دراسة (أسباب ودوافع التحاق الطلبة ببرامج الدراسات العليا في الجامعات الحكومية الأردنية)

تاليا دراسة للباحثة ( لبنى ياسين ) هدفت لمعرفة الأسباب والدوافع لالتحاق الطلبة في البرامج التعليمية الخاصة بالدراسات العليا في الجامعات الأردنية ، وتحديد الأبعاد والعوامل التي تؤثر على الطلبة عند اختيارهم لهذا النوع من الدراسات حسب وجهة نظرهم، وقد تمت مشاركة ورقة العمل في المؤتمر الدولي ” التربية في عالم متغير ” والذي أقيم في الجامعة الهاشمية ( 7 – 8 / ابريل / 2010 )

لبنى ياسين
الدكتور أسامة عبيدات
كلية العلوم التربوية-الجامعة الهاشمية

وتم جمع البيانات عن طريق تصميم استبانة كأداة قياس للدراسة، والتي تضمنت على 18 فقرة موزعة على أربعة أبعاد معتبرة من وجهة نظر المستجيب، كما روعي وجود بعض المعلومات الشخصية المرتبطة بالطالب كمتغيرات مستقلة، ذلك في محاولة لتوجيه الدراسة. وتكون مجتمع الدراسة من جميع طلبة الدراسات العليا في الجامعات الأردنية للعام الجامعي 2007/2008، أما عينة الدراسة فكانت عبارة عن (100) طالب وطالبة في ثلاث جامعات أردنية وهي: الأردنية، الهاشمية والبلقاء التطبيقية، تم اختيارهم بطريقة عشوائية، وقامت الباحثة بتوزيع أداة الدراسة عليهم حيث استعيد منها 91 فقط.

وأظهرت النتائج في هذه الدراسة، أن دوافع الالتحاق ببرامج الدراسات العليا في الجامعات الأردنية كانت مرتبة ترتيباً تنازلياً وهي: الأسباب والدوافع الأكاديمية، يليها الأسباب المتعلقة بتحقيق التطور الوظيفي، ثم الدوافع المادية، وأخيراً تأثير النظرة الاجتماعية.
وفي النهاية تم تقديم بعض التوصيات الموجهة للطلبة الملتحقين والذين يرغبون بالالتحاق مستقبلاً، متعلقة في دراسة الأسباب والدوافع بتوظيف شيئاً من المنطق وما تقتضيه لاستثمارها في اتخاذ القرار الصائب.

المقدمة

يعد الاهتمام بالتعليم العالي من أكثر المواضيع حيوية وإثارة على صعيد العلم والمعرفة، وأن عملية الاستثمار فيه من أبرز أنواع الاستثمار في رأس المال البشري.. إذ أنه يقوم على تنمية الأفراد، والعمل على تطوير مستوى التعليم والتدريب والبحث العلمي، إذ كما يعرف أن المجتمع الأردني مجتمعاً فتياً، ومن خلالهم يسعى التعليم الجامعي إلى إبراز شخصياتهم وتحقيق تطلعات المجتمع من خلال إعداد الطاقات البشرية المتعلمة والمدربة.

والتعليم العالي، وبالأخص الالتحاق ببرامج الدراسات العليا، يعد من أكثر الاهتمامات الرائجة في الوقت الراهن.. ذلك لأهمية التعليم والاستمرار فيه، كمصدر قوة واستثمار على الأمد الطويل الذي لابد من تحقيق عائداته.

وأن للجامعات دورها الهام ومسؤوليتها العظيمة، تتمثل في دخول الفكر العربي ميادين البحث العميق، آخذاً طريقه نحو البروز والتميز والمشاركة الفعالة في التقدم البشري (مطاوع، ٢٠٠٢).

لذا فإن الجامعات تعمل على أن يظهر دورها الفعال في تحقيق وبلوغ الإبداع والتقدم العلمي، والقدرة على المنافسة ومجاراة الواقع في مجالات الفكر والعلم والمعرفة.
كما أن البحث في دوافع الالتحاق ببرامج الدراسات العليا، يؤدي إلى معرفة أثرها في مساعدة أصحاب القرار في تحديد الاتجاهات لدى المجتمع والتخصصات المرغوبة اجتماعياً، بالتالي يتم تطوير المساقات والبرامج المرغوبة لدى كل فئة اجتماعية، ومعرفة مدى تطابقها مع احتياجات التنمية المستدامة وحاجات سوق العمل.

مشكلة الدراسة

الإقبال والتهافت على الالتحاق ببرامج الدراسات العليا في الجامعات الأردنية باتت ظاهرة ملحوظة، وأصبحت الحاجة ملحة لمعرفة أسباب هذا الاتجاه، خاصة وأنه تسبب في زيادة الضغط والإرباك على إدارات الجامعات والهيئات التدريسية، ولوحظ أن هناك نقص في الكوادر المشرفة على رسائل البحث العلمي بسبب الأعداد المرتفعة للطلبة المسجلين، الذي يمكن أن يشكل تهديداً على نوعية البحث العلمي وجودته، مع محدودية الخدمات المتوفرة مقابل هذا العدد الهائل، بالإضافة إلى حجم الإنفاق العالي، برغم المعرفة المسبقة في الصعوبات التي يواجهها المجتمع من الناحية الاقتصادية، والعلم بأن الدراسة الجامعية في برامج الدراسات العليا مكلفة إلى حد ما.

بالمقابل اختلفت الغايات والدوافع وراء الحصول على الشهادات العليا، بين الحاجة لدخول سوق العمل أو السعي وراء تغيير المنصب الوظيفي، وما بين الطبقة الاجتماعية، حيث أن ارتفاع نسبة الإقبال على الحصول على شهادة الدراسات العليا ينم عن الحراك الاجتماعي في المجتمع العربي بشكل عام، والأردني بشكل خاص، حيث كان التعليم الجامعي محدود ومقتصر على قلة ضئيلة من الموسرين، إلى أن أصبح الآن ضرورة من ضروريات الحياة.

أهمية الدراسة

تسهم في تطوير العملية التربوية التعليمية وتحسين نوعية مدخلاتها، مع تطوير الخطط والمساقات والأنشطة المعدة للطلبة، وتحسين أساليب وطرق انتقائهم، أيضاً وفي تحسين آليات القبول والتسجيل. حيث تبرز أهميتها في إعداد البرامج والدراسات الجديدة بما يتفق مع رغبات الطلبة وحاجات المجتمع، وتساعد الطالب في فهمه لنفسه ولمن حوله، ومعرفة الأبعاد التي يسعى الطالب في تحقيقها وتصوراته المستقبلية، والتي ينبغي في أن تكون متواجدة من قبل المسؤولين وذوي الاهتمام. كما تزداد أهميتها في أنها تقوم بمقارنة دوافع الطلبة الملتحقين ببرامج الدراسات العليا في مجمل الجامعات الأردنية، باختلاف أعمارهم وجنسهم وميولهم الأكاديمية.

هدف الدراسة وأسئلتها

هدفت الدراسة إلى معرفة أسباب ودوافع الالتحاق بالدراسات العليا لدى طلبة الجامعات الأردنية، وأهمية هذه الدوافع وأثر المتغيرات عليها، ويمكن عرض أهداف الدراسة عن طريق معرفة أجابات الأسئلة التالية:

ما الدوافع التي أدت إلى اتخاذ الطلبة قرار الالتحاق ببرامج الدراسات العليا؟
هل توجد فروق بين دوافع الالتحاق تعزى إلى متغيرات الجنس أو العمر أو التخصص الأكاديمي؟

الأدب النظري والدراسات السابقة

الأدب النظري

يجتاز الوطن العربي في الوقت الحاضر مرحلة تغير حضاري، تبدو ملامحها في مختلف مظاهر الحياة العربية المعاصرة، فالإنسان العربي يصارع البيئة الطبيعية محاولاً استخدام العلم في ذلك. ويعتبر التعليم العالي ضرورة ماسة في النظام التربوي، وحتى يحقق هذا المستوى من التعليم أهدافه، يجب أن يبنى على مستويات سليمة في التعليم في المراحل السابقة. وهناك حقيقة مؤكدة هي أن التوسع في التعليم الجامعي في البلاد العربية، كان نتيجة التوسع في التعليم العام، وازدياد حاجات هذه البلاد إلى الفنيين والمتخصصين.

وأن طلاب الدراسات العليا هم عصب الجامعات العظيمة لأنهم محركوا عجلة بحثها العلمي. وهم بذور أساتذتها الكبار لاحقاً، حيث توجد الجامعات الأفضل يوجد اقتصاد معرفي، اقتصاد قائم على البحث والتطوير (فقيه، ٢٠٠٦).

وتعتبر الدراسات العليا واجهة مهمة من واجهات الجامعات، لكونها أحد أهم العناصر في تطوير الأبحاث العلمية بما تشمله رسائل الماجستير والدكتوراه من موضوعات بحثية متميزة، فقد أولت الجامعات العالمية أهمية خاصة لتطوير الدراسات العليا بتوفير سبل الدعم المختلفة لتقديم برامج متميزة ومتنوعة وتوفير كافة الإمكانات للتوسع في هذه البرامج وزيادة أعداد طلاب الدراسات العليا. (من مقال صادر عن جامعة الملك سعود).

إن برامج الدراسات العليا تقدم عادة بعد المرحلة الجامعية الأولى سواء كانت هذه الدراسات دبلوماعالياً، أم درجة ماجستير، أم درجة دكتورا ه، وتكون الدراسة فيها امتداداً طبيعيا للدراسة الجامعية الأولى في مستوى أعلى وتخصص دقيق يسمح بعمق أكثر ومعرفة أغزر.

وتتنوع برامجها لتشمل برامج ومجالات علمية متعددة تختلف باختلاف أنواع البحوث التي تجرى، فمنها في مجال العلوم الأساسية الذي يهدف إلى التعمق في المعرفة العلمية والتطبيقية وتنمية قدرات الإنسان على فهم القوانين العلمية الأساسية، ومنها مجال العلوم التطبيقية الذي يهدف إلى التوصل إلى الاكتشافات العلمية والتي تستخدم لأغراض علمية تطبيقية، ومنها مجال التقويم الذي يهدف إلى تطوير الممارسات العملية في المجتمع.

أما بالنسبة لبرامج الدراسات العليا في الجامعات المختلفة، فنجدها تختلف باختلاف شروط القبول ونوعية الدرجات العلمية الممنوحة، فبالنسبة لشروط القبول فنجدها تتنوع بتنوع التخصص والجامعة والمجتمع، وبالرغم من أن مبدأ إتاحة حق التعليم لجميع الراغبين، إلا أن فلسفة قبول طلبة الدراسات العليا تقوم أساساً على مبدأ الانتقاء بسبب ارتفاع كلفة الدراسة بمرحلة الدراسات العليا واحتياج الدراسات العليا إلى أساتذة ذوي كفاءة عالية من أعضاء هيئة التدريس ممن لهم خبرات طويلة في التدريس الجامعي والإشراف العلمي على الطلبة. إضافة إلى احتياج برامج الدراسات العليا لمستويات معرفية وقدرات عقلية متميزة ومهار ات بحثية لا تتوفر لدى الجميع لذا نجد أن أغلب الجامعات في دول العالم تعتمد شروطا – ممن يتقدمون للالتحاق بها- معينة للقبول في هذه البرامج أبرزها التأهيل العلمي المسبق واجتياز بعض اختبارات الاستعداد والقدرات العقلية وتقديم شهادات توصية أو خبرة واجتياز عدد من الاختبارات التحريرية أو الشفوية أو الأدائية واجتياز المقابلة الشخصية وإجادة لغة أجنبية. (أبو دقة و الخولي، ۲٠٠٤).

وفيما يتعلق بالطلب الاجتماعي على خريجي الدراسات العليا فالحال مغاير تماماً ، فالوظائف كما ذكر كارابل (karabell, 1998) غير موجودة ، وعدد خريجي الدراسات العليا يتجاوز عدد الوظائف المتوفرة ، هذا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي لوحظ فيها أن 71% من حملة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية يحصلون على وظائف ، وأن 51% من خريجي الدكتوراه في العلوم الطبيعية يحصلون على عمل أما 8% من خريجي الدكتوراه في العلوم الانسانية فيحصلون على عمل (Karabell,1998) أما بالنسبة للعالم العربي فإن نسبة البطالة بين خريجي الدراسات العليا في الأردن مرتفعة (نهار، ۱۹٩۸) وفي المملكة العربية السعودية لوحظ أن الحصول على وظيفة بعد الماجستير أو الدكتوراه، محدود جداً .

فالطلاب والطالبات يفنون سنوات طويلة من عمرهم يبحثون في حقول معرفية دقيقة غير ذات جدوى فيما يتعلق بالتوظيف أو التنمية (Karabell,1998) وهذه البرامج في معظمها لا تتجاوب مع التغيرات العلمية والتكنولوجية مما يجعلها عبارة عن جهود لإضاعة العمر . فالبطـالة بين خريجي الدراسـات العليا في تزايد والعلوم والمعارف التي يتخرج بها طلاب الدراسات العليا غير ذات قيمة وظيفية (Lapidus,1997).

وعن دور الدراسات العليا فإنها تعد العنصر الرئيسي والفاعل في نظام التعليم الجامعي وتطويره, حيث تساهم في تأهيل طلاب الدراسات العليا من خلال تأطير الجوانب النظرية والتطبيقية والموائمه بينهما واستخدام برامج جديدة في مجال الاختصاص، أيضاَ في السماح للطلاب بالتدريب العملي والميداني، واستخدام تقنيات حديثه في التدريس، واستخدام مراجع ومصادر جديدة، والاهتمام في إجراء تبادل المعلومات بين الجامعة والجامعات الاخرى، والتركيز على ربط الدراسات باحتياجات سوق العمل، مما تجعل من الطالب باحثا في مجال اختصاصه (الزبيدي، ۲٠٠٨).

ومما يتعلق بتطوير برامج الدراسات العليا، فهناك علاقة عضوية بين التعليم الجامعي والدراسات العليا والبحث العلمي التكنولوجي والتنمية الوطنية، وتعتبر المؤسسات الجامعية من خلال الدراسات العليا عماد البحث العلمي والتطوير وعماد نقل المعرفة والتكنولوجيا، ونشرها إلى جميع قطاعات المجتمع، فالنظام المبني على التعليم والتدريب والبحث هو أكثر الأساليب ملائمة للتحديث على المدى القريب والبعيد. لذلك يجب التوفيق بين متطلبات البحث العلمي وأهداف التنمية الوطنية كي يحصل ربط حقيقي بين الجهود الجامعية وعمليات التنمية، وتظهر نشاطات إبداعية محلية وتكنولوجية ذاتية.

وبما أن برامج الدراسات العليا تتضمن مساقات متنوعة متقدمة ومتخصصة منها النظري ومنها العلمي ومنها التدريبي في الميدان، كما تتضمن تنفيذ أبحاث ودراسات وتحضير أطروحات على مستوى الماجستير والدكتوراه، والمشاركة في العديد من نشاطات التدريس، لذا نجد على أن هناك أهمية متزايدة لضرورة توظيف الكفاءات العربية المهاجرة في البلدان الصناعية المتقدمة في هذه العملية عن طريق عدة سبل، منها التدريس في الجامعات العربية باستقطاب أساتذة لفترة طويلة أو أثناء التفرغ العلمي، والتعيين المشترك مع الجامعات العربية، أو الإشراف المشترك في الدراسات العليا، وتوأمة الجامعات، وتوفير فرص لتدريب طلبة دراسات الماجستير والدكتوراه عن طريق الزيارات العلمية، والمشاركة في تأسيس معاهد جامعية عربية مهجرية للتعليم المفتوح بواسطة شبكات الانترنت العالمية (نايفة، ۲٠٠٠).

ولا بد من التأكيد على أن تسويق نتائج البحث العلمي ليس هو الهدف الذي يجب أن تسعى لتحقيقه مؤسسات البحث العلمي في الوطن العربي، بل أنه الوسيلة التي لابد من خلالها تصبح الاستفادة من نتائج البحث العلمي ممكنة. وهو كذلك أحد أهم الآليات المتاحة لإيجاد علاقات تواصل بين مؤسسات البحث والمؤسسات الإنتاجية في المجتمع، تسمح بأن يثري نشاط كل منهما الآخر، ليسهما معاً في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع التي تعتبر الهدف الحقيقي لممارسة عملية البحث العلمي (بوبشيت ورضوان، ١۹۹۸).

الدراسات السابقة

أولاً: الدراسات العربية

دراسة (العمري، ۲٠٠٥) في معرفة دوافع الالتحاق بالدراسات العليا لدى طلبة الجامعات الحكومية الأردنية، وتوصل إلى أن هذه الدوافع كانت مرتبة ترتيباً تنازلياً كالتالي: دوافع نفسية، دوافع ثقافية، دوافع علمية، دوافع اقتصادية، دوافع اجتماعية، وبين من نتائج دراسته أنه ليس هناك فروق ذات دلالة احصائية بين المتوسطات الحسابية تعزى إلى متغيرات الجنس أو المستوى الأكاديمي أو العمر.

دراسة (مصطفى، ١٩٩٥) التي تناولت طلبة الدراسات العليا في الجامعة الأردنية ودوافع التحاقهم بهذا البرنامج، وبينت نتائج دراستها أن أقوى الدوافع هو الدافع العلمي يليه الدافع الاجتماعي فالدافع المهني والدافع الاقتصادي فدافع البطالة، ولم تكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين المتوسطات الحسابية لدوافع الالتحاق ببرامج الدراسات العليا في الجامعة الأردنية في مختلف المجالات تعزى إلى اختلاف الجنس، بينما كان هناك فرقاً في مجال الدافع النفسي لصالح الكليات الإنسانية، وفرقاً في مجال الدافع الاقتصادي لصالح الكليات العلمية. كما أشارت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المتوسطات الحسابية لدوافع الالتحاق ببرامج الدراسات العليا وفقاً للبرامج التي التحقوا بها في مجال الجانب الاقتصادي لصالح الطلبة الملتحقين ببرامج الماجستير.

وفي دراسة قامت بها (جاسر، ١۹۹٠) التي طبقت على الطلبة الأردنيين في الجامعات الحكومية الأربعة، الأردنية واليرموك والعلوم والتكنولوجيا ومؤتة، هدفاً منها في معرفة العلاقة بين الخلفية الاقتصادية والاجتماعية لأسر الطلبة الأردنيين عينة الدراسة، مدى تحقيق رغبة أبنائهم بالالتحاق بالتعليم الجامعي، والعوامل المؤثرة. حيث أظهرت نتائج هذه الدراسة أن معظم طلبة الجامعات الأردنية ينتمون إلى مستوى اقتصادي متوسط، وكان هناك تفاوت في توزيع الطلبة على الجامعات حسب المستوى الاقتصادي والاجتماعي، كما أن نسبة عالية من العينة قاموا بالاتحاق حسب رغباتهم.

ثانياً: الدراسات الأجنبية

دراسة البروفيسور اندروهانن وهارولد سيلفر (Andro Hanen & Harlod Silver,2003)موجهة إلى عينة من طلبة الدراسات العليا في جامعات المملكة المتحدة، هدفت إلى معرفة وتحليل التغيرات التي طرأت على نظام التعليم العالي في المملكة المتحدة الذي أصبح تعليماً جماهيرياً، وإلى معرفة دوافع الطلبة واختياراتهم التي أدت إلى دخولهم التعليم العالي، وأسباب اختيارهم للمعاهد المحددة والبرامج المعينة. حيث أظهرت نتائج الدراسة أن أقوى الدوافع لدخول الدراسات العليا لدى أفراد العينة كانت مرتبطة بدرجة كبيرة برغبتهم في تطوير وتحسين آفاقهم العملية التسويقية والاستجابة إلى حوافزهم المهنية، أيضاً أشار بعض الطلبة إلى أنهم حفزوا إلى مواصلة التعليم الجامعي بسبب الضغوط الاجتماعية والعادات، بينما لم يكن هناك دور لمتغير العمر والجنس والطبقة الاجتماعية بالنسبة لنوع المعهد أو الكلية أو البرنامج الذي التحقوا به.

أما دراسة هووارد وآخرين Howard, R.D.ct al,1990)) هدفت إلى التعرف على دوافع الالتحاق ببرامج الماجستير ورفع الكفاءة خارج الحرم الجامعي لجامعة مارشال غرب فرجينيا، وذلك لأربعة تخصصات هي: التعليم التقني وتعليم الكبار وتعليم الأعمال وتعليم التسويق، وتناول الباحثون في هذه الدراسة عينة من الطلبة الذين التحقوا بهذه البرامج، حيث كانت أهم دوافع الالتحاق حسب الترتيب: التقدم الوظيفي، الاهتمام المعرفي، الاتصال الجامعي، فالتحفيز الاجتماعي، ثم خدمة المجتمع، أخيراً توقعات خارجية. وقد اختلفت تلك الدوافع تبعاً لمتغير الجنس، إذ اتضح أن الإناث يمكن أن يلتحقن ببرامج الماجستير لدافع التقدم الوظيفي يليه الاهتمام المعرفي ، بينما الذكور لدافع خدمة المجتمع، حسب ما تبين من نتائج الدراسة، وقارنت الدراسة بين التخصصات الأربعة، حيث اتضح من نتائجها أن طلبة التعليم التقني وتعليم التسويق وتعليم الكبار كان دافعهم الرئيسي هو التقدم الوظيفي في حين كان دافع عينة تعليم الأعمال الاهتمام المعرفي.

الطريقة والإجراءات

مجتمع الدراسة وعينتها

اشتمل مجتمع الدراسة جميع طلبة الدراسات العليا في الجامعات الأردنية، أما عينة الدراسة تكونت من 100 طالب وطالبة في مرحلة الدراسات العليا لثلاث جامعات أردنية (الأردنية، الهاشمية والبلقاء التطبيقية)، تم اختيارهم بطريقة عشوائية. ويوضح الجدول التالي توزيع أفراد العينة.

جدول (۱) توزيع أفراد عينة الدراسة

جدول (۱) توزيع أفراد عينة الدراسة

أداة الدراسة

تم تصميم استبانة مكونة من جزأين. فالجزء الأول كان يهتم بمعرفة المعلومات الشخصية لدى أفراد عينة الدراسة، والجزء الثاني عبارة عن 18 فقرة موزعة على أربعة معايير، الأسباب المتعلقة بالتطور الوظيفي، المؤثرات المرتبطة بالنظرة الاجتماعية، الدوافع المادية وأخيرا الأسباب والدوافع الأكاديمية. مع التوضيح لأفراد العينة أن بدائل الإجابة هي أربعة (موافق بشدة، موافق، غير موافق، غير موافق بشدة) يتم اختيار واحدة منها حسب ما يرونه مناسباً وقناعتهم الشخصية، علماً بأن درجات هذه البدائل (4 ، 3، 2 ، 1 ) على التوالي.

صدق الأداة

تم التحقق من صدق الأداة من خلال عرضها على محكمين مختصين في قسم أصول التربية والإدارة في الجامعة الهاشمية، حيث تم الاتفاق على الصيغة النهائية لأسئلة الدراسة.

ثبات الأداة

تم التحقق من ثبات الأداة بإعادة توزيعها على عينة جديدة من مجتمع الدراسة ضمن حدود الدراسة، ثم تم التوصل إلى إجابات والتي تعتبر قريبة بدرجة عالية من الإجابات السابقة، مما يدل على الثبات العالي لنتائج الدراسة.

حدود الدراسة

انحصرت الدراسة في طلبة الدراسات العليا الملتحقين في الجامعات الهاشمية، الأردنية، البلقاء التطبيقية، للعام الجامعي 2007/2008 ، حيث لا يمكن تعميم نتائج الدراسة إلا بالقدر الذي تسمح له حدود الدراسة وفرضياتها وأسئلتها.

النتائج ومناقشتها

السؤال الأول: ما الدوافع التي أدت إلى اتخاذ الطلبة لقرار الالتحاق ببرامج الدراسات العليا؟
يبين الجدول التالي المعايير الأربعة التي اعتبرت كدوافع التحاق الطلبة ببرامج الدراسات العليا في الجامعات الأردنية، والمتوسط الحسابي لتأثير هذه الدوافع على قرار الالتحاق لجميع أفراد عينة الدراسة:

الجدول رقم (1) المتوسطات الحسابية لدوافع الطلبة للالتحاق ببرامج الدراسات العليا

ويبين الجدول (2) نتائج المتوسطات الحسابية لدافع التطور الوظيفي وعلاقته بقرار الالتحاق بالدراسات العليا من وجهة نظر الطلبة.

الجدول (2) المتوسط الحسابي لدافع التطور الوظيفي وعلاقته بالالتحاق بالدراسات العليا

المقياس: 4= موافق بشدة ، 3= موافق ، 2= غير موافق ، 1= غير موافق بشدة
يتبين من خلال الجدول (2) أن المتوسطات الحسابية تتراوح بين (2.3 – 3.54) لجميع أفراد العينة ذكوراً وإناثاً، في جميع التخصصات ومختلف الأعمار، وهي مؤشر على أن تأثير التطور الوظيفي على قرار الالتحاق ببرامج الدراسات العليا أعلى من المتوسط

يبين الجدول (3) نتائج المتوسطات الحسابية المرتبطة بمتغير النظرة الاجتماعية وعلاقته بقرار الالتحاق بالدراسات العليا من وجهة نظر جميع الطلبة.

الجدول (3) المتوسط الحسابي للمتغير المرتبط بالنظرة الاجتماعية وعلاقته بالالتحاق بالدراسات العليا

يتبين من خلال الجدول (3) أن المتوسطات الحسابية تتراوح بين (1.78 – 3.1) لجميع أفراد العينة ذكوراً وإناثاً، في جميع التخصصات ومختلف الأعمار، وهي مؤشر على أن تأثير النظرة الاجتماعية على قرار الالتحاق ببرامج الدراسات العليا كان منخفضاً إلى متوسط، حيث أن المعدل العام لهذه المتوسطات = 2.32 .

ويبين الجدول (4) نتائج المتوسطات الحسابية المرتبطة بمتغير الدوافع المادية وعلاقته بقرار الالتحاق بالدراسات العليا من وجهة نظر جميع الطلبة.

الجدول (4) المتوسط الحسابي للمتغير المرتبط بالدوافع المادية وعلاقته بالالتحاق بالدراسات العليا

يتبين من خلال الجدول (4) أن المتوسطات الحسابية تتراوح بين (2.3 – 2.95) لجميع أفراد العينة ذكوراً وإناثاً، في جميع التخصصات ومختلف الأعمار، وهي مؤشر على أن تأثير الدوافع المادية على قرار الالتحاق ببرامج الدراسات العليا كان أعلى من المتوسط، حيث أن المعدل العام لهذه المتوسطات = 2.68 .
يبين الجدول (5) نتائج المتوسطات الحسابية المرتبطة بمتغير الأسباب الأكاديمية وعلاقته بقرار الالتحاق بالدراسات العليا من وجهة نظر جميع الطلبة.
الجدول (5) المتوسط الحسابي للمتغير المرتبط بالأسباب الأكاديمية وعلاقته بالالتحاق بالدراسات العليا

يتبين من خلال الجدول (5) أن المتوسطات الحسابية تتراوح بين (2.95 – 3.3) لجميع أفراد العينة ذكوراً وإناثاً، في جميع التخصصات ومختلف الأعمار، وهي مؤشر على أن تأثير الأسباب الأكاديمية على قرار الالتحاق ببرامج الدراسات العليا كان مرتفعاً جداً، حيث أن المعدل العام لهذه المتوسطات = 3.09.
السؤال الثاني: هل توجد فروق بين دوافع الالتحاق تعزى إلى متغيرات الجنس أو العمر أو التخصص الأكاديمي؟

الجدول (6) المتوسط الحسابي لدوافع الالتحاق مقترنة بمتغيرات الجنس والعمر والتخصص الأكاديمي


من خلال الجدول (6) يتبين أن دوافع الالتحاق بالنسبة للتطور الوظيفي وتأثير النظرة الاجتماعية وتحقيق النمو الأكاديمي متقاربة لدى الجنسين، بينما دافع النمو الاقتصادي في الالتحاق ببرامج الدراسات العليا لدى الذكور أعلى منه لدى الإناث.

أما بالنسبة لتأثير دوافع الالتحاق إن كان يعزى لمتغير العمر أم لا، فإن ذلك ليس له أثر لأن النسب متقاربة لدى جميع الفئات العمرية باختلاف الدوافع المؤثرة. وكانت بين أعلى من المتوسط إلى عالية نسبياً.

وعن تأثير دافع التطور الوظيفي والنظرة الاجتماعية فإنها تعزى إلى التخصص الأكاديمي،حيث تظهر أعلى نسبة في التخصصات التربوية. بينما دافع النمو الأكاديمي كان أعلى لدى طلبة تخصص التفوق والإبداع. إلا أن دافع النمو الاقتصادي كان متقاربا بين جميع الطلبة بمختلف التخصصات.


التوصيات

يمكن إجمال بعض التوصيات الموجهة إلى الطلبة الذين يرغبون بإكمال دراساتهم العليا، والتي تسهم في مساعدتهم باتخاذ القرار الواعي والمناسب:
* قبل إتخاذ أي قرار لا بد من وجود دوافع ، وكلما كانت هذه الدوافع حقيقة ، كلما ساعدت وشجعت على مواصلة الطريق. هناك أسباب كثيرة لمواصلة الدراسة ومنها: مادية وتأمين فرص عمل أفضل، علمية، اجتماعية، نفسية.
* بعد تحديد الهدف من الدراسة ، تأتي مرحلة إختيار التخصص. البعض ربما يستمر في دراسة نفس التخصص.. البعض يرى بأنه بعد فترة يحتاج للوصول لمنصب إداري فيتجه ربما لشهادات الإدارة.. البعض ربما يبدأ تخصص جديد، كلٌ حسب أهدافه والمعطيات المتاحة.
* البعض قد يستمر مباشرة في الدراسة بعد التخرج ، وغالبا ما يكون ذلك في نفس التخصص. البعض يرى أنه سيعمل سنوات لاكتساب خبرة أو جمع أموال لمصاريف الدراسة.
– إيجابيات المواصلة المباشرة أن الفرد ما زال في طور التعلم ، والمعلومات مازالت حاضرة ، وربما المسؤوليات الملقاة أقل ، وغالبا ما ينفع في حالة مواصلة الدراسة في نفس التخصص.
– إيجابيات تأخير الدراسة ، أنها قد تفتح بعد آخر في الحياة ومن ثم في إختيار الدراسة ، وتعطي الإنسان فترة تقييم واختيار دقيق للتخصص وغالباً ما ينتهي الأفراد بشهادات الإدارة.
* أهم نقطة في مرحلة الدراسات العليا هي نقطة البحث الذي يوجد في القسم الأكاديمي في الجامعة.. ومن بعض العوامل التي قد تلعب دوراً في اختيار الجامعة:
ترتيب الجامعة والتخصص محلياً وعالمياً.. سمعة الجامعة، عدد الأبحاث والأساتذة المتميزين، نسبة الخريجين العاملين في وظائف هامة، سرعة توظيف خريجو هذه الجامعة، مصاريف الدراسة.

المراجع والمصادر

* أبو دقة، سناء و الخولي، عليان. (2004). تقويم برامج الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بغزة من وجهة نظر الخريجين. مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإسلامية). 12 (2)، 391-424 .
* بوبشيت، خالد ورضوان، داوود. (1998). تسويق نتائج البحث العلمي في البلاد العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. طرابلس- ليبيا.
* جاسر، صديقة. (1990). الخلفية الاقتصادية الاجتماعية للأسرة ورغبة أبنائها في الالتحاق بالتعليم الجامعي. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان.
* الزبيدي، صباح. (2008). دور الجامعات العربية في بناء مجتمع المعرفة في ضوء الإرهاب ألمعلوماتي ….. نظرة نقدية. الأستاذ المساعد في جامعة بابل. مشاركة في مؤتمر جامعة الحسين بن طلال الدولي (الإرهاب في العصر الرقمي ) للفترة من 10-لغاية 13/7/2008 )
* العمري، بسام. (2005). دوافع الالتحاق بالدراسات العليا لدى طلبة الجامعات الحكومية الأردنية كما يراها طلبة الدراسات العليا للعام الدراسي 2002/2003 . دراسات العلوم التربوية. 32 (1) .
* فقيه، أشرف. (2006). حقائق: هل خرجت جامعة (البترول) السعودية من التصنيف العالمي؟
http://www.mktml.com/ib/lofiversion/index.php/t7586.html
* مصطفى، إيناس. (1995). دوافع الاتحاق ببرامج الدراسات العليا لدى طلبة الجامعة الأردنية، رسالة ماجستير غير مطبوعة، الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، عمان.
* مطاوع، ابراهيم. (2002). التنمية البشرية بالتعليم والتعلم في الوطن العربي، دار الفكر العربي.
* نايفة، منير. (2000). توظيف الكفاءات العربية المهاجرة في تطوير المعرفة والتكنولوجيا في الوطن العربي، التعليم العالي والبحث العلمي لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إدارة برامج التربية. تونس.
* نهار، محمد. (1998) البطالة بين خريجي الجامعة الأردنية 1418هـ. مركز الحسن بن طلال.

*Andro Hanen and Harlod Silver. 2003. Innovations in Teaching and Learning in Higher Education, University of Playmouth, Higher Education Studies, London.
* Howard, R.D.ct al. 1990. Assessment of the Motivational Technical and Adult Education Programs off Campus Credit Programs, Report. Marshal University. West Virginia, USA.
* Karabell, 2: What’s College For? The Struggle To Define American Higher Education. Basic Books, 1998
* Lapidus, J.B: Issues And Themes In Postgraduate Education In The United State, Pen University Press, 1997
* Lapidus, J.B: Broadening The Scope Of Graduate Education, Post baccalaureate Graduate School, 1998

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *