شهدت السنوات القليلة الماضية تطورات هامة في معالجة العقم عند الرجال والنساء، وقد أسهم التطور والتقدم في هذا المجال الى تمكين الأزواج من الحصول على الأطفال.
وقد تركت ثورة العلم في الأعوام الأخيرة بصماتها الواضحة في ميدان تشخيص العقم ومعالجة العقم.
تطورات نوعية في هذا المجال:
1- تجميد البويضات لاستخدامها مستقبلا.
2- تجميد اجزاء من المبيض تحتوي على بويضات غير ناضجة وعند الحاجة للبويضات يجرى انضاجها شأنها شأن تجميد البويضات.
وعمليتا التجميد هاتان تساعدان المرأة على الاحتفاظ بخصوبتها خاصة المرأة التي تخشى أن تفقد تلك الخصوبة.
وذلك بسب التعرض للإشعاعات مثلا أو العلاجات الكيميائية أو التي تكون على وشك أن تتوقف مبايضها عن انتاج البويضات.
3- تحسين وسط نمو الخلايا خارج الرحم، اذ توصل علماء الاجنة إلى تركيب مزيج مماثل للسوائل في القنوات التناسلية الأنثوية.
حيث يجعل الخلايا تواصل نموها بعد حدوث الإخصاب والانقسام خارج الجسم «كما هو الحال في اطفال الانابيب والحقن المجهري» لمدة تصل الى خمسة ایام.
لذلك ينمو معها الجنين الى مرحلة تجعل من قرار اختیار الجنين الأقوى والأقدر على الانغراس في الرحم من بين الأجنة المخصبة اصح وأسلم.
وبالتالي تزداد فرص الحمل دون الحاجة لزراعة أكثر من جنينين لان احتمالية الفشل تكون محدودة عند وصول الجنين قبل زراعته لهذه المرحلة من الانقسام والنمو.
4- من الأمور التي ارتقت بنسب النجاح وقللت من نسب الفشل في الحقن المجهري للبويضة اختيار الحيوان المنوي عن طريق الكمبيوتر.
وتتلخص بوضع عينة من السائل المنوي للزوج تحت مجهر يتحكم به برنامج كمبيوتري يتعقب الحيوانات المنوية الموجودة في العينة.
بعد ذلك يختار افضلها وأقواها واقدرها على التلقيح فيلتقطها بابرة خاصة متجاوزا بذلك الاخطاء البشرية المتوقعة في اختيار الحيوان المنوي المناسب ليقوم فني المختبر بعد ذلك بحقنه في بويضة المرأة.
اضافة الى التطورات الهائلة في تحسين الاوساط المخبرية والتكنولوجيات التي ارتقت بأطفال الانابيب
والحقن المجهرى خاصة لترتفع بنسب نجاح الإخصاب بصورة ملحوظة.
ولم يقف العلم عند هذا الحد بل تخطت النظريات العلمية في هذا المضمار حتى الخيال العلمي وأجريت العديد من الدراسات والتجارب.
أبحاث علمية
من الأمور التي انكب العلماء وخاصة علماء الاجنة على بحثها وجعلوها مضمارا للمنافسة العلمية لمعالجة العقم الابحاث التالية:
1- تقسيم الخلايا لاستعمالها بدلا من الحيوانات المنوية، وهي طريقة لا زالت قيد البحث والتجربة.
وتتلخص فكرتها في أن الخلية البشرية تحتوي على «46» کروموسوما اثنين منهما الكروموسومان الجنسيان، ويرمز لهما في خلايا المرأة « X X » ، وفي خلايا الرجل «X , Y».
وحيث ان الاخصاب يتم بالتحام البويضة الانثوية مع الحيوان المنوي فانه من الممكن أخذ اي خلية من خلايا الجسم كخلية من الجلد مثلا وتقسيمها في المختبر الى قسمين يحتوي كل منهما نصف عدد الكروموسومات.
بعد ذلك يؤخذ قسم ليحقن في داخل سيتوبلازم البويضة بطريقة الحقن المجهري، وهذه الطريقة ستعطي الامل على وجه الخصوص للرجال التي تثبت التحاليل عدم وجود الحيوانات المنوية عندهم على وجه الاطلاق.
2- من الأساليب التي ما زالت تجرب في المختبرات الجينية على الحيوانات والتي بنجاحها ستفيد الكثير من الفتيان غير البالغين الذين يواجهون مشاكل صحية او يتعرضون للعلاج الكيماوي الذي قد يؤدي بهم الى العقم.
زرع خلايا المني بين الأجناس وذلك بأخذ خزعة من الخلايا الجذعية التي تتكون منها الحيوانات المنوية وتجميدها ومن ثم اعادة زراعتها عند انتهاء فترة العلاج.
أو بعد وصول الفتى سن البلوغ أما في جسمه او في جسم حيوان اخر وما زال البحث قائما على انسب الحيوانات لتلقي الخلايا المزروعة.
وستساعد هذه الطريقة كذلك الرجال الذين يعانون من العقم لان زراعة الخلايا الجذعية في جسم حيوان يجعلها منتجة من جديد.
ولكن قبل مباشرة استكمال العلاج على العلماء أن يعثروا على طريقة لجعل الخلايا الجذعية تتكاثر في المختبر قبل زراعتها.
لان الخلايا المأخوذة في خزعة واحدة لا تكفي لتحويل رجل عقيم الى رجل مخصب.
3- التبرع بالسيتوبلازم وهي طريقة ما زالت تحت التجربة وفيها يتم اخذ سيتوبلازم بويضة فتية ليوضع في بويضة كبيرة السن، مما يحسن من امكانية الاخصاب وتطور الجنين.
ويقابل هذه الطريقة اسلوب نقل مادة الوراثة بنقل النواة التي تحتوي على المادة الوراثية من بويضة المرأة المتقدمة في السن لتوضع في بويضة منزوعة النواة مأخوذة من شابة، مما يضمن امكانية اخصاب وتطور للجنين أفضل.
4- من الأساليب التي ما زالت قيد البحث، سحب البويضات ووضعها مع الحيوانات المنوية في انبوب خاص يوضع داخل الرحم.
والانبوب مصنوع من مادة خاصة تذوب تلقائيا خلال فترة زمنية مدتها حوالي اسبوع واحد وهي المدة الزمنية التي تستغرقها البويضة المخصبة طبيعيا داخل جسم المرأة لتصل الى الرحم.
والصعوبة التي يواجهها العلماء في هذه الطريقة هي تطوير المادة التي سيصنع منها الأنبوب الذي سيترك داخل الرحم لضمان عدم رفض الرحم له.
5- الارحام الاصطناعية، وتتلخص فكرتها بتهيئة الظروف الطبيعية لرحم المرأة في حاضنات بلاستيكية.
وقد اجريت تجارب فعلية في هذا الصدد لتمكين الجنين من المرور بجميع مراحل النمو وصولا الى الولادة.
حيث يوضع الجنين في سائل امنيوني اصطناعي كما يزود دمه بالأكسجين دون الحاجة للرئة، وقد كانت هذه تشكل المعضلة الرئيسية في طريق العلماء ولكنها أجريت بنجاح.
ويبقى الجنين في تلك الحاضنات التي تضمن اسباب الحياة والبقاء خارج الرحم الى ان يستكمل نموه ويحين موعد اخراجه.
ويستفيد من هذه الأرحام الأجنة غير مكتملة النمو والتي يشكل وجودها في رحم الأم خطرا عليها، وكذلك الامهات اللواتي يحظر عليهن خوض تجربة الحمل لسبب او لأخر.
ويبقى ان هذه التطورات تعتبر قطرة في بحر الابحاث الجارية والتطورات العلمية لـ ” معالجة العقم ” التي تدعم مقولة لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس.
د.نجیب لیوس
مستشار جراحة وامراض النساء والولادة والعقم
مصدر الصورة
pixabay.com
مواضيع ذات صلة