خصوبة الرجال في تراجع مستمر

بالرغم من الانفجار السكاني الذي رفع عدد سكان العالم ، الا ان شبح اضمحلال خصوبة الرجل يخيم على البشرية في ظل عوامل عدة أدت إلى تراجع الخصوبة الذكرية بشكل كبير.

وتلعب الملوثات الكيميائية والمأكولات الغنية بالمركبات الكيميائية والهرمونية دورا رئيسا في نقض إنتاج الحيوانات المنوية لدى الذكور، الأمر الذي يفرض على الأكاديميين والباحثين دق ناقوس الخطر حيال احتمالات تفاقم مشكلة التكاثر لدى الإنسان.

ففي مقارنة علمية بسيطة ، انخفض معدل الحيوانات المنوية لدى الرجل من مئة مليون وحدة لكل ملليلتر في مطلع القرن التاسع عشر إلى اقل من عشرين مليونا في نهاية القرن العشرين، وترسم التوقعات صورة قاتمة عن السنين اللاحقة حيث تشير إلى تواصل تراجع الخصوبة لدى الرجل في ظل العوامل البيئية والغذائية .

فماذا نتوقع في القرن الحادي والعشرين؟

في الجانب الآخر من معادلة الخصوبة المتدنية للرجل نشهد ارتفاع عدد مراكز أطفال الأنابيب في ظل تأخر حدوث الحمل لدى معظم المتزوجين حديثا.

ومن العوامل المؤثرة في إنتاج الحيوانات المنوية فضلا عن عناصر البيئة والأغذية، ارتفاع درجات الحرارة في محيط الخصية، إذ أن «هذا المصنع يقع في كيس الصفن» خارج الجسم لكي يكون قادرا على تكوين الحيوانات المنوية في درجة حرارة منخفضة اي اقل من درجة حرارة الجسم قليلا .

وقد شهدت البشرية في العقود الأخيرة جيلا جديدا من الألبسة الداخلية الضيقة والسراويل المشدودة. فضلا عن الجلوس لفترات طويلة خلف المكاتب او التعرض لدرجات حرارة مرتفعة من خلال الوقوف أمام المدفأة وأخذ حمامات ساخنة بكثرة.

ومن هذا المنطلق ينصح الخصائيون دائما الأشخاص الذين يعانون من ضعف أعداد الحيوانات المنوية أو بطء حركتها او اختلاف أشكالها بارتداء الملابس الفضفاضة وتكرار غسل الأعضاء التناسلية بالماء البارد حتى يتم الفصل بين درجة حرارة الجسم والخصيتين.

وعودة إلى نوعية الغذاء المعتمد حاليا، فان الأغذية الملوثة بالهرمونات تشكل اكبر خطر على إنتاج الحيوانات المنوية في عصرنا هذا. فالمواد الغذائية المتوافرة في الأسواق كاللحوم والأسماك والخضار بأنواعها تحتوي على نسب عالية من الهرمونات – المستخدمة لزيادة الإنتاج الحيواني والنباتي – الأمر الذي يساهم في تراجع معدلات الخصوبة لدى رجل القرن الحادي والعشرين.

وعندما يمتص جسم الإنسان تلك الهرمونات يجد صعوبة في تصريفها أو تحليلها الأمر الذي يؤدي إلى تراكمها في الأغشية وبالتالي تؤثر سلبا على أنشطة اعضاء حساسة كالخصية.

ويجب التنبيه إلى ضرورة التحوط من خلو المأكولات من الهرمونات علما بان اغلب المعلبات , والمأكولات في عصرنا الحالي تحتوي على نسب متفاوتة من هذه العناصر المضرة بجسم الإنسان.

ولا يقل الوعي الصحي أهمية في هذا المضمار لتبيان المضار الكامنة وراء انخفاض معدلات
الخصوبة. فيجب توعية الآباء والأمهات لاتخاذ الإجراءات الضرورية لدى الكشف عن أي مشكلة في الأعضاء التناسلية عند الابناء مثل التهاب الخصية أو عدم نزولها الى مقرها الطبيعي خارج الجسم، علما ان بقاءها في الداخل يقضي على الخلايا المولدة للحيوانات المنوية وذلك بفعل درجة الحرارة المرتفعة.

فبمجرد ملاحظة حالةت عدم النمور الطبيعي للخصية لدى الطفل ، يجب على ذوية مراجعة الطبيب المختص للكشف على وجود الخصية داخل الجسم ومن ثم تقديم العلاجات اللازمة لهذه الحالة او إجراء عملية جراحية ضرورية في مرحلة مبكرة وقبل تعرض الخلايا المنوية للضرر .

وتزيد الغازات المنبعثة من عوادم المركبات ومداخن المصانع من الملوثات التي يستنشقها الإنسان يوما بعد يوم حيث تتراكم وتؤثر سلبا على انتاج الحيوانات المنوية.

ولا ننسى ايضا في عصرنا الحالي العوامل السلبية الأخرى مثل زيادة الضغط النفسي والإرهاق الفكري والجسماني والتي تلعب دورا رئيسا في تحطيم او تحجيم قدرة الخلايا المنوية على اداء دورها.


باختصار نحن مقبلون على مشكلة آخذة بالتفاقم في غياب الحيطة والحذر والتوعية المبكرة لهذه المخاطر مما يستدعي من كافة الجهات الطبية والاجتماعية رص الصفوف لمواجهة هذه الظاهرة قبل أن تستفحل.

د. سليمان ضبيط
اختصاصي النسائية والتوليد

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *