مصادر غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2ودورته في الطبيعة

يتكون غاز ثنائي أكسيد الكربون من اتحاد ذرتين من الأوكسجين مع ذرة واحدة من الكربون بواسطة رابطة تساهمية ويرمز له بالرمز CO2 اوO =C = O وهو احد مكونات الهواء الرئيسية والذي يبلغ تركيزه حاليا بحوالي 0.038% حسب قياسات عام 2006.
ويزداد هذا التركيز بمعدل سنوي مقداره 2%. ينتج غاز ثنائي اوكسيد الكربون عن طريق الحرق الكامل (تاكسد) للمركبات العضوية التي يدخل الكربون كعنصر أساسي في تركيبها كما هو حاصل داخل الخلايا في الكائنات الحية عند أكسدة او حرق سكر الكلوكوز. تتمكن النباتات والطحالب وبعض أنواع البكتيريا من تثبيت هذا الغاز وتحويله إلى مركب عضوي على شكل سكريات احادية ( الكلوكوز والفركتوز) أو سكريات معقدة مثل النشا والسليلوز وذلك من خلال عملية التمثيل الضوئي. يعد حرق الوقود الإحفوري من اهم مصادر غاز ثنائي اوكسيد الكربون الأساسية، وهو ناتج أساسي لعمليات حرق او أكسدة جميع المواد العضوية. يكشف عن هذا الغاز مختبرياً عن طريق امراره على محلول كاربونات الكالسيوم حيث يتعكر المحلول يتحول الى اللون الطباشيري. يذوب بنسب عالية في الماء وتبلغ نسبة ذوبانه 40% أكثر من غاز الأوكسجين في الحالات الطبيعية أما عند زيادة الضغط فترتفع هذه النسبة الى 50% تقريباً. يتحد بالماء ويكون حامض الكربونيك الضعيف حسب المعادلة التالية.

يستعمل غاز ثنائي اوكسيد الكربون بشكله الصلب (الثلج الجاف) في الطائرات للتبريد, يستعمل بشكله الغازي المضغوط في تعبئة المشروبات الغازية والروحية لاعطاء الشعور بالإنتعاش كما يذوب 0.2% منه بالماء ويكون حامض الكربونيك الضعيف مما يكسب المشروبات الغازية المذاق الحامض. بسبب برودته وعدم تفاعله مع الأوكسجين يستخدم مضغوطاً في قناني الإطفاء لاطفاء الحرائق. ونتيجة لكون هذا الغاز لا يشتعل ولا يساعد على الإشتعال يستعمل غاز ثنائي اوكسيد الكربون مخلوطاً بغازي الهليوم والأرغون في عمليات اللحام بالأوكسجين. اما في مجال الزراعة فانه يستخدم في البيوت الزجاجية كمخصب وذلك لانه يساعد على نمو النباتات بشكل اسرع لإعتمادها عليه في عملية التركيب الضوئي مما يؤدي الى زيادة الإنتاج. ان إرتفاع نسبة هذا الغاز في الهواء الى حدود 5% يؤدي الى تخدير الإحياء لذلك جرى أستخدامه في المجازر والمسالخ لتخدير المواشي قبل ذبحها.

تتمثل التاثيرات الفسيولوجية لغاز ثنائي اوكسيد الكربون بكونه لا يؤثر على الحياة والتنفس إذا ازدادت تركيزاته حتى حدود 0.5 % اما اذا إرتفعت تركيزاته في حجرات مغلقة عن هذه النسبة فانه يؤدي الى تاثيرت خطيرة على الصحة والحياة. ان إرتفاع تركيزات الغاز الى 1.5 % يسبب زيادة في معدلات التنفس تقدر بحوالي40 % عن المعدل الطبيعي, اما اذا إرتفعت التركيزات الى4 – 5 % فان الأشخاص يصابون بالصداع والغثيان وإرتفاع ضغط الدم والسكتة القلبية والغيبوبة. وعند تركيز 8 % فان الأشخاص يموتون بعد 30 – 60 دقيقة. من جانب اخر فان زيادة تركيز غاز ثنائي أوكسيد الكربون في هواء الشهيق يؤدي الى إرتفاع تركيزات الغاز في الدم ويزيد من حمضية الدم ( يقل الـ pH ) وهذا يقود الى تقليل كفاءة الهيموغلوبين للإتحاد بذرات الأوكسجين وبذلك تقل كمية الأوكسجين الواصلة إلى خلايا الجسم. كما وان إرتفاع تركيز الغاز بالدم يقلل من كفاءة الحديد الموجود في هيموغلوبين الكريات الدموية الحمراء مما يقود الى ضعف وصول الأوكسجين للخلايا الجسمية.

دورة غاز ثنائي أوكسيد الكربون في الطبيعة

تشير دورة غاز ثنائي أوكسيد الكربون إلى عملية التبادل الغازي بين الغلاف الجوي من جهة والكائنات الحية النباتية والحيوانية ومياه المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار والغلاف الصخري والتربة من جهة أخرى.

تتمكن النباتات البرية والبحرية والطحالب وبعض أنواع البكتيريا من الإستفادة من غاز ثنائي اوكسيد الكربون الموجود في الهواء في عملية التمثيل الضوئي لبناء مركبات عضوية (كربوهيدراتية) على شكل سكريات بسيطة مثل سكر الكلوكوز وتتمكن فيما بعد من تحويلها الى سكريات معقدة مثل النشاء والسليلوز تبني من خلالها اجسامها وتستفيد منها كمصدر للطاقة في فعالياتها الحيوية. وتقوم النباتات والطحالب والبكتيريا بتثبيت ملايين من الأطنان سنوياً من غاز ثنائي اوكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي وبذلك تقلل من تركيزاته في الهواء. من جانب اخر تتغذى الكائنات الحية الحيوانية على النباتات وتستفيد من المواد العضوية التي انتجتها النباتات في عملية التركيب الضوئي كمصدر للطاقة تقوم من خلاله بإنجاز جميع فعالياتها الحيوية. وبمساعدة الأوكسجين الذي تتنفسه الحيوانات (الشهيق) تقوم هذه الكائنات الحية بإستهلاك المواد العضوية (كربوهيدرات وبروتينات ودهون) وتحرير ثنائي أوكسيد الكربون مرة ثانية الى الجو(الزفير). وعند موت الكائنات الحية نباتية كانت أم حيوانية تقوم البكتريا بتفسيخها وتحليلها الى مكوناتها الأساسية مما يؤدي الى تحرير ثنائي أوكسيد الكربون مرةً ثانية وتصاعده الى الغلاف الجوي.

يذوب غاز ثاني اوكسيد الكربون في مياه المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار وتتمكن النباتات المائية والطحالب من الإستفادة منه بعملية التركيب الضوئي، بينما تقوم الاحياء البحرية وخصوصاً الصدفيات منها بالإستفادة من هذا الغاز ببناء الأجزاء الخارجية من أجسامها والمتكونة من مادة كاربونات الكالسيومCaCO3 عن طريق تفاعل هايدروكسيد الكالسيوم مع غاز ثنائي أوكسيد الكربون الذائب في الماء وفق المعادلة الآتية:

وتعد المصادر المائية بكل أنواعها ومحتوياتها من الكائنات الحية مغاطس لغاز ثنائي أوكسيد الكربون تقلل من تركيزاته في الغلاف الجوي. إن تزايد تركيزات غاز ثنائي أوكسيد الكربون في مياه البحار والمحيطات ممكن له ان يزيد حموضة المياه مما قد يؤثر على الحياه الطبيعية للأحياء البحرية والشعب المرجانية.


لم تشهد العصور التي سبقت الثورة الصناعية اختلالاً ملحوظاً في التوازن الطبيعي لغاز ثنائي أوكسيد الكربون إلا ان تدخل الإنسان وخصوصاً بعد بداية الثورة الصناعية واستهلاكه المتزايد للوقود الإحفوري ادى الى اختلالاً واضحاً بالتوازن الطبيعي لغاز ثنائي اوكسيد الكربون مما ادى الى إرتفاع تركيزاته عن المستوى العام لتركيزات هذا الغاز قبل الثورة الصناعية.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

مقياس باولنج في الكيمياء: فهم الكهروسالبية ودورها في التفاعلات الكيميائية

مقياس باولنج Pauling Scale هو أحد أهم المفاهيم في علم الكيمياء الذي ساعد العلماء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *