باسل أمجد قاسم
يسعى العالم حاليا لتطوير تقنيات جديدة لتستخدم في أنواع حديثة من السيارات ووسائط النقل، والهدف من ذلك الاستغناء عن محركات الاحتراق الداخلي التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود الاحفوري، وتتسبب في انبعاث كميات ضخمة من الملوثات الخطيرة التي تهدم النظام البيئي وتتسبب بانعكاسات خطيرة على صحة الإنسان وسلامته وعلى كافة الكائنات الحية الأخرى.
تاريخ صناعة السيارات
يعود الفضل في اختراع السيارة إلى كارل بنز، والذي ابتكر في عام 1885 سيارة تعمل عن طريق محرك جازولين، وقد سجل اختراع أول سيارة في العالم في 29 كانون الثاني – يناير 1886 في مدينة مانهايم الألمانية.
لقد عمل عدد من المهندسين الألمان خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر على تطوير عدد من المركبات العاملة على محركات احتراق داخلي، وقد سجل كل من جوتليب دايملر وويلهلم مايباخ براءة اختراع أول دراجة بخارية في عام 1886.
ما هي السيارة الكهربائية؟
السيارة الكهربائية electric car هي السيارة التي تعمل باستخدام الطاقة حيث يتم باستبدال المحرك الأصلي للسيارة ووضع محرك كهربائي مكانه وهي أسهل الطرق للتحول من استخدام الوقود الأحفوري نحو استخدام الطاقة الكهربائية، مع المحافظة على المكونات الأخرى للسيارة ويتم تزويد المحرك بالطاقة اللازمة عن طريق بطاريات تخزين التيار الكهربائي.
صناعة السيارة الكهربائية
تتكون السيارة الكهربائية من محرك كهربائي يحول الطاقة الكهربائية إلى طاقة حركية يتم نقلها إلى تروس الدوران ثم إلى العجلات، ونظام تحكم كهربائي بالسيارة، وبطارية قوية قادرة على تشغيل المحرك الكهربائي ويتم إعادة شحنها كلما فرغت، وعند صناعة بطاريات السيارات الكهربائية يراعى أن تكون خفيفة الوزن ورخيصة الثمن وتخزن كمية كافية من الطاقة الكهربائية لتشغيل محرك السيارة وتمكينها من قطع مسافة تتجاوز 200 كيلومتر على اقل تقدير.
وتتمتع السيارة الكهربائية بعدد من المميزات من أهمها:
1) خدمة الطبيعة بتقليل التلوث.
2) بطارية من نوع الرصاص الحمضي.
3) محرك خفيف الوزن وأكثر بساطة من محرك الاحتراق الداخلي.
4) تمتاز ببطارية قوية يمكن إعادة شحنها.
لقد شهد عقد التسعينيات من القرن الماضي، تصنيع عدة موديلات من السيارات الكهربائية صغيرة الحجم والتي تسير لمسافات قصيرة، لكن كانت بطارياتها ثقيلة ومرتفعة الثمن، إذ تحتاج بطاريتها قدرة نحو 6000 مركم من نوع بطارية ليثيوم أيون التي تستخدم في الهاتف المحمول، وتحاول مصانع إنتاج السيارات ابتكار بطاريات جديدة للسيارات يكون ثمنها قليلا.
ان التجارب التي أجريت على السيارة الكهربائية التجريبية بينت أن المسافة التي تقطعها ما زالت تحت 200 كيلومتر في كل عملية شحن، وتعمل كثير من مصانع السيارات التي تدعمها عدد من حكومات العالم على ابتكار أنواع جديدة من البطاريات القادرة على تشغيل السيارات الكهربائية لمسافة تفوق 200 كيلو متر ، وقد طورت في هذا المجال بطاريات الليثيوم، كما أن التحدي الذي يواجه مصنعي تلك البطاريات، زمن الشحن الخاص بالبطارية، فالتجارب بينت انه لشحن تلك البطاريات يلزم توصيلها بالتيار الكهربائي لمدة 8 ساعات دون أن تتحرك السيارة وهذا يعتبر عقبة كبيرة أمام ترويج تلك السيارات بشكل تجاري.
جهود عالميه لتطوير السيارة الكهربائية
لقد أولت كثير من دول العالم اهتماما خاصا بتطوير السيارة الكهربائية، ففي عام 2000 تم ابتكار سيارة اختبار كهربائية قادرة على قطع مسافة 400 كيلومتر وبسرعة تبلغ 210 كيلومتر في الساعة، إلا أن هذه السيارة كانت باهظة الثمن بسبب بطاريتها الغالية، كما أن مدة شحنها كانت تستغرق نحو 8 ساعات دون أن تتحرك السيارة، وهذا يعتبر زمن طويل نسبيا.
وقد تواصلت عمليات تطوير السيارة الكهربائية، ففي عام 2005 تم عرض عدد من السيارات الكهربائية للبيع في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وقد شجعت حكومات تلك الدول مصنعي تلك السيارات على تطويرها وقد دعمت مراكز الأبحاث الخاصة بتلك السيارات بمبالغ مالية كبيرة، فعلى سبيل المثال، دعمت أمريكا صناعة السيارات الكهربائية بنحو 2 مليار دولار من اجل تحسين وتطوير بطارية تلك السيارة، أما ألمانيا فقد دعمت مصانع إنتاج السيارات الكهربائية ومراكز الأبحاث بمبلغ 5 مليارات يورو وذلك لتطوير بطاريتها وإنتاج السيارة الكهربائية الصديقة للبيئة.
أما الصين والتي تخلفت في مضمار صناعة السيارات التقليدية، فهي تسعى حاليا إلى الدخول مباشرة إلى عالم صناعة السيارات من خلال إنتاج سيارتها الكهربائية الخاصة، وقد نجحت في تطوير عدد من الموديلات لعدد من السيارات الكهربائية، كما طورت عدد من البطاريات ذات الكفاءة الجيدة، وهي تبذل حاليا جهود حثيثة لخفض سعر تلك السيارات وتسويقها عالميا.
السيارات الهجينة
يطلق مصطلح السيارة الهجينة على السيارات التي تعمل على الطاقة الكهربائية والوقود الاحفوري، وقد بدأت اليابان في العشر سنوات الأخيرة الاهتمام بإنتاج السيارات الهجينة، وهي سيارات تستخدم بطاريات إلى مسافة نحو 200 كيلومتر، وبعد فراغ البطارية تعمل بالبنزين.
ومن النماذج الناجحة في صناعة السيارات الهجينة، سيارة شيفروليه، التي هي كهربائية وهجينة، حيث تقطع حتى 240 ميلا في المدن، كذلك نموذج ليف نيسان، التي تقطع حتى 367 ميلا بالاعتماد كليا على الكهرباء قبل تشغيل محرك الاحتراق الداخلي الذي يعيد شحن البطارية.
إن مستقبل السيارة الكهربائية يستند على مزاياها الذاتية وأهمها:
1) أنها هادئة.
2) صديقة للبيئة.
3) أنها غير ملوثة للبيئة أو ذات انبعاث قليل (السيارة الهجينة).
4) تقلل من الاعتماد على النفط.
مقارنة بين سيارات الديزل والسيارات الكهربائية
لقد بينت التجارب أن السيارة العاملة على الديزل ذات الحجم المتوسط تحتاج لكمية 30 كيلوجرام من الديزل لقطع مسافة 400 كيلومتر في حين أنها تحتاج إلى بطارية وزنها 450 كيلوجرام لقطع نفس المسافة.
هذا المثال يفسر لماذا يزيد ثمن السيارة الكهربائية عن ثمن مثيلتها التي تعمل بالجازولين أو الديزل، لأن مواد صناعة البطارية مرتفعة الثمن وتحاول دور البحث العلمي والجامعات على استخدام مواد بديلة أقل ثمنا وأكثر كفاءة. ستبين السنوات القادمة مدى النجاح على هذا السبيل، ومن يصل إلى حل سليم سوف يحتكر حقوق الاختراع ويكسب كثيرا من مصنعي السيارات على مستوى العالم، أضف إلى ذلك أن القدرة الإنتاجية لمحرك الديزل أكبر حاليا من القدرة الإنتاجية للمحرك الكهربائي.
شحن بطارية السيارة
تواجه صناعة السيارة الكهربائية عقبة كبيرة في مجال إعادة شحن بطارية تلك السيارة بعد أن تفرغ، فعند وصل بطارية تلك السيارة بالتيار الكهربائي المنزلي ذي الطور الواحد يلزم نحو 11 ساعة لإعادة شحنها، وفي حال تم وصل تلك السيارة بتيار كهربائي ثلاثي الأطوار يلزم 4 ساعات لإعادة شحن البطارية.
أما في السيارة الهجينة، فيتم شحن البطارية من خلال حركتها الذاتية ومن خلال محرك الاحتراق الداخلي الموجود فيها والذي يتم تشغيله عند الحاجة، سواء عندما تفرغ البطارية أو عند السير على الطرق الخارجية بسرعات عالية أو عند صعود المرتفعات.
المراجع
الطاقة في حياتنا، عصام حمو، الطبعة الثالثة، 2012، دار الفكر، عمان، الأردن
مواقع الكترونية