وفقاً لنظريات التعليم فان التعليم الجيد يجب أن يساعد على تطور مهارات القدرات التخيلية والعقلية ومهارات الفهم وحل المشكلات والاتصال. ومن أجل أن يكون المعلم قادراً على القيام بالأدوار والمهام التي تمكنه من تلبية احتياجـات ومتطلبات وأخلاقيات مهنة التعليم والاضطلاع بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه بفاعلية؛ فلا بد له أن يمتلك بعض الخصائص العامة والكفايات المهنية الضرورية. (الخميسي، 2000)
ولا يعتبر المعلم فعالاً اذا كان قادراً على إثارة اهتمام الطلبة وتشجيعهم على التفكير إثارة التساؤلات لديهم، والذي يكون قادراً على استخدام الأساليب التدريسية المتنوعة، بالإضافة الى قدرته على إجراء التقويم السليم للطلبة. (عفانة وحمدان، 2005)
تكمن أهمية المعلم بالنسبة للطلبة في ان يعتبر المصدر الرئيسي للمعرفة فاذا لم يجذبهم أسلوبه في التعليم ومدى المهارات والمعارف التي يتمتع بها فان ذلك سيخيب آمالهم حتماً؛ وبهذا فان المقدار المعرفي والكيفية التي يتعامل بها المعلم تلعب دوراً رئيسياً في تلبية الاحتياجات المعرفية للطلبة بل وفي اقناعهم بأنه المصدر الرئيسي لهذ المعرفة وهو الأمر الذي يترتب عليه احترام الطلبة للمعلم والأخذ بكل ما يقوله ويفعله على محمل الجد، وبالتالي يصبح تقبل الطلبة للمعلم أمراً نابعاً من محض رغبتهم وليس أمراً مفروضلً عليهم. وتعتبر العلاقة الطيبة بين المعلم والطالب من أولى دعائم العملية التعليمية. (البدري، 2005)
تنبع أهمية تزود المعلم بالمفاهيم التربوية الحديثة من واقع التحديات التي تفرضها عليه التطورات المتسارعة في عصر المعلومات والمعرفة والتكنولوجيـا والتي تتطلب منه أن يكون قادراً على مواجهتها، وأن يكون عضواً فاعلاً في النظام التربوي يؤدي دوره بالتعاون مع مكونات هذا النظام من أجل ضمان تكامل الجهود وتناغم وظيفـة النظـام دون تعارض للوصول الى النتائج المرجوة بكفـاءة وفاعلية.
وتتمثل أهم التحديات التي تواجه المدرسـة مساعدة الأفراد ليكونوا قادريـن على التعامل مع تأثيرات المعرفة العلمية الأساسيـة في المجتمع. ولهذا فإن تزويد المعلمين بالمصادر التي تمكنهم من إيضاح دروسهم وتمارينهم للطلبـة بطريقة مبسطة وبطريقـة يتم فيها ربط تعلم المادة التعليمية مع بقية المعارف الأخرى في المدرسـة. بالإضافـة الى ضرورة إشراك المعلم بالمبادرات والمؤتمرات والعمل على تحقيق الأهداف المتمثلة في ربط تعليم المادة التعليمية مع المعارف الأخرى والتأكد من أن المعرفة الملائمة للجميع هي ضمن منهج متكامل. (Bourguignon, 2002)
وقد أشارت الدراسات التربويـة الى وجود علاقة ايجابيـة بين الخصائص التي يمتلكها المعلم، سواء الخصائص الشخصية منها أم الوظيفية، وبين فاعلية المعلم التعليمية، وذلك لأن امتلاك المعلم لمثل هذه الخصائص إنما يمكنه من امتلاك الأساليب التعليمية المؤثرة التي تعزز دوره في توجيه العملية التعليميـة، وبالتالي التأثير في شخصيات الطلبة. وتتمثل أهم خصائص المعلم من وجهة نظر التربية الحديثة بما يلي: الخميسي (2000) ، (حمدان، 1990)
الرغبة الطبيعية في التعلم: وهي الرغبة الصادقة التي تجعل من المعلم شخصاً مهتماً بالتعليم من واقع منطلقاته الفكريـة والسلوكيـة والشعوريـة والتي تجعل منه ينظر الى مهنة التعليم بأنها مهنة إنسانية.
الالتزام الفطري والطبيعي بمتطلبات مهنة التعليم: وهو الالتزام الذي يشجع المعلم على بذل المزيد من الجهد لتطويـر ذاته وتطوير المهنة التي اختارهـا برغبة صادقة، والذي يشجعه لكي يكون متعاونـاً ومبتكراً ومتبنياً للمفاهيم التربوية الحديثة.
الذكاء: ويشير الى ضرورة أن يمتلك المعلم مستوىً مناسب من الذكاء الذي يساعده في أن يكون صاحب رؤية تربوية خاصة تمكنه التعامل مع الظروف التعليمية المحيطة به مثل اتخاذ القرارات التعليميـة وإدارة المواقف وحل المشاكل الصفيـة.
المعرفة الكافية: وتتمثل في خمسة أنواع من المعرفة هي:
المعرفة العامة بأساليب العلوم ومبادئها.
المعرفة بالتخصص؛ فكلما كان المعلم أكثر الماماً بتخصصه كلما كان أكثر فاعلية.
المعرفة بطرائق ووسائل التعليم: وتشمل المعرفة بالنظريات والتخطيط للعملية التعليمية وتحفيز الطلبة والمعرفة بكيفية إيصال المحتوى الدراسي وإدارة الصف وتقويم تعلم الطلبـة.
المعرفة بالطلبة: وتشير الى التعرف على الخصائص الفكريـة والنفسيـة والاجتماعيـة لهم، وبالتالي اختيار أساليب التعلم التي تناسبهم.
المعرفة بالذات: وهي المعرفة بنقاط القوة والضعف التي تمكن المعلم من اختيار الوسائل التعليمية التي تتلاءم مع إمكانياته الذاتية.
الصحة الجسمية والعقلية: وتأتي هذه الخاصية من واقع الجهد الكبير الذي تتطلبه مهنة التعليم، وخصوصا تعليم المراحل الأساسية الدنيا.
المظهر العام المناسب: تعتبر من السمات الهامة للمعلم المعاصر؛ وذلك لأن المعلم يعتبر قدوة لطلبته في الكثير من الأمور ومنها مظهره العام.
مهارات العلاقات الاجتماعية: حيث ان التعليم مهنة إنسانية واجتماعية تتطلب من المعلم التفاعل الاجتماعي مع كافة أطراف العملية التعليمية من طلبة ومعلمين وإداريين وموجهين وأوليات الأمور وممثلي المجتمع المحلي، وتتطلب منه كذلك المحافظة على العلاقات الايجابية الفعالة مع كافة أفراد المجتمع التعليمي.
الشخصية المتميزة: وهي الشخصية التي تشتمل على الصفات التي تمكن المعلم من إيصال رسالته التعليمية بكل كفاءة، ومن هذه الصفات أن يكون قادراً على التفاعل اللفظي الايجابي.
الموضوعية والعدل: تكمن أهمية هذه الخاصيـة في أن المعلم يتعامل مع طلبة من مختلف المستويات والخلفيات والقدرات، وهذا يتطلب منه أن يكون موضوعياً وعادلاً في حكمه على نتائج تعلم الطلبة وانجازاتهم.
الصبر: تشير هذه الخاصية الى ضرورة أن يتحلى المعلم بالصبر لكي يكون قادراً على التعامل مع زملائه والإداريين والطلبة وأولياء الأمور الذين تتفاوت مستوياتهم العقلية والأخلاقية والاجتماعية.
الرغبة في التعلم المستمر: يمكن تفسير أهمية التعلم المستمر بالنسبة للمعلم من خلال الحقيقة التي ترى أن التعليم عبـارة عن علم أدائي تطبيقـي يبنى على التطورات التي تتم في الكثير من المجالات المعرفية، وبهذا فان التعليم دائم التغير والتطور ولذلك فان المعلم بحاجة الى أن يكون ملماً بهذه التغيرات والتطورات لإثراء معلوماته وتطوير الأساليب التي يستخدمها.
الإخلاص والحماس: وتدفع هاتان الخاصيتان المعلم الى تحمل كافة المصاعب التي تواجهه، والى تقويم أدائه التعليمي، وهذا في الواقع ما يميز معلم عن آخر في حال تشابهت قدراتهم وكفاءاتهم؛ فالمعلم المخلص والمتحمس يبدو أكثر ارتياحاً ومرونة وكفاءة من نقيضه.
الواجبات العامة للمعلم في التربية الحديثة:
ويلعب المعلم دوراً أساسياً في مرحلة التعليم الأساسي من حيث تربية الأجيال القادرة على التعايش مع مختلف الظروف واكسابهم القدرة على قبول التغيير من خلال تشجيع القدرات الابداعية لديهم. وبهذا تتطلب الأدوار الجديدة للمعلم في التربية الحديثة أن يكون المعلم قادراً على اتاحة الفرصة للمتعلم لاكتساب الاتجاهات والمهارات، وعلى استخدام وتوظيف تقنيات التعليم الجديدة. (الفرا، 1990)
هذا ويعم المجتمع العربي في مجال اعداد معلمي التعليم الأساسي اتجاهين يقضي أولهما بإعداد المعلم اعداداً متخصصاً لإيجاد المعلم المخصص بتدريس المادة، ويقضي ثانيهما بإعداد المعلم اعداداً عامأ يؤدي الى ايجاد المعلم القادر على تدريس مختلف المواد التعليمية لصف واحد. ويغلب اتباع الاتجاه الأول في الدول العربية في حين تسعى الاتجاهات التربوية الحديثة في الدول الغربية الى اتباع الاتجاه الثاني (سليمان، 2002).
ولا يعتبر التأكيد على ضرورة إعداد المعلمين جهداً جديداً على الساحة التربوية العربية، بل أشار إليه بعض الباحثون مثل مزعل ومحمد (1985) عندما أكدا على ضرورة توحيد صيغ إعداد المعلمين ومتابعة وتقويم برامج إعدادهم بصورة مستمرة.
ويرى البدري (2005) ضرورة أن يتم اعداد المعلم في اطار متوازن بين المادة التربوية والمادة التخصصية بحيث يكون هنالك تعادل في التركيز على اعداد المعلم فيها، حتى وان تطلب ذلك أن تطول فترة اعداد المعلم لسنة أو سنتين مثلاً فليس المقصود بهذا التوازن أن يتعلم المعلم المادة التربوية في سنوات طويلة ومن ثم ينتقل الى المادة المتخصصة كما يحدث مع الطبيب الذي تستمر دراسته ست سنوات لكي يكون طبيباً عاماً قبل أن ينتقل الى التخصص.
ومن أجل تحقيق أهداف التعليم الأساسي، فلا بد للمعلم من امتلاك الطاقات المتميزة التي تجعله قادراً على تنفيذ الواجبات التالية: (الخميسي، 2000) ، (حمدان، 1990)
التعرف على خصائص واحتياجات وميول وقدرات الطلبة.
صياغة أهداف التعليم السلوكية والإجرائية.
تطوير الموارد والأنشطة التعليمية.
تجهيز وتنظيم البيئة الصفية من النواحي المادية والاجتماعية والنفسية.
تحفيز الطلبة وتشجعيهم مادياً ومعنوياً.
اختيار الطرق والأساليب المتنوعة التي تلائم موضوع الدراسة وتراعي الفروق الفرديـة
بين الطلبة.
رعاية العلاقات الإنسانية داخل الغرفة الصفية.
توجيه العمل الجماعي والفردي داخل الغرفة الصفية.
تقييم تعليم الطلبة وانجاز التقارير والسجلات المطلوبة.
المشاركة في الأنشطة المدرسية داخل المدرسة وخارجها.
إدامة العلاقات الاجتماعية مع أولياء الأمور.
مراجعة وتقويم جدوى الطرق والوسائل التربوية المستخدمة في العملية التعليمية.
ويضيف أبو دف (2002) مجموعة من الأدوار الجديدة التي يجب على المعلم الحديث الاضطلاع بها وهي:
إيصال المعرفة للطلبة وإكسابهم القدرات التي تمكنهم من مراجعة هذه المعرفة والتأكد منها قبل استخدامها.
تقويم نمو الطلبة عقلياً واجتماعياً ونفسياً.
العمل على رفع مستوى مهنة التعليم من خلال المشاركة في المؤتمرات والمساهمة في الصحافة التربوية، بالإضافة الى العمل على تطوير وتحسين الأنشطة التي يمارسها الطلبة.
المساهمة في تطور المجتمع وإعداد الطلبة لقبول التغير بهدف تمكينهم من التعامل مع المتغيرات البيئية.
سعد الهاجري
المراجع:
البدري، طارق عبد الحميد (2005). الاتجاهات الحديثة المدرسية في تنمية القيادة التدريسية ، ط (1)، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع.
الخميسي، السيد سلامة (2002): دراسات في التربية العربية وقضايا المجتمع العربي، الإسكندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.
الفرا، فاروق حمدي (1990). اتجاهات التجديد في مناهج التعليم الأساسي، المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، مجلة التربية الجديدة، العدد (50).
سلمان، محمد والنبهان، يحيى (2004). سيكولوجيا التعليم والتعلم الصفي، ط (1)، عمان: دار يافا للنشر والتوزيع.
كل الشكر لكم غلى البحث المميز حول واجبات وصفات وخصائص المعلم