يعتبر الشاي من أكثر المشروبات استهلاكًا حول العالم، ويحتل مكانة مميزة في العديد من الثقافات حيث عرف الانسان فوائد الشاي منذ القدم.
لكن إلى جانب نكهته اللذيذة، أظهرت الدراسات الحديثة أن الشاي يحمل العديد من الفوائد الصحية، أبرزها دوره في تقليل التوتر والإجهاد.
ففي بحث نُشر مؤخرًا من قبل باحثين في جامعة كلية لندن سلّط الضوء على تأثير تناول الشاي الأسود في التعافي من التوتر بشكل أسرع، مما يعزز الشعور بالاسترخاء.
فوائد الشاي في تخفيف التوتر: الأدلة العلمية
تشير الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة كلية لندن إلى أن تناول الشاي بانتظام يمكن أن يُسرّع عملية التعافي من التوتر.
ووجد الباحثون أن الرجال الذين شربوا الشاي الأسود أربع مرات يوميًا لمدة ستة أسابيع شهدوا انخفاضًا ملحوظًا في مستويات هرمون التوتر “الكورتيزول”، مقارنة بمجموعة أخرى تناولت مشروبًا زائفًا يشبه الشاي لكنه لا يحتوي على عناصره النشطة.
وفقًا للدراسة التي نشرت في دورية “علم الأدوية النفسية”، فإن الأشخاص الذين تناولوا الشاي الأسود شعروا بالاسترخاء بشكل أكبر بعد قيامهم بمهام مصممة لزيادة مستويات التوتر لديهم.
هذا التأثير الإيجابي يعود إلى قدرة الشاي على إعادة توازن الجسم بعد التعرض للتوتر، وهو ما يميز من شربوا الشاي عن غيرهم من المشاركين في الدراسة.
هرمون الكورتيزول والتوتر: كيف يؤثر الشاي؟
هرمون الكورتيزول يُعرف باسم “هرمون التوتر”، حيث يرتفع مستواه في الجسم عند التعرض لضغوط نفسية أو جسدية.
هذا الارتفاع يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة إذا استمر لفترات طويلة، مثل زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
وقد وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين تناولوا الشاي انخفضت مستويات الكورتيزول لديهم بمعدل 47% بعد 50 دقيقة من انتهاء المهام المجهدة، مقارنة بانخفاض قدره 27% لدى المجموعة التي تناولت المشروب الزائف.
فوائد الشاي وأمراض القلب: علاقة محتملة
قال الدكتور أندرو ستيبتوي، أحد معدي الدراسة وأستاذ في قسم علم الأوبئة والصحة العامة بجامعة كلية لندن، إن هذه النتائج لها تأثيرات كبيرة على الصحة العامة.
وأوضح أن التأخر في التعافي من التوتر قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض الشريان التاجي للقلب.
ومع أن الشاي لا يقلل من مستوى التوتر الفعلي الذي يواجهه الشخص، إلا أن له تأثيرًا واضحًا في تسريع عودة مستويات الكورتيزول إلى طبيعتها، ما يسهم في تعزيز الصحة العامة وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالتوتر.
تجربة الدراسة: كيف تم قياس تأثير الشاي؟
في إطار الدراسة، تم تقسيم 75 رجلًا ممن يشربون الشاي بانتظام إلى مجموعتين.
جميع المشاركين توقفوا عن تناول الشاي والقهوة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين لفترة من الزمن.
تم تقديم خليط يحتوي على الشاي الأسود الحقيقي لنصف المجموعة، بينما تم تقديم مشروب مشابه في النكهة لكنه لا يحتوي على العناصر النشطة للشاي للنصف الآخر.
لم يكن المشاركون ولا الباحثون يعرفون من الذي يتناول الشاي الحقيقي أو الزائف.
بعد مرور ستة أسابيع، تم تعريض المشاركين لمواقف تهدف إلى زيادة مستويات التوتر، مثل منحهم خمس دقائق فقط لإعداد عرض مسرحي.
رغم أن مستوى التوتر والضغط ارتفع عند كلا المجموعتين، إلا أن أولئك الذين تناولوا الشاي الحقيقي شهدوا انخفاضًا أسرع في مستوى الكورتيزول بعد المهام المجهدة.
مكونات الشاي: ما السر وراء التأثير المهدئ؟
رغم أن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد العناصر الدقيقة في الشاي التي تسهم في تقليل التوتر، إلا أن الشاي يحتوي على مجموعة من المركبات المعروفة بفوائدها الصحية، مثل الكافيين ومضادات الأكسدة.
بعض الدراسات السابقة تشير إلى أن مركبات مثل “الثيانين” الموجودة في الشاي قد تكون مسؤولة عن تعزيز الاسترخاء والحد من الإجهاد.
الفوائد الإضافية للشاي
بالإضافة إلى دوره في تقليل التوتر، يُعد الشاي مصدرًا غنيًا بمضادات الأكسدة التي تساعد في مكافحة الجذور الحرة التي تضر بالخلايا.
كما أظهرت بعض الدراسات أن الشاي يمكن أن يساهم في تحسين صحة القلب، وزيادة التركيز، وتعزيز وظائف الجهاز المناعي.
لماذا يجب شرب الشاي بانتظام؟
تناول الشاي بانتظام ليس مجرد وسيلة للاسترخاء، بل قد يحمل فوائد صحية تتجاوز مجرد تخفيف التوتر، وهذه أحد فوائد الشاي.
سواء كان ذلك بفضل قدرته على تقليل مستويات هرمون الكورتيزول أو تحسين المزاج العام، فإن الشاي يقدم للجسم فرصة للتعافي بشكل أسرع من الإجهاد اليومي.
وبناءً على الدراسات العلمية الحديثة، يُنصح بشرب الشاي كجزء من نظام غذائي صحي ومتوازن لتحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض المرتبطة بالتوتر.