مرض السرطان وقوة الشفاء منه

ربما تكون هذه الكلمة السرطان Cancer من أشد الكلمات وقعاً وتأثيراً على النفس .. فمرض السرطان من الأمراض التى بمجرد ذكر اسمها تصيبنا حالة من الضيق والكآبة ..ويصاب المريض بحالة من الانهيار والإستسلام والتى قد تكون أشد ضرراً عليه من المرض نفسه .

لقد خلقنا الله سبحانه وتعالى فى أحسن تقويم وبداخلنا نظام محكم متكامل لرعاية هذا الجسد وحفظه من كل ما يحدث به الضرر .. سواء كان ميكروباً أو فيروساً أو حتى خلل مرضى داخلى .. فبداخل كل منا جهاز مناعى رائع مكون من البلايين من الخلايا التى يمكنها تدمير كل الغزاه .. وحتى هذه الخلايا السرطانية التى تشذ عن هذا النظام المحكم .. فمعلوم ان الخلايا الجسدية تتكاثر تبعاً لنمو الجسم وبصورة محكمة ولهدف محدد ومعلوم .. ولكن يحدث أن تصاب بعض هذه الخلايا بخلل ما (مازال العلماء مختلفين فى مسبباته – مسببات كيميائية ,فيروسية, جينية , بيئية ….. ) يؤدى الى تكاثرها بصورة عشوائية غير محكمة وبدرجة كبيرة تؤدى الى حدوث أضرار بذلك الجسم وبخاصة حينما يصل حجم الورم الى الحد الذى يضغط به على الأعضاء المجاورة أو الأعصاب أو الاوعية الدموية فيؤدى الى حدوث آلام شديدة ومضاعفات قد تودى بحياة المريض مالم يبحث عن أسباب الشفاء والطرق العلاجية المتاحة – وقد يحدث هذا الخلل بجسد أى منا ولكن الجهاز المناعى يقوم بتدمير أى خلية سرطانية تشذ عن ذلك النظام أولا بأول (بمعرفة الخلايا الطبيعية القاتلةNKCELLS ) والافرازات المناعية الأخرى المضادة لهذه الخلايا السرطانية – ولكن مع تقدم العمر ومع ضعف الجهاز المناعى لأسباب مرضية أو نفسية أو بفعل الملوثات الكيميائية التى تغزو أجسامنا مع الماء والغذاء والهواء فإن مثل هذه الخلايا الشاذة تنجح فى الافلات من قبضة هذا الجهاز المناعى وتبدأ فى التكاثر بشكل كبير محدثة ذلك الورم بآثاره الضارة وهذه السموم والكيماويات الصادرة عنه (بعض الخلايا السرطانية تفرز مواد كيميائية وهرمونية مدمرة) – بل يبدأ الورم مع ضعف الجهاز المناعى فى ارسال بؤر سرطانية مع تيار الدم أو السائل الليمفاوى إلى أماكن أخرى بالجسم بعيداً عن مكانه الأصلى مما يؤدى إلى انتشار الورم ويعجل بنهاية المريض.

وبعيداً عن العلاجات الطبية المتاحة من التدخل الجراحى أو العلاج الإشعاعى والكيميائى أو العلاج باستعمال خاصية التردد الحرارى فإنه يتضح لنا أهمية الجهاز المناعى فى القضاء على هذه الخلايا السرطانية والبؤر الورمية فى بدايتها .. وحتى مع استعمال هذه الطرق العلاجية المختلفة – ولحث وتنشيط الجهاز المناعى ننصح بالآتى :

أولاً : التخلص من كل المشاعر السلبية ( القلق – الحزن – الإكتئاب ….. ) والتى تؤثر سلبياً على الجهاز المناعى فتؤدى إلى نشاط مثل هذه الخلايا السرطانية (أحدث الأبحاث توضح زيادة معدلات أمراض الأورام بين مرضى الإكتئاب النفسى ) – وقد بينت الدراسات أثر الإيمان وقراءة القرآن على الجهاز المناعى ففى دراسة بطب القاهرة لوحظ ارتفاع معدلات المناعة مع سماع آيات القرآن الكريم .

ثانياً : الحركة وممارسة التمرينات الرياضية كالجرى والمشى السريع أو حتى المشى العادى .. فقلة الحركة تؤدى الى السمنة بكل آثارها الجانبية (لوحظ زيادة معدلات السرطان مع زيادة معدلات السمنة ) – وفى البلاد المتقدمة تستخدم رياضة المشى السريع لعلاج مرضى السرطان وكذلك مرضى أرتفاع ضغط الدم والبول السكرى والإكتئاب ( السموم والكيماويات ذات ميول بالتخزين بالمناطق ذات المحتوى الدهنى المرتفع كالثدى ودهون البطن ) .. ومما لاشك فيه أن للرياضة دور كبير فى تحسين الحالة المزاجية وتنشيط الخلايا المناعية .

ثالثاً : الإكثار من الأغذية الطبيعية كالخضروات والفواكه والبقول بكافة أنواعها لإحتوائها على المعادن والفيتامينات التى يحتاجها الجسم وجهازه المناعى .. وكذلك احتوائها على الألياف المفيدة للقولون والوقائية له من امراض السرطان .. وأيضا تناول الحبوب الكاملة بقشرتها الداخلية (القمح – الشعير – الأرز ) وهذه القشور مفيدة جدا للقولون ولها دور فى تقليل معدلات السمنة والشعور بالشبع المبكر .. وعلينا البعد عن أغذية (التيك أواى) وكل الأغذية التى تحتوى على إضافات من مكسبات للطعم واللون وأيضاً المواد الكيميائية الحافظة (رغم تراجع معدلات الأورام باليابان فقد لوحظ إرتفاع معدلات سرطان المعدة لاستهلاكهم كميات كبيرة من الأسماك المحفوظة والتى تحتوى على مادة النيتريت التى تتحول فى الجسم الى مادة مسببة للسرطان ) .

رابعاً : عدم إستعمال المبيدات والأسمدة الكيميائية فى الزراعة والتى تؤدى الى تلوث الغذاء فضلا عن المياه من خلال شبكات الصرف المتصلة بمياه الشرب والتى تؤدى الى تدمير الجهاز المناعى للجسم وظهور الأمراض المختلفة .. وعلينا إستعمال الأسمدة الطبيعية غير الضارة (فى بحث خطير لإحدى الباحثات بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والبيئية عن أثر المبيدات فى الصحة العامة والتى تصل إلينا من خلال الغذاء و لحوم ومنتجات الحيوانات – قامت الباحثة بجلب خمسة من المبيدات ومحسنات نمو النبات الأكثر استخداماً فى مصر وتم خلط هذه المبيدات بطعام فئران التجارب وبالنسب المسموح بها دولياً .. وكانت النتيجة كارثية فالفئران جميعها تعرضت لحالة تسمم عامة .. وأصيبت بتليف فى الكبد وتضخم فى الطحال و بالفشل الكلوى إضافة للعقم وخللاً فى مكونات الدم والغدد الليمفاوية مما جعلها عرضة للسرطانات المختلفة .. وأشارت الباحثة الى أن التدهور الصحى وانتشار الأمراض بين المصريين يشيران الى حالة تسمم عامة مثيرة للقلق ) وهنا نجد نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم ( من تصبح بسبع تمرات أو عجوات لايضره ذلك اليوم سم ولا سحر ) ذات فائدة عظيمة للجسم والجهاز المناعى .

خامساً : بذل كل الجهد لتنقية مياه الشرب من الملوثات الكيميائية أو ما يسمى بالمعادن الثقيلة ( الصرف الصناعى ) والتى يؤدى تراكمها بالجسم الى تدمير الجهاز المناعى واحداث تغيرات جينية بالخلايا وظهور الأورام المختلفة .

سادساً : تناول كل ما ينشط الجهاز المناعى (حبة البركة – الزعتر – الزنجبيل ممزوجا بالمشروبات – الثوم (مضاد للفيروسات والأورام) – البردقوش – الحلبة ….. ) .

سابعاً: التخلص من الموجات الكهرومغناطيسية الضارة المنبعثة من المحمول وشاشة الكمبيوتر والتليفزيون أو أى جهاز كهربى والتى تثبط الجهاز المناعى وذلك بالسجود على الأرض مباشرة دون حائل أو المشى حافياً عليها (كعمل كابل الأرضى) أو بدفن الجسم فى الرمال كما يحدث فى بعض مناطق الإستشفاء (أوصى مدير المركز القومى الأمريكى للأورام العاملين به بعدم استخدام المحمول بعدما لوحظ ازدياد معدلات الأورام بالمخ وبخاصة فى الناحية التى يكثر التحدث تجاهها ) – والحرص على الحصول على قسط وافر من النوم الجيد المريح والذى يؤدى الى توازن هرمونى بالجسم وتحسن الأداء المناعى وبخاصة النوم الليلى وعدم مداومة السهر لأوقات متأخرة من الليل .

وهناك حالات عديدة تم تسجيلها عن أمراض خطيرة وفي مرحلة متقدمة استطاع فيها الجسم الإنساني التغلب على المرض .. وإيقاظ قوة الشفاء الكامنة بداخله .. من خلال ذلك الجهاز المناعي وتحفيزه للقضاء على المرض .. فهذه حالة من حالات السرطان المنتشر بالجسم لسيدة مغربية .. استطاعت بعد رحلة شفاء إلى البلد الحرام استنفار جهاز المناعة لديها .. بعد لجوئها إلى رب العالمين طلباً للشفاء بعدما يأس الأطباء .. وعادت من رحلتها بعافية أذهلت المعالجين لها – وهذه حالة لشاب أمريكي في الثلاثين من عمره أصيب بسرطان الجلد الذي انتشر ليصل إلى رئتيه .. فاستجمع قواه في أجازة سيراً على الأقدام لفترات طويلة بالمناطق الجبلية ( حيث الأكسجين النقي ) وتناول خلالها الأغذية الصحية ( الطازجة والتي ترفع كفاءة الجهاز المناعي ) .. ومارس رياضة التأمل والاسترخاء .. ليجد بعد عودته المفاجأة فقد تلاشى الورم من رئتيه نهائياً وعاش 18 عاماً بعد ذلك وليس شهوراً كما توقع الأطباء .. وهذه حالة ثالثة لعالمة رياضيات أمريكية أصيبت بسرطان الكلية الذي انتشر بأنحاء جسدها .. وقيل لها آنذاك أنها لن تعيش أكثر من ثلاثة أشهر .. فنجدها تصطنع في نفسها طاقة للتغلب على هذا القلق والاكتئاب المصاحب للمرض .. وتنمى بداخلها أساليب لرفع الهمة والحالة النفسية .. ونجدها بعد هذا الاصطناع النفسي بستة أسابيع تجد أورامها في تقلص وانحسار حتى اختفت تماماً بعد عام واحد وهي الآن بصحة جيدة رغم بلوغها الثمانين من عمرها .. وهذه حالة رابعة لسيدة مصرية تعيش بأمريكا أصيبت بسرطان الثدي .. استخدمت غذائها كدواء وتمارس الرياضة في بيئة غنية بالأكسجين مع تمارين للتنفس العميق .. وتتجنب الضغوط النفسية والعصبية فينحسر ورمها ويتم محاصرته .. وهي معجزة شفائية لم تكن تتوقعها .

إنها ليست دعوة لترك الدواء .. أو اهمال دور الأطباء .. ولكنها دعوة لإيقاظ تلك الطاقة الإيجابية ورغبة الشفاء بأجسامنا .. وإنعاش الأمل في نفوسنا والذي يرسل بأزهاره إلى أنحاء جسدنا .. إن التلاشي التلقائي لحدة المرض إنما هي إشارة إلى أهمية ومدى الدور الذي يمكن أن يلعبه الجهاز المناعي للجسم في محاربة المرض وبخاصة مرض السرطان .. وتجنب الإصابة به .. إن مقدرتنا على تغيير اتجاه التفكير على النحو الإيجابي له دور خطير في مواجهة المرض ورفع الكفاءة المناعية .. فكثيراً ما أصابنا منظراً مؤلماً باضطرابات جسمية .. سرعة بضربات القلب .. وجفاف بالحرق .. وقلق وعرق .. بل قد يحدث ذلك لو تذكرنا ذلك المنظر ثانيةً – في حين أن الذكريات السعيدة والأيام الجميلة حينما نتذكرها تبث في نفوسنا شيئاً من الراحة والطمأنينة وهدوء البال .. وجميعنا مرت به لحظات وأوقات مظلمة أحس بها بضعفه أمام أحد المشاكل أو الشدائد – ثم تغيرت رؤيته فأصبح في وضع أقوى ساعده على الخروج من المشكلة رغم عدم تغير الظروف .. والكثيرين اجتازوا مرحلة الفشل بمجرد تغيير الرؤية والفكرة وبدء العمل – بل إن هناك أمراض عضوية تحدث نتيجة لخلل نفسي كاضطرابات بالجهاز الهضمي أو بدقات القلب أو آلام بالمعدة أو صداع مزمن ( Psycho-Somatic Disorders ) .

لقد استحدث العلم الطبي مصطلحاً طبياً جديداً هو ( علم المناعة النفسية والعصبية ) فالأبحاث الحديثة تشير إلى أن التوتر من الأمراض النفسية التي تجعل أصحابها أكثر عرضة للأمراض السرطانية (التوتر يخفض عدد الخلايا الطبيعية القاتلة NK المكافحة للأورام) – وتؤكد أبحاث أخرى أن الحزن والاكتئاب يؤدي إلى إفرازات هرمونية وعصبية تثبط من تأثير الجهاز المناعي – وهناك دراسات تؤكد أن مريضات سرطان الثدي الذين يتمتعون بروابط اجتماعية متينة عشن أفضل وأطول من المريضات اللواتي يعشن في عزلة اجتماعية .

إننا بحاجة ماسة إلى إنشاء لجان ( للدعم والمساعدة ) بكل مستشفى .. للدعم والمساندة النفسية للمريض ( الذي قد يجد بعض الحرج في مسمى لجنة الدعم النفسي ) لتغيير هذه الأفكار الانهزامية السلبية مع بداية الأمراض خاصة الخطيرة منها .. ولإطلاق هذه الطاقة الموجودة داخل كل منا – طاقة الشفاء بإذن الله – مع الأخذ بكل الأسباب العلاجية المتاحة .. وتوجيه النصح والإرشاد إلى أهمية الاسترخاء الذهني والجسدي وممارسة الرياضة – خاصة رياضة المشي – بالمناطق الخلوية أو الزراعية لاستنشاق الأكسجين النقي وحبذا لو تم ذلك في إطار رحلات بسيطة إلى مناطق ريفية خلابة .. وليت الجمعيات الخيرية الأهلية تشارك بجهودها في هذه الخدمات التطوعية وبطريقة منظمة بدلاً من هذه العشوائية التي سارت تحكم كل تحركات حياتنا .. كل في اتجاه دون هدف محدد فتكون المحصلة صفراً .


وأخيراً أود أن أوضح أن الصلاة تسهم كثيراً في بث الهدوء والسكينة بالنفس الإنسانية مع الدعاء والإلحاح بالدعاء طلباً للشفاء من رب السماء ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) الرعد: 28 .. وأيضاً قراءة كتاب الله تمدنا بطاقة إيمانية هائلة تسهم كثيراً في شفاء الأمراض نفسية أو عضوية ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) الإسراء : 82- ولا ننسى جميعاً حديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .

(( الحبة السوداء شفاء لكل داء إلا السام )) صدق رسول الله صلى عليه وسلم .

الدكتور فيصل سرور المنشاوى
باحث فى الطب النبوى
Dr.Alfaisel@yahoo.com

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *