محمد لؤي الشواهين
تفرد الإنسان بين الكائنات الحية بقدرته على التكيف وفقا لمعايير وقيم ثقافيه.فالثقافة اختراع انساني تفرد به الانسان من اجل المحافظه على الثقافة واغنائها وترتب على الانسان أن يحقق لها تواصلها من جيل الى جيل عبر آليات النقل والتحويل الثقافي لتاخذ التربيه دورها الاساسي في عمليه التواصل الثقافي,فعالم الحيوانات والحشرات مزود بسجل عصبي وراثي كامل يمكنه الاستمرار والصيرورة والتكيف دون الحاجه الى تدريب او تعليم,اما الانسان فهو الكائن الوحيد الذي لا يمتلك برنامجا وراثيا بيولوجيا للتكيف والوجود,وهو فوق هذا كله اضعف الكائنات الحيه ويمكن القول بانه يولد مجردا تقريبا من امكانيات الوجود والبقاء والاستمرار دون مساعده من الغير وهو يحتاج الى برنامج تربوي يسجل له امكانيات الحركه والانطلاق والتكيف.وهو في كافه مراحل حياته اللاحقة يحتاج الى عامل التدريب والتربيه والتعلم من اجل اكتساب المهارات التي تساعده على التكيف.
وفي التاريخ الانساني فيض من الحكايات والتجارب التي تدل على القوه الكلية للتربيه في تشكيل الانسان على ما هو عليه من خصائص إنسانيه.
تعريف التربية:
تشكل المفاهيم جوهر المعرفة الانسانيه ويشكل تطورها حجر الزاوية في عمليه بناء المعرفة العلمية وتطور العلوم الانسانيه واذا كانت غايه المعرفه الانسانيه الارتقاء الى مرتبه العلم فانها لن تبلغ غايتها هذه في ان تصبح علما الا اذا استطاعت ان تصل بمفاهيمها الى درجه عاليه من الدقه والوضوح.
منهجيه التعريف:
تكاد تنعدم المنهجيه العلميه في تقديم تعريف للتربية في اغلب الدراسات التربويه التقليديه , ففي معظم الدراسات نجد استعراضا لفيض من المفاهيم الانتقائية التي يتم اختيارها وفقا لعناصرها الجماليه وذاتية المفكرين حيث يقدم كل كاتب تعريفه الخاص وهو بهذا يزيد من تضاعف المشكلة , فالتعريفات التي تقدم لا تتجاوز حدود التشكيلات اللغوية المتجددة وليست على أساس فكري محدد.
ومن اجل تجاوز هذه المشاكل يتوجب علينا ان نقدم مفهوما للتربية في سياق علمي ومنهجي هدفه ازاله مظاهر الغموض,ومن اجل هذه الغايه فان منهجنا سياخذ بعين الاعتبار السياق التاريخي للمفهوم والتتابع المنطقي لحركته.
لذلك سنعمل على بناء منهجيه علميه يمكنها ان تخرج المفهوم من دائرة الغموض.
مفهوم التربية بين البساطة والتعقيد:
يشكل مفهوم التربيه واحدا من اكثر المفاهيم شيوعا واستخداما في الحياه الثقافيه ويتغلغل هذا المفهوم في صميم النسيج الثقافي والمعرفي للمجتمع وهو يتسم بدرجه عاليه من الوضوح على الرغم من التنوع الكبير في استخداماته.
ومفهوم التربيه في الثقافه العامة يعني الجهد الذي يبذله الوالدين في رعايه الاطفال وتامين احتياجاتهم الجسديه والنفسيه.
ويقابل هذا الوضوح درجه عاليه من الغموض في توظيفها العلمي , فالتوظيفات العلمية للمفهوم تختلف عن طبيعة استخداماته العامه لان المعرفه تعتمد ألدقه والرهافة في استخدام المفاهيم.
وتوضح هذه الاشكاليات في عدد من النقاط وهي:
** تعدد التوظيفات المستخدمة للمفهوم
** تداخل هذا المفهوم مع عدد من المفاهيم المجاوره له ولاسيما مفهوم التعليم والبيداغوجيا.
** تعدد التعريفات بتعدد المراحل التاريخيه.
** تداخل معاني هذا المفهوم بتاثير عمليه الترجمه من لغه الى اخرى.
الجذور اللغويه لمفهوم التربيه:
البحث في أصل المفاهيم اللغوية ليس ترفا علميا بل هو محاوله منهجيه مشروعه ومهمة لفهم تطور مصطلح ما عبر تقاطعات الزمان والمكان, ومن المؤكد ان التوظيفات اللغوية تتغير مع الزمن وهنا تبدو الاهميه الكبيره لاستخدام الكلمه في سياقها وفقا للمعنى.
جذور المفهوم في اللغه العربيه:
مع ضعف المضامين اللتي نجدها لمفهوم التربيه في اللغه العربيه المعاصره,فان هذا لا يعفينا من العوده الى اصل الكلمه الاشتقاقي ومقارنته مع الاصول اللغويه.
وهنا يتوجب علينا الاشاره الى انه لا يوجد في الثقافه العربيه تحديدات منفصله او تمايزا لغويا بين التربيه كفعل وتربيه كفن والتربيه كعلم,ويعود هذا كما اوضحنا الى غياب التفكير النقدي المعاصر في مجال التربيه والتعليم.
جذور المفهوم في اللغات اللاتينية والفرنسية والانجليزية:
تعود كلمه تربيه الى اصل لاتيني و تدل على فعل التربية بمعناه الأولى المجسد ويتفق معظم الباحثين على ان كلمه تربيه مشتقه من كلمتين لاتينيتين الأولى هو الفعل وهي تعني يغذي , اما الفعل الثاني فهو اخرج اواستخرج مثل اخراج قارب من ميناء.
وفيما بعد هذه الكلمات تغطي مجالات سيكولوجيه وتربويه وثقافيه متنوعه, واصبحت كلمه التربيه EDUCATION تعني إعداد الطفل ذهنيا ونفسيا وعقليا.
مفهوم التربية في سياقه الفكري:
للتربية في هذا المستوى تعريفات تفوق الحصر والتحديد فهي تختلف باختلاف التيارات الفكريه التي يصدر التعريف عنها,فمنذ قرن تتوالد تعريفات للتربية تواكب الاعمال الجاريه وقد ادى ذلك الى تراكم التصورات القائمه للتعريف.
فان تعريف التربيه على نحو منهجي يقوم على أسس موضوعيه وهي:
** الفلسفه التربويه اللتي تهيمن في مرحله تاريخيه معينه.
** طبيعه النظره الى الطبيعه الانسانيه.
** الاتجاهات السياسيه الحاكمه.
** التطورات العلميه الجاريه التي تغير من طبيعه النظره الى التربيه.
** البعد الذاتي للمفكرين والمنظرين.
** البعد الأيديولوجي الذي يتمثل في الاسقاطات العقائديه.
فكل مجموعه من هذه العوامل تشكل معادله مختلفه تفرض نفسها في مجال تعريف الذي يعطي للتربية.
مفهوم التربية عند المثاليين:
تاخذ التربيه عند المثاليين صيغه جهد انساني يهدف الى هزيمه الشر وكمال العقل,فسقراط يعرف التربيه بانها صياغه النفس الانسانيه وطبعها على الخير والشر,اما افلاطون يقول ان تربيه هي اعطاء الجسم والنفس كل جمال وكمال وهي تهدف الى تحقيق التناسق بين النفس والجسد,ويقول المفكر الاسلامي العربي ابوحامد الغزالي عن فعل التربيه هو اللذي ينقي عقل المتربي واخلاقه من الافكار الضاره ويغرس مكانها الخلق والادب , ورؤيه الغزالي تندرج في سياقها المثالي اللذي يعطي الاولويه للجوهر الروحي والانساني.
فالتربيه في صيغتها المثاليه هي الفعل اللذي يمكن الاطفال من الوصول الى اعلى داجات نضجهم وهي تسعى الى ان تحقق للطفل مايجب عليه ان يكون في المستقبل.
جان جاك روسو والنزعه الطبيعيه في التربيه:
يرى انصار النزعه الطبيعيه بان التربيه هي الحياه وانها سعي مستمر لتفجير الطاقات الطبيعيه, ويعبر عن هذه الرؤيه جان جاك روسو يقوله المشهور”دعوا الطفوله تنضج في الأطفال”.
التربيه السلبيه عند روسو:
يعلن روسو بانه يجب علينا الا نهتم بالاعداد العقلي للطفل ولا يجب ان ندفعه الى التفكير او أي مجهود عقلي ويجب ان ندع الطفل يتحمل النتائج الطبيعيه لاعماله دون تدخل الانسان.
التربيه عند كانط:
يرى كانط ان الانسان حر وخاضع للحتميه فهو حر الى الحد الذي يعد فيه روحا , وهو خاضع للحتميه الى الحد الذي يكون فيه جسدا خاضعا للقانون الطبيعي.
وهدف التربيه عنده ان تنمي عند الكائن كل ما يستطيعه من الكمال ويعرفها بأنها عمليه تكوين وبناء للجسم وذلك لانه لايمكن للانسان ان يصير انسانا الا بالتربيه.
تعريف بستالوتزي:
يعرف جوهان بستالوتزي التربيه بانها النمو المتناسق لكل قوى الفرد النفسيه وهو يتشابه مع ابي حامد الغزالي في المقارنه بين التربيه والغراس الطبيعيه, فالتربيه عند بستالوتزي هي عمليه النمو لجميع قوى الانسان وملكاته والمربي كما يعتقد ليس هو الذي يغرس قوى جديده في الانسان بل تكمن مهمته في ازاله القوى الخارجيه التي توقف النمو الطبيعي لدى الفرد.
دوركهايم والنزعه الاجتماعيه:
ويعرف التربيه بانها التاثير الذي يمارسه الراشدين على الاجيال التي لم ترشد بعد , فلقد ابدى دوركهايم انتقادات اصيله لمفهوم التربيه التقليدي الذي يركز على الجانب الفردي حيث وصف التربيه بانها “شيئا اجتماعيا بالدرجه الاولى” ويعرفها بانها “تنشئه اجتماعيه تمارسها الاجيال السابقه على الاجيال اللاحقه”
ويكمن هدف التربيه في تنميه عده جوانب عند الاطفال وذلك على النحو الذي يحدده المجتمع السياسي بوصفه كلا متكاملا وباختصار شديد”التربيه عمليه تنشئه اجتماعيه منهجيه للجيل الجديد”
نقد دوركهايم للتصورات السائده حول مفهوم التربيه:
لقد سجلت مثل هذه الرؤيه الموضوعيه الواضحه غيابا كاملا, حيث كان يجمع الفلاسفه والمربون على النظر الى اهميه الجانب الفردي في العمليه التربويه ويقول دوركهايم”ان هدف التربيه هو قبل كل شي تحقيق النمو الامثل للملكات الفرديه للنوع الانساني ولكن هذا التصور لايتفق مع الحقيقه الواقعيه فالفلسفه الكلاسيكيه كانت تتجاهل النظر الى الإنسان الواقعي في زمان ومكان محددين.
جون ديوي والروح البرغماتيه:
تعد البرغماتيه النمط التربوي الذي افرزه المجتمع الأمريكي وشعارها هو تعلم لاجل العمل وغايتها التربيه من اجل العمل والتكيف مع الحياه الاجتماعية, ويعرف ديوي التربيه بانها تنظيم مستمر للخبره هدفه توسيع محتواها الاجتماعي وتعميقه, وبصوره عامه يعرف البرغماتيين التربيه بانها التي تعد الطفل للحياه المتغيره المتكامله.
اتجاهات معاصره في تعريف التربيه:
يعتقد موريس شليك وهو كبير الفلاسفه الوضعيين ان التربيه عمليه تعديل لدوافع الفرد وهي في الوقت نفسه عمليه اكساب الفرد دوافع جديده تؤدي الى تنميه القيم المعرفيه,ويعتقد الوضعيين ان الاهداف التربويه يجب ان تقع ضمن الماده الدراسيه وان اكتساب الفرد لدوافع لا يأتي إلا بالخبره الحسيه , ويقدم المفكر فورنيل في كتابه “مفاهيم تربويه” تعريفا للتربيه وهو ان التربيه هي نتاج لتاثير الراشدين في بنيه السلوك والنمو عند الاطفال,ويعرف ايضا المفكر ريـبول التربيه بانها الفعل الذي يسمح للانسان ان يطور قدراته العقليه والنفسيه والاجتماعيه والجماليه والاخلاقيه من اجل تاكيد جوهره الانساني,وفي تعريف احدث لريـبون يقول ان التربيه جمله العمليات والاجراءات التي تمكن الطفل من الوصول الى الثقافه.
بين التربية التعليم:
يعني التعليم النشاط الذي يتم بموجبه تحويل المعلومات من شخص الى اخر وياخذ طابع النشاط,وعلى خلاف التعليم فان التربيه تتميز بالشموليه والطابع المعقد فهي عمليه حياتيه معقده تشمل مختلف لحظات التفاعل بين الانسان والوسط الذي يعيش فيه, ومن هذا المنطلق يمكن القول ان التعليم يشكل حاله تربويه في وضعيه شموليه هي التربيه فإذا كان التعليم يشكل لحظات تربويه,فان التربيه لا يمكن ان تختزل الى موقف تعليمي لانها تتصف بالشمول,فالموقف التعليمي غالبا ما ياخذ طابع علاقه منظمه بين انسان واخر اما الموقف التربوي فيتجلى في مختلف المواقف الحياتيه,فالتربيه عمليه تشمل مختلف جوانب الشخصيه بينما يتجه التعليم الى تكوين الذاكره.
البيداغوجيا والتربية:
غالبا مايتجنب المفكرون في مجال التربيه مواجهه العلاقه المعقده بين مفهومي التربيه والبيداغوجيا.وليس من تقاليد الفكر التربوي العربي الدخول في جدل العلاقه بين المفهومين.فالغموض الذي يلف مفهوم البيداغوجيا يفوق مفهوم التربيه,فمعاني البيداغوجيا تشكل في الفكر الغربي حقل ونزاع وصراع بين عده مفاهيم أهمها التربيه .
واذا كان هذا المفهوم يعاني في مهده الغربي التعقيد والغموض فان هذا الغموض يتضاعف في اللغه العربيه فالمفهوم نشأ في الفكر الغربي ويضاف الى ذلك ان مفهوم البيداغوجيا لايوجد له مقابل في اللغه العربيه حيث لانجد تعريبا محددا له, لذلك يتجنب المفكرين العرب الخوض في الحقل العام لهذا المفهوم حيث يحيلونه الى مفهوم التربيه دون التمييز بينهما,ومن هذا المنطلق يمكن ان نقول بان المعرفة لهذه المفاهيم يشكل الاساس المنهجي لتطوير الفكر العربي.
الأصل الاشتقاقي لكلمه بيداغوجيا:
تعود كلمه بيداغوجيا في اصلها الى كلمتين اغريقيتين هما الطفل ويقود,وفي اللغه الفرنسيه نلاحظ ان القواميس تعطي لهذه الكلمه دلالتين تتمثل الاولى في علم تربيه الاطفال والثانيه في فن تربيتهم,وتتضح مدى صعوبه التعريف منذ الوهله الاولى بسبب غموض الكلمات اللتي يتكون منها هذا التعريف.
البيداغوجيا ليست تربيه:
يختلف مفهوم البيداغوجيا عن مفهوم التربيه,فالتربيه تعني الفعل الذي يمارسه الآباء والمعلمون على الاطفال وهو فعل عام يتميز بالاستمرار, والبيداغوجيا كما يراها دوركهايم هي نظريه تطبيقيه نقدية تعمل على توجيه الحياه التربويه وهدايتها نحو افاق محدده وهي تشكل منظومه من المبادئ والمناهج, ومع ذلك فان البيداغوجيا هي التي تعطي التربيه معناها ومن غير البيداغوجيا تتحول التربيه الى فعل عشوائي يفقد دلالته ومعناه.
من التربية إلى علم التربية:
العلم بالتعريف هو مجموعه من المعارف المنهجيه المنظمه التي تبحث في موضوع متجانس محدد وبصوره عامه هو الذي يوظف أدواته ومناهجه في الكشف عن بنيه الظواهر ويسعى العلم إلى تفسير الظواهر الطبيعيه والاجتماعيه تفسيرا كميا ويسعى للكشف عن القانونيه العلميه, اما التربيه هي منظومة المعارف العلميه التي اكتشفها الإنسان في مجال الحياه التربويه بنماء وتكون الانسان معرفيا وعلميا وتربويا.وظهر تعبير علم التربيه لاول مره عام 1812 في كتاب مارك انكوان جوليان دوباري بعنوان “روح المنهج التربوي عند بستالوزي”
فعلم التربيه علم يسعى الى معرفه التربيه وتحليلها ورصد فعالياتها ومتغيراتها على نحو موضوعي وعلمي وبعباره اخرى تشكل التربيه موضوعا لعلم التربيه, ويؤكد دوركهايم باسلوبه المنهجي على ولاده علم التربيه وهو يؤكد على حضوره ضد المتشككين بقوله:اذ كان يمكن لقضايا التربيه ان تشكل موضوعا لعلم ما,فان ذلك امر يسهل البرهنه عليه في هذا المجال وذلك لان الدراسات والابحاث يمكن ان تاخذ الصيغه العلميه اذا توافرت فيها الخصائص التاليه:
** ان تتناول هذه الدراسات الظواهر وحقائق قبله للملاحظه.
** ان تكون الظواهر المدروسه متجانسه فيما بينها اللذ ي يسمح بتصنيفها في فئه واحده.
** ان يكون هدف العلم الدراسه هذه الظواهر من اجل معرفتها بشكل موضوعي.
ويبين دوركهايم ان علم التربيه “هو دراسه نشاه الانظمه التربويه ووظائفها”,وهكذا فان دوركهايم يحدد علم التربيه بانه هذا العلم اللذي يشتمل على الامور التاليه:
1- تاريخ الظواهر التربويه.
2- تاريخ المذاهب في سياقها الاجتماعي.
3- علم الاجتماع التربوي وهو الدراسه العلميه لظروف الحياه التربويه.
الشموليه في مفهوم التربيه:
تتعدد تعريفات التربيه بتعدد الباحثين والتيارات الفكريه ومع اهميه هذه الاختلافات فان اغلب المفكرين المعاصرين يميلون الى اعطاء التربيه طابعا شموليا , وهذا التوجه يميل الى تجاوز حدود الايديولوجيا الفكريه والفلسفيه التي شغلت كبار المفكرين,فالتربيه كما تتبدى في الرؤيه المعاصره تتجلى بوصفها هذه العمليه التي تقوم على اساس العلاقه بين الانسان وعناصر الوجود,إنها عمليه يتم بموجبها التفاعل بين الانسان والانسان وبين الانسان والطبيعه.
ويمكننا في هذا السياق أن نحدد بعض السمات الاساسيه للطابع الشمولي في التربيه:
1- الشموليه الزمنيه : فالتربيه لا تتوقف عند مرحله من المراحل فالإنسان كيان يتشكل ويعاود تشكله عبر دائرتي الزمان والمكان وهي عمليه تغطي مختلف مراحل الحياه عند الانسان.
2- الشموليه التكوينيه : فالتربيه تشمل جوانب الشخصيه السيكيولوجيا واجتماعيا واخلاقيا وروحيا وبدنيا.
3- الشموليه الوظيفية : إن التربيه تمارس دورا مهما يتميز بالشمول في المجالات الوجود الانساني فهي التي تعد الطفل مواطنا وإنسانا.
4- شموليه التأثير: إن التربية عمليه تنبثق من بنيه التي تحيط بالكائن فالوسط بما ينطوي عليه من عوامل ومتغيرات ووقائع وكائنات والطبيعة توثر تربويا في بنيه الإنسان.
5- شموليه البنية : فالتربية عمليه تشمل مختلف العمليات التربويه فالتعليم يدخل في بنيه الفعل التربوي ويشكل موقفا وكذلك هو الحال بالنسبه للتنشئه الاجتماعيه ,فالتربيه هي الكيان يتضمن التعليم ويتجاوزه, والتربيه ليست تدريبا فالتدريب قد يدخل في بنيه الفعل التربوي ولكن لا يجسدها.
6- الشموليه الانسانيه : التربية عمليه تتصف بالانسانيه تتجسد في التجليات الانسانيه منذ القدم,فلا يمكن لأي مجتمع ان يتكون من غير التربية
بنيه الفعل التربوي:
تقر التعريفات التربوية على اختلافها بوجود عنصرين أساسيين في العمليه التربويه هما المربون والمتربون,فانها تقوم في جوهرها على علاقه التاثير الذي يمارسه المربون على المتربين,فالمعلمون والمربون والراشدون يمارسون تاثيرهم على الاخرين من اطفال وتلاميذ.
كما انه يمكن النظر الى طبيعه واتجاه التاثير الذي يمارسه التربيه,فاتجاهات التاثير قد تتنوع حسب مجالات عده كأن نتحدث عن التربيه الرياضيه وغيرها,ولكن علم التربيه الحديث وعلم النفس يؤكدان بان هذا التمييز بين قطاعات التأثير هو شكلي وانه لا يمكن الفصل بين الجوانب المختلفه للشخصيه.
طرائق التربية:
تتعدد اساليب التنشئه الاجتماعيه,فهناك التربيه التسلطيه وهناك التربيه الحره,وتختلف اساليب التربيه وفقا للاهداف الرئيسيه وايضا تختلف وفقا لدرجه الوعي العلمي, ومع تعدد الاساليب التي تعتمد على التربيه الا انه يمكننا التحدث عن نوعين من التربيه وهما:
1- التربيه العفويه : اننا نفضل استخدام التربيه العفويه التي تاخذ طابعا لا شعوريا وهذا يعني عمليه تفاعل واسعة بين الطفل والبيئه التي يعيش فيها والتي تشكل المناخ الأساسي لنموه وتشكله تربويا.
2- التربيه الموجهه : يتمثل الاكتساب التربوي الموجه في نسق من العمليات الاراديه التي يستخدمها الراشدون لتكريس انماط سلوكيه لدى الاطفال مثل العقاب والثواب وهي آليات غالبا مايلجأ اليها الاهل لتربيه اطفالهم واكسابهم الانماط السلوكيه في الوسط الاجتماعي والثقافي,وهذا النوع من التربيه يستجيب لاراده الكبار الذين يقومون بتربيه أطفالهم.
وظائف التربية:
تشكل التربيه الروح الحقيقيه للحياه الاجتماعيه وهي تؤدي وظائفها الحيويه تمكن المجتمعات الانسانيه من عناصر وجودها.
فالتربيه عمليه ضروريه للانسان في مستويات الجماعه والمجتمع والفرد فهي التي تمكن الانسان من المحافظه على جنسه وتوجيه غرائزه وتنظيم عواطفه وتنميه ميوله بما يتناسب المجتمع.
ومن بين الوظائف المتعددة التي تؤديها التربية هي:
1- تحويل الارث الثقافي لمجتمع ما ونقله عبر تتابع الاجيال والاحوال.
2- التكيف الاجتماعي والثقافي لافراد المجتمع.
3- تطوير الثقافه والتراث فالتربيه تعمل على اضافه كل جديد انساني الى السجل الثقافي للمجتمع وهي بالتالي تنقل هذه التجديدات من جيل الى جيل.
4- تزويد الإنسان بإمكانيات الحياة : تعرف الطفولة الانسانيه بالعجز ولذلك فان التربية تمكنه من اكتساب المهارات والقدرات العقلية والجسدية والنفسية التي تساعده على التكيف,فالتربية ضرورية لتامين شروط الحياة .