يعتبر سكينر أول مبتكر للتعليم المبرمج / pixabay

من نظريات التعلم .. نظرية الاشتراط الإجرائي لسكينر

أنواع السلوك عند سكينر
تجارب سكينر
جدول التعزيز عند سكينر
تصنيف المعززات
تشكيل السلوك وتعديله
التعليم المبرمج
التطبيقات التربوية لنظرية سكينر

آفاق علمية وتربوية – ولد بورس فريدريك سكينر عام 1904 في بلدة ساسك ويهانا في الشمال الشرقي من ولاية بنسلفانيا . وقد كان والده “وليام آثر سكينر ” محاميا ذا طموحات سياسية، يعمل لدى إحدى شركات السكك الحديدية.أما والدته “جرس مادي سكينر” فهي امرأة ذكية وجميلة وتتبنى فلسفة ثابتة في الحياة لا تحيد عنها. لم يستخدم والد سكينر العقاب البدني في تنشئته، غير أنهما لم يترددا في استخدام أساليب أخرى لتعلميه الأنماط السلوكية الجيدة.

ويبدو أن حياة سكينر المبكرة كانت تزخر بالشعور بالأمن والاستقرار. ويشير سكينر إن حياته المدرسية كانت ممتعة محاطا دوما بالكتب التي شغف والده بقراءتها . والتحق سكينر بكلية هاملتون، حيث تخصص في الأدب الإنجليزي، ودرس مواد شملت اللغات الرومانسية، وأسلوب الخطاب ، وعلم الأحياء والأجنة والتشريح والرياضيات. وبعد أن فشلت محاولات سكينر في أن يصبح كاتبا ، فاهتم بميدان علم النفس وذلك بجامعة هارفارد في خريف1928.

أثناء إقامته بالجامعة لمدة 5سنوات تحصل على منحة التجريب على الحيوان وتأثر منهجه في لبحث بمنهج بافلوف. وكان شعاره”تحكم في البيئة تتحكم في السلوك”. و في عام 936 1، حصل سكينر على وظيفة مدرس في جامعة مينيسوتا وظل فيها حتى عام1945، وظهر أول عمل ضخم له (سلوك الكائنات)عام 1938، وكان وصفا مفصلا لبحوثه حول الفئران، وفي صيف عام 1945 كتب روايته الشهيرة (والدان تو)، ولكنهما لم تنشر إلا عام 1948.وتولى منصب رئيس قسم علم النفس في جامعة أنديانا، ورغم كثرة المسؤوليات الإدارية إلا أنه واصل الأبحاث على الحمام وفي عام 1947، أصبح عضوا في قسم علم النفس بجامعة هارفارد.
ينتمي سكينر إلى مدرسة ثورندايك فهو ارتباطي مثله يهتم بالتعزيز كعامل أساسي في عملية التعلم. و سكينر احد علماء النفس الذين اهتموا بدراسة الأمراض السلوكية من خلال دراسة السلوك نفسه.

أنواع السلوك عند سكينر

يميز سكينر بين نوعين من السلوك وهما:

– السلوك الاستجابة: و يمثل لاستجابات ذات طابع انعكاسي فطري مثل إغماض العينين عند التعرض لمنبه قوي أو المشي الآلي و منعكس المص عند المولود حديثا.

– السلوك الإجرائي يتم هذا السلوك من الإجراءات المنبعثة من العضوية على نحو تلقائي دون أن تكون مقيدة بمثيرات معينة، وتقاس قوة الاشتراط الإجرائي بمعدل الاستجابة بعدد تكرارها وليس بقوة المثير. يعرف السلوك الإجرائي بأثره على البيئة، و ليس بواسطة مثيرات قبلية مثال على ذلك قيادة السيارة ركوب الدراجة المشي على الأقدام بهدف الوصول إلى المكان ما. ويميز سكينر ثلاثة أنواع من المثيرات التي تتحكم في السلوك الإجرائي وهي:

– المثير المعزز و يقصد به كل أنواع المثيرات الايجابية التي تصاحب السلوك الإجرائي كالمعززات اللفظية والمادية والاجتماعية والرمزية .
– المثير العقابي ويقصد به كل أنواع العقاب، مثل العقاب اللفظي والاجتماعي أو الجسدي، التي تلي حدوث السلوك الإجرائي، وتعمل على إضعافه.
– المثير الحيادي ويقصد به المثيرات التي تؤدي إلى إضعاف السلوك الإجرائي أو تقويته .

تجارب سكينر:

استخدم سكينر صندوقا أطلق عليه اسمه وهو عبارة عن صندوقا بداخله رافعة يمكن الضغط عليه ويوجد أيضا بداخل الصندوق وعاء للطعام ، حيث وضع فيه سكينر فأرا جائعا ، مما جعل الفأر يقوم بسلوك استكشافي وكان الضغط على الرافعة أحدى الاستجابات. وكان سكينر يعزز هذا السلوك بتقديم الطعام له. إن تزويد الفأر بالطعام يسمى بالتعزيز العرضي، لأن استجابة الضغط على الرافعة صدرت بالمصادفة، وليس كوسيلة للحصول على الطعام، وهي الاستجابة التي تميز التعلم الإجرائي.وقد توصل سكينر إلى الاشتراط الإجرائي عن طريق التعزيز.

جدول التعزيز عند سكينر:

عندما يتعلم الفرد سلوك جديدا يتم تعزيزه مباشرة ويسمى هذا الإجراء بالتعزيز المستمر. أما إذا وصل المتعلم إلى مرحلة الإتقان، يستحسن تقديم التعزيز من فترة لأخرى ويسمى هذا الإجراء بالتعزيز المتقطع. وهناك أربع أنماط أساسية للتعزيز المتقطع اثنان منه يعتمد على مقدار الوقت الذي يمر بين المعززات وتسمي جداول التعزيز الزمني، أما النوعان الآخران فيعتمدان على عدد الاستجابات المقدمة بين المعززات و تسمى بجداول النسبة.

ويتخذ التعزيز سواء كان نسبيا أو زمنيا، شكلا ثابت أو متغير من الاستجابات، وقد يفصل بين كل استجابتين معززتين، في تعزيز نسبي، عدد ثابت أو متغير من الاستجابات. و قد تفصل بين كل تعزيزين في التعزيز الزمني، فترة زمنية ثابتة أو متغيرة بغض النظر عن عدد الاستجابات المنبعثة خلال هذه الفترة.

المقارنة بين جداول التعزيز الثابتة والمتغيرة للاستجابات والزمن

تصنيف المعززات:

نميز أكثر من طريقة في تصنيف المعززات ومنها

– المعززات الأولية والمعززات الثانوية:

المعززات الأولية تتمثل في المثيرات التي تؤدي إلى تقوية السلوك دون خبرة سابقة ودون تعلم وتسمى أيضا بالمعززات غير الشرطية أو المعززات الطبيعية غير المتعلمة و منها الطعام والشراب والدفء. أما المعززات الثانوية فهي التي تكسب خاصية التعزيز من خلال اقترانها بالمعززات الأولية، والتي تسمى بالمعززات الشرطية أو المتعلمة.

– المعززات الطبيعية والمعززات الصناعية:

1- المعززات الطبيعية:
هي التوابع ذات العلاقة المنطقية بالسلوك ومن الأمثلة على ذلك ابتسامة المعلم للطالب، أما إعطاء المعلم نقاطا للطالب يمكن استبدلها فيما بعد بأشياء يحبها الطالب كالعلامات فهذا يعتبر تعزيزا اصطناعيا.

2- التعزيز الموجب و التعزيز السالب:
التعزيز الموجب هو إضافة مثير معين بعد السلوك مباشرة، مما يؤدي إلى احتمال حدوث نفس السلوك في المواقف المماثلة ومنها المديح وتكريم الفائزين وزيادة الراتب وتقبيل الوالد لطفله أما التعزيز السالب فهو التخفيف من العقوبة المفروضة على الفرد نتيجة للقيام بسلوك مرغوب فيه، إلغاء إنذار وجه للطالب لتقصيره في الدروس ، نتيجة لسلوك لاجتهاد الذي أظهره فيما بعد. وتعتبر المعززات السالبة مثيرات تزيد من احتمال ظهور الاستجابة بعد زوالها.

3- العقاب عند سكينر:
يعتقد سكينر أن العقاب يمكن أن يكون عاملا مهما في تعديل السلوك. يؤكد أن هناك نوعين من العقاب الموجب والسالب، و يعمل ا لعقاب الموجب على تقديم مثير غير محبب أو مؤلم إلى الموقف يعمل على إزالة أداء الاستجابة غير المرغوب فيها. ويشير العقاب السالب إلى حذف مثير محبب من الموقف أو إزالته للعمل على التوقف عن أداء الاستجابة غير المرغوب فيها. مثال: منع الطفل من الحصول على الحلوى في حالة الاستمرار في سلوك غير المرغوب فيه. نزع اللعبة عند عدم استجابة الطفل لمطالب الوالد.

تشكيل السلوك وتعديله

تتم إجراءات تشكيل السلوك على عملية تحديد الهدف السلوكي المرغوب فيه، وتجزئته إلى سلسلة من الخطوات المتتابعة التي تقترب تدريجيا من بلوغ الهدف. ويتم تعزيز كل خطوة على حدة بالترتيب المؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود. ولا يحدث الانتقال إلى خطوة تالية إلا إذا أتقنت العضوية أداء الخطوة السابقة لها، ويستمر هذا النوع من التقريب المتتالي إلى أن يتمكن من تحقيق السلوك المطلوب. والسلوك الإجرائي هو سلوك معزز، يعتبر والخطوة الأولى في التشجيع ظهور السلوك المحدد، وهو انتظار السلوك المرغوب فيه، ثم إتباعه بتعزيز.

ويتم تعديل السلوك وفق المبادئ التالية:

– السلوك تحكمه نتائجه.
– التركيز على السلوك القابل للملاحظة المباشرة.
– التعامل مع السلوك على أنه هو المشكلة وليس كمجرد عرض لها
– السلوك غير المقبول تحكمه القوانين نفسها التي تحكم السلوك المقبول
– السلوك الإنساني ليس عشوائيا بل يخضع لقوانين تعديل السلوك و منهجية تجريبية، يمكن أن تأخذ الأشكال التالية:

– زيادة احتمال ظهور سلوك مرغوب فيه
– تقليل احتمالات ظهور سلوك غير مرغوب فيه
– إظهار نمط سلوكي ما، في المكان والزمان المناسبين
– تشكيل سلوك جديد (أبو جادو2005).

التعليم المبرمج:

يعتبر سكينر أول مبتكر للتعليم المبرمج. ففي عام1954، حيث شهدت الولايات المتحدة الأمريكية نقصا في عدد المعلمين، اقترح سكينر التعلم المبرمج بناء على ما توصل إليه من نتائج الاشتراط الإجرائي ويعتبر التعليم المبرمج أسلوب التعليم الذاتي ، إذ يعطي المتعلم فرص تعليم نفسه، حيث يقوم البرنامج بدور الموجه نحو تحقيق أهداف معينة.

إن مفهوم التعليم المبرمج من أكثر التطبيقات التربوية أهمية لمبادئ الاشتراط الإجرائي والذي يقوم على الاستفادة من مبادئ التعلم الإجرائي ومن مزايا التعليم المبرمج ما يلي:

– يسهم في حل بعض المشكلات التربوية مثل تزايد عدد التلاميذ ومشكلة الفروق الفردية، ونقص عدد المعلمين.
– يركز على المتعلم باعتباره محور العملية التربوية مع تنبيه الدافعية.
– يضمن تغذية راجعة فورية.
– التعزيز المستمر للمتعلم.
– ليس هناك وجود لمثيرات منفرة التي قد يحدثها بعض المعلمين.


التطبيقات التربوية لنظرية سكينر

اقترح سكينر الخطوط التربوية العريضة للمعلمين وهي:

1- استخدام التعزيز الايجابي بقدر الإمكان.
2 – ضبط المثيرات المنفرة في غرفة الصف وتقليلها، حتى لا يزداد استخدام أسلوب العقاب أو التعزيز السالب.
3 – ضرورة تقديم التغذية الراجعة، سواء كانت في صورة تعزيز موجب أو سالب أو عقاب فور صدور سلوك المتعلم.
4- الحرص على تسلسل الخطوات للاستجابات التي يجريها المتعلم وتتابعها، وتقديم التغذية الراجعة في كل ما يتعلمه التلميذ .
وقد استفاد من مبادئ الاشتراط الإجرائي العلاج النفسي السلوكي في تقويم المشكلات السلوكية غير السوية أو بعض العادات غير المرغوب فيها ، كما أضاف سكينر تحذيرات للمعلمين خاصة بالممارسة الصفية و التي قد تقترن بسلوكياتهم أو بالمادة الدراسية منها:

– السخرية من استجابات المتعلم وتقديم التعليقات المؤلمة لذاتهم.
– استخدام الأساليب العقابية المختلفة.
– الوظائف البيتية الاظافية الكثيرة والصعبة
– إرهاق نفسية الطلبة بالأعمال الإجبارية
– إلزام المتعلم بنشاط لا يرغب فيه
– إلزام المتعلم بالجلوس بصمت طول مدة الدرس .

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *