• الخصائص الكيميائية والفيزيائية لغاز الرادون
• مصادر الرادون
• انحلال الرادون في الماء
• وحدات قياس الرادون
• الخطر الصحي للرادون
بينت الدراسات الحديثة خطر غاز الرادون على صحة الإنسان وسلامته، حيث تبين مسؤولية هذا الغاز الخطير في التسبب بحدوث مرض سرطان الرئة، فما هو هذا الغاز؟ وكيف يتكون؟ وما هي أنجع الوسائل لتجنب التعرض لغاز الرادون؟
الخصائص الكيميائية والفيزيائية لغاز الرادون
الرادون غاز عديم اللون والطعم والرائحة، ذو منشأ طبيعي ينتج عن تفكك عنصر الراديوم المشع. يَعُودُ هذا العنصر إلى كلٍ من السّلاسل الثّلاث الأكثر أهمية من سلاسل النشاط الإشعاعي الطّبيعية. هذه السّلاسل هي سلسلة تفكك اليورانيوم-238، وسلسلة الثوريوم-232 وسلسلة اليورانيوم-235 ، ويتواجد الرادون بشكل طبيعي تقريباً في كل مكان كالراديومِ المنتشر في قشرة الأرضِ.
وخلال العقد الماضي، أقر العلماء بإجماع كبير على احتمال أن غاز الرادون هو سبب الإصابة بسرطان الرئة عند البشر.
و قد أوضح العلماء العاملون في وكالة الحمايةِ البيئيةِ في الولايات المتحدة الأمريكية، أن حوالي 5,000 إِلى حوالي 20,000 من الوفيات سنوياً كانت نتيجة إصابتهم بسرطانِ الرئةِ و يمكن أَنْ يُنْسبوا إِلى التعرض لغاز الرادون.
ومن المؤكد الآن أن استنشاق الرادون وولائده ذوات العمر القصير مِن قِبل الناسِ هو المساهمُ الأكبرُ في جرعةِ الإشعاعِ الفردية على الرغم من أن تركيز غاز الرادون في الهواء الخارجي منخفض نتيجة الخلط الهوائي. وبما أن تركيز الرادون داخل الأبنية بشكل عام أعلى من 2 إلى 10 مرات منه في الهواء الطلق، لذا فإنه غالبا ما يهمل التعرض للرادون خارج الأبنية.
تقسم نواتج تفكك الرادون إلى قسمين: المنتجات قصيرة العمر والتي عمرها النصفي أقل من 30 دقيقة (Po-218، Pb-214، Bi-214 و Po-214)، والمنتجات طويلة العمر نسبياً (Pb-210، Bi-210 و Po-210).
و ينتمي الرادون إلى الغازات النبيلة أو الخاملة فذرة الرادون كباقي الغازات النادرة نادراً ما تتفاعل لذلك يمكنها أن تنتشر بحرية عبر كل المواد المنفذة للغازات لأنها خاملة كيميائياً.
والرادون غاز عديم اللون والرائحة ولا يمكن كشفة بالحواس البشرية، لذلك يعتمد في كشفه بشكل رئيس على كشف الأشعة المرافقة لتفككه وتفكك وليداته، ومن الجدير بالذكر، أن الرادون متوسط الانحلال في الماء وبعض السوائل الأخرى.
مصادر الرادون
إن المصادر الأساسية للرادون التربة والصخور والماء ومواد البناء، فحوالي 80% من غاز الرادون المنبثق إلى الوسط الخارجي ينتج عن الطبقة العليا للأرض وبالطبع فإن و جود الراديوم-226 و بالتالي اليورانيوم-238 هو السبب في إصدار الرادون في التربة.
وتختلف كمية الراديوم واليورانيوم من مكان إلى آخر حسب الطبيعة الجيولوجية. وبشكل عام فإن الصخور الموجودة في القشرة الأرضية تحوي نحو 1 بيكو كوري بالغرام و التربة نحو 0.7 بيكو كوري بالغرام.
كل تفكك لذرة راديوم موجودة في حبيبات التربة أو الصخور سيعطي ذرة رادون. فإذا كان إنتاج هذه الذرة قريب من سطح التربة فيمكنها بالتالي الهروب إلى الوسط الخارجي.
إن كمية إصدار الرادون من التربة تتوقف على عدة عوامل منها النفوذية ورطوبة التربة، وقدرت الدراسات أن نحو 10% من الرادون المتولد في المتر الأقرب إلى سطح التربة تنطلق إلى الوسط الخارجي.
انحلال الرادون في الماء
يُعَد الرادون متوسط الانحلالية في الماء، وتزداد انحلاليته بنقصان درجة حرارة الماء. لذلك عندما تسير المياه الجوفية الباردة عبر الصخور التربة الجوفية تمتص كمية لا بأس بها من غاز الرادون. عندما يسخن الماء أو يُحرّك فإن كمية كبيرة من الرادون تنفلت وتنطلق إلى الوسط الخارجي. تعتمد بشكل رئيسي كمية الرادون في الماء عند استخدامه على عاملين:
الأول هو المواصفات الجيولوجية المحلية حيث يستخرج الماء، والثاني مصدر الماء المستخدم. حيث وجد أن الرادون الناتج عن الماء يشكل مشكلة في الأبنية التي تستخدم مياه الآبار بشكل مباشر، بينما لا يكون مشكلة في البيوت التي تعتمد على شبكة المياه العامة. وذلك لأنه عادة يتم حفظ مياه الشبكة العامة من أجل المعالجة ومن ثم التخزين وبعد ذلك التوزيع الوقت الذي يتفكك فيه الرادون ونواتج تفككه المنحل في الماء قبل أن يصل إلى الأبنية.
قدر أن تركيز 10000 بيكو كوري باللتر من الرادون في الماء سيضيف حوالي 1 بيكو كوري باللتر (37 Bq/m3) في الهواء الداخلي للمنازل بافتراض الاستخدام العادي للماء. وقد وجد أن متوسط مستوى الرادون في مياه الآبار يتراوح بين 500 و 170000 بيكو كوري باللتر. وجدير بالذكر أن الجرعة الإشعاعية التي يمكن أن يتلقاها الفرد من مياه الشرب الحاوية على غاز الرادون نتيجة استنشاق الرادون المتحرر ونواتجه أكبر من جرعة المعدة الناتجة عن البلع من 3 إلى 10 مرات.
تشارك المحيطات بنحو 1% من كمية الرادون الصادرة إلى الوسط الخارجي رغم أن مساحتها تشكل ضعف مساحة الأرض، ويعود ذلك إلى أن محتوى ماء البحر من اليورانيوم والراديوم أصغر بكثير من محتوى التربة والصخور.
مواد البناء
تحوي مواد البناء المصنوعة من التربة والصخور مثل (الإسمنت، البلوك، السيراميك،…الخ) على مواد مشعة ذات منشأ طبيعي مثل اليورانيوم والراديوم وبالتالي فهي تولد الرادون. لهذه المواد نفوذية كافية لينطلق الرادون المتولد ضمنها إلى الوسط الخارجي.
كما أن هناك عوامل أخرى تؤثر في تركيز الرادون في الأبنية منها الرطوبة ودرجة الحرارة. حيث تلعب الحرارة دوراً هاماً، لأنه تكون عادة درجة الحرارة داخل الأبنية أعلى منها خارجها، وهذا يولد فرقاً بسيطاً في الضغط. الأمر الذي يؤدي إلى شفط هواء التربة الواقعة تحت المنزل إلى الداخل والذي بدوره يمكن أن يرفع تركيز الرادون في الداخل. و قد وجد أن تركيز الرادون في المنازل يتغير من فصل إلى فصل، و من شهر إلى شهر و من يوم إلى يوم حتى بين النهار و الليل.
يبين الشكل التالي الأماكن الرئيسة التي يدخل منها الرادون إلى الأبنية. وبشكل عام يعتمد تركيز الرادون داخل الأبنية على عادات وسلوكيات القاطنين وطرائق تهويتها.
وحدات قياس الرادون:
مستوى العمل (Working Level (WL)):
أدخلت هذه الوحدة لأول مرة عام 1956 كمقياس للخطر النسبي لنواتج تفكك الرادون قصيرة العمر التي يمكن أن يتعرض لها العمال في مناجم اليورانيوم. حيث أصبح من المعروف أن توضع نواتج تفكك الرادون داخل الرئة وإعطاء الحويصلات الرؤية جرعة مباشرة عند تفكك هذه النواتج الخطر الرئيس المتعلق بالتعرض للرادون. و تعبر هذه الوحدة عن جو يحوي 100 بيكو كوري من الرادون في المتر المكعب في حالة توازن مع نواتج تفككه.
كما أدخلت وحدة تعرض سميت مستوى العمل الشهري (Working Level Month (WLM)) وهي تستند إلى أن العمال يقضون 173 ساعة في العمل خلال شهر على فرض أنهم يعملون 8 ساعات يومياً خلال خمسة أيام أسبوعياً. وبذلك عرف WLM على أنه التعرض لمستوى عمل واحد لمدة 173 ساعة.
الخطر الصحي للرادون
تكمن الآثار الصحية للرادون في جسيمات ألفا الصادرة عنه وعن نواتج تفككه. حيث تمتلك هذه الجسيمات الطاقة الكافية لتخترق النسج وتصل إلى القسم الداخلي للخلايا وتخرّب هذه النسج. هناك طريقتان يمكن للرادون ونواتج تفككه أن تدخل جسم الإنسان وهما التنفس والهضم. ويعتقد أن الهضم ليس خطراً حيث وجود الطعام في المعدة ولو بسماكة لا تتجاوز 1.5 مم يمكن أن يوقف معظم جسيمات ألفا الصادرة عن تفكك الرادون ووليداته. وبما أن الرادون غاز نبيل ذو عمر نصفي كبير مقارنة مع الدورة التنفسية، فهو إما ينتقل إلى الدورة الدموية أو يعود ويخرج من الرئة عن طريق الزفير. و لما كانت نواتج تفكك الرادون تعلق نفسها على المعلقات الهوائية فلديها احتمال كبير أن تدخل الرئة وتتفكك و تؤذي الرئة.
قُدّر أنه نحو 6% من حالات الإصابات بسرطان الرئة في المملكة المتحدة يمكن أن تُعزى إلى غاز الرادون. كما ورد في التقرير الرابع للجنة المؤلفة من أجل دراسة التأثير البيولوجي للأشعة المؤينة أنه نحو 10% من الإصابات السرطانية هي نتيجة غاز الرادون. وقد افترضوا في تقريرهم أن تداخل الخطر بين الرادون والتدخين هي علاقة ضرب وليست علاقة جمع. وقد وجد أن هذه الفرضية تتوافق والمعلومات المجموعة عن عمال المناجم في كولورادو ومكسيكو. كما أظهرت بعض الدراسات أنه يمكن أن يعزى بعض أنواع السرطانات مثل اللوكيميا وسرطان الكلية و البروتوسات إلى التعرض لغاز الرادون.
كل ما سبق أعتمد على النتائج التي حصل عليها من تعرض عمال المناجم لغاز الرادون خلال فترات عملهم، إلا أن الوضع في الأبنية مختلف. فالهواء داخل المنجم مغبر بشكل كبير مما يزيد من تعلق نواتج تفكك الرادون ويغير من معامل التوازن. كما ويكون تنفس العمال خلال عملهم عميقاً مقارنة معه في المنازل مما يزيد من كمية الهواء الداخل إلى الرئة. كل هذا يجعل استخدام نتائج عمال المناجم في تخمين التعرض للرادون في المنازل مشكوك به.
مقال هام للغاية حول غاز الرادون ومضاره ومصادرها اشكركم جزيل الشكر.