أسباب مرض الحمى القلاعية والأعراض ووسائل الوقاية والعلاج

• تاريخ الإصابة
• فيروس المرض
• أعراض المرض
• وسائل المقاومة

مرض الحمى القلاعية foot and mouth disease مرض فيروسي.. ينتشر بسرعة مخيفة، ويتحول إلى وباء داهم في البقر والخنازير والخراف والماعـز…أو كل الحيـوانات ذوات الظلف المشقــوف “cloven- hooved” سمي بالقلاعية؛ لأن الظلف قد يقلع تماما من مكانه بسبب الالتهابات بل إنه قد يصيب حيوانات البرارى النباتية كالغزلان والجمال والزراف والظباء، حتى الأفيال قد تكون معرضة للإصابة، وتبقى هذه البرارى المفتوحة حاملة للفيروس لفترة طويلة.

مرض الحمى القلاعية (FMD) هو مرض شديد العدوى يصيب الحيوانات ذات الظلف المشقوق، بما في ذلك الأبقار والخنازير والأغنام والماعز. لقد كان هذا المرض مصدر قلق كبير للزراعة وصحة الحيوان لعدة قرون

قد يصاب الانسان بهذا الفيروس من خلال جروح الجلد أو في المعمل أو من شرب اللبن الملوث بالمرض.. أو حتى باختلاطه بأدوات ملوثة من المراعي المصابة، ولا يصاب به عن طريق أكل لحومه.

والأعراض تكون خفيفة على شكل حمى، وتقرحات في الفم وعلى جلد اليدين والقدمين بصورة مؤقتة، ولا تمثل مشكلة صحية مؤرقة. أما إن سألت عن علاجه؛ فيرد عليك العلماء بقولهم: كيف تعالج نفسك إذا أصابك فيروس الأنفلونزا؟

والخطورة المرعبة تكمن في الثروة الحيوانية التي قد تدمر بالكامل، وتؤدي إلى خسائر اقتصادية عاتية تقدر بالملايين، بل بالمليارات من الدولارات. إذًا “العدوى” هي مصدر الخطورة؛ فنسبة الإصابة بالمرض قد تصل إلى 100%، ونسبة الموت تتراوح بين 5% (في الحيوانات البالغة) إلى 75% في صغار الخنازير والخراف. وكما نرى؛ فإن نسبه الموت ليست بالصورة المخيفة…فما الذي يحكم بالإعدام على هذه الثروة؟

يقول العلماء البيطريون: إن خير وسيلة لوقف انتشار هذا المرض هي إعدام الثروة الحيوانية المشكوك في إصابتها، ثم حرقها ودفن نفايتها؛ فانتظار الحيوان حتى يتماثل للشفاء يسبب كارثه مدمرة، كما أنه قد يصبح حاملا للمرض لمدة طويله تتراوح بين 18 إلى 24 شهرًا في البقر، وشهر إلى شهرين في الخراف، ولا تحمل الخنازير الفيروس في أجسامها.

حتى إذا تماثل الحيوان للشفاء؛ فإنه يفقد كمية كبيرة من لحمه، ولا يستطيع عادة أن ينتج ما كان ينتجه من اللبن. إذًا فبالحسابات الاقتصادية.. يصبح “الإعدام” هو الحكم.

تاريخ الإصابة

فيما يلي لمحة موجزة عن تاريخ مرض الحمى القلاعية:

السجلات المبكرة: يعد مرض الحمى القلاعية أحد أقدم الأمراض المعروفة التي تصيب الماشية. تصف السجلات التاريخية التي يعود تاريخها إلى أكثر من 2000 عام أعراضًا تتوافق مع مرض الحمى القلاعية في الماشية. تشير النصوص الرومانية والصينية القديمة إلى مرض له أعراض تشبه مرض الحمى القلاعية.

تحديد الفيروس: لم يتم تحديد السبب الحقيقي لمرض الحمى القلاعية، وهو عامل فيروسي، حتى أواخر القرن التاسع عشر. وفي عام 1897، نجح العالمان الألمانيان فريدريش لوفلر وبول فروش في عزل الفيروس المسؤول عن المرض. يمثل هذا الاكتشاف خطوة مهمة في فهم المرض والسيطرة عليه.

كانت أول حالات إصابة سجلها التاريخ في عام 1929 فى شمال القارة الأمريكية، ثم كانت إصابات متفرقة على مدار السنوات التالية؛ منها وباء عام 1967 فى بريطانيا، حينما انتهى بإعدام442.000 حيوان تأكد المرض في 2.364 حيوان منهم. وكذلك في عام 1981؛ حيث قتل 200 بقرة و369 خنزيرًا في بريطانيا أيضًا.

الانتشار العالمي: مرض الحمى القلاعية شديد العدوى وينتشر بسرعة، غالبًا من خلال حركة الحيوانات المصابة، أو المعدات الملوثة، أو عن طريق الانتقال عن طريق الهواء. لهذا المرض تاريخ من الفاشيات العالمية، ويمكن أن يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة في المناطق المتضررة.

التطعيم: كان تطوير اللقاحات ضد مرض الحمى القلاعية أداة حاسمة في السيطرة على تفشي المرض والوقاية منه. وقد تم تنفيذ حملات التطعيم في العديد من البلدان للحد من تأثير المرض. ومع ذلك، يمكن أن تختلف سلالات مرض الحمى القلاعية، ويجب أن تتطابق اللقاحات مع النمط المصلي الفيروسي المحدد لتكون فعالة.

جهود المكافحة والاستئصال: بذلت بلدان ومناطق مختلفة جهوداً للسيطرة على مرض الحمى القلاعية والقضاء عليه في بعض الحالات. قد تشمل الاستراتيجيات تدابير الحجر الصحي، وإعدام الحيوانات المصابة، وتقييد الحركة، وتدابير الأمن البيولوجي لمنع انتشار المرض.

الاستجابة الدولية: تلعب المنظمة العالمية للصحة الحيوانية (OIE) دوراً حاسماً في رصد وتنسيق الجهود الدولية لمكافحة ومنع انتشار مرض الحمى القلاعية. توفر المبادئ التوجيهية لمنظمة OIE إطارًا لاستراتيجيات مكافحة مرض الحمى القلاعية والوقاية منه.

الفاشيات البارزة: على مر السنين، حدثت فاشيات لمرض الحمى القلاعية في أجزاء مختلفة من العالم، مما أثر على الثروة الحيوانية والتجارة. وتشمل بعض أهم حالات تفشي المرض تلك التي حدثت في المملكة المتحدة في عام 2001، وكوريا الجنوبية في عام 2010، وبلدان أخرى في أوقات مختلفة.

التحديات المستمرة: لا يزال مرض الحمى القلاعية يمثل تحديًا أمام صناعة الثروة الحيوانية العالمية. ويمكن للفيروس أن يتحور ويتطور، مما يؤدي إلى ظهور سلالات جديدة. تتطلب السيطرة على مرض الحمى القلاعية يقظة مستمرة، وإجراءات صارمة للأمن البيولوجي، واستراتيجيات تطعيم فعالة.

التأثير على التجارة: يمكن أن يؤدي تفشي مرض الحمى القلاعية إلى فرض قيود تجارية وحظر على المناطق المتضررة بسبب المخاوف بشأن انتقال المرض من خلال حركة الحيوانات والمنتجات الحيوانية.

فيروس المرض

فيروس الحمى القلاعية فيروس عالي الانتشار، وغير معروف المصدر بدقة؛ حيث ينتقل مع الأتربة العالقة في الجو، ويدخل من خلال الجهاز التنفسي، كما هو الحال في إصابات البقر، وقد تكون العدوى من خلال التلامس مع بقر مصاب، أو تناول بقايا اللحوم المريضة التي تستخدم كطعام للحيوانات الأخرى.

والإنسان نفسه قد يكون ناقلاً للعدوى عن طريق لباسه أو حذائه أو أدواته الملوثة، وهناك ما يقرب من سبعة أنواع أساسية للفيروس يليها عترات serotypes عديدة، تتفاوت في قوتها، ولها جاذبية تجاه الأغشية المبطنة لجلد القدم والفم (ومنها جاء الاسم بالإنجليزية) والقناة الهضمية.

يُكوِّن الفيروس حويصلات مبدئية ليدخل من خلالها إلى الجسم، خلال 24 إلى 48 ساعة، ويمر في مجرى الدم، ويسبب الحمى التي تستمر من يوم إلى يومين، ثم يخرج الفيروس في لعاب الحيوان المصاب أو في لبنه أو بوله أو برازه، وتنفجر هذه الحويصلات بعد حوالي 24 ساعة؛ فيخرج منها سائل عكر أو شفاف، وتترك المنطقة ملتهبة ومؤلمة للغاية؛ مكونةً للقرح المحاطة بأجزاء من الخلايا المحطمة، التي تندمل في خلال أسبوع أو اثنين، ويستطيع هذا الفيروس الحياة طويلاً في الجثث المصابة، ومنتجات الحيوان، وفي بقايا مائه، وفي فرشته أو في شعره وصوفه، كما هو الحال في الخراف، حتى المراعي نفسها تكون حاملة للفيروس.

والإصابة بنوع من الفيروس لا يعطي مناعة مكتسبة للأنواع الأخرى، بل قد يصيب الحيوان أكثر من نوع من الفيروسات في وقت واحد، ويتأثر الفيروس ببعض التأثيرات الجوية، مثل: الحرارة، والجفاف، والتركيز الهيدروجيني PH الأقل من 5PH، ولكنه يستطيع مقاومة درجات الحرارة المنخفضة التي قد تصل إلى درجات التجمد.

ومما يزيد من صعوبة تشخيص هذا المرض هو أن أعراضة مشابهة لأعراض أمراض أخرى، كالالتهاب المحبب، والقدم العفن، واللسان الأزرق، والطاعون البقرى.

أعراض المرض

يظهر على الحيوان أعرض أخرى متعددة غير القروح المميزة التي تظهر في أماكن الجلد الرفيع في اللسان والشفاه والفم واللثة، وبين أربطة الأقدام، وفى حلمات الصدر، وغيرها من هذه الأعراض الأخرى مثل: ارتفاع في درجة الحرارة – الرعشة – فقدان الشهية للطعام بسبب آلام اللسان والفم – العرج الواضح والميل إلى الدعة بسبب آلام القدم – هبوط حاد في إدرار اللبن – التهاب الثدي – لعاب رغوي لزج – الإجهاض أحيانًا – قد يعاني صغار الحيوانات من التهابات عضلة القلبmyocarditis والتي تتسبب في قتلها.

وسائل المقاومة

مصل الحمى القلاعية غير معترف به في كثير من الدول، خاصة الأوروبية، ويرجع البيطريون السبب إلى أن المصل لا يمنع الحيوان من حمل المرض وعدوى الآخرين، كما أن اختبارات الدم لا تفرق بدقة بين الحيوان المتلقي للمصل أو المصاب فعلاً، ويستخدم المصل في البلاد التي تتكرر فيها المأساة، والتخلص من الحيوانات المصابة يصبح أمرًا عسيرًا، كما هو الحال في بعض الدول العربية.

ومن الوسائل الأخرى للتخلص من المرض:

– سرعة التشخيص، ثم إعدام الحيوانات المصابة، وحرقها، ثم دفن نفاياتها.
– حرق الأدوات الملوثة فوق درجة حرارة تصل إلى 121 درجة مئوية.
– رش المزارع المصابة ببعض المطهرات مرتين يوميًّا لمدة ستة أشهر، لا يسمح خلالها لأي حيوان بالاقتراب، ويعتبر حمض الليمونيك أحد أهم هذه المطهرات.
– يحظر الاقتراب للماشية والإنسان من المكان بمساحة يقدر نصف قطرها بـ 2 ميل، كما أن هناك منطقة حجر احتياطية يقدر نصف قطرها بـ10 إلى 15 ميلاً.

هذا وتتواصل الجهود الرامية إلى السيطرة على مرض الحمى القلاعية والقضاء عليه، مع إجراء بحوث تهدف إلى تطوير لقاحات ووسائل تشخيصية واستراتيجيات لإدارة المرض بشكل أفضل. إن تاريخ مرض الحمى القلاعية هو شهادة على الطبيعة المعقدة والمتطورة للأمراض المعدية في سياق الزراعة والصحة الحيوانية.

نهى سلامة

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *