ماذا كان الإنسان الأول يأكل ؟

هل كان الإنسان الأول من أكلة اللحوم، ام كان نباتيا؟ هذا سؤال مهم من بين الاسئلة التي تواجه علماء الإنثروبولوجيا، وقد تكون الإجابة عن هذا السؤال كامنة في العظام المتحجرة التي يعثر عليها علماء الحفريات في أنحاء مختلفة من العالم .

ولكن ما هي الطريقة التي يتم بوساطتها التثبت مما كان يأكله الإنسان الأول ؟.

من الأمثلة الطبية ما يقول «انت حصيلة ما تأكل » وفي معرض الحديث من التطور الإنساني يمكن أن يكون هذا المثل بعد اضافي عميق في معناه، ذلك ان هناك ما يدعو إلى الافتراض بان الإنسان الأول كان نباتيا ، وانه قد حدث تحول في تغذيته في مرحلة من مراحل التطور ، فأصبحت تلك التغذية مختلطة تشمل النباتات واللحوم، وبالتالي حدوث تحول عميق في أسلوب حياته ، والسبب انه كان نباتيا وفي ذات الوقت كان سلبيا فيما يتعلق بأكل اللحوم، وتحوله الى أكل اللحوم فان ذلك يعني أنه وجد لزاما عليه تطوير مهارات من نوع جدید لكي يصبح صيادا ، كما يعني أن تغيير التغذية عمل على تغيير نموه وتطوره.

ويبقى السؤال المطروح حول طبيعة طعام الانسان الأول قائما .

وبإمكان علماء الأحياء إذا ما قاموا بفحص أسنان حيوان من الحدس بطبيعة غذائه. ولكن ينبغي الإشارة الى ان أسنان الإنسان النباتي واسنا الإنسان الذي يأكل اللحم شديدة التشابه فيما بينها، ولا تشكل أساسا سليما للإجابة عن هذا السؤال.

وقد وفرت البحوث الكيميائية مؤخرا وسيلة يمكن بوساطتها التنبؤ وفحص هذه الأسنان بدقة ، إلا أنها لم تجرب بعد في حالة مواد الحفريات القديمة جدا مثل عظام الإنسان في مراحله الأولى، ولكنها طبقت بنجاح على الحفريات البشرية التي تعود الى مراحل لاحقة احدث نسبيا.

وترتكز الطريقة المبتكرة التي طورت في جامعة كاليفورنيا على حقيقة علمية هي أن النباتات لا تنمو جميعا بنفس الدرجة ، فالنباتات الخضراء تستعمل ضوء الشمس في عملية التمثيل الضوئي، ويدخل الكربون في هذه العملية على شكل نظائر مختلفة للكربون، والشكلان المهمان للكربون هنا هما كربون 12 وكربون 13 ، وهما موجودان في الطبيعة بشكل ثابت. ولكن عندما تمتص النظائر من قبل نبات ما يتغير معدل الكربون، ويعتمد ذلك على طريقة التمثيل الضوئي التي يستخدمها هذا النبات بالذات .

وإذا امتص في جسم حيوان بأكل هذا النبات يظل هذا المعدل ثابتا، وإذا أمكن اخذ عينة تحتوي على هذا الكربون من جسم حيوان ما وتم قياس معدل الكربون أمكن الحدس بنوع النباتات التي كان يعيش عليها ذلك الحيوان ، فإذا أكل ذلك الحيوان النباتي حيوان من أكلة اللحوم يتغير معدل نظائر الكربون مرة أخرى، وعلى ذلك فانه يمكن من حيث المبدأ، وفي حال توفر بقايا حيوانية وانسانية مناسبة ، التعرف على اذا ما كان الحيوان او الإنسان من أكلة النباتات او أكلة اللحوم أو
اكلة النباتات واللحوم معا.

وقد تحقق الباحثون في جامعة كاليفورنيا من صحة نظريتهم بتحليل عظام أناس كان نوع غذائهم معروفا وقد استخدمت عظام لأناس من إفريقيا كانوا يعملون في الصيد والجمع والالتقاط، أما في ازمنة حديثة نسبيا او معاصرة.

واستخرج العلماء المادة المعروفة باسم الكولاجين ، وهي نسيج هلامي، وحللوا نظائر الكربون بوساطة جهاز التحليل الطيفي، وجاءت استنتاجاتهم بشان نوعية الغذاء متفقة ومطابقة للمعلومات الأخرى المتوافرة عن التغذية التي تعودوها.

إذن أصبح المطلوب الآن العثور على قدر كاف من مادة الكولاجين في العظام التي ترجع الى امد سحيق فإذا أمكن ذلك فلا بد وان تزداد معارفنا عن نشأة الإنسان وتطوره .


ومن الممكن استعمال طريقة مشابهة لطريقة قياس نظائر النيتروجين بدلا من الكربون، وقد تكون هذه الطريقة مهمة بصورة خاصة لعلماء الانثروبولوجيا، لأن احدی نظریات التطور البشري كانت تفترض أن الإنسان الأول ، في مرحلة ما من تطوره ، كان يعيش في الماء وعلى البر معا .

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

مفهوم الذكاء.. دراسة جديدة تكشف أسراره

يُعتبر مفهوم الذكاء أحد أكثر المفاهيم التي أثارت اهتمام العلماء على مر العصور، حيث يسعون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *