التحولات في دور المعلم
التحولات في دور مدير المدرسة
التحولات في دور المشرف التربوي
إن مدرسة المستقبل وما بها من مواصفات وتنظيمات تتطلب قيادة مستقبلية… فلا يمكن أن نطلب أو نحدد قيادة مستقبلية دون معرفة ملامح مدرسة المستقبل التي سبق أن تحدثنا عنها في هذه الورقة.. فالقيادة المستقبلية التي نحن بصددها محددة بالقيادة الميدانية التي تعمل داخل المدرسة وخارجها، أعضاؤها المعلمون، المديرون، والمشرفون…
لكن من سيقود العمل التربوي في هذه المدرسة، أو ما المتطلبات الأساسية بقيادة لمدرسة المستقبل؟
تأسيساً على النظريات الإدارية التربوية التي ترى بأن القائد التربوي يمكن صناعته وذلك بتهيئة الظروف والبيئات والمناخات المناسبة له عن طريق ما يلي:
– التقليل من التمركز والمركزية في الإدارة المدرسية بما يمنح المزيد من الاستقلالية في اتخاذ القرارات المهمة التي تتناسب وديناميكية العمل المدرسي.
– اعتبار الإدارة مهنة متخصصة يشغلها مؤهلون ولها معايير موضوعية وآليات عملية لشغلها.
– العمل على إيجاد كفايات يجب أن يتحلى بها مدير المدرسة، المشرف التربوي، المعلم واعتمادها في التأهيل والتدريب والتقويم والعمل على تعزيز اتجاه الإدارة المؤسسية ونظام الجودة الشاملة (المنظمة العربية للتربية، 1421هـ).
– وجود مرجعية فكرية وعلمية تستند على:
*المفهوم الشورى في القيادة والعمل المؤسسي المستمد من الأصول الإسلامية.
*المطالب الاجتماعية المطروحة على التعليم في الوقت الراهن في المستقبل.
*الأساليب العلمية في الإدارة التي تولدت من تطور النظريات الحديثة في القيادة والإدارة.
إن المتطلبات أعلاه ضرورية لكونها هي الإناء والمحتضن الذي يمارس به القواد أدوارهم… فلنبدأ بالمعلم فهو القائد الأول الذي يعول عليه تحقيق أهداف العملية التربوية وهو الموجه الأول للطلاب…
التحولات في دور المعلم:
حصل تحول كبير ومهم في النظر إلى وظيفة المعلم فبدلاً من النظرة السابقة إلى المعلم على أنه الخبير الذي يصدر التوجيهات ويملي على الطلاب ما يجب أن يفعلوه أو يحفظوه، صار عمل المعلم ميسراً ومنسقاً للتعليم داخل المدرسة. فوظيفة المعلم في مدرسة المستقبل تهيئة البيئة المناسبة لتعليم الطلاب، وإيجاد تفاعل صفي يساعد على توسيع مدى هذا التعلم.. أما طريقته فلم تعد اتباع خطوات محددة من خبراء أعلى منه (وهم في الغالب المشرفون التربويون) بل صار التدريس عملية تأملية نقدية، يفكر فيها المعلم في ضوء قناعاته التربوية وأساليب وطرائق تدريسه ويتفحصها في ضوء خبراته ليرى هل هي فعلاً ما يجب أن يعمله، وهل هي فعلاً تتناسب مع ما يريد أن يحققه من أهداف. وما هي السبل لتطويع تلك الطرائق وتغييرها لتتناسب مع واقع المواقف التعليمية التي يعيشها الفصل. (العبد الكريم، 1423هـ).
إن الدور المأمول من المعلم يكمن في إعطائه صلاحية اتخاذ القرار فيما يتعلق بعمله التدريسي داخل الفصل وفيما يتعلق بأنشطة نموه المهني. وذلك جزء من عملية تمهين التعليم (Teaching professionalization ) التي تحتم أن يتمتع المعلم بقدر كبير من الحرية في اتخاذ القرارات التي تتعلق بممارساته ونموه المهني.
لن يكون المعلمون عبارة عن أفراد يؤدون عملاً محدداً، ولا علاقة لبعضهم ببعض فالتحول الذي ننشده في مدرسة المستقبل يأخذه بعدين: بُعد التقارب، وبعد التكامل. فبدلاً من عمل المعلم لوحده منعزلاً عن بقية زملائه، يجب أن تأخذ المدرسة الحديثة منحى يسعى لتقريب المعلمين وربطهم ببعض بعلائق أخوية تعاونية تساعد على الاستثمار الأمثل لجهودهم داخل المدرسة. فالأخوة والعمل التشاركي بين المعلمين يجب أن يكون سمة للعمل المدرسي المستقبلي (البابطين، 2004م). أيضا هو معلم ميسر لعملية التعليم الذاتي وتعليم الطلاب التفكير وبأنواعه وطرق البحث عن المعلومة (أبو السندس، 1423هـ).
إن المعلم الذي يملك روح المبادرة والنزعة إلى التجريب والتجديد، يثق بنفسه في تنظيم النشاط التربوي بحرية واختيار، ويمتلك من المهارات والقدرات والمعلومات ما يجعل منه باحثاً تربوياً يسهم في حل المشكلات التربوية عن دراية ووعي (أبو هاشم، 1423هـ).
التحولات في دور مدير المدرسة:
تؤكد الدراسات التربوية ضرورة تغيير دور مدير المدرسة من الإطار التقليدي إلى إطار جديد فهو قائد تعليمي يتبني خططاً استراتيجية في ضوء رؤية علمية مستقبلية، وهو قائد اجتماعي يعي دور المدرسة في المجتمع ويشارك القيادات والآباء في تجويد عملية التربية، كما أضحى قائد ذا رؤية علمية يستطيع من خلالها استثمار طاقات المجتمع المدرسي، ويرفع روح الإنجاز في الآخرين.
وللقيام بهذه الأدوار لابد من امتلاك مدير المدرسة للمهارات القيادية والإدارية المناسبة، الأمر الذي يجعل الوزارة تتجه إلى تطوير معايير عالية للتوقعات الأدائية لمدير المدرسة في المملكة العربية السعودية (وزارة التربية والتعليم، 1425هـ).
دور مدير المدرسة في المدرسة التقليدية هو تسيير الأمور الإدارية والأعمال اليومية للمدرسة، فعمله مقصور على حفظ النظام وتنفيذ التعليمات.
أما في مدرسة المستقبل فينظر إلى مدير المدرسة على أنه قائد تربوي، يعني بوضع الرؤية الاستشرافية (Vision) لمدرسته ووضع الأهداف والتخطيط لبلوغها بالعمل بروح الفريق.
وفي مجال العلاقة بين مدير المدرسة والمعلمين لم تعد العلاقة العمودية هي المفضلة، بل لابد أن يحل محلها العلاقة الأفقية والعمل بروح الفريق (العبد الكريم، 1423هـ).
وقد تم الاطلاع على مجموعة من الدراسات التربوية الحديثة والتي خلصت إلى أدوار أساسية لمدير مدرسة المستقبل هي:
– صاحب رؤية واضحة ورسالة طموحة، ودائم التفكير، وعلى استعداد للتطوير والتغيير.
– مخطط قادر على وضع خطط تربوية وتنفيذها وتقويمها.
– قائد فريق عمل يعمل بمبدأ المشاركة ويتمتع بالمرونة والشفافية.
– معلم أول، يتفهم احتياجات عمليتي التعليم والتعلم ويعمل على تلبيتها.
– مشرف مقيم يعمل باستمرار على رفع مستوى معلميه وتحسين أدائهم.
– مربي قدوة لزملائه في المدرسة وخارجها.
– مدرب مؤهل يوفر فرص النمو المهني لجميع العاملين في المدرسة.
– صانع المناخ الأسري من خلال تنمية العلاقات الإنسانية في مدرسته.
– القاضي العادل الذي يمتلك قدرة عالية لحل المشكلات، واعتماد مبدأ العدالة والإنصاف وعدم التحيز.
إن مدرسة المستقبل تتطلب قيادة مدرسية فاعلة مفتوحة تعتمد على المشاركة الفعلية لجميع العاملين في المدرسة، والذين يتحملون المسؤولية الكاملة لتحقيق الأهداف التربوية ورفع الأداء وتحقيق الجودة التربوية الشاملة. لذا لابد من التركيز على كيفية اختيار مدير وقائد المدرسة. فبناء قيادة تربوية في مدرسة المستقبل يقوم على متلازمة من السلوك، المعرفة، المهارة. (المنيف، 2002م).
ويمكن من خلال التدريب إعداد قيادات تربوية قادرة على تحقيق أهداف المؤسسات التربوية، ويمكن القيادات التربوية من المهارات اللازمة لإدارة مدرسية فاعلة (الدبيان، 1420هـ).
التحولات في دور المشرف التربوي:
شهد الإشراف التربوي تحولات كبيرة في العقود الأخيرة على مستوى النظرية وعلى مستوى التطبيق أيضا. فلم يعد الإشراف هو ذلك العمل الذي يسعى للبحث عن العيوب أو التنبيه عليها على أفضل الأحوال.
ويرى البابطين إن الأدوار المأمولة للمشرف التربوي تنطلق من فلسفة وفكر معين.. من أن هناك فروق فردية بين المعلمين، حيث يرى أن المعلمين يتفاوتون في قدراتهم وإمكاناتهم الشخصية والمهنية ومستوياتهم العلمية، عليه يرى أنه من غير المناسب أن يستخدم المشرف التربوي نمطاً محدداً مع جميع المعلمين دون استثناء وبنفس الأسلوب (البابطين، 2004م).
ففي مدرسة المستقبل ينظر للإشراف التربوي على أنه عملية مستمرة وليست نشاطاً يقام ثم ينتهى. فالأساليب الإشرافية متنوعة تعطي المشرف والمعلم خيارات تنموية واسعة بما يتناسب مع المعلم والموقف التعليمي.
إن الدور الإشرافي المأمول ينطلق من أدوار المعلم ومدير المدرسة فإذا بدأ المعلم والمدير بالمواصفات والمهارات التي تم عرضها سابقاً فإن المشرف التربوي ينطلق من تلك الأدوار القيادية ويصبح قائداً مشارك ومتفاعل مع تلك الأطراف.
عليه يمكن القول أن الدور القيادي للإشراف التربوي يراعي الأمور التالية:
– وضع المؤسسة التربوية، من حيث أنها بيئة تعلمية للمعلم والطالب على حد سواء، يسعى فيها الجميع لبلوغ أهداف محددة من خلال خطط شاملة ودقيقة.
– مهنية المعلمين، حيث ينظر للمعلمين على أنهم خبراء جمعوا بين المعرفة الأكاديمية والتربوية، مما يؤهلهم لتطوير أنفسهم والمشاركة الفاعلة في حل ما يواجههم من مشكلات.
– طبيعة التدريس، حيث ينظر إلى التدريس على أنه علم وفن، يحتاج فيه المعلم إلى التدريب والتأمل الناقد في مبادئه التربوية وممارساته المهنية، سعياً إلى تطوير أدائه التدريس من ذاته أو من خلال مشرفه أو زملائه. فالإشراف التربوي يسعى إلى إيجاد مدرسة تتجدد ذاتياً وهي التي تحمل عوامل نموها وتطورها (Glatthorn, 1997)
عليه لابد أن يمتلك المشرف التربوي جملة من المهارات والسمات التي تساعده في أداء مهمته المأمولة وإبرازها (ديراني، 1997م):
– لابد من وجود مفهوم إيجابي للذات عند المشرف التربوي ويمكن من خلالها احترام الآخرين وتقديرهم.
– القدرة على الاتصالات الفردية والجماعية مثل الاتصال الشفوي والكتابي، ومهارات لفظية وغير لفظية، ومهارتي إرسال الكلام والاستماع إليه.
– ضرورة إلمام المشرفين بالمعرفة المتعلقة بالتعلم والتعليم والقدرة على تحليل التدريس من خلال مهارات الملاحظة.
– إلمامه بالعلاقات الإنسانية.
– قادر على تسيير الوقت، والتعامل مع الصراع، والتغلب على التوتر.
– إلمامه بالمهارات المهنية للإشراف من أساليب وأنماط والقدرة على ممارستها والإشراف عليها وتقويمها.
إذن نستطيع أن نقول أن القيادات التربوية الميدانية (المعلم- المدير- المشرف) هي موارد بشرية مهمة، تدير وتقود المدرسة من خلال أدوار محددة ومتكاملة لابد من الارتقاء بها إلى مستوى طموح مدرسة المستقبل.
إعداد/ سعاد بنت إبراهيم البراهيم