ترجمة وإعداد : الصيدلاني شادي رفيق عفانه / 2020
ماجيستير إدارة الخدمات الصحية
هل تقدم لنا الأوبئة القديمة نظرة ثاقبة عما يخبئه المستقبل ؟
على الرغم من “صدمة ” الجميع بفايروس كورونا المستجد COVID-19فإن بعض العلماء قد حذروا سابقاً من تفشي عالمي للأوبئة وقد ذهب منهم أنها ستوقف البشرية في غضون 30 عاماً !
إن ظهور باكتيريا أو فايروسات قاتلة ليس بالأمر الجديد وقد مرت عصور كثيرة بأوبئة أشد فتكاً من فايروسنا هذا وبمراحل ، ولهذا كان لابد من مراجعة التاريخ حتى يتسنى لنا التنبؤ بالمستقبل .
طاعون جوستينين عام 541 م
استمر طاعون جوستينين قرابة المئتي عام ، حصد أرواح حوالي 50 مليون شخص في الشرق الأوسط ، حوض المتوسط و مناطق عديدة من قارة آسيا ، وقد كان سببه بكتيريا موجودة أصلاً في الجرذان التي أصيبت بلدغات البراغيث المصابة ، وقد انتشر بداية في مصر وصدرته إلى باقي دول العالم .
وباء الطاعون الكبير
في عام 1334 م بدأ وباء الطاعون الكبير في الصين وانتقل إلى اوروبا عبر قنوات التجارة واطلق عليه هذا الإسم في لندن ، وقد خسرت اوروبا حوالي خمسة وعشرين مليون شخص بسبب هذا الوباء .
مرض الجدري الوبائي
أما مرض الجدري الوبائي والذي حصد أيضاً قرابة 25 مليون شخص في المدينة التي تسمى اليوم مكسيكو عاصمة المكسيك عام 1519 م حين وصل اليها الإسباني هيرناندو كوريتس* في ذلك العام ، فلم يتوقف عند ذلك الحد ولكنه حصد أيضاً من 5 إلى 8 ملايين شخص من السكان الأصليين في السنتين المقبلتين .
وفي عام 1633 م وصل الجدري الى مدينة ماساشوتس الأمريكية وانتقل المرض إليها بواسطة المستعمرين الفرنسيين ، والبريطانيين والهولنديين حتى انتقلت سريعاً إلى بقية أمريكا .لا يعرف تماماً كم عدد الذين ماتوا من الجدري ولكن يعتقد المؤرخون أنه حوالي 20 مليون شخص قد ماتوا بعد وصول الأوروبيين إلى أمريكا .
الحمى الصفراء
في عام 1793 م هاجمت الحمى الصفراء مدينة فيلادلفيا الأمريكية وقتلت عُشر سكان المدينة .
الطاعون الحديث
أما الطاعون الحديث فقد حدث في عام 1860 م فقد قتل أكثر من 12 مليون شخص في الصين ، والهند وهونج كونج ، ولم يعرف سبب إنتشار العدوى البكتيرية حتى عام 1890م وبالتالي اكتشاف المطعوم .
أوبئة تتفشى في العصر الحديث
في عام 1901 م يعود الجدري مرة أخرى في مدينة بوسطن الأمريكية لتصيب 1500 شخص وتسجل 270 حالة وفاة .
وفي عام 1910 م تفشت أضخم إصابة بالطاعون في القرن العشرين والذي سمي بالطاعون الثالث ، وقد حدث في منطقة منشوريا في الصين ، وأيضا لم يعرف سببه آنذاك وانتقل من الصين عبر حركة التجارة ، وقد مات أكثر من 60 ألف شخص بسبب هذا الوباء .
اما في عام 1918 م فقد قتلت الأنفلونزا الإسبانية أو ما تسمى بالأنفلونزا العظيمة ، حوالي 50 مليون شخص حول العالم ، وقد أصابت فئة الشباب على عكس بقية الأوبئة التي تستهدف الأطفال دائماً وكبار السن وضعيفي المناعة .
وفي عام 1952م ، حصد شلل الأطفال أرواح 3000 طفل وأصاب 60 ألف شخص في أمريكا وحدها ، وتم اكتشاف اللقاح بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ .
أما فايروس نقص المناعة المكتسب HIV المسبب لمرض الإيدز فقد تم اكتشافه سنة 1984 م ، وبات اليوم يصيب أكثر من 35 مليون شخص حول العالم ، ولكنه حصد حياة أكثر من 25 مليون شخص حول العالم .
وفي عام 2003 م ، عرف مرض SARS أولاً بالصين ، ويعتقد أن أول حالة ظهرت في نوفمبر 2002، وتم تسجيل 774 وفاة وأكثر من 8000 إصابة .
أما في 2009 م فقد ظهر مرض انفلونزا الخنازير والذي قتل حوالي 575 ألف شخص في العالم ( المثبت منها 18500 وفاة).
أما وباء الكوليرا فقد تظهر في عام 2010 م وقتل حوالي 10 آلاف شخص في هاييتي بعد الزلزال المدمر الذي أصاب البلد ، وقد أعاق تفشي المرض عملية إعادة الإعمار .
وفي عام 2012 م حوالي 122 ألف شخص ماتوا حول العالم بسبب وباء “الحصبة ” المرض شديد العدوى أما ما تسمى بحمى التيفوئيد فقد قتلت في ذلك العام 216 ألفاً ، و السل أجهز على مليون و300 ألف شخص .
تلى ذلك ظهور فايروس ايبولا ، الحمى النزفية ، مرة أخرى في غرب افريقيا بحلول عام 2014 ، السنة التي كانت أشد فتكاً لهذا الفايروس القاتل وحصدت 11300 شخص بحلول عام 2016 .
وفي عام 2016 م أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية عن فايروس زيكا ، وتنبأت بأربعة ملايين إصابة خلال ذلك العام وقد انتشر بشكل كبير جدا بالقارة الأمريكية ، وهو مرض ينتقل عبر البعوض ويسبب مشاكل عصبية ومشاكل للمواليد والحوامل .
وها نحن في عام 2020 وقد تفشى فايروس كورونا في العالم بأسره مسبباً الكثير من الوفيات والإصابات ، وسواءاً كان طبيعياً أم مصنعاً- وهذا ما ستكشفه الأيام – فلا شك أنه قد دخل إلى تاريخ الأوبئة الأشد فتكاً بالبشرية .
المراجع :
CNN ( edition.cnn.com)
*(هيرناندو كوريتس :مغامر إسباني ، فتح إمبراطورية الآزتيك في بلاد المكسيك ، اكتشف شبه جزيرة كاليفورنيا ).