آفاق علمية وتربوية – تراكمت خلال العقود القليلة الماضية كميات هائلة من الغازات الضارة في الغلاف الجوي والتي تكونت بنتيجة الإنبعاثات الغازية الهائلة من المصانع ووسائط النقل وغيرها من نشاطات الإنسان اليومية جراء حرقة للوقود الإحفوري والفحم والنفايات بالإضافة إلى ما يتم إطلاقه من غازات من المصانع والمناجم وغيرها .
وتعرف تلك الغازات بغازات الدفيئة ومن أهمها ثاني أكسيد الكربون والميثان وغازات السوكس والنوكس، وهذه الغازات الكيميائية الخطيرة يتسبب تراكمها في الغلاف الجوي للأرض إلى تراكم درجة الحرارة في الهواء الجوي وزيادة درجة حرارة كوكب الأرض بشكل عام.
هذا وتتميز الدول الصناعية بمعدلات عالية لاستهلاك الطاقة مقارنة بالدول النامية، وبالتالي فهي المصدر الرئيس لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وعلي هذا فعليها الدور الأكبر في اتخاذ الإجراءات الضرورية للحد من انبعاث هذه الغازات الضارة والتي يمكن حصرها في اتجاهين أساسيين:
1. الحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري من خلال الاعتماد علي أنواع الطاقة البديلة وتحسين كفاءة الاستفادة من الوقود.
2. زيادة المساحات الخضراء والتي تعتبر العامل الأساسي لامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون.
لقد أوضحت نتائج الدراسات في عدد كبير من دول العالم الثالث أن مستوي تركيز غازات الاحتباس الحراري فيها، هي ضمن مستواها الطبيعي ولا تشكل أي خطر علي تسخين الأرض إلا أن الإجراءات الوقائية التي يمكن اتخاذها للحد من انبعاث الملوثات على الطرق لحماية البيئة الأرضية من التسخين أن تؤدي إلي خفض نسبة التلوث في البيئة المحلية وبالتالي المحافظة على الصحة العامة، علاوة على الفوائد الأخرى التي تتمثل في ترشيد استهلاك الطاقة وتوفير المال و تحسين الحالة الصحية.
عوامل التحكم في نسبة الانبعاثات
حتى نستطيع تحديد الإجراءات الوقائية ينبغي التطرق أولاً للعوامل المتعلقة مباشرة بنسبة الانبعاثات الصادرة عن وسائل النقل والعوامل غير المباشرة.
العوامل غير المباشرة
العدد الكلي للمركبات
تعتمد نسبة الانبعاثات بشكل رئيسي على العدد الإجمالي للمركبات المارة على الطريق حيث تتزايد هذه النسبة بتسارع في ظل النمو السكاني و متطلبات التنمية.
نوع المركبة
من المعلوم أن كمية الانبعاثات الصادرة عن المركبات تتفاوت تبعاً لأنواعها.
سعة المحرك
تنعكس قدرة محرك المركبة على معدل استهلاك الوقود و بالتالي على كمية الانبعاثات الصادرة عنها.
كفاءة المركبة و تاريخ إنتاجها
تعتبر كفاءة العربة عالية إذا استطاعت قطع مسافات أكبر بوقود أقل و تعتبر العربات المنتجة قديما أقل كفاءة من غيرها.
معدل سير المركبة
تنعكس المسافات التي تقطعها المركبة يوميا بشكل تلقائي على كمية الانبعاثات الصادرة عنها.
سرعة المركبة
تعمل معظم المركبات بكفاءة أعلى في سرعة ثابتة ما بين 80-100كم/ساعة حيث تكون نسبة الانبعاثات أقل ما يمكن.
جودة الوقود
تعد جودة الوقود عالية إذا كانت كمية الانبعاثات الصادرة عنه بعد الاحتراق أقل من غيرها في الأنواع الأخرى منه.
أحوال الطريق و نظام السير
تعمل الطرق غير الممهدة أو التي تحتاج لصيانة على إتلاف المركبات فضلاً عن زيادة ازدحامها و بالتالي زيادة الانبعاثات لتغير سرعة المركبة. كما أن سوء تنظيم حركة السير يقود إلى الاختناقات على الطرق مما يسبب الاحتراق غير الكامل للوقود و يضاعف نسبة الانبعاثات كماً و نوعاً.
العوامل غير المباشرة وتشمل:
الظروف المناخية: سرعة الريح واتجاهها، الأمطار والرطوبة.
النباتات على جانبي الطرق: يحدد ارتفاع وكثافة النباتات على جانبي الطريق قدرتها على تنقية الهواء من الملوثات.
تضاريس الطريق: تؤثر على تعديل سرعة الريح واتجاهها.
لذا وحتى نحقق نتائج جيدة في تقليص معدل الانبعاثات لغازات الدفيئة يتعين على الحكومة و المؤسسات و الأفراد القيام بالأدوار المنوطة بهم.
الإجراءات الوقائية
إجراءات متعلقة بالحكومة
يعد الحفاظ على صحة الجمهور والبيئة من الملوثات على اختلاف مصادرها من أهم الأدوار المنوطة بالحكومة ممثلة بمؤسساتها المختلفة في شتى مجالات التنمية و حيث أن وسائل النقل تساهم بنسبة عالية من تلك الملوثات فانه يتعين اتخاذ الإجراءات التالية للحد منها:
العمل على إنشاء محطات ثابتة و متحركة لقياس مستوى التلوث من الغازات والجسيمات المنبعثة من وسائل النقل المختلفة وبصورة دورية.
تحديد معدلات تركيز الانبعاثات “الناجمة عن المركبات” المسموح بها محلياً.
سن القوانين والتشريعات البيئية الخاصة بتلوث الهواء وتفعيلها في القطاعين العام والخاص.
تخفيض الضرائب على شراء المركبات الحديثة التي تتميز بكفاءة عالية.
وضع تعليمات صارمة بشأن المركبات القديمة من ناحية استيرادها و تجديد تراخيصها وصيانتها.
تفعيل نظام الفحص السنوي للمركبات وإدخال فحص نسبة الغازات العادمة المنبعثة من المركبة.
تحديد المعايير الخاصة بأنواع الوقود المختلفة المستعملة في المركبات.
العمل على تخفيض أسعار الوقود ذو الجودة العالية لتشجيع استعماله.
تشجيع استبدال المصادر المعتادة للوقود بأخرى نظيفة كالغاز الطبيعي.
تعبيد ورصف الطرق غير المعبدة والعمل على إنشاء شبكة طرق تشمل جميع التجمعات السكنية و الصناعية.
إنشاء شبكة مواصلات عامة منتظمة و فعالة.
إعادة تشجير المناطق خاصة على جانبي الطرق.
دعم وتشجيع البرامج التي من شأنها رفع مستوى الوعي لدى المواطنين بخصوص مخاطر زيادة الانبعاثات الناتجة من وسائل النقل محليا و عالميا وتبصيرهم بالفوائد التي تعود عليهم من تقليصها.
إجراءات متعلقة بالمؤسسات والجمعيات
أصبح دور المؤسسات و الجمعيات بارزا ومؤثرا على نطاق عالمي في توجيه الرأي العام إلى القضايا الهامة مثل قضية البيئة والمحافظة عليها، و التأثير أيضا على صانعي القرار ولذلك فان تكامل الأدوار و تفعيلها يتطلب القيام بالإجراءات التالية:
تنفيذ برامج توعية للمواطنين بواسطة وسائل الإعلام بالإضافة إلى الملصقات والنشرات لتوضيح مخاطر زيادة التلوث على البيئة المحلية و العالمية.
تبني برنامج المدن النظيفة الذي يشجع المواطنين على استخدام البدائل المتاحة مثل المواصلات العامة و الدراجات الهوائية و المشي و إظهار الفوائد المالية والصحية التي تعود عليهم من ذلك.
التوعية بأهمية إعادة التشجير لتنقية الهواء فقد أوضحت البحوث العلمية أنه يجب زراعة100
شجرة مقابل كل سيارة نقل و10 شجرات مقابل كل سيارة صغيرة علماً بأن بعض الأشجار تقوم بإنتاج أكسجين فقط ولا تنتج اطلاقاً ثاني أكسيد الكربون كما يقوم بعضها بامتصاص بعض المركبات السامة
من الهواء فيما يقوم بعضها الآخر بهدمها فضلاً عن قيامها بتصفية الهواء من الملوثات العالقة به بالإضافة إلي دورها الهام في تعديل المناخ إذ تقوم بخفض درجة الحرارة وخفض سرعة تيارات الهواء الصاعدة والهابطة.
العمل على تغيير أنماط السلوك المجتمعي من حيث قبول ظاهرة ركوب الدراجات من جميع الفئات العمرية و الوظيفية و التخلص من الارتباط الشخصي بالسيارة في إنجاز أقصر التنقلات.
القيام بحملات خاصة للسائقين مثل دورات تدريبية أو توزيع نشرات خاصة تتضمن إرشادات حول أهمية الصيانة الدورية للمركبة و اختيار الوقود المناسب و أمور أخرى.
تشجيع استعمال المركبات التي تتطلب أنواع خاصة من الوقود مثل الغاز المضغوط أو الكهرباء كونها تقلص انبعاثات غازات الدفيئة و تحسن جودة الهواء.
تشجيع الشركات على تقليص نفقاتها بواسطة استخدام الدراجات الهوائية في التنقلات الفردية القصيرة.
طرح الأفكار و المشاريع الجديدة التي من شأنها تقليص انبعاث غازات الدفيئة مثل استخدام الشرطة للدراجات الهوائية خصوصا للعناصر المتواجدة في الأماكن المزدحمة كالأسواق أو لأداء مهمات فردية قصيرة.
إجراءات متعلقة بالأفراد
قد نتساءل عن كيفية مساهمة الأفراد في الحد من ظاهرة تسخين الأرض، و الإجابة في غاية السهولة إذ أن تغيير بسيط في سلوك و أسلوب حياة الأفراد يؤدي إلى انخفاض هائل في مستوى غازات الدفيئة بالنظر إلى ستة آلاف مليون نسمة هي عدد سكان الأرض حالياً.
و يمكن تلخيص هذه الإجراءات على النحو التالي:
امنح سيارتك إجازة باستعمال البدائل المتاحة مثل المواصلات العامة أو الدراجة الهوائية أو المشي.
عند تنظيم مهمات النقل عليك تجميع التنقلات الفردية القصيرة بحيث تغني عن استعمال سيارة لكل مهمة.
احرص على أن تكون السيارة قي حالة جيدة و عجلاتها منفوخة بشكل ملائم.
عند شراء سيارة جديدة يجب الأخذ في الاعتبار ملاءمتها للحاجة من حيث قدرة المحرك و قلة استهلاك الوقود و ألا تكون قديمة.
يفضل الاكتفاء بأقل عدد من المركبات التي تؤدي الحاجات الشخصية أو المتعلقة بالعمل.
استخدم الوقود ذو الجودة العالية.
ساهم في زراعة الأشجار فهي وسيلة فعالة لتقليص نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر من الانبعاثات الرئيسية من وسائل النقل.
تحدث مع العائلة و الأصدقاء لحثهم على المساهمة في تقليص انبعاثات غازات الدفيئة.
الاحتباس الحراري خطر على البشرية
مقال رائع…مع الشكر
اشكر موقعكم على البحث المميز عن ظاهرة الاحتباس الحراري وانعاكاسات هذه الظاهرة على الحياة على الأرض