دور وأهمية العلاقات الإنسانية في المؤسسات التعليمية والتربوية

الدكتورة عبد العزيز محمد زين
كريمة علـي التكالي

• مقدمة
• الإشكالية البحثية
• العلاقات الإنسانية في المجال التربوي
• أهمية العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية
• أسس العلاقات الإنسانية في التنظيمات الإدارية
• نتائج البحث
• التوصيات

اننا في هذا العصر أكثر ما نكون في حاجه لهذه العلاقات الإنسانية والتي تعتمد على تفهم حاجات الفرد والجماعة وتركز على العنصر البشري أكثر من التركيز على الجوانب المادية كما تعمل على إثارة الدوافع الفردية بهدف الإنتاج والتنظيم في جو يسوده التفاهم والثقة المتبادلة فرضاء الأفراد وارتياحهم في أعمالهم إنما هو نتيجة للشعور بالتقدير والشعور بالانتماء والمشاركة.

فعندما تكون العلاقة بين الرئيس والمرؤوس علاقة ود واحترام متبادل يؤدي ذلك الى انتاج مثمر فى العمل .

يتناول هذا البحث بالسرد الوصفي أهمية العلاقات الانسانية في تطوير الادارة التربوية بإثارة عدة تساؤلات تحاول هذه الورقة البحثية الاجابة عنها وهي: ما مفهوم العلاقات الانسانية ؟ ما أهمية العلاقات الانسانية في الادارة التربوية؟ كيف تساهم العلاقات الانسانية في تطوير الادارة التربوية؟

إن العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية هي التي تقوم سلوكياتها على تقدير كل فرد في التنظيم الإداري، وعلى الدراسة الموضوعية للمشكلات التربوية والإدارية، وشعور كل فرد بالانتماء إلى الجماعة التي يعمل من خلالها. اما التطوير على مستوى الادارة” فهو عملية تزويد الاداريين بالمهارات والمعلومات التى تساعدهم على تحسين ادائهم في العمل ورفع مستوى كفايتهم في مواجهة المشاكل الادارية. .بينما يعرف التطوير الاداري بأنه” احداث تغييرات في طبيعة النشاطات الفكرية والسلوكية داخل الجهاز الإداري

إن تطبيق العلاقات الانسانية في المؤسسة التربوية يعني التركيز على الجانب المعنوي للعاملين بإعتباره جانبا مكملا للجانب المادي، وان اهتمام الادارة وحرصها على تطبيق جانب الاتصال الاجتماعي، وخلق جو ودي تعاوني بين الأافراد وتشجيع المبادرات، وتنمية الدوافع، والقبول النفسي، وخلق الحوافز المادية والمعنوية لدفع الافراد للعطاء وتقدير أعمالهم واحترام انسانيتهم، وتهيئة البيئة الآمنة الاجتماعية لجميع العاملين سيكون له مردود ايجابي فعال لتقديم افضل ما يمكن تقديمه من عمل منتج مثمر،ويعتبر الانسان هو محور التغيير في اى مجتمع او ادارة،وهو الذي يواجه عوائق التغيير بطرق سليمة ومدروسة وفق استراتيجية واضحة، ومفتاح نجاح التغيير في الادارة هو القائد بمساندة آليات الغيير الفعالة، ويشكل العاملون في تقبلهم وتأييدهم وتصرفاتهم ومساندتهم جزء هاما للنجاح فكلما كانت العلاقات الانسانية ايجابية ومتينة بينهم ادى ذلك الى نجاح العمل ونجاح لإدارة وتغيرها نحو الافضل

مقدمة:

“إن الإنسان إجتماعي بطبيعته لذا فإنه لا يستطيع أن يعيش في عزلة عن بنى البشر ،وفي الواقع فإنه تربطه مع غيره علاقات إنسانية متنوعة، فبين الابناء والاباء علاقات،وبين الازواج علاقات، وكذلك بين الموظفين والمعلمين والتلاميذ علاقات تربطهم بعضهم ببعض”(1).

العلاقات جمع علاقة بفتح العين،وورد في لسان العرب ان علق بالشئ علقا أى تشبت فيه ، وعلق الشئ علقا ، وعلق به لزمه .

والإنسانية تعني جميع الصفات التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية، وهذا يعني أن العلاقات الإنسانية تعبرعن جملة التفاعلات بين الناس سواء كانت إيجابية ومنها الإحترام والعدل والتسامح والرفق، أم سلبية ومنها التكبر والظلم والجور والقسوة،، الخ (2).

“ان العلاقات الإنسانية في محيط العمل تتفق تماما مع مبادئ واسس تنمية المجتمع من حيث تغيير الاتجاهات والمشاركة والتعاون والإشراف الفعال ، ونجاح العمل الجماعي ،وكل هذه الامور يجب ان تراعى في ميادين العمل وميادين تنمية المجتمع، والاسس المعلنة في العلاقات الإنسانية تتفق مه اسس الإدارة التربوية في مشاركة الافراد في الاعمال المنوطة بهم، وهذه المشاركة تتح الفرصة لكي ينمؤ الفرد فكريا واجتماعيا في عمله ويساعد على تنظيم سير العمل، ومن هنا يبدأ شعوره بالنمو جزءا لا يتجزأ من العمل فيعمل جاهدا لأنجاحه ولو تطلب منه جهدا اكبر. وقد ذكر مرسي ان العلاقات الإنسانية” يقصد بها عملية تنشيط واقع الأفراد في موقف معين مع تحقيق توازن بين رضائهم النفسية وتحقيق الأهداف المرغوبة”(3)

وجدير بالذكر أنه من الخطأ الجسيم أن يزعم المؤرخون أن العلاقات الإنسانية والمعاني السامية لم توجد إلا بقيام الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر فنحن لأنبالغ إذا قلنا أن الإسلام هو الذي وضع النواة الأولى لفن العلاقات الإنسانية وأهتم بالفرد ومعاملته كإنسان.” ان الشريعة الإسلامية اقرت مبدأ اصول العلاقات الإنسانية بين المسلمين وبينهم وبين الامم الاخرى ، وترسيخ إحترام الحريات،وذلك منذ اربعة عشر قرناً، عن طريق الدعوة للدين بالتى هي احسن والمجادلة المقنعة والحوارالهادف البناء والتسامح في المعادلة ولم يعرف السيف الا دفاعا عن حرماته ومقدساته”(4)

ان إستخدام العلاقات الإنسانية في مجال العمل والأنتاج هو الذى تم التاكيد عليه بعد الثورة الفرنسية حيث اجريت العديد من التجارب حول إستخدام اساليب إنسانية في التعامل مع العمال كالإحترام والتقدير وتحديد ساعات العمل ….وغيرها، من غير تلك الاساليب الرأسمالية القاسية ، وقد توصلت تلك التجارب الى ان العمال زادت انتاجيتهم، ومن هنا بدأ التأكيد على ضرورة ا ستخدام العلاقات الإنسانية في العمل

والعلاقات الإنسانية ليست مجرد كلمات مجاملة تقال للاخرين وانما هي بالاضافة الى ذلك تفهم لقدرات الافراد وطاقاتهم وظروفهم ودوافعهم وحاجاتهم وإستخدام كل هذه العوامل لحفزهم على العمل .

وهناك عدة معاني يستخدم بها مفهوم العلاقات الإنسانية ، ولكنها بالمعنى السلوكي ،” يقصد بها عملية تنشيط واقع الأفراد في مواقف معينة ، مع تحقيق توازن بين رضائهم النفسي ، وتحقيق الأهداف المرغوبة ومن هنا يمكن ان نفهم بسهولة أن الهدف الرئيسي للعلاقات الإنسانية في الإدارة تدور حول التوفيق بين إرضاء المطالب البشرية والإنسانية للعاملين وبين تحقيق أهداف المنظمة”(5).

والعلاقات الإنسانية هي وثائق متينة تربط الإنسان باخيه الإنسان حيث يبادله تعاون بتعاون ،وتفهم بتفهم ،بعيدا عن قيود اللوائح.

ان العلاقات الإنسانية تساعد في محاولة تفهم الأسباب التي دعت المرؤس الى تاخره في القيام بواجبه او عدم انجاز العمل المنوط به ،هذه المحأولاًت الإنسانية ترفع من قيمة الإنسان وإحترامه امام اخيه الإنسان الذىيتعامل معه ( وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) وتريحه نفسيا ،حيث يشعر ان هناك من يشعر بالصعوبات التى يواجهها ويحاول معاونته في حلها ، ومن هنا تبدأ الثقة في النمؤ بين الإثنين وتزداد مع العمل المشترك.

“والعلاقات الإنسانية في إطار هذا المفهوم تهدف الى إشباع الحاجات النفسية الأساسية للعاملين، وفي مقدمة الحاجات الإنسانية للفرد في عمله الشعور بالأمن والإطمئنان واللإحساس بالأنتماء والتيقن بالهدف ،والإعتراف بوجوده، والاشادة بنفسه، والتقدم الوظيفي وإكتساب الخبرات والتجارب”(6).
” وتتضح العلاقات الإنسانية في المجتمع الذي تحفظ فيه حريات الناس، وكرامتهم وحرمتهم، وأموالهم بحكم التشريع وفي المجتمع الذي يسوده النضج والتعاون، ويقدم على الشورى والتوجيه والمساواة في العمل والتعامل والعدالة في الواجبات والحقوق والذي يشعر كل فرد فيه بحكم الله، فالجميع يقفون على قدم المساواة أمام رب العالمين، في طمأنينة وثقة ويقين.(7)…. قال تعالى:

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103 آل عمران

وعلى ذلك تتحدد أهمية العلاقات الإنسانية في انها تضمن للعاملين في مجال الإدارة التربوية الرضا الوظيفي، وتدفعهم للعمل والأداء والإنتاج، والتقليل من الأساليب الروتينية التي تضفي على العمل الملل والرتابة. وتبعد الاضطرابات النفسية التي تحدث بين الزملاء بالعمل وتعزز الانتماء إلى العمل التربوي من قبل الجميع. وتمنح فرصاً للإنجاز والتقدم. وترفع من الروح المعنوية للعاملين وبذلك تؤدي الى تطور وتقدم الإدارة التربوية.

الإشكالية البحثية:

ان تقدم المجتمع يقاس بمدى كفاءة وفاعلية المنظمات والأجهزة التربوية الموجودة فيه باعتبار التربية عملية استثمار للموارد البشرية وهي لتحقيق أهداف التنمية الشاملة.

إن المجتمعات الإنسانية بشكل عام تعيش اليوم ثورة معرفة وتكنولوجية هائلة، فالمعارف العلمية والإنسانية تتضاعف باستمرار، الأمر الذي يفرض على التنظيمات والمؤسسات مراجعة أهدافها، وأساليبها، واليات عملها لتتمكن من توظيف ذلك الإنتاج المعرفي الهائل باتجاه تحقيق أهدافها وغاياتها.

ان العصر الحاضر وما نراه فيه من اهتمام الإداريين في شتى مجالات العمل بالنسبة لتنظيم اعمالهم ،او ما يشرفون عليه من ادارات ،ما يؤكد أهمية الإدارة لنجاح الاعمال لا سيما ونحن نعيش عصر تغير لم يسبق له مثيل في معدل سرعته وشموله،وهذا التغيير الشامل ، يقتضي وجود ادالرة تتسم بالسرعة والحسم وتيسير حدوث التغيير فضلا عن توجيهه نحو فائدة أكبر.

والإدارة التربوية ذات أهمية بالغة في هذه المرحلة من مراحل التطور الحضاري السريع الذى يعيشه المجتمع البشري حاليا ولسنا نيالغ اذا قلنا ان مستقبل المدنية الحديثة،وقف على قيام الإدارة التربوية بدورها في اتجاهيين هما مساعدة التغيير على الحدوث، والعمل على توافق هذا التغيير،واستقراره في الاتجاه المرغوب فيه.

“ان اي تطور للتعليم قوامه تطوير في اداراته ومن تم فإن الإستراتيجية السليمة لتطوير النظم التربوية ، هي تلك التى تأخذ في صلب حسابها ـتطوير ادارات هذه النظم وتجديدها”(8).

ونظرا لأهمية العلاقات الإنسانيةفي حياتنا العامة لأن الإسلام هو دين العلاقات الإنسانية المبنية على أصول التسامح والرأفة والرحمة ،قال تعالى(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) النحل).

لينطلق بعد ذلك إلى تحديد الأصل في التعامل مع الآخرين؟ هل هو منطق الشدة والغلظة والقوة ؟ أم أنه منطق التسامح واللين والعفو؟.

اما العلاقات الإنسانية فقد وصف الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم في سورة ال عمران بقوله{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) }

ولعلنا نحن الأن في هذا العصر أكثر مانكون في حاجه لهذه العلاقات الإنسانية والتي تعتمد على تفهم حاجات الفرد والجماعة وبالتالي تسعى من خلال ذلك إلى إشباع تلك الحاجات الفردية في ضوء الأهداف العامة فالعلاقات الإنسانية تركز على العنصر البشري أكثر من التركيز على الجوانب المادية كما تعمل على إثارة الدوافع الفردية بهدف الإنتاج والتنظيم في جو يسوده التفاهم والثقة المتبادلة فرضاء الأفراد وإرتياحهم في أعمالهم إنما هو نتيجه للشعور بالتقدير والشعور بالانتماء والمشاركة، فعندما تكون العلاقة بين الرئيس والمرؤوس علاقة ود واحترام متبادل يؤدي ذلك الى انتاج مثمر فى العمل.

ولذا فإن هذا البحث يتناول أهمية العلاقات الإنسانية في تطوير الإدارة التربوية بإثارة عدة تساؤلات تحاول هذه الورقة البحثية الاجابة عليها وهي:

1-ما أهمية العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية؟
2- كيف تساهم العلاقات الإنسانية في تطوير الإدارة التربوية؟
ومن خلال ما سبق فإنه يمكن تحديد أهداف هذا البحث في النقاط الاتية:
2- توضيح أهمية العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية.
3- التعرف على مدى مساهمة العلاقات الإنسانية في تطوير الإدارة التربوية.
ومما سبق يمكن تحديد مفهوم العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية على أنها” مجموعة من التفاعلات التي تمثل السلوكيات التربوية للاداري التربوي، تبنى على أساسها المعاملة الطيبة والأخلاق الإسلامية الحميدة، مثل الصدق والأمانة والعدل والألفة بينه وبين من يشرف عليهم، أو يتعامل معهم في الحقل التربوي، والتي من خلاله تتحقق الأهداف التربوية المخطط لها”(9).
وعرفت العلاقات الإنسانية بأنها ” المعاملة الطيبة التي تقوم على الفضائل الأخلاقية والقيم الإنسانية السوية التي تستمد مبادئها من تعاليم الأديان السماوية وترتكز على التبصر والإقناع والتشويق القائم على الحقائق المدعمة بالأسانيد العلمية وتجافي التضليل والخداع بكافة مظاهره وأساليبه “(10).

وعرفت ” بأنها سلوك مثالي بين القائد أو المشرف مع من تحت إشرافه”(11).

العلاقات الإنسانية في المجال التربوي :

ان مفهوم العلاقات الإنسانيةفي الإدارة المدرسية :يقصد بها عملية تنشيط واقع الأفراد في موقف معين مع تحقيق لأحداث توازن بين رضائهم النفسية وتحقيق الأهداف المرغوبة.
ومن هنا يمكن أن نفهم أن الهدف الرئيسي للعلاقات الإنسانية في الإدارة يدور حول التوفيق بين إرضاء الحاجات الإنسانية للمعلمين وبين تحقيق أهداف المدرسة ولهذا فإن الهدف الرئيسي للعلاقات الإنسانية يتضمن إرضاء أو إشباع الحاجات الإنسانية وما يرتبط بها من دوافع التنظيم ورفع الروح المعنوية وتحسين ظروف العمل والوضع المادي للمعلمين

اذًا العلاقات الإنسانية ضرورية ليس للإدارة التعليمية التربوية فحسب وانما للجميع فهي مهمة في علاقة المعلم مع الطالب ومهمة في علاقة المعلم مع زملائه ومع مدير المدرسة ومع المشرف التربوي وكذلك مهمة لمديرالمدرسة مع من حوله من طلاب و معلميين و مشرفيين وكذلك العلاقات مهمة للمشرف التربوي مع الطلبة والمعلميين ومديري المدارس ،بمعنى ان العلاقات الإنسانية مهمة لنا جميعا بغض النظر عن موقعنا على خارطة .التربية والتعليم.

أهمية العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية:

ان مفهوم تطبيق العلاقات الإنسانية في المؤسسة التربوية يعني التركيز على الجانب المعنوي للعاملين باعتباره جانبا مكملا للجانب المادي والترفع عن معاملتهم كألات صماء دون النظر الى ظروفهم وقدراتهم ومشكلاتهم، وطاقاتهم، وحاجاتهم.

“ان اهتمام الإدارة وحرصها على تطبيق جانب الاتصال الرسمي لا يقل عن جانب الاتصال الاجتماعي، وخلق جو ودي تعاوني بين الافراد وتشجيع المبادرات، وخلق الحوافز المادية والمعنوية الإيجابية منها والسلبية لدفع الافراد للعطاء وتقدير أعمالهم واحترام انسانيتهم، وتفهم شعورهم بعمق وأدراك، وتهيئة البيئة الاجتماعية الآمنة لجميع العاملين سيكون له مردود ايجابي فعال لتقديم أفضل ما يمكن تقديمه من عمل منتج مثمر”(12).

“ان القائد الإداري الذي يؤمن بمبدأ العلاقات الإنسانية ويجعل منه ارضية صلدة وقاعدة تابتة في ادارته، انما هو ذلك الإنسان الذي يتنزه عن التعالي على المرؤسين وينظر الى جميع العاملين نظرة إنسانية صادقة ، دون النظر الى مراكزهم وطبيعة شخصياتهم.. وقد اشارت دراسات جمعية الجامعة الامريكية الى ان اهم سمات القادة الناجحين هي كفاية القائد في بناء علاقات إنسانية طيبة مع مرؤسيه وسلوكه الجيد في التعامل معهم”(13).

العوامل التي تسهم في بناء العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية أهمها ما يلي:-

الإيمان بالعمل التعاوني وإتاحة الفرص للإداريين للتعبير عن آرائهم،وتشجيعهم على الارتقاء بالعلاقات الشخصية والمهنية،وعرض مشكلاتهم ومناقشتها، وايجاد الحلول لها متى احتاجوا إلى ذلك،وتشجيع أوجه النشاط التي تبني علاقات طيبة بين العاملين في الإدارة الواحدة، واحترام شخصيات ووجهات نظر الآخرين وآرائهم المختلفة،وإشعارهم بقيمتهم، وبالحاجة الماسة إليهم، وبأنهم عامل أساسي في العمل،وتقدير طموحاتهم وقدراتهم ووضعها موضع التقدير و الاهتمام، والإيمان بالمسئولية التربوية في بناء الروح المعنوية العالية لدى الآخرين،وإشراكهم في اتخاذ القرار، وملاحظة مدى تأثيره فيهم ،والقدوة الحسنة في التعامل والعمل على تحسين بيئة العمل وظروفه،وحفزهم مادياً ومعنوياً..

وهناك عوامل أخرى تسهم في بناء العلاقات الإنسانية في المجال التربوي منها:

“المساواة ، الصدق ، الأمانة ، المحبة ، الألفة ، التدريب ، تحديد المسئولية ، استشعار ا لأخوة ، حسن الظن بالعاملين ،الصلح والعدل بينهم، الشورى وحسن التعامل، العفو، التسامح، التقدير والمكافأة، إجتناب الجدل والمزاح المؤثر على العمل، سلباً، النصيحة، الوفاء بالعهد ، الرحمة، بشاشة الوجه، الحلم، تجنب الغيبة أو النميمة ، حفظ السر، التواضع ، الإستقامة، العفة ، عدم التكبر”( 14).
مدى مساهمة العلاقات الإنسانية في تطوير الإدارة التربوية.
التطوير الإداري بوجه عام هو تللك العمليات التي نعنى بها الارتقاءوالتحسن المستمر المنطلق من معايير علمية.

“ويعرف التطوير بأنه” إستراتيجية تتضمن إستخداما محدودا للقوى الداخلية والخارجية لتحقيق التغيير ،ويتيح امكانيات كبيرة لتنمية الافراد والجماعات، وترسيخ الأنتماء والعمل الجماعي وتماسكه”(15).

“ويعرف التطوير على مستوى الإدارة” بأنه عملية تزويد الإداريين بالمهارات والمعلومات التى تساعدهم على تحسين ادائهم في العمل ورفع مستوى كفايتهم في مواجهة المشاكل الإدارية”(16).

اما التطوير الإداري فهو” احداث تغييرات في طبيعة النشاطات الفكرية والسلوكية داخل الجهاز الإداري”(17).

ويعني التطوير الإداري ايضاً زيادة كيفية في قدرة المنظمة لتحقيق أهدافها بصورة أفضل.
وإذا نظرنا فيما حولنا نلاحظ التغيير يطال جميع نواحي الحياة الطبيعية والسياسيةوالإقتصادية والإجتماعية،حتى بات موضوع لكل علم وفن ،ومن التغييرات التى طالت الجانب التربوي على سبيل المثال التغييرات في الهيكلية الإدارية والتغييرات في قوانين الضمان الاجتماعي ولوائح التقاعد …وغيرها ولهذا كله كان لزما العمل على إدارة تلك التغييرات لتحقيق الأهداف المنشودة.

ويعتبر الإنسان هو محور التغيير في اى مجتمع او إدارة،وهو الذي يواجه عوائق التغيير بطرق سليمة ومدروسة وفق إستراتيجية واضحة، ومفتاح نجاح التغيير في الإدارة هو القائد بمساندة آليات التغيير الفعالة، ويشكل العاملون في تقبلهم وتأييدهم وتصرفاتهم ومساندتهم جزء هاما للنجاح فكلما كانت العلاقات الإنسانية ايجابية ومتينة بينهم ادى ذلك الى نجاح العمل ونجاح الإدارة وتغيرها نحو الأفضل

أسس العلاقات الإنسانية في التنظيمات الإدارية .

إن من أسس العلاقات الإنسانية في التنظيمات الإدارية ما يأتي :

1 ـ الإيمان بقيمة الفرد :
وهذا يعني أن يؤمن الرئيس أو المدير بأن لكل فرد شخصية فريدة يجب احترامها ، وأن الفرد العادي قادر ـ إذا أتيحت له الفرصة ـ أن يفكر تفكيرا موضوعيا منزها عن الاعتبارات الشخصية إلى حد كبير ، وأنه قادر على أن يصل إلى قرارات رشيدة قائمة على أسس علميه سليمة فيما يعترضه من مواقف أو يبرز أمامه مشكلات .

2 ـ المشاركة والتعاون:
وينبع هذا من الإيمان بأن العمل الجمعي أجدى وأكثر قيمة من العمل الفردي، وحين يتاح الجو المناسب لجماعة ما لمناقشة أمر من الأمور أو تبادل الرأي فيه فإن قدرة هذه الجماعة على فهم الموضوع وتحديد أبعاده وملابساته واتخاذ قرار بشأنه تكون أفضل مما لو ترك الأمر للاجتهادات الفردية مهما بلغ هذا بالفرد من تفوق ومهما اكتسب من خبرات .

3 ـ العدل في المعاملة:
ويعني هذا أن يعامل المدير أو المسؤول أفراد التنظيم الإداري معاملة تتسم بالمساواة والعدل بعيدة عن التحيز والمحاباة وذلك في إطار قدرات الأفراد وإمكاناتهم ومواهبهم، وإيمانا بمبدأ الفروق الفردية بين الأفراد، وتفاوتهم فيما وهبهم الله من قدرات.

4 ـ التحديث والتطوير:
إن التنظيم الإداري يجب ألا يقف نموه بدعوى أنه أصبح صالحا ، إذ أن توقفه يعني الجمود ، وهذا يعني العودة به إلى الخبرات السابقة وتطبيقها على المواقف الجديدة ،وإن التنظيم الإداري في حاجة مستمرة إلى النمو إي إلى التعديل والتطوير ، والجهاز الإداري هو الذي يحقق ذلك عن طريق نموه، وتفاعله واكتساب عادات سلوكية ـ في مجال العلاقات الإنسانية ـ تنمو بالخبرة والممارسة …وإن من أبرز سمات النظام الإداري الناجح النمو والتقدم رغم العقبات بل إن علاج العقبات والتغلب على الصعوبات هو في حد ذاته عامل من عوامل التقدم والنمو .

نتائج البحث:

من خلال المعلومات التي تم طرحها خلصت الباحثة الي الاجابة على تساؤلات البحث

السؤال الاول: ما أهمية العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية؟
بمان محور الإدارة الرئيسي هو الإنسان وهو افضل إستثمار وهو محورواداة التطور والارتقاء بالمجتمع، وهو عامل التغيير ،لذلك فإن ان إستخدام العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية يعني التركيز على الجانب المعنوي للعاملين بإعتباره جانبا مكملا للجانب المادي، حيث أن القائد الإداري الناجح هو الي يؤمن بمبدأ العلاقات الإنسانية ويجعل منها قاعدة تابتة في ادارته وهو الذي يتنزه عن التعالي على المرؤسين وينظر للجميع نظرة إنسانية ، وهو بذلك يخلق جو ودي تعاوني بين العاملين ويشجع المبادرات الإيجابية ويهيئ البيئة الإجتماعية الآمنة لمن يعملون معه، وبالتالي يقدم العاملين معه افضل ما يمكن تقديمه من عمل منتج ومثمر، اي ان إستخدام العلاقات الإنسانية يؤدي ان تحقيق أهداف الإدارة بجهد أقل ،ووقت أسرع.


أما عن التساؤل التاني : ما مدى مساهمة العلاقات الإنسانية في تطوير الإدارة التربوية؟.

بما أن التطوير هو استراتيجية تتضمن استخداما محدودا للقوى الداخلية والخارجية لتحقيق التغيير، ويتيح امكانيات كبيرة لتنمية الافراد والجماعات، وترسيخ الانتماء والعمل الجماعي وتماسكه وهوايضاً عملية تزويد الإداريين بالمهارات والمعلومات التى تساعدهم على تحسين ادائهم في العمل ورفع مستوى كفايتهم في مواجهة المشاكل……وبمأ، الإنسان هو محور التغيير في اى مجتمع او إدارة،وهو الذي يواجه عوائق التغيير بطرق سليمة ومدروسة وفق إستراتيجية واضحة، ولأن مفتاح نجاح التغيير في الإدارة هو القائد بمساندة آليات التغيير الفعالة، فإن العاملون في تقبلهم وتأييدهم وتصرفاتهم ومساندتهم للإدارة يشكلون جزء هاما من النجاح….اذاً فإن إستخدام العلاقات الإنسانية وسيلة ايجابية ومتينة تؤدى ذلك الى نجاح العمل ونجاح الإدارة وتغيرها نحو الأفضل، فإذا عامل المدير أو المسؤول أفراد التنظيم الإداري معاملة تتسم بالمساواة والعدل بعيدة عن التحيز والمحاباة وقدر قدراتهم وإمكاناتهم ومواهبهم ، واحترم الفروق الفردية بينهم ، وتفاوتهم فيما وهبهم الله من قدرات ، فإنه بذلك حقق نجاح الإدارة وتقدمها وتطورها الى الأفضل اي انه تمكن من احداث التغيير في الإدارة.

التوصيات:

نظرا لأن الإنسان هو محور الإدارة وعامل التغيير والتطويير فإن الباحثة
1- توصي الباحثة بضرورة الإهتمام بالعلاقات الإنسانية الإيجابية في جميع المجالات الإدارية، وخاصة أثناءالتعامل بين الإداري والعملين.
2-توصي الباحثة بتدريس العلاقات الإنسانية ضمن مناهج الإدارة ليتمكن الإداريين من معرفتها وتطبيقها في المجال العملي.
3-إعتماد الإداريين على نظرية العلاقات الإنسانية في ممارسة العمليات الإدارية(التخطيط والتنسيق والتنظيم والتوجيه والإشراف والتقويم).

قائمة المراجع:-

1- العرفي: عبد الله بلقاسم 1993م، الإدارة المدرسية اصولها وتطبيقاتها، الطبعة الاولى، منشورات جامعة قاريونس، بنغازي، ص71.
2- ابن منضور1975م:معجم لسان العرب ، دار المعارف،القاهرة.
3- مرسي: محمد منير 1997م، الإدارة التعليمية اصولها وتطبيقاتها، عالم الكتب، القاهرة،ص171.
4- مسفر:حسن بن محمد 2004م، نظرات استشراقية في فقه العلاقات الإنسانية بين المسلمين وغير المسلمين،ص12.
– 5مرسي:1997م،مرجع سابق،ص173
6- العرفي: 1993م، مرجع سابق،ص72-73.
7- انظر البيان الختامي للمؤتمر التاني عشر لمجمع البحوث الاسلامية بالازهر الشريف، كتيب ملحق بمجلة الازهر،ص3.
8- عبدالعزيز:عرفات ،وبيومي ضحاوي:1998م،الإدارة التربوية الحديثة،مكتبة الأنجلوالمصرية،ص15.
9- المنصور:خالد2001م،العلاقات الإنسانية في الاسلام، مكتبة التوبة،ط2،ص12
10- الشلالدة: عوض حسين 1981م، العلاقات الإنسانية ودورها في السلوك الإنساني،الكويت،
11- الخواجا:عبد الفتاح 2004م، تطوير الإدارة المدرسية، دار الثقافة، عمان ص264.
12- العمايرة:محمد 1999م، مبادئ الإدارة المدرسية، دار المسيرة، عمان، ص103.
13-الحريري:رافدة،وآخرون،2007م،الإدارة والتخطيط التربوي،دار الفكر،ص34-35.
14- المنيف : محمد صالح عبد الله 1990م ، دور مدير المدرسة كموجه تربوي مقيم ، الطبعة الاولى، ص237.
15- فؤاد القاضي1992م:التطوير التنظيمي كإستراتيجية لاحداث التغيير المخطط، مجلة إدارة الاعمال، العدد 256، مارس 1992،ص42.
16- بدوي:احمد زكي 1984م ، معجم مصطلحات العلوم الإدارية ، دار الكتاب المصري، القاهرة، ص24.
17- الطيب حسن:1989 م، إشكالية الاصلاح والتطوير الإداري ،دار السلاسل ، الكويت، ص51.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التعلم التعاوني ودوره في تحفيز الفهم القرائي: ملخص دراسة تحليلية

يمثل التعلم التعاوني إحدى الاستراتيجيات التعليمية الحديثة التي تهدف إلى تعزيز المشاركة الفعالة بين الطلاب، …

2 تعليقات

  1. كل الشكر والتقدير لكم على نشر الدراسة السابقة

  2. تكتسب العلاقات الانسانية اهمية خاصة في كافة القطاعات التعليمية وغيرها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *