قطرات قليلة من الدم قد تعني ضخ الحياة في شرايين مريض او مصاب، لكن تبقى مشكلة الحاجة الى عمليات نقل الدم من اهم المشاكل التي تواجه الاوساط الطبية عند الطوارىء، فهي عملية دقيقة للغاية، وتحتاج الى فحص عينات المطابقة بين الآخذ والمعطي للتأكد من سلامة عملية نقل الدم، وخلو العينات من التلوث، والتعارض الفسيوبيولوجي. وتتطلب كذلك توفر تقنيات متطورة جداً لتبريد وتخزين وحفظ وحدات الدم وفصل مشتقاته، اضافة الى التعقيدات الاخرى مثل صلاحية الدم التي لا تدوم لاكثر من 42 يوماً، وعدم توفر فصائل الدم النادرة في الوقت المناسب، اضافة لتلك الحالات التي قد لا تكفي فيها مخزونات الدم لانقاذ عدد كبير من الجرحى والمصابين، خصوصاً في حالات الحوادث الواسعة. وبذلك يمكن القول بأن النقص في مخزون الدم قد يكون مشكلة قائمة في كثير من الحالات كالكوارث والحروب والزلازل.
من هنا، ركزت الشركات والمختبرات الطبية العالمية خلال العقدين الماضيين على الابحاث المتعلقة بايجاد دم بديل او ما بالدم الصناعي لاستخدامه في حالات الطوارىء ريثما يتوفر الدم البشري الطازج.
وبهذا الصدد فقد بدأت مختبرات ثورتفلد الاميركية في ولاية الينوي بالتحاور مع ادارة الاغذية والعقاقير الاميركية للحصول على ترخيص لاستخدام منتجها الذي اطلقت عليه اسم (بوليهيم) المستخلص من الدم البشري، لتكون لها الريادة في هذا المجال.
كما اعلنت شركة (بيو بيور) في ماساتشوستس، عن خطتها لاستصدار ترخيص لمنتجها (هيموبيور ) المستخلص من دم الابقار ، وتجري شركة (فارماسيتكال) في سان دييجو التجارب النهائية على بديل كيميائي للدم اطلقت عليه اسم (اوكسيجنيت).
وبالرغم من اختلاف تراكيب بدائل الدم هذه، الا انها تتشابه فيما بينها بمجموعة من المواصفات اهمها: انها جميعا تتوافق مع جميع فصائل الدم البشري وان صلاحيتها تستمر لعام او أكثر. وان ايجاد التركيبة الصحيحة لما يمكن تسميته بالدم الصناعي جاء نتيجة الجهود كبيرة بذلها العلماء الذين امضوا عقوداً طويلة يعانون من صعوبة تقليد آلية ومقدرة خلايا الدم الحمراء على نقل الاكسجين الى انحاء الجسم.
وكان باحثون قد توصلوا من قبل الى انتاج العديد من انواع هذه المركبات، لكنها اثبتت فعاليتها على الحيوانات فقط في حين كانت سامة عند استخدامها في الانسان، وحتى هذه البدائل التى تعمل عليها الشركات الثلاث فاستخدامها لا يعني انها تحل محل الدم بشكل دائم وحاسم، فمقدرة الدم الصناعي على الدوران في الجسم لا تتعدى بضع ساعات، لكنه يساعد على الحفاظ على حياة المريض ريثما يستطيع جسمه تعويض النقص في دمه او ريثما يحضر البديل الطبيعي من المتبرعين.
خلاصة القول، فإذا كانت هذه البدائل الصناعية ليست حاسمة بمداها البيولوجي الاستراتيجي للجسم المحتاج الا انها تسد الثغرة في اللحظات القاتلة – التي يكون فيها المسعف والطبيب في وضع حرج جدا.
– هاشم سلامة
محتوى رائع
نشكركم