أهداف التربية عند مارلين فورغسن
أهداف التربية عند أبراهام ماسلو
أهداف التربية عند ويليس هارمان
أهداف التربية عند علي أحمد مدكور
الأهداف التربوية عند كارل روجرس
الأهداف التربوية عند كونستنتان فوتيناس
تشهد النظريات التربوية الروحانية والوجدانية انتشارا واسعا في الولايات المتحدة الأمريكية، والعالم وقد أسهم العديد من العلماء في طرح نماذج من هذا التيار التربوي، منهم أبراهام ماسلو ،وويليس هارمان.، وغيرهم، وبالرغم من كون آراء المساهمين في نشر هذه النظريات جاءت متباينة، لكنها تصب جميعا في تيار يدعى اليوم بالتيار الروحاني للتربية.
جدير بالذكر هنا إلى أن الأمر يتعلق في هذه النظريات بتيار قديم، يغذي أفكاره التربوية من الديانات السماوية ومن الفلسفات الشرقية كالبوذية والطاوية وغيرهما، إنه تيار قديم، لكنه عاد إلى الظهور في السبعينيات من القرن العشرين ومن مؤسسيه يمكن أن نذكر أسماء مثل ريتشارد موريس باك الذي ألف سنة 1901 كتابا بعنوان: الشعور الكوني وفيه يؤكد على مفهوم الوحدة الإلهية للكـون، وينتقد المبالغة في تقدير المعرفة العقلانية ويدعو إلى الإعلاء من قيمة المعرفة الكونية التي هي حسب هذا الباحث-أهم أشكال المعرفة.
أما الإشكالية التي تنطلق منها النظرية الروحانية في التربية، فتكمن في كون الإنسان يواجه اليوم مشكلة أساسية، تتلخص في العبارات التالية: ” لقد بنى الإنسان لنفسه حضارة مليئة بالمساوئ لكونها تقوم في جوهرها على طموحات مفرطة في الأنانية، وإن أصل مشاكلنا يتحدد في التنظيم الصناعي للحياة على الأرض، وأن هذه البنية الصناعية المنشغلة باستغلال الموارد والأشخاص، هي مصدر مشاكل المجتمع”
إذا كان أغلب المنظرين لهذا التيار، يتفقون على أن هدف التربية الروحية هو خلق الألفة بين الإنسان والواقع الروحي- الذي ينعت أيضا بالواقع ألتوحدي الميتافيزيقي- فالسؤال المطروح هو: ما الهدف التربوي في ظل النظرية الروحانية؟ نعتقد أن التعرض لآراء أربعة من أنصار هذا التيار مثل مارلين فورغسن (1980.). وأبراهام ماسلو. (1970 وويليس هارمان.. (1972 وأحمد مدكور، قد يكون كافيا لتكوين فكرة عن أهداف التربية عند أصحاب النظرية الروحانية، غير أن اعتمادنا على هؤلاء العلماء، لا يعني التقليل من آراء المساهمين الآخرين في تأسيس هذا التيار ونشره، أمثال: جورج ليونار.(1968 وكونسانتان فوتينــاس (1990.). وغيرهما.
أهداف التربية عند مارلين فورغسن:
بعد نقدها للتصورات الحديثة للتربية التي تعتبر من منظور هذه الباحثة تصورات بيروقراطية، تنشغل بالانضباط أكثر منه بالتفتح، تحدد فورغسن أهداف التربية كالآتي:
• مساعدة المتعلم على تحقيق تجربة داخلية، من خلال تعلم يحمل معاني رحلة باطنية، تمنح للتجربة الذاتية نفس الأهمية التي تمنح للتجربة الموضوعية. بل ينبغي أن تحقق التربية التكامل بين ما هو ذاتي -روحي وما هو موضوعي.
– تغيير ذات المتعلم من خلال مساعدته على تحقيق اليقظة والاستقلال، وتشجيعه على طرح الأسئلة.
• جعله قادرا على اكتشاف كل أركان وخفايا التجربة الواعية، وقادرا على البحث في معاني الأشياء وأيضا على اختبار المجالات الخارجية للذات ومراقبة أعماقها وحدودها.
• تعليم المتعلم كيف يتعلم، أي تمكينه من أساليب التفكير الذاتي والموضوعي الذي يمكنه من الوصول إلى المعارف والمعلومات، وتعليمه كيفية معالجتها. وتقترح فورغسن كأسلوب لتحقيق ذلك، تعليمه كيف يكون متفتحا على المفاهيم الجديدة.
• مساعدة المتعلم على اكتشاف الأنظمة والعلاقات بين الأشياء والظواهر الفيزيائية والروحانية.
أهداف التربية عند أبراهام ماسلو:
من المعلوم أن أبراهام ماسلو “يعترف أنه كان في أبحاثه الأولى سلوكيا”)، لكنه غير أفكاره فانتقل من السلوكية إلى الإنسانية، ويرجع هذا التحول في أفكار هذا العالم إلى نقده للسلوكية التي يرى أنها جاءت لتسريع تعلم الطفل، لتستبعد بذلك تعليمه الإبداع والنقد اللذين ينبغي أن يحظيا في التعليم بأهمية كبيرة حسب هذا الباحث. ويكمن الهدف الأساسي للتربية عند ماسلو في تسهيل معرفة المتعلم لذاته، وهو ما يمكن أن يحدث من خلال مساعدته على اكتشاف انتمائها إلى هذا الكون؛ فالمتعلم ينبغي أن يتعلم كيف يكتشف ذاته في علاقتها بالكون؛ أي أن يكتشف بيولوجيته الشخصية لإرضاء حاجاته، أما طريقة تحقيق هذا الهدف الأساسي –حسب هذا الباحث- فتكمن فيما يلي:
أ) إرضاء حاجات الطفل النفسية الأساسية مثل: الشعور بالأمن، الشعور بالانتماء والحب والاحترام والتقدير.
ب) جعله قادرا على تحصيل التجربة الصوفية التي تمكنه من رؤية ما هو دنيوي وما هو أبدي في آن واحد.
ج) تمكين المتعلم من بلوغ الإدراك الحدسي المتعلق بعلاقته بالكون.
د) جعل التأمل والتفكير الملي في قلب العملية التربوية، والتخلي عن النموذج السلوكي.
أما دور المدرس في رأي ماسلو، فيكمن في مساعدة المتعلم على اكتشاف ذاته. ولتحقيق هذا الدور، يجب أن ينطلق المدرس من نظرة إيجابية للمتعلم، وأحسن سبيل لتحقيق هذه الأهداف، هي كل الأساليب التي تساعد الطفل على بلوغ إدراك حدسي، يمكنه من ربط علاقته بالكون، وتحصيل التجربة الصوفية التي تمكنه من رؤية ما هو دنيوي وما هو أبدي في آن واحد، وإدراك الأشياء من خلال أبعادها الدينية المقدسة؛ وبإيجاز يكمن هدف كل تربية في جعل المتعلم متمكنا من معرفة كينونته.
أهداف التربية عند ويليس هارمان:
يرى هذا الباحث أن التجربة الموضوعية وحدها غير كافية لبلوغ الحقيقة، بل إنه يؤكد على أهمية إعطاء التجربة الذاتية أهميتها التي تستحقها في العملية التربوية، هذه التجربة التي يجب أن تحظى بنفس التنظيم التي تتميز به أي تجربة موضوعية، ومن هذا المنطلق، يسطر هارمان مجموعة من الأهداف يجب على كل إستراتيجية تربوية أن تسعى إلى تحقيقها، وهي:
1. البحث عن المطلق من خلال تنمية مظاهر الوعي.
2. مساعدة الفرد على عبور مسلك باطني مؤمن، ومساعدته على الخروج من قوقعته.
3. تحقيق الانتقال إلى أشكال عليا من المعرفة.
4. مساعدة الفرد على تحقيق نموه.
5. مساعدة المتعلم على تحديد المسار البيداغوجي الذي يرغبه.
6. تركه يختار الدروس التي يعتقد أنها ستساعده في نموه الشخصي.
7. تركه يقيم تقدمه ويختار المعالجات الضرورية لذلك.
أهداف التربية عند علي أحمد مدكور:
يعد هذا المفكر المصري أحد المساهمين التربويين في مجال التنظير التربوي الروحاني الإسلامي. ففي سياق حديثه عن عناصر المنهج التربوي في التصور الروحاني، يقول هذا الباحث: ” إن من أهم عوامل فشل المناهج التربوية هو عدم تحديد أهدافها تحديدا يتسق مع الإنسان من حيث مصدر خلقه، ومركزه في الكون ووظيفته في الحياة وغاية وجوده”من هذا القول، نستطيع أن ندرك أن أثر النظرية الروحانية للتربية، يتجسد في خاصية “التوحيد” الذي لا يعني شيئا آخر في هذه النظرية سوى تحرير الإنسان، أي نقله من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده؛ ومن هذا المنطلق يؤكد الدكتور على أحمد مدكور، أن كل هدف يقصد من ورائه تدريب الطالب على تعلم شعيرة من شعائر الدين أو تشريع من تشريعاته، أو مهارة أو فكرة، أو اتجاه فهو هدف ديني، طالما القصد هو جعل المتعلم قادرا على الإسهام في عمارة الأرض وترقيتها بإيجابية وفاعلية، وفق منهج الله.
يمكن أن نفهم من كلام على أحمد مدكور أن الأهداف مهما كان صنفها (معرفي أوجداني أو نفسي حركي) يجب أن تصب في تحقيق نشاط واحد، هو تحقيق التكامل بين الأصناف الثلاثة، ليصب هذا التكامل في عبادة الله وحده، و لا يتحقق هذا التكامل بين الجوانب المعرفية والوجدانية والنفسية الحركية، إلا إذا شمل المستويات المتضمنة داخل كل جانب من هذه الجوانب، ” فالتركيز على الجانب المعرفي ليس منصبا على مستوى التذكر وحده، أو الفهم وحده، أو التطبيق أو التحليل أو التركيب، أو التقويم وحده، بل هو منصب أيضا على جميع هذه المستويات، بحيث تتكامل فيما بينها. والتركيز على الجانب الحركي، ليس منصبا على التدريب على المهارة البسيطة وحدها، ولا على المهارة المركبة وحدها؛ بل هو منصب على جميع المهارات التي تكون الجانب الحركي في المعرفة الإنسانية بطريقة متكاملة”إنه بالفعل تكامل جوانب النفس الإنسانية الذي تدعو النظريات الروحانية إلى تحقيقه في العمل التربوي، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال تحديد أهداف تركز على الجانب المعرفي والوجداني والجسمي في آن واحد، حتى لا يحدث خلل أو عدم توازن في النفس الإنسانية.
أما فيما يخص الإجراءات العملية لتحقيق أهداف التربية الروحانية، فتكمن – حسب أحمد مدكور- في تعليم الفرد كيفية “الإصغاء، وتنمية قابليته للتأثر، وتطوير قدراته الحدسية، وتعليمه التضحية والتذاوب الروحاني؛ فالتربية الحقيقية هي تلك التي تؤدي إلى الحصول على النشوة وعلى اللذة العالية في التعلم”
باعتباره أحد المساهمين في تكريس نظرية تربوية روحانية ذات اتجاه إسلامي، نجد أحمد مدكور يخصص في كتابه ” نظريات المناهج التربوية” فصلا كبيرا يتحدث فيه عن أساليب وطرائق التدريس، ويكفي أن نذكر هنا أنه يترك الباب مفتوحا أمام كل طرائق التدريس التي تمكن المربي من تحقيق أهداف المنهج التربوي الإسلامي، فهو يؤكد أن جميع الطرائق هي طرائق سليمة، “سواء ما كان موجودا منها الآن أو ما سيوجد فيما بعد”. فهو لا يفضل طريقة على أخرى، عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهداف المنهج التربوي؛ فالطريقة الحوارية بجميع أنواعها الحرة والموجهة، وطريقة القدوة (النمذجة) وطريقة حل المشكلات، وطريقة الملاحظة والتجربة وغيرها من طرائق التدريس وأساليبه، كلها طرائق يمكن المزج بينها حسب متطلبات الموقف التعليمي، وفعالية الطريقة وتأثيرها يختلفان باختلاف مستويات الأهداف التي يسعى المدرس إلى تحقيقها، وباختلاف طبيعة المادة أو المحتوى الذي تتناوله، وبمدى كفاءة المعلم وحذقه في استخدام الطريقة، وباختلاف نوعيات وأعداد الطلاب وبمدى توافر البيئة المدرسية المناسبة والتجهيزات الملائمة.
يمكننا من خلال هذه الإطلالة على الأهداف التربوية في ظل النظريات التربوية الروحانية أن نستنتج ما يلي:
1. يعتبر المتعلم جزءا من الكون، ينمو ويتطور من خلال العلاقات التي يسمح بها العمل التربوي.
2. إن القيم التي تدعو النظريات التربوية الروحانية إلى تحقيقها، محددة كأهداف تعليمية، في الأفكار والفلسفات والديانات التي أتى بها “رجال عظماء أمثال محمد صلى الله عليه وسلم والمسيح عليه السلام ودانتي Dante وأفلاطون و كريشنا.وغيرهم من الأنبياء والرسل والأولياء.
3. تكمن أهداف التربية عند أنصار النظريات الروحانية في تحرير الفرد من ثنائية الشيء والموضـوع؛ أي من ثنائية الشخص والكون، من أجل بلوغ التحرر الذي يسمح ببلوغ التوحد. رفض أصحاب هذه النظريات كل تمييز بين الفرد والكون، فهي تعتبرهما شيئا واحدا، والمتعلم الذي يعتبر جزءا من هذا الكون، لا يمكن أن تحقق أهداف التربية لديه إلا باعتباره جزءا من الكل.
2- الهدف التربوي في ظل النظريات التربوية الشخصانية
تنطلق هذه النظريات من إشكالية تطرح التساؤل الآتي: كيف يمكن للتربية أن تكون شخصا حرا ؟ للإجابة عن هذا التساؤل، راح أصحاب الاتجاه الشخصاني في التربية يستمدون أفكارهم وآراءهم التربوية من الفلسفات الفينومينولوجية الوجودية. ونظرا لكثرة العلماء الذين أثروا هذه النظريات، سنقتصر على عالمين أولهما هو كارل روجرس 1961 باعتباره من الممثلين الأساسيين لتيار النظريات الشخصانية، وباعتبار أن “لا أحد يستطيع أن يتجاهل الأثر الذي مارسه روجرس على التربية في المجتمعات الأنجلوساكسونية والفرانكفونية فهذه الأخيرة تأثرت منذ بداية الخمسينيات بأفكاره فـي التربيـة”.
و تجدر الإشارة إلى أن تيار النظريات الشخصانية، يستمد أفكاره من نظريات العديد من علماء التربية أمثال أليكسندر.س.نيل (1975.) “الذي ركز اهتمامه على النمو المستقل للفرد،أي على عدم فرض قواعد سلوكية على الطفل، وتركه حرا في اختيار ما يساعده على تنمية ميوله بكل حرية.
إلى جانب هذا المصدر الذي تستمد منه النظريات الشخصانية أركانها، نجد مصدرا آخر يتجسد في علم النفس الإنساني الذي يرفض حتمية العلاقة بين اللاشعور والبيئة ودورهما في تحديد سلوك الفرد وأفعاله، وهنا قدم باحثون أمثال موتيمر آدلر و إريك فروم. محاولات تمكن من إيجاد سبيل ثالث يجنبهم الوقوع في ثنائية حتمية اللاشعور والبيئة معا، مما أدى إلى إنشاء ما يصطلح عليه بعلم النفس الشخصاني الذي يطلق عليه ماسلو اسم القوة الثالثة، التي تدل على تصور يتلخص في امتلاك الإنسان لحب فطري، وفي امتلاكه قدرة على تحقيق ذاته، من خلال المساهمة فيما يحقق الخير للمجتمع.
وبخصوص التعلم، ينطلق ماكس باجس أول من طرح الأفكار الشخصانية في فرنسا) من نقده للمقاربات التقليدية للتعلم، “التي تقلل من احتمالات حدوثه إن لم نقل أنها تجعله مستحيلا”وهو يرى أنه لابد من البحث عن تصور بديل للتعلم، يسمح للشخص باختيار أقصى مدى لنموه النفسي، ويسمح له بأن يكون واقعيا واجتماعيا ومبدعا وقادرا على التغير باستمرار.
هناك مصدر ثالث للتيار الشخصاني وهو تيار نظريات العمل الجماعي، وتعد أعمال كورت ليفين (1935. وخاصة ما يتعلق منها بدينامية الشخصية، من الأعمال التي أثرت في التيار الشخصاني للتربية. لقد توصل هذا العالم إلى ضرورة توفير مواقف تعليمية للطفل، تضمن له إمكانية تحيد أهدافه الشخصية والتصرف بحرية انطلاقا من حاجاته الخاصة ومن تقييمه الخاص. ويمكن القول إن الاتجاه الذي يتخذه ليفين. في التربية، يؤكد على تجنب المواقف التعليمية الكابحة، والميل إلى توفير المواقف التعليمية المتميزة بالحرية، فمثل هذه المواقف هو ما يساعد الطفل على تحقيق نمو شخصيته.
أشرنا إذن إلى الإشكالية التي تنطلق منها النظريات الشخصانية في التربية وأبرزنا المصادر التي تستمد منها هذه النظريات أفكارها في التربية، ويمكننا الآن أن نتساءل: ما هي أهداف التربية عند أصحاب التيار الشخصاني؟
الأهداف التربوية عند كارل روجرس:
الواقع أنه من الصعب البحث عن الأهداف التربوية في ظل النظريات الشخصانية دون اعتماد عالم النفس الأمريكي روجرس كمرجع أساسي للكشف عن هذه الأهداف وعن مفهومه لما يسميه بالتعلم الخبراتي
وبالنسبة لهذا النوع من التعلم، يقدم روجرس في كتابه الذي نشره سنة (1975) المميزات الرئيسية لهذا التعلم ويحددها كما يلي:
– “يعتبر التعلم بالخبرة التزاما شخصيا تنغمس فيه الشخصية بكاملها.
– يقوم هذا التعلم على مبادرات الطالب.
– يتجه هذا التعلم نحو أعماق الطالب، ويغير شخصيته وسلوكياته واتجاهاته.
– توجد في الكائن الإنساني قدرة طبيعية على التعلم، ولديه رغبة في تطوير ذاته بشكل كبير ولمدة تكون أطول، ما لم تستطع تجارب النظام المدرسي تدمير هذه الرغبة.
– يحدث التعلم الصحيح عندما يدرك المتعلم، وجود تلاؤم بين المعارف التي يجب اكتسابها وموضوع التعلم.
– كل تعلم يؤدي إلى تغير في منظومة الذات أو في إدراك الأنا، يُحدث شعورا بالتهديد ومن ثمة نميل إلى مقاومته.
– يُدرك وُيستوعب موضوع التعلم، كلما تقلصت درجة التهديدات الخارجية إلى أقصى الحدود.
– عندما يكون تهديد الأنا ضعيفا، يصبح من الممكن إدراك التجربة المعاشة من زاوية أخرى وهو ما يسمح بحدوث التعلم.
– إن النشاط يسهل التعلم الذي له دلالة ومعنى، فنحن غالبا ما نفهم الأشياء ونحتفظ بها من خلال ممارستها، ونبقى متأثرين بهذه التعلم.
– كلما كان المتعلم يمتلك جزءا من المسؤولية عن التعلم، كلما صار التعلم أكثر سهولة؛ فالتعلم يبلغ أقصى مداه عندما يقوم المتعلم بتحديد مشكلاته الخاصة، وباختبار موارد حلولها بنفسه وكلما تحكم هذا المتعلم في الخطوات التي يجب إتباعها وتقبل نتائج اختياراته.
– إن التعليم الذي يقرر فيه الشخص مصيره بنفسه، والذي يشمل الشخص- من كل جوانبه الوجدانية والمعرفية على حد سواء- هو تعليم يلج الأعماق، ويمكن بالتالي الاحتفاظ به لمدة طويلة.
– يكتسب الطالب أكبر قدر من الاستقلالية في الفكر وفي الإبداع وفي الثقة بالنفس، إذا ما أصبح يؤمن بأن النقد والتقويم الذاتيين أمران أساسيان، ويؤمن أيضا بأن تقويمات الآخرين ليست سوى أمورا ثانوية.
– يعد تعلم آليات التعلم الموجودة في العالم المعاصر من الأنواع الأكثر فائدة من الناحية الاجتماعية، وينبغي أن نتعلم كيف نبقى متفتحين على الخبرة الذاتية، وكيف نستبطن عملية التغير”).
انطلاقا من هذه المميزات التي وضعها روجرس، يمكن القول إن أهداف التربية عند أصحاب التيار الشخصاني، تتلخص فيما يلي:
أ) تحقيق تغيرات تكون لها دلالة على مستوى سلوك الفرد؛ فالهدف التربوي ينبغي أن يحمل معنى بالنسبة للمتعلم.
ب) جعل كل تعلم ينطلق من مبادرات الطالب الشخصية؛ فالإستقلالية في اختيار الأهداف أو بالأحرى مشاركة المتعلم في تحديد أهداف العملية التعليمية/ التعليمة، من العوامل الأساسية التي تساعد على تحقيق الهدف التربوي.
ج) جعل المتعلم قادرا على إدراك التلاؤم بين المعرفة التي يجب اكتسابها وموضوع التعلم.
د) تغيير الفرد من العمق.
ه) الوصول بالمتعلم إلى تعليم نفسه بنفسه بكل حرية.
الأهداف التربوية عند كونستنتان فوتيناس:
لا تقل أعمال فوتيناس عن أعمال روجرس أهمية، فيما يخص صياغة نظرية شخصانية في التربية، فهو ينتمي إلى مدرسة شيكاغـو، وتأتي آراءه متأثرة بعلم النفس الآدليري، ويقدم لنا نصه التالي فكرة تلخيصية لأهداف التربية: “يستهدف الدرس تكوين أفراد قادرين على التدخل بفعالية في الوسط التربوي، فهم من ينتج وهم من يساهم في خلق وضعيات التعلم المتمركز حول الوسط التربوي، بدل التمركز حول محتويات البرامج وطرائق تنفيذها. وتظل الأهداف في مثل هذه الوضعيات، مفتوحة على اعتبارٍ مفاده أن المنهجية الديداكتيكية تترك للطلاب الحرية في تحديد أهدافهم ومعايير تقويم أنفسهم. وباختصار، تطرح المنهجية التوحيدية (أي توحد الطالب بالموضوع) على الطلبة إطارا ديداكتيكيا للعمل وللتفكير، يسمح لهم بتحديد أهدافهم في الموقف التعليمي، وتحديد منهجياتهم وتقويماتهم، من خلال استخدام بيئة ملائمة وبالتعامل مع ميسري التعلم ،(المدرسين)، وبالتالي فإن البرنامج التكويني يتم بناؤه مع مرور الوقت، وبالتركيز على الحاجات المرغوب تحقيقها”،.
يلاحظ من هذا النص أن التدريس الذي ينطلق من هذه التوجهات، يعد تكوينا أكثر مما يعد تعليما، فأهداف الدرس من هذا المنظور، ينبغي أن تسعى إلى تكوين أشخاص يمتلكون من الحرية ما يجعلهم قادرين على تقديم آرائهم في الوسط التربوي، كما ينبغي للوضعية التربوية أن تسمح لهم بتحديد أهدافهم بكل حرية، بل تسمح لهم أيضا بتحديد معايير التقويم الذاتي. أما دور المدرس في إطار هذه النظرة، فيكمن في تسهيل وتيسير التعلم.