كان للعلماء المسلمين اسهامات هامة في علم الرياضيات وفي فروع هذا العلم ، ومنها علم العدد أي الحساب ، والجبر ، والهندسة ، والمثلثات ، وعلم الفلك .
لقد طور العرب الأرقام الهندية وأدخلوا الصفر في نظام الأعداد وتمكنوا بذلك من ضبط الخانات والقيام بالعمليات الحسابية بطريقة صحيحة وسهلة ، فقطعوا بذلك شوطا بعيدا في علم الحساب، وأصبحوا أساتذته أينما وجدوا . وعندما استنبط غیاث الدین جمشید الكاشي ( 840 هـ – 1436 م ) أصول تحويل الكسور العادية إلى كسور عشرية ، اكتملت مآثر المسلمين في هذا الحقل .
ووضع محمد بن موسی الخوارزمي الذي توفي في عام 232 هـ – 846 م الأسس الحديثة لعلم الجبر ، وأطلق اسم و الجبر ، لهذا الفرع من الرياضيات ، وعنه أخذ الأوروبيون هذا التعبير فعرف الجبر عندهم بإسم Algebra.
وللمسلمين فضل كبير على علم المثلثات أي النسب ، ولذلك يعتبرون المؤسسين الحقيقيين لهذا الفرع من الرياضيات . وقد توصل كل من محمد بن جابر البتاني ونصير الدين الطوسي إلى مكانة مرموقة في علم المثلثات وتطبيقاته في علم الفلك .
واهتم المسلمون بعلم الفلك اهتماما خاصا و استندوا إليه لتحديد الزمن وأوقات القيام بالفروض الدينية وتعيين اتجاه مكة المكرمة حيث القبلة ، وغير هذا من الفوائد العملية ، فنال الفلكيون رعاية وتشجيعا من الخلفاء ، وبنيت مراصد كثيرة في الأقطار الإسلامية وألحقت بها المكتبات اللازمة ، فانصرف الحكماء إلى مراقبة الظواهر الفلكية ودراستها ، فتقدم علم الفلك على يدهم إلى أعلى المستويات .
وكان موسی بن شاكر وأبناؤه والخوارزمي من أوائل الذين اشتغلوا بالفلك ، وذلك في عهد المأمون ، فاكتملت ترجمة الكتب الفلكية الهندية واليونانية ، ووضع الخوارزمي تقويما فلكيا .
واهتم موسی بن شاكر وأبناؤه بتصنيف النجوم الثابتة ، وقياس محيط الأرض ، وصنع الآلات الدقيقة لرصد النجوم وضبط الأوقات ، وكل ذلك بالإضافة إلى اهتمامهم بجمع الكتب والمصادر العلمية ، وقد أنفق الخلفاء المبالغ الطائلة على المترجمين والعلماء .
ومن أعلام الفلكيين العرب محمد بن جابر بن سنان الحراني المعروف بالبتاني ، وله مكانة عالمية في علم الفلك . وتقويمه الفلكي المعروف بكتاب الزيج الصابئ من أضبط الأزياج ( التقاويم ) الإسلامية وأدقها . وقد تمكن البتاني من قياس دوران الأرض حول الشمس وعين السنة الشمسية بكونها 365 يوما و5 ساعات و 46 دقيقة و 24 ثانية ، وهذه تقل عن المدة الصحيحة بدقيقتين و 24 ثانية . كما أن للبتاني دراسات قيمة حول كسوف الشمس وخسوف القمر ، وحول اختلاف المنظر من الأرض (Parallax)، وجنوح سمت الشمس عن خط الاستواء .
واكتشف ابراهيم يحيى الزرقالي ، وهو من مشاهير العلماء في الأندلس ، تغير أوج الشمس ( أي أقصى مسافة بين الأرض والشمس).
وقال البيروني إن الشمس ليست سبب تفاوت الليل والنهار بل إن الأرض ذاتها هي التي تدور حول نفسها ، كما أنها تدور مع الكواكب والنجوم حول الشمس . قال هذا قبل کوبرنيكوس بخمسمئة عام ، ولكن الناس لم يفهموه ، ولم يهتموا باقواله .
وبعد أن استولى هولاكو المغولي على مدينة بغداد في عام 1258 م أمر ببناء مرصد كبير في مدينة مراغه في أذربيجان الإيرانية ، ووكل عليه العلامة نصير الدين الطوسي الذي استدعى إليه بعض من أشهر العلماء ليعملوا معه ، كما أحضر إلى مراغه أربعمئة ألف مجلد من الكتب القيمة من البلاد التي افتتحها هولاكو فأصبحت مراغه مركزا للعلم في ذلك العصر . وجهز الطوسي ورفاقه مرصد مراغه بأجهزة الرصد الدقيقة التي كانت آية في الإتقان والابتكار ، فأدت قياساتهم الدقيقة إلى تقدم علم الفلك تقدما كبيرا .
وقد اشتهر المسلمون في صنع الحلقات الفلكية ( أي الاسطرلاب )، وتطويرها حتى صارت آية في الكمال التقني والرياضي ، ولم يتفوق الأوروبيون على المسلمين في علم الفلك الا بعد اختراع المنظار الفلكي ( التلسكوب ) في أواخر القرن السادس عشر الميلادي على يد جليليو .
مصدر الصورة
pixabay.com
تعليق واحد
تعقيبات: مساهمة العرب في الرياضيات