تعريف الإشراف التطوري والإشراف التنوعي وأهميتهما

يعود ظهور الإشراف التطوري إلى الدكتور (كارل جلكمان). والفرضية الأساسية فيه هي أن المعلمين راشدون، وأنه يجب على الإشراف الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المرحلة التطورية التي يمرون بها. فعلى المشرف التربوي أن يعرف ويراعي الفروق الفردية بين المعلمين. وفكرة الإشراف التطوري هي أن هناك عاملين أساسيين يؤثران على أداء المشرف وتعامله مع المعلم وهما :

1-نظرة المشرف لعملية الإشراف وقناعاته حولها.
2-صفات المعلم.

ونظرة المشرف لعملية الإشراف وقناعاته حولها، تملي عليه عشرة أنماط من السلوك. وهذه الأنماط من السلوك تحدد ثلاث طرق للتعامل في الإشراف التربوي: الطريقة المباشرة، الطريقة غير المباشرة، الطريقة التعاونية.

الطريقة غير المباشرة: –

1-الاستماع.
2- الإيضاح
3- التشجيع.

الطريقة التعاونية:-

1- حل المشكلات.
2- الحوار “المناقشة”.
3- العرض.

الطريقة المباشرة:-

1-التوجيه (الأمر).
2-إعطاء التعليمات.
3- التعزيز.

ففي الطريقة المباشرة يميل المشرف إلى السيطرة على ما يجري بين المشرف والمعلم، وهذا لا يعني بالضرورة أن المشرف متسلط أو عشوائي الطريقة، بل المقصود أن المشرف يضع كل شيء يريده من المعلم ويشرحه بدقة ويبين له ما هو المطلوب منه. فهذه الطريقة تفترض أن المشرف يعلم أكثر من المعلم عن عملية التعليم، وعليه فإن قرارات المشرف أكثر فعالية من ترك المعلم يختار لنفسه.

وفي الطريقة التعاونية يتم الاجتماع مع المعلم لبحث ما يهم من أمور، وينتج من هذا الاجتماع خطة عمل.

والطريقة غير المباشرة تقوم على افتراض أن المعلمين قادرين على إنشاء الأنشطة والبرامج التربوية التي تساعد على نموهم المهني من خلال تحليل طرقهم في التدريس. فتكون مهمة المشرف هي تسهيل العملية والمساعدة فقط.

ولعل أهم ميزات الإشراف التطوري مراعات الفروق الفردية بين المعلمين، بحيث أنه لا يجب على كل المعلمين الخضوع لعملية إشراف واحدة. إلا أنه في الوقت نفسه يحتم على المشرف إلزام المعلم بأسلوب معين من الإشراف. بالإضافة إلى أن وضعه في فئة الأسلوب المباشر قد يجعله يظهر أمام بقية زملائه على أنه أقل ذكاء أو نضجا منهم.

الإشراف التنوعي

يرجع تطوير هذا النمط إلى آلان جلاتثورن. ويقوم على فرضية بسيطة وهي أنه بما أن المعلمين مختلفين فلا بد من تنوع الإشراف. فهو يعطي المعلم ثلاث أساليب إشرافية لتطوير قدراته وتنمية مهاراته ليختار منها ما يناسبه. وقد يكون هناك تشابه بينه وبين الإشراف التطوري، إلا أن الفارق بينهما هو أن الإشراف التنوعي يعطي المعلم الحرية في تقرير الأسلوب الذي يريده أو يراه مناسبا له، في حين أن الإشراف التطوري يعطي هذا الحق للمشرف.

وقبل الدخول في تفاصيل هذا النموذج ينبغي التنبيه إلى أن كلمة “مشرف” هنا تشمل كل من يمارس العمل الإشرافي، كمدير المدرسة أو الزميل، ولا تقتصر على من يشغل منصب المشرف التربوي.

خيارات الإشراف التنوعي:-

أولاً:-التنمية المكثفة:-

وهو أسلوب مشابه للإشراف الصفي (الاكلينيكي)، إلا أنه يختلف عنه من ثلاثة وجوه:-

1-يركز الإشراف الصفي على طريقة التدريس، بينما أسلوب التنمية المكثفة ينظر إلى نتائج التعلم.
2-يطبق الإشراف الصفي ـ غالبا ـ مع جميع المعلمين، مما يفقده أهميته؛ في حين أن اسلوب التنمية المكثفة يطبق مع من يحتاجه.
3- يعتمد الإشراف الصفي على نوع واحد من الملاحظة، في حين أن أسلوب التنمية المكثفة يستفيد من أدوات متعددة. (جلاتثورن 1997).

ويؤكد جلاتثورن على ثلاث خصائص التنمية المكثفة:-

1-أهمية الفصل بين اسلوب التنمية المكثفة وبين التقييم. لأن النمو يحتاج إلى علاقة حميمة ونوع من التجاوب والانفتاح.
2- بعد الفصل بين هذا الأسلوب والتقييم، يجب أن يقوم المعلم شخص آخر غير المشرف الذي شارك معه في هذا الأسلوب.
3-يجب أن تكون العلاقة بين الطرفين ـ المشرف والمعلم ـ علاقة أخوية تعاونية.

مكونات أسلوب التنمية المكثفة:-

هناك ثمان مكونات لأسلوب التنمية المكثفة:-

1-اللقاء التمهيدي. ويفضل أن يكون في اول العام الدراسي، بحيث يبحث المشرف مع المعلم الأوضاع العامة ويتحسس المشرف ما قد يحتاج إلى علاج، ويحاول توجيه العلاقة بينهما وجهة إجابية.
2-لقاء قبل الملاحظة الصفية. لقاء يتم فيه تراجع فيه خطة المعلم للدرس المراد ملاحظته، وتحدد فيه أهداف الملاحظة الصفية.
3-الملاحظة الصفية التشخيصية، حيث يقوم المشرف بجمع المعلومات المتعلقة بالجوانب ذات العلاقة بالأمر المراد ملاحظته، لتشخيص احتياجات المعلم.
4-تحليل الملاحظة التشخيصية. وفيها يقوم المعلم والمشرف، جميعا أو على انفراد، بتحليل المعلومات التي تم جمعها في الملاحظة، ومن ثم تحدد النقاط التي تدور حولها النشاطات التنموية.
5-لقاء المراجعة التحليلي. وفيه يتم تحليل خطوات الدرس وبيان أهميته لنمو المعلم.
6-حلقة التدريب. وهو لقاء يعطي فيه المشرف نوع التدريب والمتابعة لمهارات سبق تحديدها أثناء العملية التشخيصية.

وتتكون حلقة التدريب تلك من الخطوات التالية:-

أ‌. التزويد بالمعلومات الأساسية لتلك المهارة.
‌ب. شرح تلك المهارة وكيف تؤدى.
ت‌. عرض المهارة عمليا.
ث‌. تمكين المعلم من التدرب عمليا وبطريقة موجهة، مع إعطاء معلومات راجعة عن وضعه.
ج‌. تمكين المعلم من التدرب المستقل، مع إعطاء معلومات راجعة عن وضعه.

7-الملاحظة المركزة. وفيها يركز المشرف على ملاحظة تلك المهارة المحددة وجمع معلومات عنها.
8-لقاء المراجعة التحليلي المركز. وفيه تتم مراجعة وتحليل نتائج الملاحظة المركزة.
ويلاحظ أن هذه الخطوات معقدة نوعا ما وتستهلك الوقت، إلا أن جلاتثورن يعتذر عن هذا بأن هذه الطريقة سوف تطبق مع فئة قليلة من المعلمين.

ثانياً :-النمو المهني التعاوني:-

الخيار الثاني من خيارات الإشراف التنوعي هو النمو المهني التعاوني. وهو رعاية عملية نمو المعلمين من خلال تعاون منتظم بين الزملاء.
مسوغات طرح النمو المهني التعاوني في الإشراف التنوعي

يذكر جلاتثورن ثلاثة مسوغات:-

1-الوضع التنظيمي للمدرسة. فالعمل الجماعي التعاوني بين المعلمين له أثر على المدرسة أكبر من العمل الفردي، على أهميته، وكذلك للعمل الجماعي أثر في تقوية الروابط بين المعلمين، وكذلك فيه ربط بين تطور المدرسة ونمو المعلمين. وينظر إلى نمو المعلمين على أنه وسيلة لا غاية، فهو وسيلة إلى تحسين التعلم من خلال تحسين التعليم.

2-وضع المشرف، فبهذا الأسلوب، وبدوره المساند يمكن للمشرف أن يوسع دائرة عمله.

3-وضع المعلم، فهذا الأسلوب يجعل المعلم يستشعر انه مسئول عن تنمية نفسه، وأنه ينتمي إلى مهنة منظمة ومقننة ونامية. كما أنه يخفف من العزلة التي يعيش فيها المعلمون غالبا، ويمكنهم من التفاعل مع زملائهم والاستفادة منهم.

صور النمو المهني التعاوني: –

التدريب بإشراف الزملاء (تدرب الأقران).
وهو أكثر صور النمو المهني التعاوني، حيث يقوم مجموعة من الزملاء بملاحظة بعضهم بعضا أثناء التدريس، ومناقشة الجوانب السلبية واقتراح حلول لها والتدرب على تطبيقها. وتتم في هذا الأسلوب تقريبا خطوات النمو المكثف نفسها، لكنها بين الزملاء دون تدخل مباشر من المشرف. وتشير كثير من الدراسات إلى أن هناك أثرا كبيرا لهذا النوع من التدريب على نمو المعلم واكتسابه لمهارات تدريسية جديدة. كما أنه يقوي الاتصال بين الزملاء ويشجعهم على التجريب وتحسين اساليب محددة في طرق التدريس).

اللقاءات التربوية:-

وهي نقاشات منظمة حول موضوعات مهنية وتربوية وعلمية لرفع المستوى العلمي للمعلمين. ويجب أن تكون هذه اللقاءات منظمة ومرتب لها حتى لا تتحول إلى كلمات لا هدف لها.

تطوير المنهج:-

مع أن المنهج معد مسبقا، إلا أن تطبيق المعلمين له يتفاوت. ويبقى تطبيق المعلم للمنهج له أثر كبير في أن يؤتي المنهج ثماره. فيعمل المعلمون بشكل جماعي، أو على شكل فرق، لوضع خطة لتطبيق المنهج وتعديل ما يمكن تعدليه أو سد بعض الثغرات التي تكون في المنهج. كذلك البحث عن السبل الأنسب لتنفيذ المنهج وتطبيقه، وحل ما قد يعترض المعلمين من مشاكل في ذلك. أيضا عمل تقويم للمنهج وما يتبع ذلك من اقتراحات للتطوير.

البحوث الميدانية:-

البحوث الميدانية، هنا، هي البحوث التي يقوم بها المعلمون وتتعلق بأمر من ألأمور التربوية العملية. وهذا النوع من البحوث يساهم في دعم العمل الجماعي بين المعلمين ويساعد على تطوير التدريس ورفع مستوى المعلمين التربوي والعلمي والمهني.

ويمكن لكل مدرسة، على ما يراه جلاتثورن، أن تصوغ ما يناسبها من صور النمو المهني التعاوني. ويؤكد جلاتثورن على أن هذا الخيار لا يؤتي ثماره المرجوة إلا بتوفر الشروط التالية:-

ا-وجود الجو التربوي العام الذي يدعم العملية
ب-مشاركة القاعدة، وهم المعلمون، ودعم القمة، وهم المسئولون.
ج-لزوم البساطة والبعد عن التكلف والرسميات المبالغ فيها.
د-إيجاد التدريب اللازم.
ه-الترتيب لإيجاد الوقت اللازم
ز-مكافأة المشاركين.

3-النمو الذاتي.

الخيار الثالث من خيارات الإشراف المتنوع هو النمو الذاتي. وهو عملية نمو مهنية تربوية يعمل فيها المعلم منفردا لتنمية نفسه. وهذه الطريقة يفضلها المعلمون المهرة وذوو الخبرة. ففي هذا الخيار يكون نمو المعلم نابعا من جهده الذاتي، وإن كان سيحتاج من وقت لآخر إلى الاتصال بالمدير أو المشرف.

يقوم المعلم بوضع هدف أو أكثر من أهداف النمو لمدة سنة. ويضع خطة لتحقيق هذا الهدف أو الأهداف، ثم ينفذ الخطة، وفي النهاية يقيم ويعطي تقريرا عن نموه. ودور المشرف هنا هو المساندة وليس التدخل المباشر.

ولنجاح عملية النمو الذاتي ينبغي مراعاة النقاط التالية:-
إعطاء التدريب الكافي لمهارات الإشراف الذاتي، مثل:-

أ‌. وضع وصياغة الأهداف، فقد وجدت بعض الدراسات أن المعلمين يعانون من مصاعب في وضع الأهداف.
ب‌ تصميم خطط واقعية وفاعلة لتحقيق الأهداف.
ج‌. تحليل تسجيلات المعلم نفسه، حيث إن كثيرا من المعلمين يجد صعوبة في ملاحظة نفسه وتحليل ما يراه مسجلا أمامه من سلوكيات التدريس.
د‌. تقييم التقدم والنمو.

2-إبقاء البرنامج بسيطا، وإبعاده عن التعقيد مثل الإكثار من الأهداف أو اللقاءات الإعدادية أو الأعمال الكتابية.
3-توفير المصادر اللازمة.
4-إيجاد وسائل للحصول على معلومات راجعة عن التنفيذ، فمن أهم عيوب هذا الأسلوب عدم وجود تلك الوسائل، فالمعلم يعمل لوحده، وليس لديه من يزوده بتلك المعلومات.
5-تشجيع المعلمين على العمليات التي تركز على التفكير والتأمل في عمل المعلم نفسه. ووضعه في ملف تراكمي لأداء المعلم يساعد على هذا.


ويلاحظ أن الإشراف المتنوع يسعى إلى الاستفادة من أساليب الإشراف الأخرى وتطويعها لتناسب أكبر قدر من المعلمين. كما أنه يحاول تزويد المعلمين بأكبر عدد من عمليات الإشراف وأنشطته ليتمكن كل معلم من اختيار ما يناسبه ويحقق نموه العلمي والمهني. فالمرونه من أهم سمات هذا الأسلوب الإشرافي وهي التي تعطيه القدرة على التكيف مع الأوضاع المدرسية المختلفة.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *