البرمجة المسبقة لعقولنا تتحكم بأعمالنا وتصرفاتنا

في يوم من الأيام دخلت أحد المباني قاصدا أحد الطوابق العليا فاستدعيت المصعد ووقفت في انتظاره
وبعد قليل جاء شخص آخر يريد المصعد، لاحظ معي ماذا فعل:

حياني في أدب ثم ضغط زر استدعاء المصعد ووقف إلى جواري ينتظر

هل لاحظت شيئا غريبا؟

لقد رآني وأنا واقف في انتظار المصعد وعلى الرغم من ذلك ضغط زر استدعاء المصعد!

لماذا أنا واقف إذا؟ لقد ضغطت الزر قبله ووقفت أنتظر المصعد!

بالتأكيد يحدث لك هذا الموقف كثيرا.. أليس كذلك؟
هل تعرف التفسير العلمي لما حدث؟

البرمجة السابقة

تبدأ عقولنا في تخزين جميع خبراتنا وتجاربنا السابقة …. ونبدأ في التصرف والحكم على الأشياء من خلال هذه التجارب و الخبرات دون تفكير .. وبعد ذلك نقوم بالتصرفات التلقائية التي تمت برمجتنا عليها..
دون ان نحاول أن نلاحظ ما إذا كانت صحيحة أم لا..

خد هذا المثال البسيط :

اقرأ معي بسرعة الجمل المكتوبة في المثلثات

بالتأكيد فان عددا كبيرا من الناس لم تلاحظ أن كلمة (في) مكتوبة مرتين.. أليس كذلك؟

هل تعرف ماذا حدث؟

طبقا لخبراتك السابقة …. فقد تمت برمجة عقلك أن كلمة ( في ) لا تكتب سوى مرة واحدة في الجملة.. لذلك لم يرها عقلك وجعلك ترى الجملة ( في ضوء تجاربك السابقة ) لا كما يجب أن تراها !

ماذا يعني هذا الكلام؟

القصد من هذه الأمثله هو التوضيح أننا نرى العالم طبقا لبرمجتنا السابقة فقط.. لا كما يجب أن نراه..
نحن لا نرى الحقيقة الا من خلال تجاربنا نحن !!

أختلف معك

حين نختلف مع شخص ما في الرأي، يتمسك كل منا برأيه الذي كونته خبراته و تجاربه السابقة..

حاول ان ترى الصورة الحقيقة.. ليس كل ما تراه هو بالضرورة صحيح…! لأن ما تراه هو ما تمت برمجة عقلك عليه.

ألم تخطئ منذ قليل في قراءة حرف (في) الزائد؟
اعد التفكير في كل ما تراه صحيحا بالنسبة لك..
اقبل النقاش وأعد النظر في أفكار من يختلفون معك…

إنهم – فقط – لم تكن لهم تجاربك السابقة التي تؤهلهم كي يفكروا مثلما تفكر …
لماذا لا تتقبل فكرة أنهم ربما يكونون على شيء من الصواب؟
حاول أن تتفهم وجهة نظر الآخرين ولا تتمسك برأيك دائما لمجرد أنه رأيك..
أعد النظر في برمجتك السابقة ولا تفترض دائما أن كل ما تراه صوابا

الفيل والعميان

هل سمعت هذه القصة من قبل؟
يحكى أن ثلاثة من العميان دخلوا في غرفة بها فيل.. وطلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه.. بدأوا في تحسس الفيل و خرج كل منهم ليبدأ في الوصف:

قال الأول: الفيل هو أربعة عمدان على الأرض!
قال الثاني: الفيل يشبه الثعبان تماما!
وقال الثالث: الفيل يشبه المكنسة!

وحين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار.. و تمسك كل منهم برأيه و راحوا يتجادلون و يتهم كل منهم الآخر أنه كاذب و مدع!

بالتأكيد لاحظت أن الأول أمسك بأرجل الفيل و الثاني بخرطومه، و الثالث بذيله..
كل منهم كان يعتمد على برمجته وتجاربه السابقة

لكن .. هل التفتّ إلى تجارب الآخرين؟

من منهم على خطأ؟


في القصة السابقة. هل كان أحدهم يكذب؟
بالتأكيد لا.. أليس كذلك؟
من الطريف أن الكثيرين منا لا يستوعبون فكرة أن للحقيقة أكثر من وجه.. فحين نختلف لا يعني هذا أن أحدنا على خطأ!! قد نكون جميعا على صواب لكن كل منا يرى مالا يراه الآخر!

إن لم تكن معنا فأنت ضدنا!
لأنهم لا يستوعبون فكرة أن رأينا صحيحا لمجرد أنه رأينا!
لا تعتمد على نظرتك وحدك للأمور فلا بد من أن تستفيد من آراء الناس
لأن كل منهم يرى ما لا تراه..
رأيهم الذي قد يكون صحيحا أو قد يكون مفيد لك !

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *