ان تميز أي نظام يمكن أن يعزى الى تميز العملية الادارية فيه وتميز مدخلاته البشرية وتمكينها من معايشة حقوقها ومسؤولياتها بكفاية وفاعلية.
فالنظر للإدارة بشكل عام والإدارة التربوية بشكل خاص يمكن أن يتم من خلال المحتوى الذي يتعامل مع الادارة على انها تتألف من المهام التي يقوم بها وينفذها الإداري بمعنى آخر العمل الذي يفترض أن ينجزه الاداري. وهذا يشمل وضع الأهداف، وتوفير الكوادر البشرية المؤهلة لأداء المهام المطلوبة وغيرها من الأمور التي يفترض أن يوفرها الاداري في سعيه لانجاز الأهداف والغايات المتفق عليها. وضمن هذا البعد فان التركيز يتمحور حول التعامل مع تفاصيل مهام الأداء المطلوبة لنظام معين.
بمعنى أن العملية الادارية هي ذلك النهج الذي تلجأ المنظمة اليه عبر العمل مع كوادرها البشرية للوصول الى قرارات وكذلك المبادأة بأعمال من شأنها أن تيسر تحقيق اهدافها ومراميها.
ويفترض أن يكون الاداري في هذه الحالة مدركا لذاته بكل ما فيها من نقاط قوة او ضعف. وان يكون على وعي بمسلماته واتجاهاته، ولديه ثقة واطمئنان نفسي يمكنانه من التعامل مع الأفكار والآراء، وقادرا على التعامل مع البعد الانساني للعاملين بهدف ممارسة عملية قيادة وادارة النظام.
ويفترض أن يكون ماهرا في فهم ما يقوله الآخرون وما يسلكونه، فهو انسان قادر على التعامل مع وجهات النظر حتى تلك التي تختلف مع معتقداته. فالمهارة الانسانية اصبحت لديه جزءا من كيانه الاداري ومن شخصيته، إن مثل هذا التعامل ليس من السهل تحقيقه ؛ اذ يحتاج إلى ترسيخ ومعايشة اكاديمية وميدانية مدروسة ومصممة بعناية وعمق وصولا الى هدف التعامل الفاعل مع البعد الانساني في الادارة (هاني الطويل 1999(
وأما في مجال الادارة التربوية فقد زاد اهتمام الاوساط التربوية الدولية في تحديثها على اعتبار انها عامل اساسي لكل تطوير تربوي فالمدرسة لا تستطيع ان تعمل بمعزل عن المجتمع بل عليها أن تؤثر وتتأثر فيه فهي جزء لا يتجزأ من المجتمع امواكبة التطور (فايزة المومنی، 1995).
وتقوم النظرة المعاصرة لتحليل اداء المنظمات على فكرة مضمونها ان هذا الاداء يحركه ويشكله سلوك العنصر الانساني. وهذا العنصر هو الذي يضع طبيعة المنظمة ويصيغ اتجاهات ومسارات أدائها. وعلى ذلك، فان تحليل هذا السلوك يتطلب التعرف على مجموعة الخصائص والسمات التي تميز شخصية الفرد، مما يساعد التنبؤ بسلوكه في المواقف المختلفة (احمد عاشور، 1982).
ونظرا للدور الكبير الذي يقوم به مدیر المدرسة الثانوية ولأهمية موقعه فان عليه بصفة خاصة بوصفه القائد الرسمي للمدرسة أن يكون مثالا تتجسد فيه الصفات التي تشجع التعاون والتعامل. اذ ليس هناك مركز اكثر استراتيجية من مركز مدير المدرسة الثانوية في مجال مساعدة الأجيال الناشئة والقادمة كي يتعلموا ليعيشوا ولكي يعيشوا ليتعلموا (عبدالقادر رمزي، 1996 )
وانطلاقا من ذلك يمكن القول أن نجاح المؤسسات التربوية، أو فشلها، يتوقف الى حد كبير على نوعية الاداريين الذين يتولون مهمة القيادة والتوجيه فيها (هاني الطويل، 1986).
ومن هنا فان التعرف على الخصائص والسمات الشخصية للمديرين، ودراستها وتحليلها، تكتسب اهمية متميزة في تصنيف هؤلاء المديرين ضمن سمات شخصية معينة، وعلى ضوئها، اختيار المديرين لممارسة الدور الاداري في المؤسسات والمنظمات التربوية (احمد عاشور، 1982)
ومن النظريات التي حاولت تفسير السلوك الانساني في الادارة نظرية (X) ونظرية (Y) لمكروجر (McGregor)، حيث يرى مكروجر في نظرية (X) النظرية التقليدية لتوجيه الانسان وضبط سلوكه وتنطلق هذه النظرية من المسلمات الآتية:
. ان الانسان العادي لديه نفور ورفض ملازم ومتأصل للعمل ويميل إلى تجنبه كلما استطاع إلى ذلك سبيلا.
. ان معظم الناس بحاجة إلى ضبط وتوجيه وتهديد بالعقوبة لجعلهم يقومون بالجهد المناسب المتوقع والمطلوب وذلك بغية تحقيقة اهداف المنظمة.
. ان الانسان العادي يفضل ان يوجه ويرغب في تفادي المسؤولية ويعيش محدودية في طموحاته وتتمحور اهتماماته حول الحاجة بالشعور بالأمن.
بينما تمثل نظرية (Y) النظرة الايجابية في التعامل الانساني، وفي كيفية توجيه هذا الانسان وتبصر منطلقات ضبطه وبناء علاقات فاعلة معه، وتنطلق هذه النظرية من المسلمات الآتية:
. ان الانسان يعتبر أن بذل الجهد العضلي والعقلي في اداء المهمة أمرا طبيعيا وشأنا مفروغا منه.
. ان ممارسة اساليب الضبط الخارجية للإنسان او تهديده بعقاب معين ليست هي الوسيلة الفضلي التي تجعله يهتم ببذل اقصى استطاعته التحقيق أهداف النظام. والانسان السوي يعيش دافعية ذاتية وتوجه نحو ضبط ذاتي كي ينسجم مع خدمة الأهداف التي يلتزم بها خاصة اذا شعر انه موضع احترام.
. ان الانسان معني بإشباع بعدي حاجات الأنا وتحقيق الذات لديه. فإحساس الانسان بإشباع هذه الحاجات يعد مكافأة ذاتية بارزة وحافزا له على الأداء والعمل وموجها لقوى الضبط الذاتي لديه.
. ان الانسان العادي يتعلم، وضمن ظروف وشروط مناسبة، ليس كيفية تقبل المسؤولية فقط بل حتى السعي والترحيب بها ايضا. (هاني الطويل، 1999).
ففي ظل نظرية (Y) يؤمن مدير المدرسة أن الأفراد في المدرسة ليسوا سلبيين بطبيعتهم وليسوا مقاومين للتغير ولكنهم اصبحوا كذلك نتيجة لخبراتهم السابقة في المنظمات. ويتوفر لدي الافراد دوافع القدرة على التطور وتحمل المسؤولية والاستعداد لتوجيه سلوكهم لخدمة اهداف المنظمة وتطويرها.
وتتجلى مهمة الادارة المدرسية هنا في جعل الأفراد العاملين في المؤسسة التربوية يمارسون توجيها ذاتيا ومراقبة ذاتية اي انها تعطي الأفراد الثقة وتشعرهم بأنهم يستطيعون أن يطوروا هذه الخصائص الإنسانية في أنفسهم (الضبط، المبادرة، تحمل المسؤولية) ويكون واجب الادارة فيما يتعلق بالمعلمين والطلبة هو خلق بيئة يستطيعون من خلالها المساهمة في استغلال مواهب المعلمين والطلاب من اجل تحقيق اهداف المدرسة والكشف عن المصادر الخلاقة لدى العاملين فيها.
ان تطبيق مبدأ نظرية (Y) في مجال الادارة المدرسية يترك آثارا واضحة في أداء العاملين حيث تتحسن نوعية الأداء، ويمارس المعلمون مسؤولية التوجيه الذاتي والسيطرة على النفس في تحقيق الأهداف التي فهموها وساهموا في وضعها.
لا شك ان تطبيق نظرية (Y) في مجال الادارة المدرسية يحتاج الى شيء من الحذر كي لا يكون الاهتمام بالمعلم على حساب الانتاج. والمدير اقدر دائما على تحديد الأسلوب الذي يعامل به مرؤوسيه بناء على متطلبات الموقف.
من خلال ما سبق يلاحظ اهمية وجهة النظر التي يتبناها المدير سواء أكانت ايجابية ام سلبية تجاه العمل والعاملين في مؤسسته لما لها من أثر في تسيير دفة الأمور والممارسات المتنوعة في المدرسة. كما أن التعرف على السمات الشخصية لمدير المدرسة الثانوية، ومعرفة اثرها في نمط المناخ السائد في مدرسته، يكتسبان أهمية متميزة لما لها من أثر في سلوكه القيادي داخل المدرسة.
مما تقدم ذكره يمكن القول أن الخصائص والسمات الشخصية لمدير المدرسة تظهر من خلال سلوكه وممارسته لعمله وقد حدد تيد (Tead) عددا من السمات الواجب توافرها في المديرين ليكونوا قادة ناجحين هي الحماسة، الثقة بالآخرين، الاستقامة (نعمة خضير، 1994).
اعداد شيرين القدومي
عن رسالة ماجستير