يعد ادمان شرب الخمور مشكلة اجتماعية خطيرة / pixabay

بحث عن الكحول والخمور وأضرارهما على الإنسان والمجتمع

أمجد قاسم

تؤثر الكحولات والخمور على صحة الانسان وعلى علاقته بالمجتمع المحيط به، حيث تتسبب هذه المواد المؤثرة على القوى العقلية للشخص الذي يتعاطاها في خلق كثير من المشاكل الاجتماعية الخطيرة وفي تفكك البناء الأساسي في المجتمع وهي الأسرة وعلاقة الشخص المدمن على الكحولات Alcoholism مع الوسط المحيط.

لقد تفاقمت في كثير من دول العالم وخصوصا في الدول الصناعية المتقدمة مشكلة ادمان الكحول والتي أصبحت من الأمراض الاجتماعية والصحية الخطيرة والتي اصبح تجاوزها والتغاضي عنها امرا متعذرا نظرا لتبعاتها الواسعة على الفرد والمجتمع ، وفي هذا الصدد يبين المتخصصون في مجال ادمان الكحول أن هذه المشكلة تعد مشكلة اجتماعية طبية ذات جوانب متعددة الأطراف، حيث تطال مدن الخمور وكذلك اسرته وأصدقائه والمحيطين به، كما ان لها آثار سلبية خطيرة على المجتمع ، حيث يجاوز شرب الخمول المتعة اللحظية الى التحول الى ادمان من يشرب ومع الزمن يصبح أسيرا لهذه العادة السيئة التي يصعب خلاصه منها.

ان ما يفاقم مشكلة ادمان الكحولات هو ان كثير من الدول لا تعترف بمشكلة ادمان الخمور، وبالتالي فهي ليست مرض اجتماعي يتطلب علاجه وهذا يعود الى تفشي هذه الظاهرة والعوائد الاقتصادية والمالية لتجارة الخمور في تلك البلاد ومع البلاد الأخرى.

هذا وتصنف الدراسات الاجتماعية والطبية افراد المجتمع من حيث شربهم للخمور والكحول الى:

1- فئة لا تشرب أي نوع من الكحول والخمور وتتفاوت نسبتهم من دول الى أخرى تبعا للعادات اوالتقاليد، ويمكن القول انهم يشكلون نسبة كبيرة من أي مجتمع.
2- فئة من الناس وخصوصا في الدول الأوروبية يشربون الخمور في بعض المناسبات وبشكل معتدل وهؤلاء يطلق علهيم ” شاربين اجتماعيين”
3- فئة يشربون الخمور بكثرة ،وهؤلاء بحاجة الى رعاية طبية ومعالجة نفسية لمساعدتهم على التوقف عن هذه العادة السيئة قبل ان يتحولوا الى مدمين للخمور.
4- فئة المدمنين ، وهؤلاء يكونون مرضى بفعل الخمر والكحولات التي شربوها وما زالوا يشربونها ويحتاجون الى نظام علاجي صحيح ومناسب لهم.

تعريف مدمن الخمر

مدمن الخمر لا يستطيع بأي حال الانقطاع عن شرب الخمر بشكل كلي، قد يتوقف عن الشرب لبضعة أيام، لكنه يعود من جديد ويشربون كميات كبيرة تدعلهم في حالة سكر ، حيث يغيب العقل ويفقد القدرة على التحكم بجسده، ومن المعروف ان مدمني الخمر عندما يتوقفون على شرب الخمر تظهر لديهم اعراض جسدية وذهنية تسمى بالأعراض الانسحابية او مرض الانقطاع عن الشرب.

وقد عرفت منظمة الصحة العالمية (WHO) مدمني الخمر: بأنهم الشاربين بإكثار الذين يكونون معتمدين على الخمر لدرجة ظهور اضطرابات في صحتهم الجسمية والذهنية، واضطرابات في علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية، ولذا فهم يحتاجون إلى معالجة .

الإدمان المزمن

هي مرحلة يصلها متعاطي الخمر حيث تتأثر أجسادهم وأدمغتهم بشكل مباشر بالخمور وتبقى هذه التأثيرات ظاهرة حتى عند توقفهم عن الشرب، وفي هذه الحالة تكون أعضاء أجسادهم قد تضررت بشكل كبير بالكحول .

وعليه فان من سوف يقدم المساعدة الطبية لمتعطي الخمر يجب ان يحدد أي تصنيف ينطبق على الشخص ، أي هل هو مدمن ام مدمن مزمن ام يشرب بكثرة، علما بان كثير ممن يصنفون بانهم متعاطي الخمر الاجتماعي البسيط يمكن ان يتحولوا الى متعاطي الخمر المكثرين او المدمنين او المدمنين المزمنين.

أسباب متعددة لشرب الخمور

ان من اهم أسباب شرب الخمر هو التأثير الاجتماعي والوسط الذي يختلط به الشخص فهو يشرب كما يفعل الآخرين، ومع الوقت يصبح نمط حياتي وعادة ثم ادمان.

بالإضافة الى ذلك فان كثير من المدمين على شرب الخمر يكونون في البداية على اعتقاد ان تأثير الخمر على أجسادهم سوف ينقذهم من كثير من المتاعب التي تواجههم في حياتهم اليومية والعامة بحيث يظهرون بشكل طبيعي، لكن يكتشفون ان هذا الاعتقاد خاطئ تماما، حيث تتفاقم لديهم المشاكل وتتعقد حياتهم عندما يجدون انفسهم وقد اصبحوا يعتمدون وبشكل كلي على الخمور في حياتهم اليومية.

ويبين المتخصصون أن للخمور دور رئيس في اضعاف أجساد من يتعاطونية وهرمهم بشكل سريع ومبكر وتثبيط عزائمهم واصابتهم بالوهن مما يؤدي الى الانحدار النفسي والجسمي

ادمان الخمور مشكلة عالمية متصاعدة

تعد مشكلة ادمان الخمور مشكلة متفشية في الدول الغربية وهي تعود الى سنوات طويلة منذ بداية الحضارة عندما اكتشف ان تخمر بعض الفواكه يؤدي الى تكون الكحول والذي يؤثر شربه على القدرات العقلية للشخص.

وهذه المشكلة الاجتماعية آخذة بالتفاقم مع التطور الحضاري ومتطلبات الحياة الحديثة المتزايدة، مما جعل بعض الأفراد يعجزون من مواجهة الحياة بتطورها السريع مما يجعلهم يتعاطون الخمور ويقعون في مشكلة الإدمان.

وقدرت منظمة الصحة العالمية قبل نصف قرن عدد مدمني الخمر في بريطانيا بنحو 350 الف مدمن ، وأن ربع هذه العدد يظهر عليهم اختلال جسدي وعقلي، هذه قبل 50 عاما اما الان فقد ارتفعت هذه الأرقام وأصبح معرفة عدد المدمين في العالم امر متعذرا نظرا لنه لا يتم تصنيف ادمان الخمر بالمرض اضافة الى أن الكثير من المدمنين لا يراجعون المؤسسات التي تهتم بإحصائهم . اذ لانهم يراجعون العيادات الطبية والمستشفيات لعلاج امراضهم الجسدية، لكنهم لا يهتمون لإدمانهم على شرب الخمور وبالتالي فان المعلومات المتوفرة حول الإدمان ونسبته غير دقيقة.

وتشير الاحصائيات الطبية الى ان من يدخلون المستشفيات لعلاج ادمانهم على الخمور قليل نسبيا وان هؤلاء الأشخاص يفضلون الموت دون تلقيهم للعلاج المناسب لتخليصهم من عادة شرب الخمر، وخصوصا ان للشرب على المدى الزمني الطويل تأثيرات جسدية خطيرة وقاتلة ومنها حدوث تشمع للكبد ( تليف الكبد ) ونحول الجسم العام والرعشة وعدم القدرة على التحكم بالأعصاب وقلة التركيز والانتباه مما يتسبب في حدوث كثير من حوادث الطرق والسقوط من المرتفعات والغرق وحتى الانتحار.


يقول المتخصصون في هذا مجال الرعاية الصحية ومتابعة حالات ادمام الخمر، الا انه لوحظ وجود عدد كبير من الأشخاص ممن هم في ريعان الشباب وقد أصيبوا بتليف الكبد جراء ادمانهم على شرب الخمور مما أدى الى وفاتهم عن عمر صغير نسبيا ، وتشير احدى الدراسات الإحصائية الى ان نسبة تليف الكبد لدى الأشخاص الذين يديرون حانات شرب الخمور تبلغ تسعة اضعاف غيرهم، وان مشكلة ادمان الكحول بين الرجال تتجاوز ثلاثة اضعاف نسبتها بين النساء، وان هذه المشكلة متفشية في المدن أكثر من القرى وان الأحياء الفقيرة في المدمن تشهد ارتفاعا ملحوظات نسبة مدمني الخمور، وهذا يتسبب في قلة الإنتاجية في العمل والبطالة بين المدمين والسرقة وارتفاع نسبة ارتكاب الجرائم والانحراف الاجتماعي واهمال العائلة والزوجة الأطفال والوالدين وتفكك الأواصر الاجتماعية .

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

تعليق واحد

  1. الشكر الجزيل لكم على هذا البحث الممتاز عن الخمور واضرارها على الانسان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *