اشكال الإيموجي وتأثيرها على الدماغ البشري

مصطفى شقيب/كاتب علمي ومترجم/المغرب

الإيموجي (Emoji) هي ما تعرف أيضاً بالرموز التعبيرية أو الصور الرمزية أو الوجوه الضاحكة لها تأثير كبير على الدماغ البشري فهي بالنسبة للدماغ وجوه حقيقية.

تشير الدراسات العلمية إلى أن الدماغ لم يعد يتعامل مع هذه الرموز الصغيرة كنصوص مكتوبة. لقد صار الآن يعتبرها صورة للواقع.

لم تغير التكنولوجيات الحديثة حياتنا فقط، بل غيرت طريقة عمل دماغنا. وإذا كانت الفكرة ليست جديدة في حد ذاتها ، فقد قام فريق من الباحثين الاستراليين في قسم علم النفس في جامعة فلندرز في أديلايد بقيادة الدكتور أوين تشرتشس ، بإثبات جديد من خلال دراسة ردود الفعل في أدمغتنا تجاه الوجوه الباسمة أو التعبيرية على شاشات الحواسيب. ماذا يدور في رأسك عندما ترى هذا الشكل: -) أو غيره من الأشكال ؟ هل يفسره دماغك على انه نص/كتابة أو صورة شيء بسيط ؟ لا هذا ولا ذاك … إنه يرى صورة وجه حقيقي يبتسم أو يُخرج لسانه !

ولإثبات ذلك، قام العلماء، التي نشرت مؤخرا أعمالهم في مجلة علم الأعصاب الاجتماعية، بإخضاع عشرين متطوعا لسلسلة من الاختبارات. فعندما ننظر إلى وجه إنساني ، تحدث عملية محددة جدا في الدماغ. وهذا ما يفسر على وجه الخصوص أن الناس الذين عانوا من بعض الإصابات الدماغية يجدون صعوبة في التعرف على الوجوه .

هناك موجة دماغية خاصة تسمى N170 مرتبطة بهذه الآلية ويمكن مشاهدتها عن طريق المسح الدماغي الكهربائي EEG ، وقد ركز الباحثون أعمالهم على هذه الموجة. ففيما تم تجهيز المشاركين بأقطاب كهربائية لمراقبة نشاط الدماغ، فقد شاهدوا هذه الصور على أنها وجوه حقيقية، كانت رموزا مقلوبة أو في مكانها، صور وجوه مبتسمة من اليسار إلى اليمين ( -: أو معكوسة:-) و أيضا علامات الترقيم دون معنى خاص.

” نموذج جديد من النشاط في الدماغ “

وكانت النتائج مثيرة للدهشة: فأمام الوجوه الضاحكة المرتبطة بطريقة معقدة، كان للدماغ رد الفعل نفسه عندما تم تقديم وجوه حقيقية بشكل طبيعي. مستوى و سلوك الموجة N170 متكافئان. وفي المقابل، فبينما يتعرف الدماغ – وإن كان ذلك بصعوبة أكبر – على وجه حقيقي تم تقديمه مقلوبا على انه وجه من الوجوه، فإنه لا يعتبر صورة وجه مبتسم مقلوب على أنه كذلك. وبالمثل لا يتم اعتبار علامات الترقيم العشوائي على أنها وجوه. ” الوجوه التعبيرية هي شكل جديد من أشكال اللغة التي أنتجنا، ولفك رموز هذه اللغة أنتجنا نموذجا جديدا للنشاط الدماغي وتم إنشاء استجابة عصبية تماما بطريقة ثقافية “، يفسر متحمسا، أوين تشرتشس صاحب هذه الدراسة الهامة.


وتقترح هذه النتائج أن 30 عاما من الاستخدام الواسع الانتشار اليوم أدت إلى اعتبار الدماغ لهذه الرموز ليس ” كوجوه مبتسمة ” أو ” كوجوه حزينة ” ، بل يتفاعل معها في نهاية المطاف كما لو كانت وجوها حقيقية تعبر مشاعر الفرح أو الحزن .

مترجم بتصرف عن جريدة لوبوان الفرنسية-الصفحة العلمية.

عن مصطفى شقيب

كاتب ومترجم علمي وأدبي. ترجم العديد من المقالات والكتب والقصص. مهتم بمستجدات العلوم التجريبية والانسانية. chaqib@yahoo.fr

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *