شهدت السنوات الماضية تقدما يفوق كل التوقعات في مجال شبكات الاتصالات وشبكة الانترنت التي غطت كافة أصقاع الأرض وحتى أصبح لها وجودا في محطة الفضاء الدولية.
ويتناول المقال التالي للكاتب عمر الحياني المستقبل الذي ينتظر شبكة الانترنت وشبكات الاتصالات والتطور الكبير الذي حدث في الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المختلفة، وزيادة قدرة تلك الأجهزة على التخزين والزيادة الكبيرة في قدرتها على انجاز كثير من المهام خلال وقت قصير جدا.
يقول الكاتب عمر الحياني أن المستقبل الذي ينتظر التقنيات الحديثة لازال في مراحل النمو الأولى وخاصة تطورات شبكات الانترنت وتقنيات أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية .
وتسعى بعض الشركات المتخصصة في تقنيات الشبكات و الأجهزة الالكترونية نحو ابتكار وسائل اتصال أكثر فاعلية في استخدام الانترنت ومحاولة وصولها إلي أكثر المجتمعات فقرا .
فشركة جوجل أعلنت أنها ماضية في تجاربها نحو تحقيق حلم المناطق النائية في تصفح الانترنت عبر إطلاق أقمار صناعية تغطي جميع أنحاء العالم تكون متخصصة في التواصل الشبكي للانترنت .
فالانترنت ثورة اتصال معرفية منذ أول بواكير اختراعه التي تمت في مرصد الفيزياء النووية التابع للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية بجنيف, وكانت تلك الفكرة من خيال المهندس البريطاني تيم برناردز وكان يهدف الاختراع لاستنباط تكنولوجيا لتسهيل التواصل بين العلماء. ولم يكن يعلم أن اختراعه هذا بمثابة ثورة في عالم الاتصالات والتكنولوجيا والمعرفة .
وإذا كان أبو الانترنت يحاضر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة ويقول ” إنني مقتنع بأن التغيرات الجديدة ستهز العالم أكثر مما أحدثته ثورة الألياف الضوئية ولغة HTML “.
المواد العضوية طريق لزيادة سرعة الوصول إلى الإنترنت
وفيما يستمر العلماء والباحثون في طرح أفكارهم وأبحاثهم للعمل على إيجاد أقصى سرعة ممكنة لنقل البيانات والمعلومات فان الطريق تكون سالكة أمام ثورة من التقنيات الجديدة حيث توصل باحثون دوليون إلى تقنية جديدة، قد تعمل على زيادة سرعة خدمة الاتصال بالإنترنت بسرعة فائقة من خلال استخدام مواد عضوية .
ففي الوقت الحاضر تُحوّل البيانات أو المعلومات (Data) التي يتناقلها مستخدمو الإنترنت بواسطة تحويل الإشارات الضوئية إلى إشارات كهربائية، لتُقدّم داخل شبكة الاتصال. وهذا ما يؤدي إلى الحدّ من مرونة الاتصالات البصرية وسرعتها، بحسب إيفان بايجيو أستاذ الفيزياء في جامعة لاهاي وأحد أعضاء مجموعة الباحثين الدوليين حيث استطاع الباحثون تطوير بعض المواد العضوية، وخلق التكامل بينها وبين مادة السيليكون، واستخدام هذا المزيج في أجهزة الاتصال البصرية السلكية واللاسلكية، وتفعيلها لتسريع الاتصال بشبكة الإنترنت.
وتعمل مجموعة «بايجيو» على مادتين أساسيتين، تتمثل الأولى بجزيئات المواد العضوية وتُسمى DDMEBT وتتملك واحداً من أقوى الاستجابات البصرية غير الخطية مقارنةً مع حجمها الصغير نسبياً، والمادة الثانية هي السيليكون الذي يمتاز بتركيبة مناسبة لكثافة دمج عدد من المكونات على دوائر الأجهزة الضوئية. وتسمح مادة السيليكون بخلق موجات نانومترية تسهّل السيطرة على انتشار الضوء.
ويقول بايجيو «يمكن بناء موجات تسمح بالسيطرة على انتشار شعاع الضوء، ولكن لا نستطيع في هذه الحالة الحصول على تفاعل ضوئي سريع، فتُحوّل البيانات (Data) بمعدل سرعة ٢٠ إلى ٣۰ جيغابايت في الثانية، وهذه عملية بطيئة جداً»، ويتابع «نحتاج إلى أعلى معدل سرعة للحصول على أعلى معدّل بث، والمواد العضوية يمكنها القيام بهذه الوظيفة ولكنّها لا تُعتبر جيدة لبناء الموجات التي تتحكم بانتشار الضوء». وللجمع بين نقاط القوة في هاتين المادتين أقام بايجيو ومعاونوه مزيجاً بين جنسين مختلفين سُمي (SOH Silicon – Organic Hybrid). ويعني هجيناً من السيليكون والمواد العضوية، حيث تُغطّى هنا موجات السيليكون بالـ DDMEBT .
الباحثون العاملون على التقنية الجديدة من معهد ومختبر للإلكترونيات الضوئية في ألمانيا وبلجيكا وسويسرا.
ويقول ايفان أنها تشبه ظاهرة ، عندما تحدث في أقل من المقاييس على الدوائر المتكاملة الضوئية ، ويمكن التعجيل باليوم الذي تعمل فيه على شبكة الانترنت بسرعة فائقة.
أي انه “لدينا النهجين معا”. وأضاف “إننا نبدأ من السليكون المصممة لتوجيه دليل الموج الضوئي للارتفاعات الفراغية بين جزيئات السيليكون ، ثم استخدمنا حزم الجزيئات العضوية لملء الفراغ بين الارتفاعات الفراغية من المواد العضوية ب (DDMEBT] .
أن هذه الطريقة تعد مبتكرة وجيدة من خلال دمج المواد العضوية مع شرائط السليكون لمنع تشتت الضوء وانحساره من اجل زيادة سرعة نقل البيانات .
الكوانتومات تقنية المستقبل لنقل المعلومات عبر الفضاء
وفي مسعى آخر اتجه مجموعة من علماء الفيزياء في ألمانيا إلي نظرية عالم الفيزياء ماكس بلانك المعروفة بفيزياء (الكم و الكوانتم) و الكم هو أصغر وحدة يمكن تقسيم الظواهر الفيزيائية إليها. ويشير بشكل خاص إلى كميات الطاقة التي تنبعث بشكل متقطع وليس بشكل مستمر والتي أصبح يطلق علية مصطلح الكوانتومات .
وحسب ما ذكره الكاتب فرانك جروتل اوشنر في موقع دوتشية فان هدف العلماء هو الوصل لنقل المعلومات من الفضاء الخارجي إلي الأرض بشكل امن و بدون اعتراض من قبل طرف آخر أي أنها قادرة على أن تكون في سرية تامة .
إن التشفير باستخدام الكوانتومات Quantenkryptographie هي تقنية المستقبل الواعدة التي تتيح طريقة آمنة تماما لنقل المعلومات، ويستحيل على أي طرف ثالث، غير المستقبل والمرسل، أن يحصل عليها عن طريق التنصت. غير أن هذه التقنية لا تزال في مهدها، فأقصى مسافة أمكن إرسال عبرها معلومات مشفرة بطريقة الكوانتومات كانت نحو 100 كيلومتر، وهي مسافة قصيرة نسبيا ولا تكفي لاستخدام هذه التقنية في أغراض علمية. لذلك يسعى فريق دولي من العلماء إلى زيادة مسافة الإرسال لتصل إلى آلاف الكيلومترات عبر إرسال الكوانتومات من الفضاء الخارجي، وهو المشروع الذي تم تقديمه في اللقاء السنوي لجمعية الفيزيائيين الألمان في هامبورج مؤخرا.
الفوتونات تتواصل عن بعد
يذكر أن تقنية الكم تفتح الطريق أمام نقل آمن للمعلومات وتقوم فكرة المشروع الذي يشارك فيه مجموعة من الخبراء الألمان على إنشاء نظام ليزري يدعى سبيس كويست Space – Quest داخل معمل كولومبوس الأوروبي، الملحق بالمحطة الدولية في الفضاء ISS. عن طريق هذا النظام يُمكن إنتاج نوع خاص من الفوتونات يمكن تسميته بالفوتونات التوائم والنظام الفيزيائي لهذا النظام سوف يكون جاهزا على متن محطة الفضاء الدولية بحلول عام 2012م.
الباحث الفيزيائي اورسن يشرح طبيعة هذه الفوتونات قائلا: “الفوتونات التوائم تشبه حجري نرد يحملان دائما الرقم نفسه بصرف النظر عن المسافة التي تفصل بينهما”، أي أن هذه الفوتونات تتصرف كأنها توائم تتصل ببعضها عن بعد أو عن طريق التليباثي.
فمثل التوائم تبقى الفوتونات على اتصال رغم المسافة الشاسعة التي أصبحت تفصل بينها بعد ولادتها. فعلى سبيل المثال؛ إذا غير أحد الفوتونات اتجاه دورانه يقوم الفوتون التوأم مباشرة، وبدون زمن مستغرق، بتغيير اتجاه دورانه أيضا. عالم الفيزياء البرت اينشتاين سبق وتنبأ بهذه الظاهرة واصفا إياها بأنها قدرة سحرية على التواصل عن بعد. مثل هذه القدرة لا توجد سوى في عالم الكوانتومات.
احد تطبيقات المشروع الممكنة هو تواصل البنوك ونقل معلوماتها السرية إلى شركائها بطريقة آمنة. فكل ما يحتاجه البنك هو تركيب محطة استقبال صغيرة على سطح بنايته. عندها سيكون بالإمكان الاعتماد على أقمار صناعية عوضا عن النظام الليزري المزمع إنشاؤه في محطة الفضاء الدولية بالإضافة لانتقال الشبكة الدولية نحو انترنت بلا شبكات أي عبر الفضاء ليتم نقل وتبادل المعلومات .
وإذا كانت الشبكة العنكبوتية تواجه العديد من المشاكل التي تعصف بها من خلال أطراف النزاع للسيطرة على الشبكة الدولية أو من خلال قراصنة التدمير سواء عبر الألياف أو البحار فان هذا يعطي دافعا قويا للتوجه نحو أفاق مستقبلية من الإبداع والبحث لتحويل الانترنت إلي شبكة أكثر أمانا وأكثر سرعة.