• الهدف من التقويم التكويني
• خصائص التقويم التكويني
• التقويم التكويني والتقويم التحصيلي
يسعى المهتمون بالعملية التعليمية إلى تحقيق الأهداف التربوية المنشودة بعدة طرق، ومن تلك الطرق تعريف المتعلم كيف يتعلم، والتي تهدف إلى تعديل مفاهيمه العلمية التي من شأنها أن تساعده على حل المشاكل ذات الطبيعة العلمية، ومما لا شك فيه، أن تعديل المفاهيم العلمية يتم بإدماج المعلومات الجديدة إلى المفاهيم السابقة لبناء المفاهيم الجديدة.
الهدف من التقويم التكويني
ويتفق جل المختصون في مجال التقويم على أن التقويم بصفة عامة يستعمل ” لغرض تعديل وضعية أو وتيرة التدرج من أجل إدخال التحسين أو التصحيح المناسب عند الحاجة وذلك بغرض تكوين المتعلم في مختلفة مجالات التعلم. لهذا، نجد التقويم التكويني الناجح الذي تتطلبه بيداغوجيا الكفاءات يستلزم شروطا مقننة تساعد كل من المعلم والمتعلم في ضبط عملهما التربوي.
خصائص التقويم التكويني
أما فيما يخص الشروط التي يتميز خصائص التقويم التكويني فهي كالتالي:
1- التقويم التكويني عملية شاملة: بمعنى أن يكون التقويم شاملا لجميع الأهداف التربوية تلك الخاصة بالمعرفـة) والمعرفة – الفعلية ، والمعرفة الوجدانية والمتعلقة بالأهداف المعرفية والنفس- حركية والوجدانية. وللتوضيح نذكر على سبيل مثال: حتى تحقق مادة العلوم الطبيعية أهدافها التربوية، يجب على المعلم تحديد أهداف مفاهيمية (مفاهيم علمية) وأهداف تقنية (الاستدلال العلمي والتحكم في المعرفة والتحكم في التقنيات والاتصال / التبليغ) وعلى المتعلم القيام بالأداء حتى يبرهن على تحقيق الأهداف.
2- التقويم التكويني عملية مستمرة: بمعنى أن يكون التقويم مستمرا ومتكررا طوال الفترة التعليمية/ التعلمية، وذلك حتى يصبح بمثابة مصدر التدعيم المعرفي الذي من شأنه أن يثير رغبة التعلم لدى المتعلم عن طريق التعديل والتصحيح. وليس المقصود هنا رتبة المتعلم حسب نتائج الاختبار أو الامتحان، وإنما الأهم هو أن يقوم المتعلم باختبار أدائه من خلال صيرورة اكتساب المعلومات. لهذا، يجب على المتعلم أن يكون على علم بمعايير النجاح التي حددها المعلم حتى يعمل على تحقيقها أو تجاوزها.
3- التقويم التكويني تقويم تحليلي: بمعنى أن التقويم التكويني يعتمد عملية تحليل نتاج نشاط المتعلم سوى كان كتابي أو شفوي أو حركي، وذلك لأن النشاطات التي يقوم بها المتعلم لا تمثل إلا الجزء الظاهري للكفاءة، أما فيما يخص مصدرها، فيمثله الجزء الباطني الذي لا يمكن ملاحظته، ولكن يمكن التعبير عنه عن طريق الأداء. فتحليل هذه النشاطات حسب أسس علمية، يسمح لنا بادراك مؤشرات النجاح أو الفشل من جهة ومن جهة أخرى، يسمح لنا بالاطلاع على مستوى كفاءات المتعلم المتعلقة بالمعرفة والمعرفة الفعلية والوجدانية.
4- يقوم التقويم التكويني على معايير محددة: أي ان عملية تحديد المعايير التي تبين وتحدد مدى تحقق الأهداف التعلمية والتربوية ومدى اكتساب المعارف والكفاءات التعليمية مما يساعد المعلم وبشكل كبير على معرفة مدى نجاحه أو فشله، ومن هنا سميت هذه المعايير بمعايير النجاح في عملية التعلم والتعليم والتي تربط الطالب بشكل مباشر بالمعلم.
وبناءا على ما سبق، يمكننا القول أن التقويم التكويني عبارة عن عملية مستمرة تتم في ثلاثة مراحل، يسعى فيها كل من المعلم و المتعلم إلى التحقق من مستوى الكفاءات المراد اكتسابها و تقدير مدى تحقيق الأهداف التربوية الخاصة بمادة التعليم والتعلم حيث يجرى ذلك باستخدام مقاربات بيداغوجية تتمحور حول القدرات المراد تنميتها و الكفاءات المراد اكتسابها انطلاقا من أهداف إجرائية تحدد نشاط التعلم و معايير نجاح تمثل أداة قياس لمدى نجاح الأداء ومؤشر تعلم المتعلم. ويمكن الكشف عن ذلك، من خلال تحليل نتائج التعلم المحصل عليها والمعبرة عن النجاح أو الفشل. والغرض من هذه العملية، هو توجيه المتعلم وتطوير مناهج التعليم ووسائله التعليمة.
التقويم التكويني والتقويم التحصيلي
بينت القراءات السابقة أن التقويم التكويني يختلف عن التقويم التحصيلي من حيث الغاية والوظيفة البيداغوجية لكنهما لا يختلفان من حيث الطريقة أي كلاهما يستعمل نفس أدوات التقويم، ألا وهي الأسئلة التي تتضمن في معظم الأحيان ” صياغة الموضوع المراد معالجته والتعليمة أو القاعدة التي يجب إتباعها قصد حل مشكل السؤال، وذلك حسب المعايير المكتسبة.
وعليه، إذا كان للتقويم التكويني دورا مهما في عملية التعلم الذاتي للمتعلم، نجد أن التقويم التحصيلي يسمح بجرد مكتسبات المتعلم أو مجموعة من المتعلمين في نهاية الفترة التعليمة سوى كانت هذه طويلة، متوسطة أو قصيرة المدى، ويشارك أيضا التقويم التحصيلي في تقويم تطبيقات بيداغوجية تخص نشاط المعلم. ولما كانت قدرة التمييز بين التقويم التكويني والتقويم التحصيلي فيما يخص بيداغوجيا الكفاءات تلعب دورا مهما في تذليل الصعاب بالنسبة لكل من المعلم والمتعلم فيما يخص العملية التعليمية التعليمة.
ولقد أصبح تحليل محتوى التصور يستعمل كوسيلة لمعرفة مدى إدراك الفرد لمحيطه ويلعب دورا مهما في تعديل السلوك الاجتماعي وعملية التبليغ، مما يجعل التكوين التربوي الحديث يؤكد على أخذ تصورات المتعلم بعين الاعتبار والعمل على مواجهتها بظواهر طبيعية أخرى، وذلك عن طريق التعليم الفعال الذي يعتبر المتعلم فيه محور عملية التعلم بحيث يسمح له ذلك بتحويل معرفته السابقة وإعادة تنظيمها قصد بناء معرفته الجديدة، أي أن البناء الصحيح للمعرفة العلمية يعتمد بالدرجة الأولى على التصورات التي يحملها المتعلم كأساس معرفي للتعلم، بحيث يبدأ التعلم بمفهومه الجديد عند بداية الاهتمام بالتصورات والعمل على تطويرها، وذلك لكون اكتساب المعرفة العلمية يتطلب تعلم المواقف والمعرفة الأساسية، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا اعتمد المتعلم تصوراته التمهيدية في بناء معرفته العلمية الجديدة.
أما فيما يخص كيفية يتحصل المعلم على محتوى تصور المتعلم أو يطلع على خبراته السابقة، يجب عليه أن يستعمل عدة أنماط من الأسئلة تدفع بالمتعلم إلى التعبير عما يعرفه من معلومات ومفاهيم علمية أو ما يكتسبه من كفاءات منهجية، إما بإنجاز رسومات أو نص كتابي أو عن طريق التعبير عن ما يفكر فيه شفويا، بحيث يصف مضمون التصور الواقع كما يراه المتعلم وليس كما يضنه المعلم. أما فيما يخص الوسائل التي يمكن للمعلم استعمالها للحصول على محتوى التصور نذكر ما يلي: الاستبيانات التي تتضمن الأسئلة المغلقة والأسئلة المفتوحة، حيث تكون هذه موجه أو نصف موجهة…، ويمكن طرح هذه الأسئلة خلال مختلف فترات المسعى التعليمي: قبل الشروع في دراسة المفهوم الجديد خلال فترة تطور التعلم أو في نهاية الفترة التعليمية (نهاية الدرس، نهاية الموضوع، نهاية المحور) كما يمكن للاستبيان أن يخص المتعلم وحده أو مجموعة من المتعلمين أو القسم كله. وهذه الخطوة، تسمح للمعلم بالكشف عن الاستعدادات الفردية وضبط المساعي البيداغوجية وتنظيم مادة التعليم في حين تسمح للمتعلم بادراك الفرق بين المعرفة العلمية (الخبرة) التي يكتسبها والمعرفة التي عليه أن يتعلمها.
فبعد تحليل محتويات التصورات، سيجد المعلم نفسه أمام نمطين من المتعلمين بصفة عامة:
* النمط الأول: يمثل المتعلمين الذي بين تحليل تصوراتهم أنهم غير متحكمين في الكفاءات المعرفية ولا الكفاءات المنهجية الخاصة بالمفهوم. فعلى المعلم في هذه الحالة أن يصحح المفاهيم السابقة قبل الشروع في تعليم المفهوم الجديد، وذلك بالرجوع إلى الوراء، أي الأخذ بعين الاعتبار المعرفة السابقة واستعمال التغذية الراجعة (feed – back) الخاصة بها وبتوظيف التقويم التكويني بجميع مراحله مع التأكيد على معايير النجاح .
*النمط الثاني: يمثل المتعلمين الذي بين تحليل تصوراتهم أنهم متحكمين في الكفاءات المعرفية والكفاءات المنهجية أي لديهم خبرة معرفية ومنهجية صحيحة تسمح لهم بتعلم المفهوم الجديد. فعلى المعلم في هذه الحالة أن يستغل الخبرة المعرفية والتقنية المتوفرة لدى المتعلمين، ويعمل على مساعدتهم في اكتساب المفاهيم الجديدة عن طريق التعلم الحديث أي باستعمال النموذج الألوستيري أي النموذج التعديلي .