• أدوار التقويم
• أهداف التقويم التربوي
• وظائف التقويم
التقويم بمفهومه العلمي يختلف عن التقويم الذي يمارسه الإنسان العادي في حياته اليومية، فالإنسان العادي يقوم العديد من الأشياء والأمور التي يواجهها في حياته اليومية، ويتضمن هذا التقويم نوعا من الحكم على الشيء المطلوب على الرغم أنه ليس تقويما علميا بالمعنى المتعارف عليه .
وفي المجال التربوي نقابل كثيرا من المواقف التي نمارس فيها هذا النوع من التقويم الذي يمكن أن نطلق عليه التقويم غير الرسمي، وهو يتراوح بين حكم المعلم على حسن تهوية الفصل وإضاءته إلى تقدير مدير المدرسة لفاعلية وكفاءة أعضاء الهيئة التدريسية، ويصعب الركون إلى نتائج هذا النوع من التقويم في اتخاذ القرارات التربوية المختلفة، ومن هنا كان لا بد من الاعتماد على التقويم العلمي المنظم.
ومفهوم التقويم من هذا المنظور يمكن أن يطبق في مختلف المواقف التربوية سواء كان تقويم أفراد أو تقويم مشروعات وبرامج، فمثلا يمكن استرشادا بهذا المفهوم تعرف مدى فاعلية أنشطة تعليمية معينة وفقا لمحكات محددة، ومعرفة ما إذا كان تأثير نشاط أو برنامج معين أفضل من تأثير نشاط أو برنامج آخر، وكذلك تعرف المتغيرات التي تأثرت من جراء تنفيذ نشاط أو برنامج معين على جماعة ذات خصائص معينة، وما إذا كان استخدام أو تنفيذ برنامج معين يوازي كلفة إعداده وهكذا.
أدوار التقويم
تتعدد أدوار التقويم في المجالات التربوية، فللتقويم دور في إعداد المعلمين وأنشطتهم، وفي عملية بناء المناهج الدراسية، وفي التجارب الميدانية التجديدية المتعلقة بتحسين عمليات التعليم والتعلم، وفي انتقاء أفضل الاستراتيجيات والتقنيات التربوية، وفي الحكم على استمرار برنامج تربوي معين أو تعديله أو إلغائه، كما أن للتقويم دور بالغ الأهمية في متابعة التقدم الدراسي للطلاب وتحديد مستواهم التحصيلي وتوجيههم التوجيه التعليمي والمهني.
ولذلك لا ينبغي الخلط ببين أهداف التقويم وأدواره، فعادة يكون للتقويم أدوارا متعددة بل يجب أن يكون التقويم هكذا بالنسبة لبرنامج تعليمي معين , ولكن ربما يرتبط بكل دور من هذه الأدوار العديد من الأهداف فمثلا في عملية بناء منهج معين، ربما يكون أحد أدوار التقويم تحسين وتطوير المنهج أثناء عملية بناءه ويرتبط بهذا الدور العديد من الأهداف أو الأسئلة التي تتطلب إجابة مثل: هل أهداف المنهج واضحة وضوحا تاما في أذهان القائمين على بنائه ؟ وهل هم متحمسون لبنائه؟ وهل تسير عمليات البناء وفق هذه الأهداف بالفعل؟ وهكذا. وربما يكون لعملية التقويم في هذا الصدد دور آخر يتعلق بمساعدة المسئولين عن تنفيذ المنهج في اتخاذ قرار بشأن تبرير استخدامه في مرحلة تعليمية معينة وفقا للنتائج التي أبرزتها عملية التقويم في الدور السابق.
أي أن دور التقويم يتعلق بالنشاط المراد تقويمه، أما أهداف التقويم فتتعلق بالأسئلة المراد الإجابة عنها والتي تتبلور حول إمكانية وفاعلية إعداد وتصميم وتنفيذ هذا النشاط.
ولعل هذا التمييز بين أدوار التقويم وأهدافه يزيل الخوف والقلق الذي يعتري كل من يسمع كلمة ( تقويم Evaluation) , ويؤكد الجانب الإيجابي البناء لهذا المفهوم , فكثيرا ما ارتبط التقويم بالكشف عن مواطن الضعف والقصور سواء في الأدوات أو الأفراد أو في الامكانات المادية والبشرية.
لذلك فإن للتقويم دورين رئيسيين هما الدور التشخيصي Formative Evaluation والدور الختامي Summative Evaluation.
فالتقويم البنائي التشخيصي يهدف للكشف عن جوانب القوة والضعف في برنامج تعليمي معين أثناء إعداده وتنفيذه في مرحلة التجريب بغرض مراجعة مكونات البرنامج وتعديلها وتطويرها وكذلك تشخيص مواطن القوة والضعف في أداء المتعلمين وتحديد الصعوبات التي يواجهها كل منهم أثناء التعليم واتخاذ ما يلزم من أساليب العلاج. ومساعدة المتعلم في التعرف على قدراته وإمكاناته، واقتراح سبل ووسائل تحسينها وتنميتها إلى أقصى حد ممكن.
أما دور التقويم الختامي التجمعي فهو الكشف عن مدى تحقيق البرنامج لأهدافه بعد إتمام العملية التعليمية للمتعلمين في نهاية مدة دراسية معينة بالنسبة للمعارف والمهارات والاتجاهات المتعلقة بالمجالات الدراسية، وذلك لاتخاذ قرارات تتعلق بتقديراتهم ومنحهم الشهادات الدراسية، وهذا يؤكد أيضا الدور الايجابي لعملية التقويم الختامي بنفس القدر الذي يؤكد دور عملية التقويم البنائي.
ولتوضيح ذلك: نفترض أنه تبين من نتائج تطبيق هذه الأدوات المتعددة أن عددا قليلا من الطلاب لم يحقق هدفا تعليميا معينا أو مجموعة من الأهداف المتعلقة بمحتوى دراسي معين، فإنه ربما يستنتج المعلم أن عملية التعليم كانت فاعلة، أما إذا تبين أن كثيرا منهم أخفق في تحقيق مجموعة كبيرة من الأهداف التعليمية، فإنه ربما يقرر أن عملية التعليم التي اتبعت كانت قاصرة .
وفي كلتا الحالتين ينبغي أن يتخذ المعلم قرارا معينا فيما يتعلق بأسلوب التعليم الذي اتبعه . كما أن التقويم ألبنائي للطلاب يقدم تغذية مرتدة فيما يتعلق بتخطيط المعلم المستقبلي للأنشطة التعليمية , فربما يجد المعلم أن معدل سرعته في عرض المادة يجب أن يقل أو يزداد, أو ربما يكشف التقويم عن حاجة المتعلمين إلى تعلم بعض المهارات اللازمة لمتابعة موضوع مستقبلي معين , ويطلق على هذه المهارات ( المهارات المدخلية ) أو المتطلبات اللازمة للبدء في دراسة معينة, وقياس الأهداف المدخلية اللازمة لتعلم الأهداف المرتبطة بها , وتكون عادة من نوع الاختبارات مرجعية المحك , كما يحتاج المعلم أيضا إلى اتخاذ قرارات تتعلق بتقديرات الطلاب في نهاية مدة دراسية معينة لتحديد المستوى التحصيلي العام لكل منهم , وهنا تبرز أهمية التقويم الختامي , وبالطبع تعتمد هذه التقديرات على نتائج التقويم ألمدخلي والتقويم ألبنائي المستمر أثناء تنفيذ عملية التعليم ويجب أن تستخدم أدوات التقويم الختامي التي تكون عادة من نوع الاختبارات مرجعية الجماعة أو المعيار, إذا كان الهدف من هذه التقديرات توجيه الطلاب إلى مرحلة تعليمية تالية أو دراسة مستقبلية معينة ويعرف هذا النوع من الاختبارات بالاختبارات التحصيلية المقننة ,التي تحدد المركز النسبي للطالب في مجموعته العمرية أو فرقته الدراسية فيما يتعلق بمستواه التحصيلي العام .
وفي أي الأحوال يجب أن تزود أدوات القياس والتقويم كل من المعلم والطالب بيانات صادقة ومتسقة عن تحصيل الطلاب بمفهومه الشامل لما لهذه البيانات من أهمية في اتخاذ القرارات التعليمية المختلقة التي تمس حاضرهم ومستقبلهم، وهذا يوجه النظر إلى أهمية تصميم وبناء الاختبارات التحصيلية التشخيصية اختبارات الكفايات والاختبارات المقننة في مختلف مجالات الدراسة.
ومما سبق عرضه يظهر بوضوح أهداف التقويم وأدواره، بوجه عام، والتي تحدثت عنها كتب التقويم والقياس والإدارة التربوية , بحيث أن التقويم ركنا أساسيا من أركان الإدارة التربوية .
أهداف التقويم التربوي
يرمي التقويم إلى تحقيق نوعين من الأهداف هما:
-الأهداف الخاصة، وهي الأهداف المتصلة بعملية التقويم اتصالا مباشرا، مثل :
تحديد اتجاه المدرسة نحو تحقيق أهدافها.
تشخيص ما يصادف الطالب أو المعلم أو المدرسة من صعوبات في ضوء مرحلة الدراسة وجمع المعلومات.
وصف العلاج اللازم لتذليل الصعوبات، وتحسين العملية التربوية أو تعديل مسارها .
متابعة خطوات العلاج لمعرفة مدى التحسن الذي وصلت أليه المدرسة بعد التغلب على الصعوبات.
ـ الأهداف العامة، وهي الأهداف التي تتصل بعملية التقويم اتصالا غير مباشرا، مثل:
القاء الضوء على أسلوب التعليم، وتهيئة السبل للسير بالعملية التربوية في الطريق الصحيح.
بيان مدى التقدم الذي أحرزته المدرسة، وما ما حققه المدرس في عمله، ومدى ما بلغه الطلاب من نمو.
الكشف عن أسباب النجاح أو الفشل في العمل المدرسي.
حفز الهمم لمواصلة النجاح، والمساعدة في البحت عن الصعاب والتغلب عليها.
توضيح الأهداف، والكشف عن مدى ما تحقق منها.
وضع كل فرد في العمل والمكان المناسبين له،والملائمين لقدراته وامكاناته .
مساعدة المعلم في معرفة ما بلغه الطلاب من نمو، كما يوضح له حاجاتهم وامكاناتهم، ويكشف له عن مواهبهم.
إتاحة الفرصة لمن يعنيهم أمر التربية والتعليم للتعاون في وضع الخطط التعليمية، وسبل تنفيذها.
إقامة العلاقات السليمة بين المدرسة والجهات التي تتعامل معها في ضوء ما يكشف عنه التقويم.
اختبار صحة الفروض أو الاعتبارات التي تقوم على أساسها عملية التقويم، لأن التقويم يجب أن يختبر سلامة الخطة، ويساعد على تطويرها
وعلى سبيل المثال نجد أنه يتم تحديد مجموعة من الأهداف اللازمة لإدارة الجودة الشاملة لضمان نجاح مؤسسات التعليم العالي في تحسين مستوى الخريجين فيها لعل منها:
1ـ أن تكون المؤسسة هي الأفضل دائما مع وجود أقل قدر ممكن من التقلبات في جودة المخرجات أو الخدمة التعليمية.
2ـ أن تكون المؤسسة هي الأسرع دائما بتقديم أفضل الخدمات التعليمية.
3ـ التحسين المستمر في المؤسسة من خلال تحسين الجودة وتخفيض معدل الفاقد والتالف في العمليات.
4ـ إن نظام توكيد الجودة في التعليم يخدم هدفين أساسيين، هما: تحسين جودة التدريس والتعليم , وحساب التكلفة بالنسبة لجودة أنشطة التدريس واستخدام المصادر المتاحة لتحقيق الجود.
5ـتحسين رضا الطلاب والمعلمين وذلك من خلال إكسابهم المهارات والمعارف والأفكار التي تشبع احتياجهم لمواجهة سوق العمل.
6ـ زيادة ثقة الطلاب والمعلمين من خلال شعورهم بأهمية الدور الوظيفي الذي سيقومون به كمربين لجيل المستقبل
7ـ تحسين مركز المؤسسة التعليمية في الأسواق محليا وعالميا من خلال جودة المنتج التعليمي (الطالب/ المعلم) ليتلاءم مع متطلبات العصر ومتغيراته.
8ـ تحسن نصيب المؤسسة التعليمية في سوق العمل عن طريق استخدام أحدث الأساليب والأدوات لتطوير فاعليتها في المجتمع.
وظائف التقويم:
يؤدي التقويم وظائف متعددة في العملية التعليمية وفي مقدمة هذه الوظائف:
1. الحكم على قيمة الأهداف التعليمية التي تتبناها المدرسة والتأكد من مراعاتها لخصائص وطبيعة الفرد المتعلم ولفلسفة وحاجات المجتمع وطبيعة المادة الدراسية كما يساعد التقويم على وضوح هذه الأهداف ودقتها وترتيبها حسب الأولوية.
2. اكتشاف نواحي الضعف والقوة وتصحيح المسار الذي تسير فيه العملية التعليمية وهذا يؤكد الوظيفة التشخيصية العلاجية معا للتقويم التربوي.
3. مساعدة المعلم على معرفة تلاميذه فردا فردا، والوقوف على قدراتهم ومشكلاتهم وبهذا يتحقق مبدأ الفروق الفردية.
4. إعطاء التلاميذ قدرا من التعزيز والإثابة بقصد زيادة الدافعية لديهم لمزيد من التعلم والاكتشاف.
5. مساعدة المعلمين على إدراك مدى فاعليتهم في التدريس وفي مساعدة المتعلمين على تحقيق أهدافهم وهذا التقويم الذاتي من شأنه أن يدفع بالمعلم إلى تطوير أساليبه وتحسين طرقه وبالتالي رفع مستوى أدائه.
المراجع:
علي احمد,أحمد محمد (1425-2004).التقويم في المنظومة التربوية,الرياض,مكتبة الرشد.
مندور عبدالسلام(1427-2006).التقويم التربوي,دار النشر الدولي,الرياض.
مصطفى رجب(1959).التقويم التربوي,تطورات واتجاهات مستقبليه,المجلة العربية للتربية.
رجاء محمود أبوعلام(2001).قياس وتقويم التحصيل الدراسي ,الطبعة الثانيه ,الكويت،دار القلم للنشر والتوزيع.