توجد مجموعه من العوامل الطبيعية التي توفر للطائر المهاجر معلومات توجيهية لدعم قدراته الملاحية خلال مسارات وطرق رحلات الهجرة الطويلة وبالرغم من كثرة الأبحاث العلمية والدراسات الميدانية والتجريبية على هجرة الطيور لكن لازالت الكثير من الحقائق العلمية تمثل الغازا غامضة.
هذا وتتأثر غالبية الطيور المهاجرة بالمعالم الأرضية البارزة مثل الجبال والسهول الوديان والتي تعرف بطبوغرافية الأرض، حيث نجد ان بعض الطيور تستفيد من سواحل البحار والمحيطات وهي بالتالي تتجنب الطيران فوق المسطحات المائية الواسعة، وتتبع انواع من الطيور المهاجرة وديان الانهار وسفوح الجبال العالية، وتعد هذه المسالك هي المسؤولة عن تجمع اسراب الطيور بصورة غير مباشرة ولهذا النوع من طيران الهجرة اهمية كبيرة فى المراحل النهائية وعند الوصول الى المناطق المقصودة. وهذا يتطلب امتلاك الطيور المهاجرة حاسة البصر الحادة وقدرات فذة على التشخيص للمظاهر المتنوعة على سطح الارض والاحتفاظ بتلك المعلومات لفترة طويلة في الذاكرة على الرغم من صغر حجم الدماغ.
وقد اشارت الابحاث العلمية الى ان بعض الطيور تستخدم الشمس في الملاحة الجيدة في السماء الصافية وهي تفشل فى ذلك عند تلبد السماء بالغيوم.
ويعتقد الباحثون بأن الشمس توفر معلومات غنية للطائر في الفضاء في كشف المواقع الجغرافية واتجاه الطيران المضبوط اضافة الى ان الشمس هي بوصلة تمكن الطائر من التعرف على موضع ازاحته العمودية والافقية من خلال معرفته لموقع الشمس، وتعد العوامل الفلكية بوصلة متقنة تماثل وظيفة الشمس في استخدامها من قبل الطائر المهاجر الذي يقارن موقع النجوم مع اماكنه المستهدفة وهذه المعلومات تبلغ الطائر بدقة عن مكان وجوده واتجاهه ومقدار ازاحته حيث يقوم الطائر اثناء الملاحة الليلية باختيار أحد النجوم او مجموعة منها ويطير عنها بزاوية معينة ويعمل على تغيير زاوية الطيران حسب تغيير حركته وطيرانه.
وإذا كانت الطيور لا تملك الخريطة الفلكية والبوصلة فما هي العوامل التي تحدد اتجاه طيرانها؟ وما هي نوعية البوصلة التي تعتمدها؟ ومن هو المسؤول عن التغاير العكسي في اتجاه الهجرة بين الربيع والخريف؟
ولا بد من الاشارة الى اهمية العوامل المناخية وخاصة الاستفادة من الرياح في الهجرة وتجنب العواصف الترابية والثلجية حتى ان بعض الطيور تؤجل رحلات الهجرة والتحليق لحين تحسن الظروف المناخية ثانية.
وهناك فرضية اخرى تؤكد على اهمية المعلومات الجيوفيزيائية والمجال المغناطيسي الارضي في توجيه ملاحة الطيور حيث أن الطائر يجب ان يتعرف على مواصفات الطويرغرافية المغناطيسية لمنطقة الملاحة خلال التحليق المغناطيسي وتشخيص مكان القطب المغناطيسى الارضى واستخدامه كدليل للتوجيه البوصلي والتعرف على خطوط العرض وقد كشفت الابحاث العالمية تأثر طيور النورس بالمجال المغناطيسي وأن التغيرات المغناطيسية هي المسؤولة عن تدهور ملاحة النوارس مما يؤكد على حساسية الطيور للمجال المغناطيسي.
وأشارت تجارب اخرى الى أن التغيرات المغناطيسية لا تؤثر على توجيه اللقالق وأنواع البط والحمام عند اجراء التجارب تحت الظروف الطبيعية التى تتوفر فيها المتغيرات الفلكية والشمسية والطوبوغرافية .
ولا بد من الاشارة الى توفر معطيات علمية جديدة تشير الى قدرات التحسس بالمغناطيسية الارضية عند البكتريا والنحل والحمام الزاجل والأسماك الغضروفية، وقد اكدت نتائج الابحاث العلمية تجمع مادة المغنيتت في الجهة الامامية من الرأس عند الحمام الزاجل مما يؤكد على تأثرها بالمجال المغناطيسي لكوكب الارض.
ان استجابة الحمام الزاجل للمغناطيسية هى اكثر 100 مرة من النحل حيث ان الفحوصات العملية بالمجهر الالكتروني كشفت وجود بلورات صغيرة من اكاسيد الحديد التي تتأثر بالمجال المغناطيسي في دماغ الحمام الزاجل وان اكتشاف وجود بلورات المغنيتت هي اضافة نوعية خالصة في هذا الميدان العلمي الحيوي.
أ . د . محمد حسن الحمود
جامعة جرش الاهلية