يعتبر نقل البيانات والمعلومات عبر الكوابل البحرية أسرع بكثير من نقلها عبر الأقمار الاصطناعية/ pixabay

تركيب كوابل الانترنت البحرية واهميتها في نقل البيانات والاتصالات حول العالم

المهندس أمجد قاسم

تلعب الكابلات البحرية ، المعروفة أيضًا باسم كوابل الانترنت البحرية ، دورًا مهمًا في الاتصالات العالمية وعمل العالم الحديث. فيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي تسلط الضوء على أهمية الكابلات البحرية:

الاتصالات الدولية: تشكل الكابلات البحرية العمود الفقري للاتصالات الدولية ، وتحمل الغالبية العظمى من الإنترنت والاتصالات الصوتية وحركة البيانات العالمية. وتتيح هذه الكوابل اتصالات موثوقة وعالية السرعة بين الدول والقارات. إنها تسهل المكالمات الهاتفية الدولية ، وتصفح الإنترنت ، وتبادل البريد الإلكتروني ، ومؤتمرات الفيديو ، ونقل البيانات في جميع أنحاء العالم.

الاتصال العالمي: تربط الكابلات البحرية المناطق وتمكّن من الاتصال العالمي ، وتعزز التبادل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. فهي تربط البلدان بمناطق زمنية ولغات وأنظمة اقتصادية مختلفة ، مما يسهل الاتصال والتعاون السلس بين الأفراد والشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم.

اتصالات موثوقة وفعالة: بالمقارنة مع الأشكال الأخرى للبنية التحتية للاتصالات ، مثل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية ، توفر الكابلات البحرية موثوقية أكبر وزمن وصول أقل وقدرة عرض نطاق أعلى. وهذا يجعلها مثالية لنقل كميات كبيرة من البيانات بسرعة وكفاءة ، مما يضمن اتصالاً دوليًا سلسًا وغير منقطع.

الأثر الاقتصادي: الكابلات البحرية ضرورية للتجارة الدولية. أنها تدعم المعاملات المالية العالمية ، وعمليات سوق الأوراق المالية ، وأنشطة التجارة الإلكترونية ، وتدفق المعلومات الهامة للشركات متعددة الجنسيات ، والمؤسسات المالية ، والشركات من جميع الأحجام. تساهم موثوقية وسرعة الكابلات البحرية في الأداء السلس لسلاسل التوريد والاقتصادات العالمية.

البحث العلمي والتعليم: الكابلات البحرية مفيدة في دعم البحث العلمي ومبادرات التعليم. أنها توفر الاتصال بمحطات البحث البعيدة والمراصد تحت الماء وسفن البحوث البحرية ، مما يتيح نقل البيانات في الوقت الفعلي والتعاون وتبادل المعرفة بين العلماء والمعلمين والباحثين في جميع أنحاء العالم.

توفير الاتصالات أثناء الكوارث: تلعب الكوابل البحرية دورًا حيويًا في التعافي من الكوارث من خلال تنويع طرق الاتصال ، فإنها توفر خيارات النسخ الاحتياطي في حالة الكوارث الطبيعية أو انقطاع الكابلات أو غيرها من الاضطرابات في البنية التحتية للاتصالات الأرضية. تضمن الكابلات البحرية الاتصال المستمر وتقليل تأثير الاضطرابات المحتملة على الخدمات الحيوية.

استكشاف الموارد تحت سطح البحر: تدعم الكابلات البحرية أيضًا استكشاف الموارد تحت سطح البحر ، مثل استكشاف النفط والغاز أو رسم خرائط قاع البحر. إنها تسهل نقل البيانات في الوقت الفعلي من أجهزة الاستشعار عن بعد والمعدات تحت الماء ، مما يتيح مراقبة واستكشاف الموارد البحرية بكفاءة.

وفي الحقيقة فإن استخدام هذه الكوابل البحرية يضمن سرعة نقل البيانات بدقة عالية ، كما يضمن أن تكون الكلفة التشغيلية لها أقل من غيرها من الوسائل الأخرى كالأقمار الصناعية ، هذا بالإضافة إلى أن هذه الكوابل تعمر لسنوات طويلة .

التركيب الداخلي للكوابل البحرية

تتوزع هذه الكوابل في شتى أنحاء العالم ، وتجدر الإشارة إلى أن أول كابل بحري تم تمديده في العالم كان في عام 1850 بين فرنسا وبريطانيا ، وبعد ذلك وفي عام 1863 تم مد كابل بحري بين بريطانيا والجزيرة العربية والهند.

في مطلع القرن الماضي وبالتحديد في عام 1902 تم مد كابل بين أمريكا وهاواي وفي العالم التالي تم مد كابل بين غوام والفيليبين .

هذه الكوابل البحرية التي تم مدها لعبت دورا هاما في نقل المكالمات الهاتفية والبرقيات عبر الدول ، وقد كانت مصنوعة من أسلاك معدنية تقليدية ، وقد استمر استخدام مثل هذا النوع من الكوابل حتى عام 1988 ، عندما تم تدشين أول كابل مصنوع من الألياف الضوئية وذلك عبر المحيط الأطلسي.

وتتركب هذه الكوابل من مجموعة من الطبقات المختلفة وهي :

1- غلاف من مادة البولي ايثيلين.
2- شريط لاصق سميك.
3- أسلاك حديدية غير قابلة للأكسدة.
4- حاجز مضاد لتسرب الماء مصنوع من الألمنيوم.
5- غلاف من البولي كربون .
6- ماسورة من النحاس أو الألمنيوم.
7- جل بترولي.
8- الألياف البصرية أو الضوئية والقادرة على نقل كم هائل من الإشارات الضوئية في داخلها.

هذه الكوابل الموضوعة تحت سطح الماء وعلى أعماق مختلفة ، تحتاج إلى أجهزة خاصة لتقوية الإشارة المارة في داخلها ، وتسمى هذه الأجهزة Repeaters والموضحة في الشكل التالي

ويتم وضع هذه المضخمات كل 100 كلم تقريبا لزيادة قوة الإشارة التي تكون قد تخامدت بسبب عامل المسافة ، هذا علما بأنه يتم نقل البيانات داخل هذه الكوابل بسرعة قد تصل إلى 1.5 تيرابايت في الثانية ، أما في الأنواع القديمة والأقل جودة تصنيعية ، فإن نقل البيانات لا يتجاوز 40 جيجا بايت في الثانية الواحدة ، والشكل المجاور يبين مقطعا عرضيا لكوابل بحرية مختلفة.

تمديد الكوابل البحرية

يتم تمديد الكوابل البحرية من قبل شركات متخصصة في هذا المجال ، وتستخدم لهذه الغاية سفن بحرية عملاقة تستعين بالأقمار الصناعية لرسم خرائط دقيقة لقيعان البحار والمحيطات يتم على ضوئها تحديد أفضل المسارات التي يمكن أن تمر بها هذه الكوابل ، والصورة التالية تبين إحدى السفن الخاصة بشركة الاتصالات الفرنسية والتي تعمل على تمديد هذه الكوابل في البحار والمحيطات حول العالم .

انقطاع الكوابل البحرية وإصلاحها

تتعرض الكوابل البحرية للكثير من المشاكل الفنية ، نتيجة الظروف البيئية المحيطة بها ، فقد يحدث بها تلف جزئي أو كلي ( انقطاع كامل ) ، وتتعدد مسببات تلفها ، فقد يكون ناتجا عن سفن صيد الأسماك أو مراسي بعض السفن ، وقد يكون ناجما عن الزلازل والبراكين والتصدعات التي تحدث تحت سطح البحر ، كما قد تلحق بعض الأسماك وخصوصا القرش تلفا بها ، أيضا قد يكون التلف والقطع ناجم عن أعمال تخريبية متعمدة كما هو الأمر في حالة الحروب والنزاعات بين الدول والهجمات الإرهابية .

يتم إصلاح هذه الكوابل من قبل طواقم متخصصة ، حيث يتم تحديد مكان حدوث القطع أو التلف من قبل فريق الإصلاح على اليابسة أولا ، وذلك عن طريق إرسال نبضة ضوئية عبر الكابل المعطل باستخدام جهاز مقياس الانعكاس الزمني الضوئي ، وعندما تصل الإشارة الضوئية إلى منطقة العطب في الكابل ، تنعكس إلى المصدر المرسل أي إلى جهاز مولد النبضة ، وبحساب الزمن الفاصل بين إرسال واستقبال الإشارة يتم حساب المسافة وبهامش خطأ يصل إلى حوالي 10 متر.

بعد تحديد مكان العطب ترسل سفن التصليح للموقع ، حيث يتم رفع الكابل بواسطة روافع هيدروليكية خاصة ، وإصلاحه على سطح السفينة ، أي إعادة وصل الأجزاء التي تحطمت أو انقطعت ، والتأكد من بشكل دقيق من صلاحية الكابل للعمل من جديد عن طريق إرسال نبضات ضوئية مرة أخرى فيه وملاحظة مرورها في داخله دون أي إعاقة ، ثم يتم إعادته إلى مكانه تحت سطح الماء ، أيضا قد يتم إصلاح الكابل وهو في مكانه ، أي دون رفعه إلى سطح السفينة في حال كون عمق الماء متوسطا ، وتجدر الإشارة إلى أن كلفة التصليح قد تتجاوز 40 ألف دولار ليوم العمل الواحد .

إن المحافظة على هذه الكوابل وتوخي الحذر من قبل السفن التي تبحر في مناطق ممدود بها هذه الكوابل ، يعتبر أمرا هاما جدا ، كما يجب على الجهات ذات العلاقة تفقد كوابلها من وقت إلى آخر وتوفير كوابل بديلة ليتم استخدامها في حال انقطاع أحدها ، أيضا فإن من الأهمية بمكان توفير وسائل اتصال أخرى لنقل البيانات وإيصال خدمة الإنترنت إلى جميع المشتركين بسهولة وأمان ، كاستخدام الكوابل الأرضية عند الحاجة واستخدام الأقمار الصناعية ومحطات الميكروويف وغيرها من الوسائل التي تديم اتصالنا المستمر بشبكة الإنترنت العالمية وتحافظ في نفس الوقت على حسن سير الأعمال في البنوك والمؤسسات والشركات التي ينبغي لها أن تتواصل بشكل مستمر مع العالم الخارجي ، فانقطاع هذا التواصل يتسبب في خسارة مئات الملايين من الدولارات والتي يمكن تجنبها باتخاذ الاحتياطات والتدابير الفنية اللازمة.

ان الكوابل البحرية تعتبر حاليا عنصرا حاسما في البنية التحتية الرقمية الحديثة ، مما يتيح تبادل المعلومات ودعم مختلف القطاعات التي تعتمد على اتصال دولي سلس وموثوق.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

الإنسان والتكنولوجيا: من المسيطر؟

يُعَدّ موضوع العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا من المواضيع التي استحوذت على اهتمام الباحثين وصناع الدراما …

تعليق واحد

  1. م. هشام محمود

    اشكرك باش مهندس على المعلومات القيمة الواردة في مقالك حول الكوابل البحرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *