساس بناء المجتمعات وتطوير الأفراد

تُعدّ التربية إحدى الركائز الأساسية في بناء المجتمعات، حيث تسهم في تشكيل الأفراد وتنمية قدراتهم، …

تعليق واحد

  1. كلام قصير جدا ولا فائده منه عمليا
    واتحداك تجد تطبيق عملي لقطاع التربيه والتعليم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *