المواد الكيميائية السامة الموجودة في أجسامنا

في دراسة أجريت مؤخرا في مخبرين بنيويورك على 9 متطوعين أُخذت عينات من دمهم وبولهم، تم اكتشاف 167 مادة كيميائية ملوثة وسامة محمولة في أجسادهم، مع العلم أن أحداً منهم لم يعمل في مجال المواد الكيميائية. والمعدل الوسطي لوجود مواد كيميائية محمولة في الجسم هو 91 مادة كيميائية. ومعظم هذه المواد لم تكن موجودة منذ 75 سنة.

ووُجدت كذلك 112 مادة محمولة يمكن أن تؤذي أي عضو في أجسادهم وفي كل مرحلة من حياتهم. بين هذه المواد 76 مادة كيميائية مسرطنة للإنسان، و94 مادة مسممة للدماغ والجهاز العصبي، و86 مادة تتداخل مع إفرازات الهرمونات من الغدد، و79 مادة تؤدي إلى تشوهات خلقية لدى الأجنة وإلى تطور غير طبيعي لدى الأطفال، و77 مادة سامة تؤثر على الجهاز الجنسي لدى الجنسين، و77 مادة سامة تؤدي إلى اضطراب الجهاز المناعي.

يقودنا هذا البحث إلى السؤال التالي: ما هي المواد الكيميائية السامة الموجودة في أجسامنا؟
وجد الباحثون أن في أجسادنا دون أن نعلم عشرة أنواع وسطياً من المبيدات الحشرية التي يدخل في تركيبها الكلور العضوي، ومادة 48 ثنائي الفينيل المتعدد الكلورينات، وكثيراً من المواد نصف الطيارة.

إن الجهل والطمع هما السبب الأول لمختلف أنواع الملوثات الغذائية، والضرر الحاصل لن يمس الجيل الحالي وحده بل سيلحق بالأجيال القادمة.

كذلك يعتمد مربو المواشي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتسمين العجول وزيادة إنتاج الحليب على هرمون التيستوستيرون الذكري الصناعي الموجود في الأسواق باسم trenbolone acetate وهرمون البروجيستيرون الأنثوي الصناعي الذي توجد ثلاثة أنواع منه في الأسواق هي: Melengestrol و17 Beta Estradiol وZeranol، وكل هذه الأطنان من الهرمونات التي تحقن عشوائياً في الحيوانات (المُركَّب الأخير يضاف إلى طعام الأبقار ولا يعطى حقناً) يستهلك البشر قسماً كبيراً منها، في حين تطرح الأبقار قسماً منها مع فضلاتها فتنتشر على التربة، وتؤدي إلى تلويثها وتلويث المياه الجوفية. وهذه الهرمونات تتداخل مع الهرمونات البشرية المفرزة فتؤدي إلى العقم عند الرجال والنساء والبلوغ المبكر عند الجنسين وسرطانات الثدي.

وعلى هذا الأساس قد يكون التلوث الغذائي:

1- تلوث طبيعي ناتج عن تحلل الغذاء بسبب البكتيريا والفطور، أو طول فترة التخزين، أو التعرض للإشعاع الطبيعي، أو غير ذلك من العوامل التي قد لا يكون الإنسان سبباً مباشراً فيها.

2- أو تلوث غير طبيعي، وينجم أساساً عن تصرفات الإنسان، سواء كان التلوث عن عمد لأجل الحصول على الأرباح، أو دون قصد. وأبرز صوره تلوث الأغذية كيميائياً.

3- والتلوث الغذائي هو احتواء المواد الغذائية على جراثيم مسببة للأمراض، أو مواد كيميائية أو طبيعية أو مشعة، تؤدي أحياناً إلى حالات تسمُّم غذائي حاد. وأشهر أنواع التلوث الطبيعي للغذاء وأكثرها شيوعاً هو التلوث البكتيري. وتساهم الحشرات المنزلية والحيوانات والإنسان في نقل الجراثيم المسببة للمرض. وأكثر هذه الجراثيم شيوعاً هي العقديات التي تتكاثر على الأوساط البروتينية بسرعة، نتيجة الحفظ السيئ للحوم أو الأطعمة الحاوية على كمية عالية من البروتينات، حتى لو كان الحفظ في الثلاجة. فهذه الجراثيم تتكاثر في فصل الصيف، ولا يجوز استهلاك هذه الأطعمة بعد أكثر من 24 ساعة على تخزينها (مثلاً: البيض المسلوق أو المقلي لا يجوز استهلاكه بعد أكثر من ست ساعات على سلقه أو طهيه).

والأعراض السريرية للتسممات الغذائية بسبب الجراثيم العقدية هي ظهور آلام معوية بعد أربع ساعات من استهلاك المادة الغذائية، ثم إقياءات متكررة، وإسهالات متكررة، وارتفاع درجة الحرارة إلى نحو 40 درجة مئوية.

وفي المرتبة الثانية تأتي التسممات بسبب جرثومة السالمونيلا التي تؤدي إلى ظهور التيفوئيد، ومن أهم مصادر هذه البكتريا الأبقار والدواجن والإنسان المصاب، واستعمال المياه الآسنة في الري، وسقاية الخضراوات والفواكه. وهناك البروسيلا التي تسبب الحمى المالطية والأكياس المائية، وهناك أيضاً الطفيليات بكل أنواعها مثل الجارديا والأميبيا أو المتحول الزحاري. وأكثر هذه الأمراض تؤدي إلى الوفاة إذا لم يعالج المريض. أما الفطور التي تنبت على الأغذية، خصوصاً نتيجة التخزين السيئ وتعريضها للحرارة أي للموت والتفكك، فإنها تؤدي إلى إطلاق مادة الأفلاتوكسين، وهي مادة مسرطنة.

قد تتحمل بعض الأحياء ترسب بعض المعادن الثقيلة في جسمها، مثل السمك الذي يتحمل وجود كميات من الزئبق والرصاص والزرنيخ وخاصة في أنسجته الدهنية، وكلما كبرت السمكة في العمر خزنت كميات أكبر، وكذلك كلما احتوى جسمها على نسيج دهني بكميات كبيرة زاد احتمال وجود هذه المعادن، كما هو لدى سمك الكارب. لذلك يُفضل استهلاك الأسماك الصغيرة العمر والصغيرة الحجم والتي لا يحتوي جسمها على دهون.


تُستعمل في الصناعات الغذائية كميات كبيرة من المواد الملوِّنة والمنكهة والحافظة، وهذه المواد تُعطي طعماً لذيذاً ومنظراً جذاباً، وأكثر الفئات العمرية التي تستهلك هذه الأغذية هي من الأطفال. وبالرم من وجود مواصفات قياسية لهذه الصناعات في كثير من دول العالم، لكن الرقابة على هذه الصناعات ومنتجاتها ضعيفة في بعض الأحيان، إذ لا يكفي أن نضع المعايير والمواصفات، بل إن آلية المتابعة أهم من المقياس أو المعيار نفسه. لذلك نجد في الأسواق ملونات المخللات المخالفة ومنكهات الأطعمة والحلويات والبوظة المخالفة، وكل هذه المواد مسرطنة للإنسان، وأثرها تراكمي، ولا تظهر نتائجه بسرعة.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

مقياس باولنج في الكيمياء: فهم الكهروسالبية ودورها في التفاعلات الكيميائية

مقياس باولنج Pauling Scale هو أحد أهم المفاهيم في علم الكيمياء الذي ساعد العلماء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *