موقع آفاق علمية وتربوية – هو محمد بن عبد الله بن إدريس الذي ولد في بلدة سبته سنة 493 هـ – 1100م. ويرجع نسب الإدريسي إلى سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، ولذلك فإنه يعرف بالشريف الإدريسي . ونشأ ذلك الشريف وترعرع وتلقى علومه في بلاد الأندلس. و كانت قرطبة آنذاك مرکزا ثقافيا مهما يؤمها طلاب العلوم المختلفة من مشارق الأرض ومغاربها .
صفاته وأسفاره :
عرف بحبه للأسفار ، وقرضه للشعر ، وشغف بعلم الجغرافيا والأدب . وتمكن من أن يزور عدة أماكن وهو لم يتعد السادسة عشرة من عمره ولقد ذكر في كتابه المشهور ” نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ” أنه زار لشبونه حاضرة البرتغال و سواحل كل من فرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى آسيا الصغرى وبعض البلاد الأخرى . غادر الأندلس في عام 1138 میلادية بطريق البحر ليقوم برحلة لم يعرف عنها الكثير وانتهى به المقام في مدينة بالرمو Palermo الواقعة في شمال جزيرة صقلية عاصمة مملكة النورمان آنذاك . وعاش في بلاط ملك الجزيرة روجر الثاني ردحا من الزمن بناء على دعوة منه .
أعماله الجغرافية :
إن اختیار روجر لعالم مسلم لكي يقيم في بلاطه وليكتب في علم الجغرافيا يعتبر دليلا قاطعا على مقدرة وكفاءة ذلك العالم الجليل وخاصة وأن صقلية كانت واقعة في اقليم انتقالى بين حضارة الشرق الإسلامية وحضارة الغرب المسيحية . موقع al3loom.com
استفاد الإدريسي من تشجيع روجر له واستغل كل الإمكانات والتسهيلات التي وفرها له ذلك الملك ، فألف كتابه الآنف الذكر الذي احتوى معلومات قيمة جمع معظمها بنفسه .
ولقد ضمنه معلومات جديدة عن أماكن متفرقة لم تكن متوافرة لدى غيره في تلك الأيام . بالإضافة إلى ذلك الكتاب القيم ، قام الإدريسي برسم خريطة للعالم رسمت ثم حفرت على قرص من الفضة بلغت زنتها أربعمائة رطل رومي ( الرطل الرومي – 112 درهما ). ولقد قسم الإدريسي خريطة العالم تلك إلى سبعة أقاليم متخذا دوائر العرض كأساس لتقسيمه . ونظرا لأن دوائر العرض ترسم بالاعتماد على ظواهر فلكية ثابتة فلا عجب بأن نجد أن تلك الخريطة ظهرت في غاية من الإتقان و الإبداع ومما هو جدير بالذكر أن الإدريسی قد خلف وراءه ثلاثة آثار مهمة هي :
1 – نموذج فريد من نوعه لخريطة العالم ممثلة في القرص الفضى.
2- خريطة للعالم مرسومة على ورق .
3 – كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق .
ومن العجيب أن نعرف أن القرص الفضي و هو الأكثر مقاومة قد فقد ، بينما بقيت خريطته الورقية و كتابه .
ونظرا لأن سكان صقلية لم يدمروا أو يتلفوا شيئا يستحق الذكر من تراث وإنتاج المسلمين في جزيرتهم كما فعل بعض المتزمتين الأسبان بعد أفول نجم الحكم الإسلامي بالاندلس ، فإننا نجد أن ما أنتجه الإدريسي وغيره من المسلمين قد سلم من التدمير والإهمال في تلك الجزيرة .