المهندس أمجد قاسم
على الرغم من مخاطر الرماد البركاني على صحة الإنسان حيث قد يدمر رئتيه كما يتلف محركات الطائرات ويلوث المياه العذبة في البحيرات، بالرغم من هذه المخاطر إلا أن الكيميائيين يؤكدون فوائد الرماد البركاني على عدد كبير من الأنظمة الحيوية، فهذا الرماد يسمد المحيطات ويمد النباتات بعناصر غذائية هامة، كما يساعد الكائنات النباتية الدقيقة والعوالق على النمو، وهو مهم للحيوانات البحرية، وبالتالي فان النباتات ستنمو بشكل أفضل، وستزدهر الحياة في البحار والمحيطات.
وفي هذا الصدد يقول العالم كين جونسون حسب ما نشر في صحيفة لوس انجلس تايمز أن نحو ثلاثين بالمائة من المحيطات في العالم تفتقر إلى عنصر الحديد، وهذا يؤدي إلى تراجع نمو النباتات البحرية بشكل كبير، وعندما يثور أحد البراكين، فان الرماد البركاني ينتشر على شكل قطع من الزجاج الغنية بعدد كبير من العناصر المعدنية ومنها الحديد، وهذه المواد تعمل على زيادة نمو العوالق وبالتالي سيؤدي ذلك لاحقا إلى توفير مادة غذائية لبقية الكائنات التي تقتات عليها، يعني ذلك سوف تزدهر إحدى حلقات السلسلة الغذائية.
ولا يقتصر الأمر على زيادة نمو العوالق البحرية وتوفير مواد غذائية لبقية الكائنات البحرية، بل أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، حيث تعمل العوالق البحرية على امتصاص مقادير كبيرة من ثاني أكسيد الكربون العالق في الجو والمتهم الرئيس بظاهر الاحتباس الحراري.
الدراسات البيئة تؤكد ذلك ، وتستند إلى أرقام دقيقة حول تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فقد لاحظ الباحثون تراجع في تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بين عامي 1963 و 1965 على اثر اندلاع بركان جبل أغانغ في اندونيسيا، وقد تكرر ذلك بين عامي 1991 و 1993 بعد ثوران بركان بيناتوبو في الفلبين، ويتوقع أن يظهر تراجع في تركيز هذا الغاز الخطير بعد ثوران بركان أيسلندا.
من جانب آخر فقد أظهرت التحاليل الكيميائية أن الرماد البركاني الذي نجم عن بركان أيسلندا كان غنيا بالفوسفات والحديد والمغنيسيوم وهذا سيؤدي إلى ازدهار الحياة النباتية في المناطق التي وصل إليها الرماد البركان حيث سيكون كسماد كيميائي ممتاز خلال الأشهر القليلة القادمة.
ومن هنا وعلى الرغم من تعطل الملاحة الجوية وتكبد شركات الطيران لخسائر فادحة، بيد أن تلك الكارثة كانت ذات منفعة على أطراف أخرى من نظامنا البيئي الذي يمكنه وصفه بأنه نظام معقد ومتكامل ودقيق للغاية.