كيف ينشأ العصر الجليدي المصغر؟
ماذا يعني مصطلح الاحتباس الحراري Global worming؟
أهمّ التأثيرات الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراريّ الحالية على المناخ
تأثير العصر الجليدي المصغر على المناخ والبشر
المهندس محمد هاني حرح
موضوع التغيّرات المناخيّة القادمة، والجدل الحاصل ما بين توقعاتٍ ببدء عصرٍ جليديٍّ جديدٍ أو مزيدٍ من الاحتباس الحراريّ، سبّب لغطاً كبيراً وحالة خوفٍ بين الناس، والسبب هو النشر العشوائيّ المبالغ به، بالإضافة لكثرة الشائعات عن الكوارث القادمة، سواءٌ دخلت الأرض بعصرٍ جليديّ، أو بقيت تحت تأثير الاحتباس الحراري.
لذلك في مقال اليوم سأُحاول الإجابة عن معظم الأسئلة التي تجول بخاطر الكثيرين.
ماذا يعني كلٌّ من مصطلح عصر جليدي مصغّر واحتباس حراري؟
ماهي الأضرار المتوقعة الناجمة عن تأثير كلٍّ منهما، سواء على البشر أو المناخ؟
وما هو الاحتمال الأقرب للحدوث حسب المعطيات المتوفّرة بين أيدينا؟
كيف ينشأ العصر الجليدي المصغر؟
الشمس عبارة عن كتلةٍ ضخمةٍ من البلازما، وخلال دوران الشمس حول نفسها يتولّد مجالٌ مغناطيسيٌّ قوي، وكلّ 11 عام بالمتوسط ينقلب المجال المغناطيسيّ للشمس، أي القطب الموجب للشمس يصبح سالب، والقطب السالب يصبح موجبا.
هذه التغيرات بالمجال المغناطيسيّ تسبّب تغيّراتٍ بالنشاط على سطح الشمس، وتؤدي لظهور بقعٍ داكنةٍ تتميّز بدرجة حرارةٍ أخفض من المناطق المحيطة بها، وتسبّب نشاطاً مغناطيسياً مكثفاً يمنع الحِمل الحراريّ ضمن هذه البقع.
ولكن الشيء الغريب أنه كلّما زاد عدد البقع الداكنة المنخفضة الحرارة على سطح الشمس، دليل على ارتفاعٍ متزايدٍ للنشاط الشمسيّ، ويؤدي لنشوء العواصف الشمسية، وهنا تكون الشمس قد وصلت لذروة نشاطها وطاقتها، بالمقابل كلّما قلّ عدد البقع الشمسية دليل اتّجاه الشمس نحو الهدوء ومؤشرٌ لقرب انتهاء دورتها الحالية، والوصول لما يسمى بنقطة الحضيض، تمهيداً لدخولها بدورة نشاطٍ جديدة.
رُبما يتبادر لأذهانكم الآن السؤال التالي: إذا كانت دورة الشمس تتكرر بشكلٍ دائمٍ كلّ 9 الى 13 سنة، فما هو سببُ حدوثِ عصرٍ جليديٍّ مصغّرٍ يدوم سنواتٍ طويلة؟
الجوابُ ببساطة أنّ الشمس نفسها كلّ عدة مئاتٍ من السنوات، تدخل بما يسمى مرحلة خمولٍ طويل الأمد، وخلال هذه المرحلة ينخفض النشاط الشمسيّ بشكلٍ كبير، ما يؤدي لانخفاضٍ ملحوظٍ بكمّية وشدّة الطاقة الشمسية الواصلة لسطح الأرض، وبالتالي تؤدي لانخفاض درجات الحرارة ودخول الأرض بعصرٍ جليديٍّ مصغر.
ومن أبرز الأمثلة التاريخية عن دخول الشمس بمرحلة خمولٍ طويل الأمد وتشكّل عصرٍ جليديٍّ مصغر، كانت الفترة ما بين عامي 1645 و1715 والتي سُمّيت ماوندر مينيموم Maunder Minimum تيمّناً بعالم الفلك ادوارد ماوندر.
ماذا يعني مصطلح الاحتباس الحراري Global worming؟
الاحتباس الحراريّ أو ما يُعرف بتأثير ظاهرة الدفيئة Greenhouse effect، هي عبارة عن ارتفاع درجة حرارة الهواء الموجود بالطبقة السفلية للغلاف الجويّ Troposphere، وسبب حدوث هذه الظاهرة وجود غازاتٍ تسمى بغازات الدفيئة، وأهمها غاز ثنائي أوكسيد الكربون CO2، وبخار الماء H2O والميتان CH4، والأوزون O3، وغيرها من الغازات المشابهة.
هذه الغازات تلعب دوراً حيوياً كبيراً بالحفاظ على درجة حرارة الأرض ضمن النطاق الصالح للحياة، وذلك عن طريق امتصاص طاقة الشمس، وحبس جزء منها بالقرب من سطح الأرض، وتبديد الزائد نحو الفضاء، ما يساعد على حفظ حرارة الأرض ضمن نطاقٍ محدد، وحمايتها من التغيرات الكبيرة بالحرارة ما بين النهار والليل.
ولولا وجود هذه الطبقة من الغازات لكانت الأرض غير صالحةٍ للحياة، بسبب ارتفاع الحرارة الكبير جداً خلال ساعات النهار بالتسخين الشمسي، والانخفاض الكبير جداً للحرارة خلال ساعات الليل بالتبريد الأرضي.
ولكن زيادة نسبة انبعاث هذه الغازات نتيجة ممارسات الانسان العشوائيّة على سطح الأرض، سبّبت خللاً بالتوازن الطبيعيّ الموجود، والذي سبّب ارتفاعاً ملحوظاً بمتوسط درجة حرارة سطح الأرض، وظهر تأثير الاحتباس الحراري بشكل واضح خلال الخمسين سنةٍ الأخيرة.
اختصاراً للوقت لن أدخل بتفاصيل ممارسات الانسان المسبّبة للاحتباس الحراريّ، ويمكن للمهتمين بمعرفة المزيد حول هذه الممارسات العودة للمصادر المتاحة والفيديو المرفق نهاية المقال.
أهمّ التأثيرات الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراريّ الحالية على المناخ:
تغيّر معدلات هطول الأمطار وتغيّر توزّعها على سطح الأرض، ما يعني تعرّض بعض المناطق لشتاءٍ أكتر رطوبة، مقابل تعرّض مناطق أخرى لصيفٍ أكتر حرارةٍ وجفاف.
كل أشكال الجليد على سطح الأرض من كتل قطبية وأنهار متجمدة وثلوج الجبال العالية، تتعرض للذوبان بمستويات أعلى من الطبيعيّة بفصل الصيف، وقد أدى هذا الذوبان لارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات بحدود 10 الى 20 سم خلال القرن العشرين، ومن المتوقع ارتفاعه بحوالي 20 إلى 50 سم بحلول العام 2100، وذلك في حال استمرار الاحتباس الحراريّ بنفس المعدّل الحالي.
ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات أثرّ بشكلٍ كبيرٍ على حركة التيارات المحيطيّة، التي تُعتبر المحرك الرئيسيّ للمنخفضات المتشكلة على سطح الأرض، والتي سببت زيادةً ملحوظةً بالأعاصير المداريّة المتشكلة سنوياً بالعدد والشدة.
دورة الكربون الطبيعيّة تتغيّر باستمرارٍ نتيجة الارتفاع المُتزايد بنسبة غاز ثنائي أوكسيد الكربون بالغلاف الجوي، واستمرار هذا التغيّر مع الزمن يسبب خللاً بالتوازن بين النظام الحيويّ والنظام اللاحيويّ السائد على الأرض، وبالتالي تأثيرٌ مباشرٌ وكبيرٌ على الإنتاج الزراعيّ بالعالم.
إذاً المحصلة النهائيّة لاستمرار الاحتباس الحراريّ مستقبلاً، هي حدوث مجاعاتٍ كبيرةٍ ناتجةٍ عن نقّص الغذاء المتوقع، ولمزيدٍ من التفاصيل تابعوا المصادر والفيديو المرفق أسفل المقال.
تأثير العصر الجليدي المصغر على المناخ والبشر:
الانخفاض المتوقع بدرجة الحرارة يمكن أن يؤدّي لحدوث تأثيراتٍ كثيرةٍ وتداعياتٍ عديدةٍ بأكثر من منحى ومجال، فالمؤكّد أن هذا الانخفاض سيؤدّي حتماً لزيادة استهلاك الطاقة بشكلٍ ملحوظ، وبالتالي زيادة الضغط الواقع على محطات إنتاج الطاقة بكلّ دول العالم.
مساحاتٌ واسعةٌ من المناطق المأهولة بالسكان والواقعة شمال الدائرة القطبيّة الشماليّة، ستتجمد وتصبح غير صالحة للسكن.
كذلك سيؤدّي انخفاض الحرارة لتقصير موسم النموّ الزراعيّ، والتأثير سلباً على معدّلات إنتاج الحبوب، خاصةً بالمنطقة المعروفة باسم حزام القمح بكلٍّ من الولايات المتحدة وكندا، وهي من أكتر مناطق العالم إنتاجاً للمحاصيل الغذائيّة، ما يعني تزايد احتمالات حدوث المجاعات بسبب النقص الحادّ المتوقع في إنتاج الغذاء.
وبمناسبة الحديث عن التأثيرات المحتملة للعصر الجليديّ على الكرة الأرضيّة، يجبُ توضيح أمرٍ بغاية الأهمية، وهو أنّ توقعات البراكين والزلازل الناتجة عن خمول النشاط الشمسي كلّها مجرد اشاعاتٍ غير مبنيّةٍ على أيّ أساسٍ علمي، ولا يوجد أيّ مرجعٍ موثقٍ يقول أنّ خمول النشاط الشمسي يُسبّب نشاط الزلازل والبراكين، ولمعرفة مصدر هذه الإشاعة تابعوا الفيديو المرفق نهاية المقال.
وجهة نظر الكاتب في هذا الموضوع بعد المتابعة الدقيقة لسنواتٍ طويلة:
حسب رؤيتي الشخصية فالاحتباس الحراري سيبقى مستمراً دون توقف، بسبب استمرار تدخّل الانسان المباشر بالبيئة والطبيعة.
كما أنّ دخول الشمس بمرحلة خمولٍ طويل الأمد، وبالتالي الدخول بعصرٍ جليديٍّ مصغّر، أمرٌ لابدّ من حدوثه مستقبلاً، وهو نتيجة طبيعيّة لدورات الشمس ومجالها المغناطيسيّ المتغّير، وهو أمرٌ خارجَ قدرة الانسان على التدخل فيه أو حتى التوقع بمواعيد تكراره.
إذاً بما أنّ الاحتباس الحراريّ سببه الرئيسيّ تدخّلات الانسان بالطبيعة، في حين أنّ العصر الجليديّ سببه الرئيسي هو الطبيعة بحدّ ذاتها.
لماذا لا نفكر بمستوى جديدٍ وأعمق، ونتوقّع حدوث كلا الظاهرتين بشكل متزامن؟
أي استمرار الاحتباس الحراريّ نتيجة تواصل النشاط البشريّ على سطح الأرض، وبنفس الوقت الشمس ستدخل بيومٍ من الأيام مرحلة خمولٍ طويلة وتسبّب تبريد الأرض، وبالتالي يحدث تداخلٌ متناقضٌ ما بين تبريدٍ وتسخين.
بهذه الحالة فانخفاض الطاقة الشمسيّة الواصلة للأرض، سيحدّ من ارتفاع الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراريّ عوضاً عن تجميد الأرض، وهكذا ستدخل الأرض بحالة توازنٍ واستقرارٍ وثباتٍ بمتوسّط درجة حرارتها، فسمة المناخ هي التغيّر والتقلّب، من احترار إلى تبريد وبالعكس، ومقدار هذا التغيّر لم يستطع العلم ولا العلماء حتى يومنا هذا من تقديره بشكلٍ دقيقٍ أو بدرجة يقينٍ كاملة.
لذلك دعونا نعيش الحاضر بحسٍ بيئيٍ مرتفع، ونمط معيشة مستدام، بعيداً عن الإسراف والاستهلاك المفرط، ولنتجاهل تماماً كلّ الشائعات الدارجة، تماشياً مع تعاليم ديننا الإسلاميّ الحنيف والأديان السماويّة الأخرى، ولنترك الغد والمستقبل للخالق، يدبّره لنا كيف يشاء.
المصادر:
https://spaceplace.nasa.gov/solar-cycles/en/
https://web.archive.org/web/20170716010851/https://www.britannica.com/topic/sunspot
https://www.britannica.com/science/global-warming
http://www.ces.fau.edu/nasa/module-2/how-greenhouse-effect-works.php
http://solar-center.stanford.edu/sun-on-earth/glob-warm.html
https://scied.ucar.edu/longcontent/predictions-future-global-climate
https://annabaa.org/arabic/environment/20689
https://www.newworldencyclopedia.org/entry/Greenhouse_gas#Natural_and_anthropogenic
https://scied.ucar.edu/shortcontent/how-volcanoes-influence-climate
https://www.livescience.com/37057-global-warming-effects.html
I have read so many posts about the blogger lovers howeverthis post is really a good piece of writing, keep it up.
I have read so many posts about the blogger lovers however this post is really a good piece of writing, keep it up