مصطفى شقيب *
تم تحديد منطقة الدماغ التي تترجم التمثيل الإملائي لكلمات في حركة لرسم الحروف، وقد ظهرت الكتابة حوالي 3300 قبل الميلاد.
والكتابة ليست مهارة فطرية، فخلال مرحلة التعلم، تتخصص المناطق الدماغية المخصصة لها في هذه الوظيفة. منطقيا، فهي تقع في المناطق المسئولة عن الرؤية والحركة. ولكن ما هو موقعها بالضبط؟ لقد توصل فريق جان فرانسوا ديموني من معهد INSERM بفرنسا بتحديدها في عام 2009.
لهذا فقد اختبرت فرضية أطلقت في عام 1881 من قبل عالم فيزيولوجي نمساوي سيغموند ايكسنير. ووفقا له، يتواجد مركز الكتابة في التلفيف الأمامي الأوسطgyrus frontal moyen ، وهي منطقة من القشرة ما قبل الحركية. وقد توصل إلى هذا عن طريق فحص -ما بعد الوفاة- لأدمغة مرضى الأورام، والذين كانوا يعانون اضطرابات الكتابة. ظلت فرضيته مثيرة للجدل نظرا لوجود عدد قليل فقط من الحالات التي تم تحليلها. وقد أراد الفريق الفرنسي التحقق منها بواسطة طريقتين مشتركين: الجراحة المستيقظة والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (1).
القشرة ما قبل الحركية. فقد درست أولا دور التلفيف الجبهي لدى اثني عشر متطوعا يعانون من أورام في الدماغ. وأثناء عملية إزالة الورم ، أبطل الباحثون تفعيل أجزاء صغيرة جدا من القشرة ما قبل الحركية عن طريق تنشيطها بواسطة قطب كهربائي. بتزامن مع ذلك ،كان على المرضى المستيقظين أثناء الإجراء أن يؤدوا عدة تمارين لغوية ، بما في ذلك نص للقراءة والإملاء. عندما لمست الأقطاب عدة أجزاء من التلفيف الأمامي الأوسط ، لم يكن في مقدور ستة أشخاص كتابة الحروف. إلا أنهم واصلوا القراءة والكلام.
ويوضح فرانك ايمانويل احد منجزي الدراسة، انه للتأكد من أن التنبيه لم يؤثر على أي حركة لليد ، فقد طلبوا من المختَبرين قبض أيديهم ، الشيء الذي استطاعوا القيام به دون صعوبة”
ثم استخدم الباحثون التصوير الطبي لدى أشخاص سليمين. اخضعوا اثني عشر شخصا أيمن واثني عشر أعسر للتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وطلبوا منهم كتابة إملاء ثم تكرار كلمات بصوت عال.
النتيجة : خلال الإملاء ، تم تفعيل نفس المنطقة من التلفيف الأمامي لدى جميع المتطوعين. في المقابل، خلال التكرار للكلمات، ظلت المنطقة غير نشطة. غير أن هذا المنطقة تقع في نطاق من بضع ملليمترات مربعة ، التي كانت قد حددت لدى مرضى بفضل التنبيه بالأقطاب الكهربائية.
ويتدخل لورانس كوهين ، أستاذ علم الأعصاب في مستشفى pitié – Salpetrière.”هذه الدراسة تجمع بيانات من التحفيز القشري لدى مرضى مع بيانات التصوير على مواضيع في حالة صحية جيدة ، وهو ما ليس اعتيادا وله كل أهميته”
هل المنطقة التي تم تحديدها هي خاصة تماما بالكتابة ؟
لتأكيد ذلك على وجه اليقين، ينبغي أن نتأكد من أن هذه المنطقة لا تشارك في أية أشكال أخرى معقدة لحركات اليد، على سبيل المثال لدى العزف على العود أو استخدام لغة العلامات.
(1) F.-E. Roux et al., Annals of Neurology, doi:10.1002/ana.21804, 2009
* كاتب ومترجم – المغرب