في 21 تشرين ثاني من عام 1783 حلق الانسان لأول مرة في منطاد وكان فيه الرائدان العالم الشاب بيلاتردي روزبيه وزميله دي ارلاند، ومنذ ذلك التاريخ اصبح الطيران بالمنطاد رياضة او هواية مرغوبة، تنتعش حينا ويخفت صيتها احيانا.
غير انها لم تندثر وقد بقي المنطاد منذ نهاية القرن الثامن عشر دون تغيرات كبيرة في طبيعته المألوفة، وظل مجرد غلاف رقيق مملوء بهواء ساخن او غاز اخف من الهواء ينساب طافيا الى اعلى، ثم يستسلم للرياح، بلا ضجيج الآلات ولا تعقيدات تكنولوجية كثيرة كتلك التي تعرفها الطائرات العصرية، فلا يسمع الركاب القلائل في المنطاد سوى صوت خفيف ناتج عن احتراق غاز البروبان الذي يسخن الهواء.
وقد مرت المناطيد بحالة كساد في النصف الثاني من القرن العشرين، وها هي تعود تنتعش، فعلى سبيل المثال: كان عدد اندية هواة المناطيد في اميركا في عقد الستينات لا يزيد عن عشرة، والان اصبحت هذه النوادي بالعشرات وربما المئات، وقد شاعت مهرجانات واحتفالات التحليق بالمناطيد يشارك فيها المئات من عشاق هذا النوع المكلف من الرياضة، ويحرص على حضورها ومتابعتها عشرات الالاف، حتى انها ارتبطت بأنشطة ترويج السياحة وصناعتها في كثير من البلدان.
وفي الاونة الاخيرة ومنذ نهاية عقد التسعينات من القرن العشرين عادت المناطيد الى مغامرات الطواف حول العالم، ومنها ما كلف بمهام علمية من قبل وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) مثل منطاد (الروح الوحيدة) ! لصاحبه ( ستيف فوسيت) الذي اعتمد من قبل وكالة ناسا لاختبار بعض اجهزة الملاحة الجوية التي تعدها الوكالة لرحلات المريخ، وكذلك المنطاد الضخم هيلتون الذي يوازي ارتفاع 17 طابقا فقد اطلق هو الاخر من وكالة ناسا ليحلق على ارتفاع 32-36 الف قدم ويقوده المنطادي الخبير ( ديك روتان) وكذلك المنطاد (جين رينيه) الذي يحمل اسم زوجة قائده ( كيفين اولياسي) فهو من اشهر المناطيد المخصصة لاستكشافات علمية.
ولهذا المنطاد غلاف من نسيج رقيق لا تؤثر فيه اشعة الشمس، كما انه يتمتع بقدرة على عكس كافة مكوناته الحرارية ليدوم عمله لمدة أطول وقد جهزت وكالة ناسا هذه المناطيد بأجهزة متطورة لاختبار فعاليتها في اعالي الجو بواسطة حملها بالمناطيد تمهيدا لوضعها في المركبات الفضائية المنوي اطلاقها الى المريخ.
بهذا أصبح للمناطيد دورا علميا، وتجاوزت كونها للمتعة الرياضية المثيرة فقط.
– هاشم سلامة