يساءل الكثير من الناس عن السبب ظهور السماء باللون الأحمر عند غروب الشمس، وما السر في ذلك وما سبب هذا التغير في اللون.
كتب المهندس أمجد قاسم
السماء جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وكل لحظة تمر علينا تحت سمائها مليئة بالألوان والجمال الطبيعي.
وأحد هذه المشاهد الرائعة هو منظر السماء وقت الغروب، حيث يتحول اللون الأزرق المعتاد إلى درجات مذهلة من الأحمر، البرتقالي، والأصفر.
لكن لماذا يحدث هذا التحول في الألوان؟ لماذا تظهر السماء باللون الأحمر عند الغروب؟ ، يقول المتخصصون في علم الفيزياء أن السبب يعود في هذا المشهد الساحر إلى تفاعل ضوء الشمس مع الغلاف الجوي للأرض.
تشتت الضوء
لفهم السبب وراء تغير لون السماء عند الغروب، يجب أولاً فهم مفهوم تشتت الضوء. عندما يمر ضوء الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض، فإنه يتفاعل مع جزيئات الغاز والغبار الموجودة فيه.
ومن المعروف ان ضوء الشمس يتكون من عدة ألوان مختلفة تمثل أطوال موجية متنوعة، وهي الألوان التي نراها في قوس قزح.
فعندما يسقط ضوء الشمس على الغلاف الجوي، يتم تشتت الألوان ذات الأطوال الموجية القصيرة، مثل الأزرق والبنفسجي، بشكل أكبر مقارنة بالألوان ذات الأطوال الموجية الطويلة، مثل الأحمر والبرتقالي.
في الأوقات العادية، خلال النهار، يكون تشتت الضوء الأزرق هو الأكثر وضوحاً، وهذا هو السبب وراء ظهور السماء باللون الأزرق، ولكن عند الغروب، يتغير الوضع تماماً.
زاوية سقوط أشعة الشمس
أثناء الغروب، تسقط أشعة الشمس على الغلاف الجوي بزاوية مائلة جداً مقارنة بالوضع عند الظهر. هذا التغير في زاوية السقوط يعني أن الضوء يجب أن يقطع مسافة أطول عبر الغلاف الجوي للوصول إلينا.
وخلال هذه المسافة الطويلة، يواجه الضوء عدداً أكبر من جزيئات الهواء، مثل جزيئات النيتروجين والأكسجين، بالإضافة إلى جزيئات الغبار والرطوبة.
هذه الجزيئات تعمل على امتصاص الألوان ذات الأطوال الموجية القصيرة، مثل الأزرق والبنفسجي، بحيث تتلاشى هذه الألوان تدريجياً.
في المقابل، الأطوال الموجية الأطول مثل الأحمر والبرتقالي تتمكن من المرور عبر الغلاف الجوي وتصل إلى أعيننا، مما يجعل السماء تبدو بألوان دافئة تتراوح بين الأحمر والأصفر.
انعكاس الضوء وتشتته
بجانب تأثير الجزيئات الهوائية، هناك عامل آخر يلعب دوراً مهماً في ظهور السماء باللون الأحمر عند الغروب، وهو انعكاس الضوء وتشتته عن الجزيئات العالقة في الأفق، مثل الغيوم والغبار.
هذه الجزيئات تعمل على عكس الأطوال الموجية الأطول من الضوء في جميع الاتجاهات، مما يزيد من تشتت اللون الأحمر والبرتقالي، ويمنح السماء مظهراً مشعاً ومشرقاً.
وعندما تكون الأجواء محملة بالغبار أو الرطوبة العالية، يكون التأثير أكثر وضوحاً، مما يعزز ظهور الألوان الحمراء والبرتقالية بشكل أكثر إشراقاً ووضوحاً.
تأثير العوامل البيئية
العوامل البيئية، مثل التلوث والغبار أو حتى الحرائق البركانية، يمكن أن تؤثر أيضاً على مدى شدة الألوان عند الغروب.
فعلى سبيل المثال، بعد انفجار بركاني كبير، قد يكون هناك كميات هائلة من الجسيمات في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى غروب شمس أكثر حيوية باللون الأحمر لفترات طويلة.
هذه الظاهرة هي دليل على مدى تعقيد وجمال النظام الطبيعي، حيث تتفاعل مكونات الغلاف الجوي مع ضوء الشمس لتقديم مشهد غروب لا يتكرر مرتين بنفس الطريقة.
في الختام، يعتبر الغروب لحظة رائعة تتيح لنا رؤية السماء بألوان مختلفة وجميلة، والسبب العلمي وراء هذه الظاهرة يعتمد على تشتت الضوء عبر الغلاف الجوي، حيث تساهم الجزيئات والغيوم والغبار في امتصاص الألوان القصيرة الأطوال الموجية مثل الأزرق والبنفسجي، مما يترك الأطوال الموجية الأطول مثل الأحمر والبرتقالي لتزين السماء.
وهذا التأثير الطبيعي يعطينا فرصة للاستمتاع بلحظة من الجمال الهادئ، حيث تتغير فيها ألوان السماء لتخلق لنا مشهداً لا ينسى.
المراجع:
1. Green, R. (2019). Light Scattering and the Atmosphere. Cambridge University Press.
2. Smith, A. M. (2020). The Physics of Sunsets: Why the Sky Changes Color. Oxford University Press.
3. Johnson, B. (2021). Atmospheric Optics: How Light Interacts with the Air. MIT Press.