د. محمود الزعبي
يستعمل نحو نصف سكان العالم وقود المادة الحيوية «الكتلة الحيوية» كمصدر رئیس، وأحيانا المصدر الوحيد للطاقة في المنازل من اجل الطهي والتدفئة، أو للأحتياجات الأخرى مثل ماء الحمام وتحضير العليق وصناعة المشروبات الكحولية وصناعة الغاز الحيوي، فما هي المشكلات الصحية المقترنة بالتلوث من احتراق المادة الحيوية في المناطق الريفية بالبلدان النامية وما مداها؟
إن انواع وقود المادة الحيوية الرئيسية هي الخشب، وبقايا المحاصيل الزراعية او النفايات الزراعية، والروث وما شابهه، ويأتي الاخير اساسا من الحيوانات الداجنة مثل الأبقار والأغنام وغيرها وتتركب هذه الأنواع من الوقود من مواد عضوية معقدة، بروتينات نباتية وسكريات وينتج عن احتراقها احيانا مواد ضارة بصحة الانسان، مثل مجموعة من أنواع الهيدوروكربون متعددة الحلقات وهي غير موجودة في الأساس في الوقود ذاته، وعندما يكون الاحتراق غير كامل في موقد النار الصغير فقد يزيد تلوث الهواء زيادة كبيرة.
ولتناول هذا السؤال اقتضى الأمر دراسة مسائل معينة لا تقع بالضبط في نطاق الانظمة التقليدية للبحث، ويمكن تصنيفها الى مشكلات تتعلق من بين امور اخرى بالتنمية الاقتصادية، والبيئة، والمعتقدات والطاقة والإسكان والصحة.
وحيث أن المادة الحيوية هي الوقود الرئيس، وحيث يعد كل من الدخل واستهلاك الطاقة في هذه المجتمعات من بين أقل مستوياتها في العالم، فانه لو وجد في النهاية ان التعرض للدخان له تأثيرات مهمة على الصحة الريفية يكون من الملائم جدا أن ترتبط التغيرات في انواع الوقود والمواقد والتهوية والاسكان وانماط الطهي بالجهود الاخرى الخاصة بالرعاية الصحية الاولية ويمكن ان تكون هذه الجهود اكثر فاعلية اجتماعيا وماليا من الانفاق المتزايد على الرعاية الطبية الثانوية والثالثية وقد يكون للتفهم الجيد لأنماط التعرض الدخان المادة الحيوية وما ينتج من آثار مباشرة ومؤازرة، وتأثيرات بشأن تقديم الرعاية الطبية، وأهداف برامج الصحة العمومية.
وقد يؤدي التعرض لكميات كبيرة من الدخان الى خطر على الصحة يماثل في ضخامة اثره خطر تدخين السجائر، وقد استعرض مقال نشره عدد من العلماء في نشرة منظمة الصحة العالمية الآثار الصحية التي تنشأ من التعرض لتلوث الهواء الداخلي، استنادا لما هو مدون في المراجع حتى ذلك الحين، وهي آثار حادة ودون الحادة، فالأدخنة المنبعثة تحتوي على ملوثات مهمة تؤثر عكسيا في الصحة، مثل الهباء ومواد عضوية متعددة الحلقات تشمل عددا من المسرطنات المعروفة، مثل بنزو «الفا» بيرين وكذلك ملوثات غازية مثل اول اكسيد الكربون والفورمالدهايد.
وتعتبر النساء اللاتي يقمن بالطهي في المنازل بقرى الريف اكثر الافراد تعرضا، وهن يقاسين من سوء الصحة بسبب التماس المديد والمتكرر مع هذه الملوثات الضارة، وعند حدوث الحمل فقد يتعرض كذلك الجنين المتكون مما يؤدي الى خطر زيادة الوفيات ولعل التعرض لما ينبعث من وقود المادة الحيوية في البلدان النامية هو احد اهم الاخطار الصحية المهنية على النساء.
وكان ثمة تقدير متحفظ يرى بأن هناك 300 الي 400 مليون نسمة، في انحاء العالم، يتأثرون بهذه المشكلات يقع معظمهم في المناطق الريفية في البلدان النامية، والحاجة ماسة لمزيد من المعلومات الأكثر تفصيلا عن انواع التعرض، وعن النواحي الوبائية، والحلول مثل الاسباب ليست بسيطة لان عليها أن تتناول مجموعة من المشكلات الاجتماعية والتقنية اذ اربد لها أن تكون عملية وفعالة.
ولعله من المناسب أن نشير الى ظاهرة آخذة في التزايد، وهي من اسباب تلوث الهواء الخارجي وهي استعمال حرق عجلات السيارات لغايات تذويب الزفت ثم ان هناك خطرا محتملا عند تصنيع الروث الى جلة وهو انتقال جرثومة الحمى الفحمية Anthrax الى المرأة.
مصدر الصورة
pixabay.com