تعد غابات المانجروف Mangrove من بين أكثر الأنظمة البيئية إنتاجية على ظهر الأرض، وهي عالميا تحتل مساحة 152360كيلومتراً مربع تقريبا، 75% منها تكون مركزة فقط قي15 بلداً، وبالكاد 7% من المانجروف يقع في المناطق المحمية، وتوفر غابات المانجروف مجموعة واسعة من المنافع والسلع على المستويات المحلية والوطنية، مثل (الأخشاب، والحطب، والفحم) ومنتجات غير خشبية مثل (الغذاء، وسعف السقف والعلف، والسكر والدواء، والعسل)، كما أن غابات المانجروف تساهم في دعم المصايد السمكية من خلال توفير الموائل وأماكن الحضانة للأحياء المائية، كما أن غابات المانجروف تقوم بحماية الشاطئ من التآكل وتعد مصدرا للسياحة البيئية، كما أنها تعمل على الحد من انبعاث الكربون، وقدرت بعض الدراسات قيمة منافع النظام البيئي لأشجار المانجروف بحوالي1.648مليار دولار في جميع أنحاء العالم، وفيما يلي سيتم استعراض أهم منافع أشجار المانجروف.
الأخشاب ومنتجات الغابات
خشب المانجروف يكون كثيفاً ومقاوماً للتعفن والنمل الأبيض ، ونظرا لمتانة الخشب؛ فانه أصبح مصدر للأعمدة الخشبية المستخدمة في المباني والقوارب وفخاخ السمك، كما أنه يستخدم في إقامة دعامات مناجم الفحم، وطرق السكك الحديدية، وفي عمل المنحوتات الخشبية أما أوراق المانجروف تستعمل في سقف المنازل على نطاق واسع في المجتمعات الساحلية.
كما تنتج أشجار المانجروف فحماً عالي القيمة؛ بسبب انبعاث الحرارة العالية، والدخان القليل،وفي كثير من الأحيان يتم استخدامه كحطب للطبخ، والتدفئة، ولحرق الطوب، ففي بلدان جنوب شرق أسيا مثل الهند وبنجلادش وماليزيا واندونيسيا والكثير جدا من الناس قبالة الشاطئ تستخدم خشب المانجروف كوقود طبخ لطهي الطعام،وقد قدر الاستخدام المنزلي اليومي من خشب المانجروف في دلتا كراتشي –باكستان ب4.5كجم /أسرة / يوم، بمتوسط 1.45روبية للكيلوغرام الواحد، وتشير التقديرات إليأن القيمة الإجمالية للحطب من غابات المانجروف في دلتا كراتشي باكستان 22.5مليون روبية سنويا حوالي 38500دولار / سنة،ومع ذلك ينبغي تشجيع استخدام مصادر بديلة للطاقة مثل الغاز والذي يتوفر بسهولة، واقل ضررا على البيئة .
كما أن بعض لحاء أشجار المانجروف غنية بمادة العفصين(التانين) التي تستخدم تجارياً في صناعة دباغة الجلود، كما أن بعض الحرفيين يستعملون العفصين لدباغة الجلود وزيادة طول عمر معدات الصيد وصباغتها .
القيمة الغذائية لأشجار المانجروف تكون محدودة نسبياً، بالرغم من بعض المجتمعات كانت معروفة بحصاد واكل كل من الفواكه والبذور، هناك عدد قليل من الحيوانات الفقارية ترعى أشجار المانجروف، وفي بعض البلدان تستخدم أشجار المانجروف أثناء الجفاف كعلف تكميلي للإبل والماعز والماشية .
كما تستعمل العديد من المجتمعات المحلية أوراق ولحاء وبذور أشجار المانجروف في الطب التقليدي، فقد كشفت البحوث أن بعض أنواعأشجار المانجروف لها خصائص طبية هامة مما قد يؤدي إلي تنميتها كأدوية حديثة.
الثروة السمكية (المصايد)
أشجار المانجروف تدعم مصايد الأسماك التجارية والمعيشية، من خلال عملها كمناطق حضانة لصغار الأسماك، و كمناطق تغذية للأسماك الكبيرة، كما أنها توفر الماوئ والحضانة للجمبري،والأنواع البحرية الأخرى، مثل كوكل المانجروف– حيوان من الرخويات من ذوات المصراعين- والذي يعد مورد رزق للآلاف من الصيادين الصغار على ساحل المحيط الهادي من الأمريكتين، ومن الأنواع الهامة التجارية التي تعتمد على أشجارالمانجروف في حياتها الرخويات (المحار وبلح البحر والكوكل) وسرطان البحر والأسماك الزعنفية مثل سمك البوري، وسمك الأنشوجة، وسمك النهاش.
إضافة إلي ذلك فأشجار المنجروف، تلعب دوراً هاماً في دعم إنتاجية الشعاب المرجانية القريبة، والحشائش البحرية التي هي أيضاً مناطق صيد تجارية هامة ويتم ذلك من خلال إنتاج ونقل كميات كبيرة من المواد العضوية خصوصا من بذور أشجار المانجروف وأوراقها المتساقطة، وقد حسبت القيمة التقريبية للأسماك التي تم صيدها والمرتبطة بأشجار المانجروف حوالي130 مليون دولار على ساحل مصر عام 2002م.
كما أن صيد الجمبري في باكستان يعتمد تقريباً بالكامل على نظام البيئي لأشجار المانجروف، وتجنى منه حوالي 100مليون دولار سنويا .
هناك عدد كبير من الصيادين يعتمدون على صيد الأسماك كمصدر رزق،بالإضافة إلي الصيادين التجاريين، وكذلك المجتمعات الساحلية، بما في ذلك السكان المحليين، فالسكان المحليون لا يعتمدون على الأسماك باعتبارها جزءاً من غذائهم فقط لكنهم يسوقون الفائض من صيدهم لجلب المال؛للإيفاء بالمتطلبات الأساسية الأخرى وبالتالي فان أشجار المانجروف تلعب دوراً حيوياً في دعم هذه المجتمعات، عندما تدمر غابات المانجروف فان كميات صيد الأسماك المحلي، تتراجع نتيجة لذلك، وتشير التقديرات إلي أن كل هكتار يدمر تفقد مصايد الأسماك الساحلية 480كجم من الأسماك سنويا.
وكان هناك قدر كبير من العمل والنقاش حول العلاقة بين المانجروف والمصايد وتبين من خلال الدراسات المختلفة أن مساهمة أشجار المانجروف لصيد السمك تتراوح بين 30 و80% ولصيد الجمبري 100%،في البلدان النامية تدعم أشجار المانجروف سنويا سوق المصايد السمكية ما بين 900دولاراً/ هكتار/ سنة و12400دولاراً/هكتار/سنة بمتوسط 3400دولاراً/ هكتار/سنة .
السياحة البيئية
تعد غابات المنجروف من أكثر المناطق جذبا للسياحة والسياح، فهي تحتوي على أشجار المانجروف البديعة، وكذلك الحياة البحرية المتنوعة (الطيور، السرطانات)، والنظم البيئية الأخرى المجاورة لأشجار المانجروف، والمتكاملة معها مثل (المستنقعات المالحة والشعاب المرجانية والحشائش البحرية ) اضافة إلي جوانب التمتع الأخرى، مثل المناظر الطبيعية ، و الصيد الترفيهي، والغوص، و التصوير الفوتوغرافي، ومشاهد الطيور، وشرط السياحة توفر بنى تحتية قوية لاستضافة وإسكان السياح،وقدرت قيمة السياحة في غابات المانجروف في ساراوك ماليزيا 424دولاراً /هكتار، وفي دراسة في خليج Gazi في كينيا كان الدخل من السياحة البيئية لغابات المانجروف 6.5$/هكتار/سنة لعام2010، وفي عام2007م بلغت نفقة السياح على سياحة في غابات المانجروف والشعاب المرجانية في دولة Beliz ما مقداره 150الي196مليون دولار على الإقامة والترفيه في غابات المانجروف والشعاب المرجانية والنفقات الأخرى، وبلغت قيمة المواد المصنعة محلياً والتي تدعم صناعة السياحة من26الي69 مليوناً سنويا،فالسياحة البيئية والاستجمام تعمل على خلق منافع اقتصادية واجتماعية من خلال النفقات المباشرة والغير المباشرة، ورفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة، وتوفير دخل للسكان المحليين عن طريق خلق فرص عمل، وكذلك تدريب السكان المحليين كمرشدين في مواقع غابات المانجروف.
حماية السواحل
أشجار المانجروف تقوم بوظيفة حماية السواحل عن طريق الحد من تأكلها، وتعد أشجار المانجروف بمثابة خط الدفاع الثاني بعد الشعاب المرجانية، فهي تلعب دوراً حيوياً في حماية الشواطئ من الموجات المتكررة، وتأثير العواصف الخطيرة،وتخفف قوة كل منهما فبدونها فان الرواسب الرخوة والطمي الساحلي، والموائل سوف تتآكل بشدة، فهي تقلل من حركة الأنقاض والحطام أثناء العواصف، والتي غالباً تكون مصدراً رئيسياً للضرر والتلف، فعدد القتلى بعد تسونامي عام2004م كان اقل بشكل كبير في المناطق التي ظلت غابات المنجروف فيها سليمة فهي تمنع تأكل التربة والأضرار الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر، وتشير الدراسات إلي أن المستفيدين من حماية الشاطئ يختلفون اعتماداً على استخدام الأرض فالمستثمرون يستفيدون من تحويل الأرض إلي مزارع الجمبري والسكان المحليون يستفيدون الحماية واستخدام أشجار المانجروف في أغراضهم، وتشير الدراسات إليأن 30شجرة لكل100متر مربع تقلل من تدفق تسونامي بمعدل يصل الي90% وتظهر أبحاث مختلفة بشان تأثير تسونامي في2004م أنه في المناطق التي كان فيها أشجار المنجروف سليم 7% فقط من القرى تضررت بشدة بينما في المناطق التي كانت فيها أشجار المنجروف متدهورة وصل الضرر 80-100%، وبلغت قيمة المنافع التي توفرها أشجار المانجروف ب111-167مليون دولار/سنة على ساحل دولة Beliz وهذه القيمة على أساس أن أشجار المانجروف تجنب هذه الدولة الأضرار المحتملة في حالة عدم وجود أشجار المانجروف .
تربية الأحياء المائية
تستخدم غابات المانجروف أيضا لتربية الأحياء المائية سواء في المياه المفتوحة،مصبات الأنهار كتربية الأحياء البحرية (المحار، بلح البحر) أو تربية الأحواض ( غالبا تربية الجمبري)، فغابات المانجروف مثالية ومناسبة جداً لتربية الأحياء المائية بسبب أن حركات المد والجزر تسهل عملية تغير الماء في الأحواض كما إن أنظمة الاستزراع الواسعة تعتمد على المخزون الطبيعي ليرقات الجمبري الموجودة في منطقة المد والجزر، وتربية الأحياء المائية ليس لها أثار سليبة أو أن أثارها محدودة جداً على أشجار المانجروف،وتمارس تربية الأحياء المائية منذ مئات السنين؛ وبسبب العائد الاقتصادي تم تشجيع استزراع الجمبري لتعزيز الاقتصاد الوطني، والتخفيف من حدة الفقر في العديد من البلدان؛ حيث توفر سبل العيش لآلاف الأسر الريفية والمجتمعات المحلية، بالرغم انه قد تكون هناك مشاكل بيئية محلية مثل تلوث المياه / الإثراء الغذائي الناجمة عن زراعة الأسماك الكثيفة في الأقفاص،والمشكلة الرئيسية هي بناء أحواض الجمبري، التي يترتب عليها إزالة أشجار المانجروف إذا كانت مدارة بطريقة غير مستدامة مما يؤدي إلي فقدان المنافع والمزايا التي توفرها غابات المانجروف وهنا لابد من الالتزام بسلسلة المبادئ الدولية المسئولة عن زراعة الجمبري والمعدة بواسطة (منظمة الأغذية والزراعة الدولية 1995 وشبكة مراكز تربية الأحياء المائية في أسيا والمحيط الهادي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والبنك الدولي والصندوق العالمي للطبيعة2006 ) والتي تهدف إلي تقديم التوجيه بشان الحد من الأثر البيئي لزراعة الجمبري مع تعزيز مساهمته في التخفيف من وطأة الفقر،وكانت هذه المبادئ مرحباً بها من العديد من البلدان،ونأمل في تقديم المزيد من الدعم لإنتاج جمبري صديق للبيئة.
تعد زراعة الأحياء المائية نشاطاً هاماً لكثير من صغار المزارعين في المناطق الساحلية لإقليم أتشيه في اندونيسيا، قبل تسونامي في 26 ديسمبر2004م،أنتجت زراعة الأسماك والجمبري في الأحواض الساحلية حوالي10000طن من الجمبري و6000طن من الأسماك في مساحة أكثر من 45الف هكتار من الأحواض، وتشير التقديرات الأولية التي أجريت في أوائل عام2005م إليأنأكثر من 50000شخص يعملون بشكل مباشر في قطاع تربية الأحياء المائية .
تربية النحل وإنتاج العسل
توفر أشجار المانجروف مناطق حماية للنحل من الظروف القاسية، مثل الطقس البارد والجفاف و الأمطار الموسمية والفيضانات وحرائق الغابات المدمرة،فعندما تزهر أشجار المانجروف فان الرحيق الموجود في أزهارها يستخدم لإنتاج العسل ويكون ذو نوعية ممتازة، ونكهة قوية، ولذيذ للغاية، فهناك العديد من الدول التي لها خبرة طويلة في إنتاج العسل من اشجار المنجروف، مثل الهند وبنجلادش والولايات المتحدة الأمريكية والصين وكوبا والأخيرة تنتج 25% من الإنتاج السنوي من العسل (8-10000طن)،ومن أنواع العسل المنتج من المنجروف عسل النحل الإفريقي، وهو النوع الأكثر شهرةً وانتشاراً في الشرق الأوسط، ومعظم أوربا،كما أن تربية النحل في أشجار المانجروف يمثل نشاطاً اقتصادياً مدراً للدخل لكثير من السكان المقيمين في المناطق الساحلية، للنحل أثار مفيدة لأشجار المانجروف حيث يساعد على التلقيح المتبادل لأشجار المانجروف.
ويتبين من خلال ما تقدم مدى الفوائد والمنافع التي تقدمها أشجار المانجروف لذلك لابد من المحافظة عليها، وإدارتها إدارة مستدامة وحكيمة حتى تستمر هذه الغابات في توفير منافعها وفوائدها .
المراجع
The World’sManagrove 1985-2005،athematic study prepared in the framework of the global forest resources assessment 2005، FAO،foresty paper 153.
International Troipcal Timber Organization ،ITTO،Tropical Forest Update ، Volume 21 ، Number 2، 2012.
Spurgeon، James، Socio Economic Assessment and Economic Valuation of Egypt’s Mangrove، FAO، Cario، April 2002.
Brandon M. wolf، International Resource Management، University of Wisconsin Stevens point.
Coastal Capital :Belize the economic contribution of Belize’s coral reef and mangrove، world، resources institute.
Mangrove forest management guidelines،fao، foresty paper 117.
Economic analysis of mangrove forests: acase study in Gazi Bay، Kenya، UNEP.
محمد المندعي